أحبك كلمة من اربعة احرف قد تعني كل شيء وقد تعني لا شيء، قد يستسهلها شخص ويستصعبها الاخر، كلمة تحمل بداخلها الكثير.. الكثير من المواقف والكثير من الكلمات، كلمة قد تحمل بداخلها جوف انسان محمل بالمشاعر.
ابتعدت عنه والسعادة واضحة على محياها بينما ترن تلك الكلمات في اذنه، اخذت ملابسها متعجلة وركضت الى الحمام لترتديها، لو عنتها لتصرفت بشكل أخر ولكن اي حب هذا؟ من الاحمق الذي سيعشق بتلك السرعة؟؟ "انت" قالها ذلك الصوت الصغير داخله.. زفر مراد انفاسه بغضب وقد تبدل مزاجه الجيد الى السيء فوراً، اكمل ارتداء ملابسه ونزل للاسفل حيث خالته.
عندما دخلت ليلى الحمام بابتسامة مشرقة عاد لرأسها ما قالته لتشهق بقوة وهي تنظر الى نفسها في المرآة صفعت نفسها بقوة الامتها متمتمة:
- ما الذي قلتيه انتِ؟؟؟ يا اللهي لقد قلت احبك!!!! ايعقل هذا؟؟ انا كيف قلتها هكذا؟ وبكل بساطة ايضاً وكأنني قلت مرحباً او صباح الخير .. غبية
هزت رأسها لتحاول التخلص من حرجها، انهت حمامها وارتدت ملابسها ثم اتجهت للاسفل فوجدته يجلس مع خالته تقدمت بخجل قائلة:
- صباح الخير
ابتسمت عليا لها مردفة بلطف:
- تعالي عزيزتي افطري معنا
اومأت برأسها وجلست بجانب مراد الذي لم ينظر اليها منذ قدومها ولم تشاء ان تحادثه كي لا يطالبها بتفسير اعترافها الغبي ذلك، اغمضت عينيها وجعدت وجهها الذي تورد عندما عادت تلك الذكرى تمر امامها، وقف مراد بعد انهاءه قائلاً:
- هيا ليلى لنذهب .. عن اذنك خالتي
خرج سريعاً بينما وقفت ليلى لتوضب نفسها فقالت عليا بابتسامة حالمة:
- صغيري يحبك
اومأت ليلى بادب وثقتها تملأ قلبها بحتمية ما يقال، اضافت عليا:
- اعطيه فرصة .. يستحقها
قالت بصوت يكاد لا يظهر:
- اعلم
تبعته بسرعة هاربة منه اليه، جلست بجانبه في السيارة فنظرت الى يديه التي تمسك بالمقود كانت البارحة تلك اليد تحبس يدها بدفىء والان دمرت كل شي بكلامها لابد انه ظنها تستغل حبه لها، لماذا على الانسان ان يتصرف بغباء مع من يحبهم؟؟ لا يحبهم اعني نعم يحبهم ولكن كأصدقاء، ابتسمت بخجل وهي تمدد اطرافها بهدوء ناظرة الى النافذة بجانبها.
توقف مراد امام مبنى ضخم لتنحني ليلى وتنظر الى قمته البعيدة، اردفت بلطف:
- مراد، هل ننزل؟
رفع مراد يده ليتحسس وجنتها بحنية قائلاً:
- منذ الان انتِ وحدك في هذا هنا، ستذهبين كونك امرأة قوية تستحق الحياة بحرية كما تريد هي ضمن اخلاقها بمجتمعها، انا سأكون معك دوماً والى جانبك ولكن ليس امام الجميع، اريدك ان تتحلي بشخصيتك الخاصة ان تواجهي حتى تقفي، انا اثق بكِ.
انحنى نحوها وقبل وجنتها بينما لمعت دمعة في عينها قائلة بخوف:
- هل سأكون وحدي؟؟
هز رأسه نافياً:
- بل سأكون معك ولكن فقط عندما تحتاجيني
صمتت قليلاً فهي لن تترجاه ليبقى، لن تجبره على البقاء اكثر من هذا، تنهدت بقلة حيلة وغادرت السيارة الى ذلك المبنى..
دخلت ليلى الى مكتب رئيسة الجمعية بعد انتظارها لبعض من الوقت، تقدمت لتجلس بعد ان رحبت بها السيدة سبانجي:
- مرحباً بكِ انسة..
عدلت لها ليلى بابتسامة لطيفة:
- سيدة اصلان .. ليلى اصلان
- اه اهلاً بكِ سيدتي.. كنت اظن ان تلك العائلة لن تدخل مجدداً الى هذه الجمعية بعد ان استوفى الله السيدة.. على أي حال حادثتنا اليوم السيدة عليا عن قدوم عضو جديد تعرفه سأشرح لكِ حقوقك وواجباتك هنا بالطبع بعد ان تملأي هذه الاستمارة
اومأت ليلى وهي تمد يدها لتأخذ الورقة وتبدأ بملأها.. ذلك الشعور الذي يعتلي شخصاً ما عندما يشعر بأنه وجده نفسه، تلك الخطوة التي يتراجعها خوفاً من ضياعه في احلام وردية لن يجيدها، كانت تعلم جيداً انه ستبذل كل جهدها ليصل صوتها لمن يتشابهون معها بقصتها، كانت تعلم ولكنها تخاف، تخاف ان يبتعد عنها الجميع مجدداً، تخاف تم تجبرهم على الابتعاد، سارت بين اروقة الجمعية تعرفت على السيدات الراقيات اللواتي يكبرننها عمراً وقد اكتشفت انه اصغر عضو فيها من تذمر السيدات حول انهن لم يستطعن اقناع بناتهن بالقدوم، كادت ان تجيبهن ولكنها صمتت خوفاً، بدأت تشعر بضيق ذلك المكان عليها فاعتذرت لتخرج، كان مراد ينتظرها طوال الوقت في سيارته امام الجمعية، صعدت الى جانبه فنظر اليها متسائلاً:
- كيف كان؟ هل كل شيء بخير؟
اخفضت نظرها خجلاً مما ارادت طلبه ولكنها وجدت يده تتسلسل الى وجهها ليقابله وهو يبتسم لها تلك الابتسامة التي تسرق عقلها وتثير جنون قلبها ليقفز متراقصٍ، قالت بخفوت خجل:
- هل اطلب منك طلباً؟
- بالطبع
- هل نستطيع ان نمضي يوماً خاصاً بنا؟
رفع حاجبه وضحكة خبيثة جانبية ارتسمت على شفتيه ليقول:
- خاص بنا؟
اومأت برأسها بخجل:
- اعني يوماً لا نفكر به بأي شيء سوى مراد وليلى، يوماً كهذا قد يكون مفيداً جداً كل فترة ليضيع الانسان بروحه
لا تعلم ما الذي قالته لتضحك عيناه بذلك الفرح الذي غمرهما، وكأن مراد الصباح اختلف عن هذا، اي كان ما قالته من الجيد انها فعلت، وجدت يدها تسرق مجدداً لتعانق يده وهو يقود سيارته ليبدأ يومهما..
نزل من السيارة وحده للمطعم تاركاً اياها وحدها في السيارة، وكأي فتاة تشعر بالفضول للدخول في كل تفصيله، تشعر بالفضول لاكتشاف ماذا يخبىء وماذا يخفي، فتحت الصندوق الصغير امامها لتجد فيه كتيب السيارة، قالت متذمرة:
- هذا فقط؟؟
تنهدت وارجعت رأسها للخلف باحثة عن شيء قد يثير انتباهها ولكن لا شيء سيارة نظيفة تماماً هذا كل ما وجدته، دقائق ودخل مراد مع رائحة الطعام الذي بيده، وضعه على حجرها مردفاً:
- امسكِ به كي لا يقع
همهمت موافقة ليتجه نحو مكان بعيد بعض الشيء، صعد على تلة خضراء واوقف السيارة لتضع ليلى الطعام بين يديه فوراً وتنزل كطفلة صغيرة لتركض بفرحة حتى وصلت الى بداية المنحدر، لحقها مراد مراقباً حركاتها نظرت لما حولها بتمعن شديد وضحكتها متسعة ثم فتحت يديها الاثنتين واغمضت عيناها، دقائق مرت وهي مغمضة العينين سارحة بخيالها بينما جلس هو على صخرة كبيرة هائم بها، تنهدت بفرح ثم فتحت عينيها لتقول:
- اسطنبول جميلة .. مدينة تمتلك الجمال بين يديها فيها الخير والشر ولكل منا نصيب فيها .. هل تريد ان تعرف ماذا رأيت؟
- نعم
- رأيت نفسي احلق فوق هذه المنطقة .. ارى الضعيف فادعمه .. والقوي لازيد خيره .. اعشق المدينة الخضراء التي يمتد الخير في اوصالها لتعطيه لكل الناس
زفرت انفاسها بخيبة وانتقلت لتجلس الى جانبه، اخرج وجبتها من الطعام واعطاها لها بينما اخذ هو حصته، اكلا في صمت تام كلٌ غارق بأفكاره، قد يكون الانسان سعيد في اللحظات الصامتة عندما يكون بصحبة احدهم ولكنه قد يقتل نفسه مللاً من اللحظات الصامتة عندما يكون وحيداً، تُغلق عليه الجدران وتضغطه داخلها يريد ان يصرخ ولا يفعل لانه بلا فائدة لن يسمعه احد، شعورهما في تلك اللحظة كان مختلفاً عن اي يوم مضى اعتادت هي على الوحدة الحزينة واعتاد هو على الوحدة السعيدة ولكنهما الان امتزجا ليخلقا التوازن، تنهد مراد ليقاطعه الهدوء المليء بحفيف الشجر:
- هل تعلمين كنت اقف في كل مرة هنا واقول انني سأرمي نفسي
صمت لتقول بفضول:
- لماذا لم تفعل؟
ابتسم مضيفاً:
- لانني كنت اعلم ان لي نصيب من السعادة سأخذه يوماً ما .. ولو أن كل الناس انتحروا في لحظة حزنهم لما تبقى احد على الارض ولانقرضنا منذ زمن
وضعت طعامها جانباً لتنظر في الافق قائلة:
- اظنه جبناً وانانية .. لم أفكر ابداً بأنني اريد الموت لان حتى هذا سيكون ثقيلاً على احدهم .. شعرت بأنني وحدي دوماً حتى حب امي لي لم يظهر سوى اثناء لحظاتِ الصعبة اما ابي فلا اظنه احبني يوماً واخي اظنه احبني من باب انني كنت موجودة دوماً لم يحبني احدهم لذاتي هذا ما اشعرني انني لا استحق ولكن..
صمتت وقد نكسرت نظرة عينها اكمل هو:
- ولكن لم ترمي بنفسك للموت لان هنالك فراغ ستتركينه خلفك
- لم اكن اعلم انني لا شيء لهذه الدرجة وبأن جميع من احبني لن يفرق معهم غياب بل سيطالبونني به عند اول خطأ اتسبب به وكأنني اجبرتهم على بقائي
نظر مراد اليها بجدية:
- وهل احببتهم انتِ؟
عقدت حاجبيها بغضب:
- بالطبع فعلت
وقف بحدة:
- ماذا يعني الحب لكِ ليلى؟
نظرت الى عينيه ولاول مرة تكتشف انها لا تعلم، حتى انها لا تعلم معنى ان يحب الانسان وكيف يحب ولماذا يفعل؟ تنحى الغضب من عيناها عندما ظهر ضعفها مجدداً ليقول مراد:
- أنتِ لا تفهمين الحب لانكِ لم تجربينه يوماً ولم تقتنعي به حتى، انا ماذا بالنسبة لكِ ليلى؟
ماذا يكون هو بالنسبة لها؟ هل تحبه؟ ام مجرد عابر سبيل في حياتها؟؟ بدأت فكرة ان قلبها لا يعرف الحب تخيفه فكما يقال فاقد الشيء لا يعطيه، كيف تكون امرأة بحساسيتها لا تفقه شيئاً عن الاحاسيس؟؟ اعاد السؤال مرة اخرى بغضب اكبر ونفاذ صبر عندما رأى عيناها تحول بالفراغ لتعيد نظرها اليها هامسة:
- صديق
- وهل تحبينني كصديقك؟ ام ستبكي يوماً على فراقي وتكملين حياتك بعدها؟؟
- بالطبع افعل اعني على الاصدقاء ان يحبوا بعضهم
- اليس كذلك؟؟ عليهم ذلك واجب! كما واجب على والدتك ان تحبك وواجب على اخيك ان يفعل وواجب علي انا، وهل تظنين ان هذه الامور يقوم بها الانسان مجبراً؟؟؟
زفر انفاسه بقلة حيلة وندم على تسرعه الذي ظهر فزعها منه على وجهها، ادار ظهرها واقترب من الحافة مرة اخرى لتلحقه بعد ثوانٍ قائلة بخفوت وهي تحاول التغلب على خجلها:
- اظنني أُجبرت على ذلك معك .. فأنت لم تكن يوماً صديق بالنسبة لي
ركضت مسرعة الى السيارة بينما بقي هو واقفاً بفاه مفتوح يحاول تفسير تلك المعادلة الصعبة التي رمته بها ليبقى عاجزاً مكانه..
أنت تقرأ
عاشق من ألماس
Romance(منتهية) انحنى نحوها وقبل وجنتها بينما لمعت دمعة في عينها قائلة بخوف: - هل سأكون وحدي؟؟ هز رأسه نافياً: - بل سأكون معك ولكن فقط عندما تحتاجينني --------- صمتت عندما رفع يده ليضع اصبعه على شفتيها قائلاً دون ان يفتح عينيه: - اصمتي .. سأنام ...