طنين انتهاء المكالمة.. ثم لا شيء! سهام من الخيارات تهاجمهما، غارق هو بالبحث عن الاشخاص المرشحين ليدفعوا الثمن، وغارقة هي بفعلتها!!! بل فعلته هو او ربما فعلتهما!! كيف تجاري اهماله هكذا!! كم هي غبية لتجاريه هكذا والان؟ الان ماذا؟ هل سيتحقق ما خطر على بالها اولاً، ارتجف صوتها وهي تحارب مجرى دموعها الضعيفة لتقول بخفوت:
- هل تأخذني الى منزلي؟
وقفت سيارته امام ذلك الزقاق، عند ما بدأ كل شيء، فتحت ليلى النافذة السوداء لسيارة مراد الرياضية الصفراء، ونظرت امامها سقطت دمعة من عينها لتشعر بيد مراد تمسك بيدها فنظرت له فوراً وكانت ستستنكر ولكن اصمتتها نظرته الحنونة وهمساته الرقيقة:
- هل انتِ مستعدة لكل ما سيحدث الان؟ فربما..
انزلت عيناها ورددت ببحة بكاء مومأة برأسها بهذيان:
- اعلم .. اعلم .. ولكن يجب .. يجب ان اعرف!!
ضغط على يدها قائلاً:
- هل تريدينـ..
رفعت رأسها ناظرة الى انعكاس صورتها على النافذة ومسحت الدموع الممزوجة بكحلها الاسود وقاطعته بقوة لحظية:
- لا! سأفعل هذا وحدي!
وقفت امام باب منزلها الحديدي المهترء، لحظة الحقيقة هي هذه! عودتها الان لمنزل والديها كليلى المتزوجة! وايضاً حقيقة واحدة ستتأكد منها الان وفي هذه اللحظة اما تنتهي ليلى او تظهر ليلى.. طرقت الباب بقوة بلا ارادة منها فهي لا تستطيع السيطرة على جسدها المرتبك، الخائف، ثوانٍ وفُتح ذلك الباب لتطل عليها والدتها! دموعها تسير على وجنتيها ونظراتها متأملة اولاً وخائبة ثانياً وغاضبة اخيراً! صرخت بها وهي تشد على معصمها:
- ماذا تفعلين هنا؟؟؟ لماذا عدتِ الان؟؟؟ لتشمتي بنا؟؟؟؟ ماذا تريدي؟ هااا؟؟ الم يكفيكِ ما فعلتِ؟؟ تظهرين على التلفاز مع رجل يقول تزوجت!!! ماذا اعطيته حتى يتزوجك؟؟ اخبريني!!!!! هيا تحدثي! ما بك؟؟ هل قطع القط لسانك؟
همست ليلى ناظرة بصدمة:
- امـ..
- لا تكملي!!! ابنتي التي ربيتها لم تكن لتهرب مع رجل غريب من والدها!!! لم تكن ستضع والدها بين يدي الموت!!! الله اعلم ماذا حدث له!! منذ يومين وهو مختفـ...
هذا اذاً؟ هذا هو العقاب؟ دفع والدها عقاب فعلتها! لم تسمع شيء، ترى والدتها تصرخ ولكنها لا تفهم ماذا تقول؟ شعرت بالارض تدور بها ،ازدادت سرعة انفاسها ،فقدت السيطرة على جسدها لتخر راكعة على ركبتيها وكان اخر ما سمعته هو اسمها الذي يأتي من كل الاتجاهات ولكن اللون الاسود هو عالمها الان.
تململت مكانها وبدأت تأن بألم يضرب على رأسها، رمشت بضعة مرات ثم فتحت عيناها لتجد نفسها في تلك الغرفة مجدداً!! في منزل مراد، وضعت يدها على رأسها وزفرت انفاسها وما هي الا دقائق حتى رأت الباب يُفتح ومراد يظهر لها بابتسامة مشرقة:
- صباح الخير .. كيف حالك اليوم؟
همهمت وهي ترفع ظهرها لتستند على ظهر السرير، جسلت لدقائق صامتة ومراد يراقبها ثم انهارت باكية بهستيرية وهي تضم ركبتيها الى صدرها وتضع رأسها عليهما، اقترب مراد منها وجلس امامها ممسكاً بيدها قائلاً:
- اشششش اهدأي .. كل شيء سيكون بخير .. اهـ..
قاطعته وهي ترفع رأسها بغضب وتنفض يده عنها؛
- ما هو الخير؟؟ اخبرني ما هو؟؟؟ انا قتلت والدي!!!
وعادت لترتجف باكية فقال:
- نحن لا نعرف هذا بعد .. انتِ تصدقين ما تظنين انه حدث
- لم تراها!!!! لم ترى غضبها!! كانت ساخطة علي! والدتي تنظر لي لاول مرة بكره مراد!!! ما الذي افعله هنا؟؟ اخبرني!
مسح مراد على وجهه زافراً انفاسه:
- انا جلبتك الى هنا
صرخت:
- اعلم اللعنة!!! ولكن لماذا جلبتني؟؟؟ لان امي لم تقلق! لم تخاف عندما رأتني على الارض اليس كذلك؟ استيقظت وكلي امل انني سأرى وجه والدتي! لا انام في منزل رجل غريب لا اعرف عنه شيء سوى انه السبب في مقتل والدي!
تنفس بهدوء محاولاً السيطرة على اعصابه:
- عندما سقطي ارضاً واتيت انا ظنت والدتك انك حامل ولم تتحملي الضغط لهذا اغلقت باب المنزل في وجهي بعد ان قالت انني لعنة هذه العائلة ودعت ان لا ارى اولادي ابداً لانني لا استحق فأنا حرمتها من ابنتها وزوجها
ضحكت ليلى بسخرية قائلة:
- لن تراهم وانت متزوج مني!
وقفت بغضب مضيفة:
- سأبدل ملابسك الباهظة هذه لاعود لطبيعتي لهذا هيا اخرج!
اومأ برأسه وفعل كما طلبت..
في الثالثة فجراً عاد مراد الى المنزل مترنحاً من اثر المشروب وهو يحمل زجاجة اخرى في يده، استند على باب المنزل وهو يبتسم قائلاً:
- مرحباً، عاد سيد المنزل الذي بحوزته ملايين الدولارات!
ضحك بهستيرية ونادى:
- زوجتي؟؟
وعندما لم تجيبه قرر الصعود لها، حاول التماسك جيداً وهو يصعد الدرجات ويعدهم بشكل عشوائي حتى وصل الى باب غرفته او غرفتها حالياً! طرق الباب وقال:
- استيقظي!!! زوجك متعب!
كانت ليلى نائمة بعمق اثر بكاءها المتعب جداً ونفسيتها الشبه مدمرة، عاد الطرق مرة اخرى بشكل اقوى وهو يصرخ:
- هااااي انتِ!! انادي من انا؟؟
وبعد صرخات وطرقات عديدة استيقظت وهي تظن انها داخل حلم اثر منادات مراد المتكررة لـِ"زوجتي"!!! اتجهت الى الباب وفتحته ليسقط عليها ويسقطا معاً ارضاً، انّت اثر اصطدام ظهرها في الارض ولكنه لم يبالي ضحك ووضع رأسه على صدرها وضمها من خصرها:
- سأنام هنا الليلة!
- مـ.. مراد؟؟ هل انت ثمل؟؟
وضع اصبعه على شفتيه قائلاً باستنكار:
- لا يحق لكِ محاسبتي!! فأنتِ لم تعطيني ما احتاجه!
همست بخوف:
- ماذا تحتاج مراد؟
تنهد ثم قال بصوت خافت:
- حبك! احتاج ان تقبليني .. تضميني .. تنامي الى جانبي .. احتاج ان تخبريني باشتياقك .. احتاج ان تحتاجيني! ان تحتاجي عناقي عند بكاءك! احتاج ان تقولي عن مالي الذي لا اريده انه مالنا! احتاج ان لا تخافي مني!!
حاولت رفعه عنها وهي تقول:
- مراد .. ارجوك استيقظ اولاً ثم نتحدث
- اصمتي! انا من سيتحدث اليوم!
رفع رأسه عنها واستقام بجلسته ولكنه ترنح فوضع يده ارضاً لتسنده وقال:
- تؤلمني عظام صدرك البارزة .. عليكِ ان تأكلي اكثر
استقامت ليلى بسرعة لتسنده قبل ان يقع وجعلته يستدير ليستند ظهره على جانب السرير، وصمتت ناظرة اليه بينما بدأ هو بدندنة موسيقى خاصة بالاطفال وعندما انتهت نظر الى ليلى قائلاً:
- عندما كنت صغيراً .. كنت اركض كل ليلة لانام بين والدي ووالدتي متحججاً بالوحوش اسفل سريري .. تغني لي والدتي حتى انام انا ووالدي .. كانت جميلة .. كانت تخبرني دوماً ان لا اهتم بما يقوله الناس .. وعندما دخلت الجامعة وجدتك .. منذ اولى ايامنا وانا اراقب تلك الفتاة الحمراء الوحيدة .. لا تختلط بأحد .. تجلس وحدها دوماً .. كلما مررتِ من جانب مجموعة تحدثت عنكِ .. في يوم من الايام اتت الينا فتاة واخبرتنا انكِ حادثتيها حول كتاب ثمين .. ضحكوا الجميع بينما..
ضحك قبل ان يكمل بسخرية:
- واخبرتهم انا بكل رجولة لتأتي الي وانا اعطيكي ما تريدين!
صمت بينما ليلى تعود بها الاحداث لذلك اليوم الذي اهانها فيه امام الجميع..
عادت لذلك اليوم الهادىء الذي يهددهم بامطار عاصفة، اتت اليها تلك الفتاة واخبرتها ان مراد على استعداد ان يعيره لها، تذوقت طعم الفرح والخير فذهبت له متحمسة وسعيدة، اقتربت منه قائلة:
- مراد؟
استدار لها وهو يرفع حاجبه باستهزاء:
- لا اريد ان اخرج مع فتيات اذهبي
شهقت باستغراب مرددة:
- لا! ليس كذلك!
مدت يدها لتصافحه وبدأت بتعريف نفسها:
- انا ليلى .. اخبرتني زميلتنا انك على استعداد ان تعيرني ذلـ..
قاطعها وهو يضحك بقوة هستيرية غير طبيعية! قبل ان يقول بصوت عالٍ:
- انا؟ اعيرك انتِ؟؟؟ انا أُعطي او اتصدق لامثالك من المنبوذين لـ..
لم تشعر سوى بكل سعادتها تتحطم وتقع ارضاً كأنها وعاء زجاجي رخيص، نزلت دموعها امامه بكل غباء ووجدت نفسها تركض مبتعدة بين نظرات الجميع الساخرة واصواتهم الضاحكة..
فرقع اصابعه امامه ليعيدها الى حاضرهم قائلاً:
- انا اتحدث معك هنا .. ان كنتِ لا تلاحظين!
شعرت بأن ذلك اليوم لم يذهب ابداً وبأن جرحها لا زال ينزف كادت ان تقف ولكنها رأته يبكي!! نعم دموعه تنزل على وجنتيه قالت باستغراب:
- ما بك؟؟
تنهد قائلاً:
- ذلك اليوم .. رأيت دموعك!! أبكيتك! كالغبي لم اعرف كيف اخفف من غضبي سوى بجرح ذلك المخلوق الذي يشعرني بكل هذا التوتر .. الذي يجعلني افكر به لاوقات طويلة .. عندما عدت لاعتذر كنت قد اتخذت قراري! سأجعل مشاعر الاعجاب هذه متبادلة .. لحقتك ذلك اليوم الى منزلك راقبتك لساعات .. واعدت ذلك كل يوم حتى يوم هربك .. لم اعرف انني احبك سوى في تلك اللحظة التي رأيت فيها والدك خلفك .. فقدانك بعد ان وجدتك كان شيء مستحيل .. شعرت بأنني على استعداد ان اضحي بنفسي في سبيل ان تبقي انتِ
رفع انظاره اليها وهمس:
- احببتك دون .. دون ان ادري!
وهذا هو كل شيء.. غاب مراد في نوم عميق بينما وقعت ليلى في حفرة لا تدري كم عمقها وربما لا تأبه! نظرت اليه وهو نائم طوال الليل، حاولت رفعه على السرير ولكن لم تستطع فوضعت غطاء على الارض ووسادة وانزلته عليهما ووضعت غطاء اخر عليه، شعرت برغبة ان تتحسس شعره، وبما انه ثمل لن يشعر وان شعر لن يتذكر! اقتربت ببطء وهي تضع اصابعها بين خصال شعره وتمررها ببطء على جبينه وعظام وجنتيه وذقنه المليء بالشعر وشفتيه التي قبلتها! سارت رعشة بجسدها لتنتفض مبتعدة وتصعد على سريرها لتنام ايضاً!
في صباح ذلك اليوم والربيع يطرق على الابواب جالباً العصافير لتتخذ الحماية الحديدية على النوافذ منصة لها لتغرد نغماتها بسعادة لعودتها بعد شتاء بارد، تسللت اشعة الشمس الى غرفتهم لتداعب وجه مراد الذي يحاول ابعادها عنه بيديه ولسبب يجهله يشعر بتصلب في ظهره وصداع عميق في رأسه مع مزيج من التشوش، مقتطفات تزوره كالحلم يعرفها ولكن جودتها سيئة لا يذكرها، انزل ذراعه بقوة وكله امل ان سريره سيتلقاها ولكن الارض ايقظته الماً يتنقل بجسده ليفتح عيناه ويستقيم مسرعاً ليواجهه ذلك الدوار مجدداً اسند ظهره ناظراً لمكانه وقد اصبح جلياً انه قضى الليلة على الارض بينما الاميرة ليلى تنعم بسريره ولكن ليلى؟؟ السرير مرتب! لم تنم؟ هل غادرته؟؟ اللعنة على هذه المخاوف التي لا تنتهي!!!
وجدها تحضر المائدة للفطور المعد مسبقاً، تصنم مكانه متناسياً الامه ليقف منبهراً في محراب جمالها، تتنقل بين الرفوف باصابعها لتختار الادوات المناسبة، شعرت بالمراقبة فنظرت لمكانه لتجده يقف بذات حالته البارحة لتقول ممازحة:
- وانا التي ظننتك ستأخذ حماماً قبل ان تنزل لي بشكلك المرعب هذا
عقد حاجبيه بعدم فهم وتراجع اربع خطوات للخلف لينظر في المرأة ويجد شعره مبعثراً وقميصه الاسود محلول الازرار العلوية باتجاهه الى الجانب والهالات السوداء وانتفاخ تحت عينيه جعل منه رجل مشرد، عادت انظاره اليها والصدمة لم تتخلى عنه بعد لتصدر منها ضحكة عالية وهي تحمل كوباً من الماء وحبوب مسكنة للالام وهي تقترب منه والدهشة تتسع على وجهه ليقول بخفوت عندما وقفت امامه:
- ماذا فعلتي بِليلى، اعترفي هل سكنتي جسدها؟
اطلقت ضحكة اخرى ليبتسم كالابله امامها قبل ان تتلوى بفمها وهي ترفع يده لتضع فيها المسكن وتمسك يده الاخرى لتضع فيهم الكوب وتقول بجدية مصطنعة:
- اشرب هذه الان والى الحمام فوراً .. رائحتك سيئة جداً!
تنحنح وهو يشربهم مسرعاً بابتسامة حرجة قبل ان يسرع الى الحمام ليعدل مظهره!
في الجامعة وبعد نهار طويل من محاضرات متراكمة، جلست ليلى في المكتبة كعادتها تضع سماعات الاذن لتبدأ تلك الموسيقى الهادئة بالعزف، وهي بمنتصف مراجعتها لدروسها وبينما تنتظر انتهاء مراد من محاضرته، عصفتها كلمات الاغنية الى مكان اخر، كلمات لامست قلبها ومشاعرها وكأنها كُتبت لها ذلك الشعور الذي يتمنى المرء ايقافه وفي ذات الوقت يتمنى المزيد منه، سمعت تلك الكلمات وهي تمسك بالقلم تضعه في زاوية فمها بينما عيونها سارحة بالدفاتر امامها:
"وانت تقول دائماً انك تحبني .. كما انا .. تعاملني دائماً .. بأفضل طريقة .. تقول انك تريدني .. تحتاجني .. تحبني يا حبيبي .. كما انا .. كما انا .. تعرضت للكثير من اوجاع القلب .. وجدت الكثير من الابواب المقفلة .. وعندما ادار الجميع ظهورهم لي .. انت من احبني اكثر.. انت احببتني اكثر .. لست سهلة الفهم .. ولكنك امسكت بيدي .. وتقول انك تحبني .. كما انا..."
قاطعها ذلك الذي امسك بيدها وهزها لتهمهم وهي تعود الى الواقع، اين ذهبت؟ الى اين سُحبت؟؟ هل ما سمعته هو الحقيقة ام ما تريد سماعه، وجدت صاحب الابتسامة المشرقة يعقد حاجبيه بانزعاج وهو يحرك شفتيه بكلمات لا تسمعها بسبب الموسيقى، ازالته ببطء لتسمع صوت استهزاءه:
- اووووه! اخيراً قررت العودة انسة ليلى! بمن كنتِ تفكرين؟
بك؟ نظرته المترقبة تلك والجادة ايضاً ونبرة صوته الخائفة، احمق! بمن ستفكر غير بك؟ من ذلك الذي احتلها في ليلة منسية غيرك؟ همست بارتجاف واضح:
- بالمادة .. فاتت الكثير من المحاضرات واحاول الان نقلها عن دفتر زميلة لي وانت قاطعتني .. ماذا تريد؟؟
ظهرت ابتسامته المرتاحة وفي ذات الوقت خائبة، ماذا توقع؟؟ ان تقول بك مثلاً؟! صاحب الاحلام اللامعة، قال بجدية مصطنعة:
- اولاً هنالك شيء يسمى طابعة اخترعوها قبل عشرات السنين لتساعد الانسان، اما ثانياً هنالك تلك المادة القذرة لذلك الدكتور القذر.
ابتسمت بلطف وهي تغلق الدفاتر وترتبهم امامها وتضع الهاتف فوقهم:
- حسناً .. اولاً هنالك شيء يسمى مال وانا لا املكه .. ثانياً تحتاج مساعدتي؟؟
ضحك وهو يومأ برأسه:
- سأتغاضى عن اولاً الان .. اما ثانياً بالطبع نعم! لا يحق لاحد ان يرى الرجل ضعيفاً سوى زوجته
- حسناً يا زوجي الضعيف امامي فقط .. لماذا خططت؟
زوجي؟ لفظت تلك الكلمة مرات عديدة لماذا هذه المرة رجف قلبها؟ هل هذا الرجل الذي يجلس امامها الان زوجها حقاً؟؟؟؟
- انظري .. كما تعلمين مادة الاقتصاد تحتاج لان افهم قبل ان احفظ ولان علاقتي بدكتورنا الجميل جيدة جداً قرر ان لا يرى وجهي سوى يوم الامتحان وحينها اما ان انجح بمجهودي الشخصي او تعلمين .. وطبعاً نصحني ان اكسر غروري واطلب من احد ان يشرحها لي وكما تعرفين كسرته معكِ وانتهى بنا الامر عـ..
قاطعته بصرخة هامسة:
- حسناً!! اصمت .. اساعدك ولكن اقسم ان اقتربت مني سأذهب للدكتور واخبره كم انت جدي!
لاحت ابتسامة لعوب على شفتيه وهو يرفع يديه باستسلام:
- طالما سأنجح .. موافق
- حسناً هيا لنذهب
- اين؟؟
- الى الدكتور اولاً طبعاً!
استغرب موقفها ولكنه سايرها، وعندما وقفوا ليذهبوا امسك بيدها وقبل ان تحاول الاعتراض همس:
- زوجتي .. تعايشي مع هذا
ولم تستطع سوى الاستسلام.. بعد دقائق كانت تطرق باب الدكتور حسين ليقول بصوته المليء بالوقار:
- تفضل
فتحت الباب ببطء وظهرت له قائلة:
- هل تسمح لي؟
سمع ضحكته وهو يقف مرحباً:
- اوووه طالبتي المتميزة ليلى!
دخلت وتبعها مراد لتتبدل ملامح الدكتور فوراً مستنكراً:
- ماذا يفعل هذا هنا .. الم نتحدث يا ولد؟
سعل مراد وقبل ان يتحدث قالت ليلى بهدوء ولطف:
- دكتور كما تعلم انا كنت الاولى في مادتك .. وبما ان مراد زوجي..
قاطعها بدهشة عارمة على ملامحه وهو يقول:
- هذا .. زوجك؟؟!!
ابتسمت بفخر ظنه مراد مصطنعاً:
- نعم زوجي .. من افضل مني ليشرح له هذه المادة اليس كذلك؟
خف اثر الصدمة عليه وهو يومأ برأسه لتكمل:
- اتينا الى هنا حتى نطلب منك طلب .. هلا اعطيتنا فرصة؟
نظر مراد باستغراب لليلى بينما حسين يدير الموضوع برأسه ليقول:
- عليه ان يعتذر .. انه قليل ادب
صرخ مراد:
- انا قلـ..
قاطعته:
- نعم انت كذلك ان قال الدكتور هذا لهذا هيا اعتذر
وعندما رأت عيناه المتسعتين اقتربت من اذنه هامسة:
- اعتذر وسأقبلك
تنحنح وهو ينظر اليها باستغراب اكبر قبل ان يعتذر بكل ادب مصطنع طبعاً ويستأذنوا للخروج.. وقف مراد امام مكتبه وسحبها اليه قائلاً:
- هيا اين قبلتي؟
ابتسمت بتحدي:
- لم اكن لاتهرب .. ها هي
اغمض عينيه استعداداً لها قبل ان يشعر بشفتيها الناعمتين تلتصقان على وجنته، فتح عينيه بدهشة مستنكرة ليجد وجهها محمر خجلاً، ابتسم وهو يمرر اصابعه بين اصابعها قائلاً بهدوء:
- سأفقد عقلي..
في المطبخ بينما يعد مراد بعض الشطائر والقهوة ليتناولوهم اثناء الدرس المنزلي، كانت ليلى غارقة بمراجعتها للمادة التي ستشرحها وهي متربعة فوق المنضدة بجانبه، كانت جدية جداً وهو لا يستطع ايقاف نفسه عن سرقة النظرات لوجهها المرسوم بدقة، شعرها الاحمر المبعثر بكعكة اعلى رأسها ورقبتها البيضاء الطويلة، زفر انفاسه باشتعال فرفعت رأسها متساءلة:
- ما بك؟ هل تعبت؟
"تعبت طبعاً تعبت! تعبت بقائي معك ليلاً نهاراً وانا لا استطيع حتى ضمك" اي كان هذا الذي في عقله هز رأسه مبتسماً وهو يقترب منها ليرفعها من خصرها ويضعها ارضاً، كل ما اراده هو قربها ليشعر بها وكل ما فعله هو افقادها تركيزها مع ذلك القلب الاحمق الذي ينبض كأنه متسابق بالمراثون، ابتسمت وهي تحمل كوب القهوة الخاص بها قائلة:
- هيا تعال معي
لحق بها ظاناً انهم سيدرسون في غرفة الجلوس فوجدها تتجه الى الادراج فقال باستغراب:
- الى اين؟؟
ضحكت مردفة:
- انا اسفة ولكنك ستعتاد .. تعال هيا سأريك
وجدته يقف منتظراً تفسير اكثر وضوحاً فاقتربت منه ممسكة بيده وهي تسحبه معها الى غرفة نومه او نومها او بالاصح نومهما!
تربعت فوق السرير بحماس وهي تقول بسرعة فائقة دون توقف:
- انظر انا ادرس على السرير .. اعلم ما يقولون كونه يجلب النعاس وما شابه الا انها اكبر كذبة في تاريخ البشرية!! لا يوجد شيء اكثر متعة ونشاطاً من الدراسة فوق السرير!! انظر حتى انك تستطيع اسناد ظهرك ومد قدميك وايضاً الاستلقاء .. او حتى الجلوس رأساً على عقب .. شيء يبعد عنك ملل الدراسة تماماً!
كانت سعيدة، تتحدث بسرعة وتشير بكل الاتجاهات وتمثل ما تقوله، كانت.. طفلة! انثى بريئة، مثيرة، مجنونة، و.. حزينة، كل ما فيها كان يجذبه اكثر. عندما تعشق شخصاً ما لا تكذب على نفسك بقول انك عشقته بلا ارادة! بل انت اردت ذلك العشق منذ اللحظة الاولى كان هذا الشخص.. مختلفاً! كأنه يكملك، يفهمك، كان كل شيء بحثت عنه، او حتى لم تبحث بل هو الذي وجدك، عشق مربوط بين شخصين منذ الازل. جلس الى جانبها، تماشى مع طفولتها، حاول فهمها، بذل قصارى جهده ان يتفوق حتى يرى الفخر بعينيها ليس به بل بذاتها، انها الطريقة الوحيدة التي تحب فيها نفسها عندما تنجز شيئا ما، اجمل حالاتها واكثرهم اشراقاً.
في العاشرة ليلاً كانوا قد انجزوا الكثير فاغلقت ليلى الكتاب وفركت عيناها وهي تتمطى بجسدها وتحاول احياء عضلاتها بينما ذلك العاشق متحجراً في مكانه يراقبها وكأنها ستهرب منه، قال بحماس وهو يقف:
- كنت مجتهداً اليوم الن تكافئينني؟
رفعت حاجبها وهي تقف امامه:
- مكافأة الدراسة الجادة تأخذها على شكل علامات
- مكافأة لحظية ايتها الجميلة
- اممم لا لم نتفق على اي شيء كهذا
اقترب من اذنها هامساً:
- عليكِ ان تكافئي طلابك حتى يعشقوا المادة
وبما ان الكلام ليس غزلاً لماذا قشعر جسدها؟ من صوته؟ من انفاسه؟ لماذا يحرك داخلها الكثير من الاشياء المخيفة التي لم تعتادها، تراجعت خطوة للخلف قائلة بتوتر حاولت اخفاؤه:
- تعشقها عندما تفهمها وتجيدها بالتالي تكمل طريقك نحو التخرج .. على اي حال هيا اذهب اريد ان انام
رفع كتفيه بلا مبالاة كالطفل الصغير، وعندما عادا خديها للتورد ابتسم وطبع قبلة سريعة على خدها قائلاً:
- تصبحين على خير يا جميلة..
الوالدين، شخصين اتينا بسببهما، وكانا السبب باننا نحن، باننا نملك شخصيتنا وكياننا الخاص، شخصين من المحال كرههما، وان فعلت تشعر بنوع من الفقدان وكأنك فقدت هويتك، وكأنك نكرة، مهما فعلا من الصعب ان نشعر بالكره نحوهما، هما كل عالمنا الى ذلك الوقت الذي نشق به عالمنا الخاص ولكن مع ذلك يبقون هنا في قلوبنا وعقولنا، نبرر قسوتهم بالحب، والقرارت الصعبة بالمصلحة، هكذا هي الحياة، لا نستطيع قطع جذعنا من تلك الشجرة لاننا سنفقد بريقنا وسينتهي بنا الامر نحترق لندفأ غيرنا..
ذلك الضيق الذي كان يتغلل اكثر فأكثر داخلها طوال الايام الماضية، ازداد فجأة، شعرت بحدوث شيء خاطىء، اخذها عقلها الى اسوء الاحتمالات وعاد بها الى افضلهم حتى قُطع الشك باليقين عبر تلك الرسالة التي تطالبها بالحضور الى المستشفى.. اعادت توازنها وركضت فوراً نحو مراد، وجدته نائماً كيف للانسان ان يكون مستسلماً بذلك الشكل؟ اقتربت من اذنه وهمست قبل ان تخرج:
- انا سأذهب ولا استطيع ايقاظك لتقف الى جانبي .. هذا ليس من حقي
الساعة الخامسة فجراً وبينما يكاد مراد ان يفقد عقله وهو يبحث عنها، من المستحيل ذهابها لاهلها مجدداً الى اين قد تذهب؟؟ ماذا وان ارادت هي الذهاب هل يحق له ان يقول لا؟؟ جلس على الارض بجانب الباب وما ان طرق الباب حتى انقض عليه ليفتحه وجدها عيناها مدمعتين وانفها الصغير محمر، كانت تنظر اليه بحاجة، سحبها اليه وضمها بقوة بينما تعلقت هي على رقبته واضعة ذقنها على كتفه وهي تبكي ليقول:
- اشش .. اهدأي انا هنا
هزت رأسها وهي تشهق بكلماتها:
- لا تتركني .. ابداً
أنت تقرأ
عاشق من ألماس
Romance(منتهية) انحنى نحوها وقبل وجنتها بينما لمعت دمعة في عينها قائلة بخوف: - هل سأكون وحدي؟؟ هز رأسه نافياً: - بل سأكون معك ولكن فقط عندما تحتاجينني --------- صمتت عندما رفع يده ليضع اصبعه على شفتيها قائلاً دون ان يفتح عينيه: - اصمتي .. سأنام ...