الجزء السابع

13.4K 426 11
                                    

احلامنا وامنياتنا كلها امور نسعى جاهدين للوصول اليها، منا من يكتشف حقيقة احلامه متأخراً ومنا من يخبئها بداخله واخر يبوح بها للجميع ولكن ذلك الشعور الداخلي الذي ينتقل بنا من حلم لاخر يتواجد داخلنا جميعنا فمنا من يحقق المستحيل والاخر يحقق ما يراه مستحيلاً..
بعد ردة فعلها الغير متوقعة بالنسبة لها تراجعت مسرعة للعودة الى غرفة نومها بينما بقي مراد واقفاً كما هو باستقامة تامة وكلتا يديه في جيب بنطاله ورأسه مرتفعاً ناظراً الى السماء سارحاً بحوارهما "اننا النساء اقوياء بذاتنا دون رجال" ربما هنا تكمن المشكلة.. حبه الذي يكبر بداخله اتجاهها يومياً خاطىء، عليه ان ينظم حياته مجدداً بشكل لا يتمحور حولها.
التقوا صباحاً عند استيقاظهما او بالاصح اعلان استيقاظهما فقط لان كلاهما لم يتذوق النوم تلك الليلة ايضاً، اقتربت منه وهو يعد القهوة لها والشاي له.. قالت بهدوء:
- صباح الخير
رد التحية دون ان ينظر لها وهو يكمل عمله، اثار استغرابها ولكنها اكملت وهي تفتح باب الثلاجة:
- ماذا تريد ان تأكل؟؟
رد بذات البرود:
- لن افعل .. اذا اردتِ انتِ انـ..
ما به؟؟ متقلب ومزاجي!! ردت بغضب حاولت اخفائه:
- لا اريد
سلمها قهوتها ناظراً بعينيها اخيراً، تبدو كالطفلة المحرومة من لعبتها، ادار وجهه سريعاً كي لا تنتبه لابتسامته التي حاول امساكها ولكن ابتعاده عنها بهذا الشكل خلف فراغ كبير داخلها، تريد ان يبدأ يومها بابتسامته المشرقة تلك وعينيه اللامعة ودعاباته السخيفة، يبدو انه ليس على ما يرام اليوم، هل تسأل؟؟ لا لن تتدخل بخصوصياته سيظنها فضولية، كادت ان تخرج من المطبخ عندما ناداها:
- ليلى
التفتت بأمل لتصعقها نظرته الجدية المؤلمة وصوته البارد:
- سنذهب بعد قليل .. هل انتِ مستعدة؟
ضربت عيناها موجة من الدموع ولكنها تماسكت مبتسمة وهي تومأ برأسها واكملت طريقها الى الخارج..
وقفوا امام مدخل حيها السابق الذي يبدو ان دخولهم بالسيارة اليه الان مستحيلاً ، نظرت الى مراد لتستمد القوة منه ولكنها وجدته يعبث بهاتفه، تنحنحت بهدوء ليهمس:
- دقيقة
عضت شفتها من الداخل بقوة لشدة غضبها، مع من يتراسل؟ والان؟؟؟؟ نظر اليها بعد انتهاءه قائلاً:
- حسناً هيا هل انتِ مستعدة؟
سحبت انفاسها بقوة وزفرتهم مردفة:
- اظن ذلك
ابتسم بهدوء وهو يومأ لها:
- هيا اذاً سنسير
سارا معاً ويدها تعانق ذراعه، مرا بجانب تلك الخيمة العملاقة التي يملأها الرجال حتى وقفوا امام ذلك المنزل وهي تشعر ان كل الانظار عليهما بالاصح على زوجها الغني الوسيم الذي لا يعلمون كيف اخدته؟! هي تحتاج لدعمه الان لماذا يقف هكذا فقط، تنهدت مقتربة من اذنه هامسة:
- انا سأدخل الان
رفع يده ليضغط بها على ذراعها، هامساً باذنها:
- ان احتجتي لاي شيء انا موجود
ابتسمت بثقة مستمدة منه، وسارت الى ذلك المنزل بينما نظر هو الى اولئك الرجال الذين ينظرون اليه بمقت، ماذا؟؟ ابتسم بأدب وسار اليهم صافحهم وواساهم باقوال معروفة حتى وصل الى احدى المقاعد الفارغة ليجلس..
دخلت ليلى منزل والديها، صافحها بعضاً من الموجودين والبعض الاخر نظر اليها بغضب بسبب الاشاعات التي خرجت في الحي انها السبب في موت ابيها، زفرت انفاسها المختنقة قليلاً وسارت حتى والدتها جلست الى جانبها تلك المرأة الارملة التي تجلس حزينة منكسرة بثوبها الاسود، رفعت يدها بوهن لتضعه على وجه ليلى ودموعها تسير على وجنتيها بلا توقف، تجرأت ليلى لتقترب وتضمها رفعت والدتها يدها تتحسس شعر ابنتها وهي تشتم رائحتها، همست ليلى ببحة في صوتها:
- لماذا اشعر بأن هذا وداع؟
ابتسمت والدتها بألم هامسة:
- لانه كذلك .. انا اريدك الان ان تذهبي الى غرفتك تأخذي كل ما تحتاجين وتخرجي
ابتعدت ليلى ناظرة الى والدتها بدهشة، رفعت والدتها يدها لتتحسس وجه ابنتها لاخر مرة.. ربما قائلة:
- هيا عزيزتي نفذي ولا تنظري خلفك
هزت ليلى رأسها بتعب:
- لا اريد شيء
انزلت يدها لتضغط على يد ابنتها:
- ارجوكِ .. خذيهم واذهبي
شهقت ليلى بكاء محترق داخلها لم تحتمل المزيد اومأت لها وذهبت مسرعة من غرفتها، كل ما تحتاجه الان هو الخروج من هذا المكان.. فتحت الباب لتجد غرفتها القديمة فارغة الا من حقيبة كبيرة، اغلقت ليلى الباب خلفها.. ان خرجت الان بها سيزيد غضب اولئك ماذا تفعل؟ مراد، نعم مراد منقذها، هاتفته مسرعة ليأتي حيث نافذتها.. دقائق وجدته يقف بالقرب من النافذة المهترئة فتحتها ودفعت له الحقيبة لتسقط عند قدميه، نظرت اليه قائلة:
- خذها الى السيارة .. انا قادمة
خرجت من غرفتها لتسير بغرفة الجلوس، نظرت الى والدتها بحزن لتودعها بنظراتها اخر مرة وخرجت بسرعة من ذلك المنزل.. سارت قليلاً في ذلك الزقاق لترى ذلك الصغير همست:
- احمد
نظر اليها بابتسامة غطى عليها الحزن فتحت يديها طالبة لعناقه.. لم يتحمل وركض اليها بسرعة البرق ليضمها بشدة، ثوانٍ وابتعد عنها ليوضب نفسه فهنالك رجال يقفون بالقرب منهم، وضع يده على يدها قائلاً:
- اعتني بنفسك .. اختي
ذهب مبتعداً عنها بينما اكملت هي طريقها الى تلك السيارة الصفراء حيث عائلتها الجديدة..
لم يقاطع صمتهما شيء طوال الطريق، كان مشغول هو بقيادته ومشغولة هي بأفكارها، نظرت اليه في النهاية قائلة:
- مراد
همهم لتكمل:
- كنت افكر..
صمتت ليقول:
- بماذا؟
ردت بارتباك:
- بك
رفع حاجبه قائلاً باستمتاع واضح بنبرته:
- بي؟
عدلت مسرعة:
- اعني كيف تغيرت من البارحة الى اليوم؟
اوقف السيارة على جانب الطريق ليلتفت لها:
- لم اتغير .. انا البارحة هو انا اليوم ولكنني اضع الامور بمكانها الصحيح
توترت مما قد تؤل اليه تلك الكلمات تمتمت:
- مكانها الصحيح؟
- اعني انا وانتِ اصدقاء، اليس كذلك؟
اصدقاء؟ هل هذا انسب وصف لعلاقتهما؟ ربما، اومأت بتردد ليكمل:
- كصديقك ارى ان علاقتنا على هذا النحو افضل
تمتمت مرة اخرى:
- على هذا النحو؟
- نعم .. لا قريب ولا بعيد فقط صديق اقف بالمنتصف لن تحزني لذهابي ولن تضحكي لبقائي بالتالي انا اتعافى منكِ رويداً رويداً
لماذا تكون هي المحكوم عليها دوماً بهذه الحياة؟؟ الا يحق لها ان تكون الحاكم لمرة واحدة؟ هذا يكفي لن تخجل من بعد الان ستقول رأيها بكل صراحة، نظرت الى عينيه بقوة خجولة:
- لا
- لا؟
سحبت انفاسها بقوة وهي تستقيم بظهرها لتكون شامخة:
- لا اقبل .. عرضك سخيف قرر الان اما ان تكون قريباً او بعيداً .. لا احبذ الحياة وانا معلقة في الهواء شكراً لك
قالت جملتها بغرور لا تعرف من اين اتاها.. فتحت باب السيارة وخرجت لتسير مبتعدة على جانب الطريق حتى وصلت الى البوسفور، سارحة في المضيق وهي تعانق نفسها من البرد بنفسها، شعرت بأحد خلفها لتستدير مسرعة فوجدته هو ينظر اليها بجدية كالصباح امر يجلب الابتسامة المليئة بخيبة الامل:
- اتخذت قرارك اذاً
اومأ برأسه ايجاباً، ربما هكذا افضل لكليهما او هكذا اقنعت نفسها للحظات قبل ان يسحبها لترتطم بصدره ويشابك يديه خلفها لتغدو حبيسة دفئه وما اجمله من سجن..
بعد ثوانٍ من عناقهما وهي مغمضة العينين ورأسها ضائع فوق نبضات قلبه سمعت همسه:
- كنت سأقبلك
رفعت رأسها لتنظر اليه بغضب وضربته على صدره بخفة قائلة:
- وقح!
قهقه بسبب احمرار وجنتيها قال باستنكار:
- لكنك زوجتي لا تنسي ذلك وانتِ من عرضتي ان اكون صديق قريب لدرجة انه الان وفي هذه اللحظة بين شفتيكِ وشفتاي خطوة صغيرة جداً جداً..
انتبهت انها ما زالت بين ذراعيه بينما تحادثه دفعته عنها لتعود خطوة الى الخلف، شعرت بالهواء البارد يضرب خلايا جسمها مجدداً لتبدل الموضوع مبتسمة بارتباك:
- لنعود الى المنزل
مد يده ليشابك اصابعهما وسار معها الى السيارة، لم يترك يدها طوال الطريق ولم تجرؤ او حتى لم تريد هي ان تسحبها بعد ان اعاد لها شعورها بالدفىء..
صعدا الى الغرفة ليضعوا حقيبتها، التفت مراد اليها قائلاً وهو يمرر اصابعه بين شعره بتوتر:
- ليلى كنت سأخبرك امراً
هزت رأسها باستفهام ليضيف:
- خالتي ستأتي الى اسطنبول لتراكِ اي ترى زوجتي وتطمئن على حال ابن اختها
نظرت الى الارض قليلاً ثم اردفت وهي تحول بناظريها اليه:
- وهل سننام معاً في ذات الغرفة؟
- علينا هذا .. انتِ تعلمين منزلي لا يوجد فيه سوى هذه الغرفة لهذا..
قاطعته بحماس طفولي:
- لنجعلها تنام هنا ونحن ننام على الارائك في الاسفل
قهقه مجيباً:
- عزيزتي لا اظن انها ستقبل ان ابتعد عن زوجتي لمدة اسبوعين كاملين اعني لم يمضي شهراً حتى على زواجنا .. سأذهب بعد ساعتين لجلبها من المطار
خرج من الغرفة تاركاً اياها ترتجف، تلك المشاعر التي تخوضها وهي معه لا تستطيع فهمها ولكنها بالتأكيد ليست طبيعية فهو هنا دائماً موجود الى جانبها وتعلقها الذي رأته اليوم مخيف، لا تستطيع تحمل ابتعاده عنها تريد ذلك الشيء الذي يفعله معها ان يبقى كما هو..
قاد سيارته عبر ذلك الطريق السريع وذكرى يدها التي عانقت يده طوال الطريق كان يشعر بضغطها اللا ارادي، كان يحس بسخونة يدها التي تزداد كما توترها، كل ما يعرفه الان انه سعيد بل سعيد جداً، يريد ان يصرخ للعالم سعادته ابتسامته لا تكف عن الظهور كلما لاح طيفها امامه..
انتظر عمته لدقائق معدودة حتى خرجت من البوابة ما ان رأته حتى ابتسمت بسعادة وهي تتنهد قائلة:
- اووووه الان استطيع ان اموت لاخبر اختي ان ابنها تلمع عيناه فرحاً
ضحك وهو يضمها بمشاكسة:
- كم اشتقت لكِ يا خالتي
لم يستطيع التملص منها طوال الطريق وهي تسأله عن طريقة لقائهم وزواجهم وكل تلك السرعة والاهم عن مواصفات حبيبة قلبه التي ما ان اتى ذكرها حتى ابتسم وعادت تلك النظرة اللامعة وهو يقول:
- لا استطيع وصفها لكِ يا خالتي، فهي ليست بالمرأة التي توصف بل المرأة التي تعشق
شعر بصمتها قبل ان تهذي بلا تصديق:
- هلا اسرعت اريد ان اراها فوراً تلك التي حولتك لشاعر!
فتحت ليلى حقيبتها لتخرج ملابسها ولكنها وجدت ورق خبأتها لتقرأها لاحقاً فهي الان ليست مستعدة للدخول في أي مشاعر سوى الارتباك الذي يسيطر عليها، يجب ان اعجبها! ارتدت بنطال اسود ضيق وسترة عريضة باللون الرمادي وقد رفعت مقدمة شعرها وتركت الباقي منسدل بطبيعته المتموجة، وضعت القليل من الزينة لتخبئ شحوب وجهها وما ان انتهت حتى سمعت دخول المفتاح بقفل الباب معلناً قدومهم، نزلت بهدوء عكس الذي بداخلها وهي تبتسم بلطافة حتى رأت خالته ذات الجمال الراقي نظرت اليها قليلاً بتقييم ولكن نحنت مراد جعلتها تبتسم وهي تمد يدها مصافحة:
- مرحباً عزيزتي .. انا عليا خالة مراد
همست ليلى بصوت يكاد لا يخرج من خجلها الذي ظهر على وجنتيها وهي تمد يدها لتصافحها:
- لـ ليلى .. زوجة مراد
نظرت عليا فوراً الى مراد الهائم بوجه ليلى فعلى صوتها وهي تقول:
- هيا لنجلس
تبادلا اطراف الحديث مراد وعليا وكان كلام قليل قد خرج من شفاه ليلى التي لا تستطيع السيطرة على خجلها وارتباكها وعند وقت النوم اصرت الخالة ان تنام على الاريكة تاركة للعاشقين حريتهم..
اغلق مراد الباب خلفهم واستند عليه وهو يرى ارتباكها الذي لازال يسيطر عليها بطريقة اثارته اقترب منها قائلاً:
- لماذا انتِ خجلة هكذا؟
رفع يده ليتحسس وجهها مضيفاً:
- لم ارى في حياتي فتاة تخجل مثلك .. انظري للون وجنتيكِ
انحنى ليطبع قبلة على توردها وابتسم ليتجه خارجاً:
- سأبدل ملابسي واعود
زفرت انفاسها المعلقة بصدرها اخيراً واسرعت الى الحمام لتقف امام المرآة وهي تغسل وجهها بالمياه البارد:
- ليلى .. اهدأي .. ان قلبي لا يهدأ .. اوف!
ارتدت منامتها ليدخل مراد بعد دقائق مرتدياً منامته هو الاخر، استلقى على السرير لتنظر اليه باستغراب فاردف فوراً:
- ماذا؟؟ سأنام هنا
- هـ.. هل سأنام الى جانبك؟؟؟
اومأ برأسه بسعادة ظاهرة على عينيه، بالطبع لن ترمي بالرجل على الارض تنهدت مقتربة لتجلس على الجهة الاخرى من السرير، تذكرت الورقة فأخرجتها من الدرج الصغير بجانبها فقال مراد:
- ما هذا؟؟
ردت وعينيها لا زالت تتفقد الورقة:
- رسالة .. لا اعلم
صمت بترقب وهي تفتح الرسالة لتبدأ بقراءتها
" ليلى .. ابنتي،
تعلمين كم احبك فمهما حصل لا استطيع كرهك، اعلم انك ستأتين على عزاء والدك لهذا قررت توديعك فأنا سأذهب .. سأعود مع اخوتي الى مدينتنا ولكنني يا ليلى لا استطيع مسامحتك فأنت تهورتي وعليكِ دفع ثمن تهورك .. لان اخيكِ لا زال صغيراً بحاجة والدته كان عليكِ ان تتفهمي الامور وتتقبليها ولكنك لم تفعلي وهذا ما لا نستطيع تغييره .. انا وضعت لكِ ملابسك وكل حاجياتك هنا في الحقيبة ومعها باقي مال مهرك.. اتمنى لكِ السعادك بعيداً عنا .. احبك.
والدتك"
كانت تنظر الى الكلمات بصمت رهيب جعل مراد يزداد قلقاً فاقترب منها ممسكاً بكتفها فالتفتت اليها وكل صدمة الدنيا معلقة في عينيها لتقول بدهشة:
- امي تقول انها لن تسامحني لانني هربت من نهاية حياتي .. امي تقول مهرك عن المال الذي باعوني فيه .. امي تتحدث بلا منطقية وتقول لي احبك؟
صمتت ناظرة له وكأنه فراغ واسع امامها قبل ان بدأ بهذيان الكلمات مرة اخرى وجسدها يرتعش كعصفور صغير تحت المطر، شهقات متتالية قبل انهيار هستيري جعله ينتفض ليضمها الى صدرها وهي تقول بلا شعور:
- لماذا يحدث هذا؟ انا لا افهم! لا استطيع الفهم كيف يفكرون؟؟ انا متعبة .. مرهقة وتعيسة .. انا اتمنى الموت لطالما تمنيته ولكنني الان على قيد الحياة بلا حياة
كانت تتحدث بلا توقف جمل غير مترابطة، تهم بلا متهم، واحاسيس بلا مشاعر باردة حد الجليد مشتعلة كالبركان، كانت كالثملة بلا مشروب فقط بلا عقل ضائعة، نزل مراد وهي لا زالت بين احضانه حتى استلقى على السرير ضلت تهذي حتى تعب الكلام من الكلام فنامت بينما لم يستطع هو النوم اخذ يفكر متى عشقها هذا؟ قلبه يحترق بسبب تلك الدموع البريئة وما ذنبها بالحياة سوى انها طفلة صغيرة لعائلة جاهلة تعبد الذكورية، تلك الايام التي قضاها هو بين عائلته المحبة كانت هي طفلة منبوذة تظن انها عالة على المجتمع، هل هذا ما يسمى بالنصيب؟ ان يكون نصيبك ذلك الشخص الذي يكملك وينصفك، قادته قدميه لخالته يستشيرها بأمر ما..
استيقظت صباحاً بوهن كأن ما كان البارح لم يكن سوى تمرين قاس لعضلات القلب، نهضت عن السرير لتجده يخرج من الحمام والمنشفة حول خصره، استدارت فوراً بخجل قائلة:
- اه مراد انا اسفة لم..
شعرت ببلل يلمس ظهرها لتلفت لتجسد نفسها امام جسده المنحوت اغمضت عيناها فوراً مضيفة:
- ابتعد من امامي
اقترب حتى شعرت بأنفاسه عند رقبتها بينما تبخر الماء الساخن يرتطم بوجهها مغمغم بأذنها بخبث:
- لمَ انتِ خجلة هكذا؟
ارتجف جسدها بكهرباء سارت فيه اثر صوته المغري وانفاسه الحارقة، ضحك مبتعداً مشيراً الى حقيبتها:
- كم تملكين من المال؟
هزت رأسها باستفسار ليكمل:
- والدتك اعطتكِ مال كم قيمته؟
عقدت حاجبيها قائلة بغضب:
- انا سأحرقـ..
قاطعها:
- لا لن تفعلي .. اخبريني ما قيمته؟؟
تنهدت بلا مبالاة وهي تبحث عن ظرف اخر فوجدت مبلغاً من المال يبدو كبيراً نظر اليه بفرح وهو يتمسك بيديها التي تحمله قائلاً بحماس:
- ستثبتين انكِ اكثر من مجرد عار .. ستثبتين قوتك .. ستبصمين اسمك .. انتِ ستكونين عضو فعال للنساء الضعيفات .. ستكونين نور العلم لجهلهم .. ستكونين وسأكون معك
ابتسم بينما هي تطالبته باستفسار قائلا:
- ستدخلين بمال التحكم بالمرأة هذا الى جمعية قوة المرأة
نظرت الى المال بين يديها والى وجهه غير مصدقة بدأت ابتسامة ترتسم على شفتيها وهي تهمس:
- كيف يعني؟ هل سـ..
- نعم حبيبتي ستكونين عضو فيها!
ضحكت بلا تصديق وهي تعيد النظر على عينيه لتتأكد قفزت لتعانقه بقوة قائلة:
- يا اللهي مراد .. انا .. انت انسان رائع .. من اين ارسلك الله لي .. انت هبة من الله .. انا احبك احبك احبك!!

عاشق من ألماس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن