الجزء الثاني عشر

16.7K 406 6
                                    


الهدوء قاتل الا مع العشق، الصمت ممل اذا خلا من نبضات القلوب.. كانا مستلقيان على السرير الذهبي في غرفة مراد تضع رأسها على صدره الهادىء بينما هو يضع يده على وسطها وقد ارخى رأسه الى الخلف باستماع، عكر هدوءهما ذلك تذكره لجلوسها مع ذلك المغرور بعد محاضرته شعرت بتشنج اطرافه فرفعت رأسها ببطء ناظرة اليه بتساؤل:
- ماذا حدث؟
ابتسم بسعادة لم تدم طويلاً وهو يبعدها عنه ليجلس باستقامة متنحناً بينما هي تعدل جلستها وتتربع بطفولية  مراقبة تحركاته ببراءة، قال بجدية:
- بماذا تحدثتي مع ذلك اوزان .. ازان او اي كان اسمه؟؟
عقدت حاجبيها باستغراب:
- وما الذي جلب اوزاين على رأسك الان؟
رفع يده ليمررها فوق شعيرات ذقنه بقوة قائلاً:
- فضول فقط .. بماذا تحادثتم؟
- بقوانين الادارة والمنطق السليم .. اممم وايضاً تحدثنا عن الحدس الذي يتولد من الخبرة و..
صمتت عندما رأته يقف ملتفاً حول السرير ليمد يده لها قائلاً:
- تعالي
كانت عسلياتيها الواسعتين تنظران اليه باستغراب وهي ترفع يدها لتستوطن يده بتردد، شدها اليه لتقف امامه فادارها واضعاً كلتا يديه على خصرها من الجهتين هامساً باذنها:
- ألم يخبرك عن الثقة بالنفس؟
همست بتأثر بعد ان تقشعر جسدها:
- بلى
- ماذا قال؟
تنحنحت وهي تغمض عينيها وقد شعرت بحالة من الدوار لتستند على صدره مجيبة بخفوت:
- ان على الاداري ان يثق بـِ.. بقراراته ويمليها على موظفينه بقوة
اومأ وهو يمرر انامله طلوعاً ونزولاً بنفس المكان قائلاً:
- حسناً اذاً اقنعيني
- بماذا؟
اقترب اكثر من اذنها هامساً بنبرة ملأها الاغراء:
- ان ابتعد
تلعثمت بارتباك:
- ابـ.. ابتعد
ضحك بهدوء هامساً:
- لم اشعر بثقتك في هذا القرار
ردت بلا سيطرة منها وقد اشتعل وجهها خجلاً:
- لانني.. لست..
- لستِ واثقة
اضاف بهدوء وهي يرفع يده ببطء لترتكن على ذراعيها المرتجفة:
- هذه الثقة التي عليكِ امتلاكها كمديرة ناجحة .. يجب عليكِ الا تخسري في نقاش ابداً .. عليكِ دائماً ان تضعي حدود لمن حولك كي لا يتجرؤوا ابداً على كسرها .. اربحي ذاتك وكرامتك اولاً ثم فكري بحلول من امامك .. لا تدمري معتقداتك بسبب ما يعتقده شخص اكثر ثقة منكِ .. ببساطة كوني الطرف الاقوى دائماً
كان يقول كلامه بصوت مثير للعواطف ازدادت بأخر جملة اضافها:
- ابعديني الان جميلتي
شدت على قبضتها بكل قوتها وهي تشعر باستنفار حواسها لما يطلبه وكل خلية تطالب بذلك الشعور اللذيذ المؤلم مجدداً، كان قلبها يخفق بشدة تزداد مع كل لمسة متملكة من انامله على ذراعيها وكل شعور باقتراب شفتيه من رقبتها، جسدها يطالب بذلك وبشدة، استدارت بين ذراعيه دون ان تبتعد لتقابل وجهه المتفاجىء من جراءتها همست :
- قد اثبت الامر بطريقة اخرى
ابتعلت ريقها وهي تقترب لتطبع قبلة رقيقة على شفتيه بخجل ظاهر على محياها مضيفة:
- هكذا
ارادت الابتعاد ولكنه شد على ظهرها وقد لامس كفه الساخن ظهرها المحترق لتصدر انين ابتلعه بشفتيه التي غزت ثغرها بقوة وتطلب وقد احتاج قوة الدنيا لتقف الى جانبه ليبتعد عنها حتى يقول لاهثاً:
- لا تحرقيني وتبتعدي .. هذا ليس عادلاً
طُرق باب الغرفة بقوة واصوات كل من علي وبيلين تتعالى بمناداتهم لاسمائهم"مراد .. ليلى" تنهد مراد بفارغ الصبر ليقول بغضب:
- هل اخرج واضربهما الان؟
قهقهت لتداري الموقف الذي هي فيه الان ليبتعد مراد متجهاً الى الباب الذي ما ان فتحه حتى ظهرا كل من بيلين وعلي وهم يرتديان قبعات للسياح ويقولان بحماس:
- هيا لنذهب ونشاهد غروب الشمس
زفر انفاسه بضجر مجيباً:
- لماذا؟ هل المشهد خارق للعادة؟ يحدث كل يوم
عقدت بيلين حاجبيها قائلة بتهديد:
- انظر يا هذا افصل رأسك عن جسدك اقسم ثم ان المنظر عاطفي جداً
ارتسمت ابتسامة جانبية على فم مراد فهمها علي ليضع يده على عينيه وهو يسمع كلام مراد:
- وما الذي سيفيدكما بالعاطفية؟ اعني انا وليلى نحب بعضنا وقد يثير عواطفنا اما انتما ماذا؟ يثير صداقتكما؟؟
ضحك بقوة على وجه بيلين المندهش قبل ان تدفع يد علي بقوة مردفة بغضب:
- انت ايها الاحمق اجيب صديقك الابله هذا ليكف عن مزاحه السخيف
قلبت عيناها بملل وهي تشير لمراد:
- ستجلب زوجتك وتلحقني .. معكما خمس دقائق
هرولت خطواتها مبتعدة لينكز مراد علي هامساً:
- الحق بها .. لمَ لا زلت هنا؟؟
تنهد علي بقلة حيلة:
- من المستحيل ان تحبني الا تراها؟
- بل لانني اراها .. ثم منذ متى تحتلك هذا الشخصية الضعيفة؟؟ واقتبس من اقوالك " انا علي يا رجل، افهم النساء من النظرة الاولى واجلبهن لي من النظرة الثانية"
- لكن..
- لا لكن هيا افرض شخصيتك القوية ما بك مذلول هكذا؟
اومأ علي وهو يرفع كتفيه بشموخ مردفاً ببرود:
- لا يفل الحديد الا الحديد
- ستجلب لنفسك عشيقة جديدة؟
- لا .. سأريها يومها فقط
ضحك ساخراً وهو يتجه مبتعداً ليغلق مراد الباب قائلاً:
- سيفقدان عقلهما
كانت ليلى تقف امام المرآة تحاول السيطرة على ذاتها التي يفقدها اياها مراد بلمسة عفوية منه، او همسة عاشقة، او اي كان السحر الذي يمارسه عليها فهو يفقدها عقلها بحضرته، تنهدت ببطء وهي ترتب ملابسها وشعرها وتتحقق من منظرها ليدخل مراد الغرفة مصفراً باعجاب:
-  تبدين رائعة
ابتسمت بخجل:
- اشكرك
اقترب منها قائلاً بعتاب:
- فقط اشكرك؟ لن تخبريني كم ابدو وسيماً مثلاً؟ او كم ان اللون الابيض يليق بي بطريقة لا تصدق؟
فتحت عينيها بدهشة ليضحك مضيفاً:
- امزح معكِ .. هيا لنذهب
- الى اين؟
قال بحماس طفولي مصطنع:
- لنشاهد غروب الشمس
امسك بيدها ليكمل:
- هيا لنرى اين سيأخذانا ثنائي البقاء للاقوى
تمتمت بتساؤل:
- ثنائي البقاء للاقوى؟
- لا تهتمي .. هيا
جلسوا على الرمال امام البحر الذي يلتهم قرص الشمس رويداً رويداً ليختطف اشعتها المنيرة، كانت بيلين تجلس تراقب المنظر كالمنومة مغناطيسياً بسحر وجمال هذا المنظر كليلى السارحة بشاعرية فيه بينما علي هائملً بتلك الخصلات الذهبية التي تطير بانسيابية مع كل نسمة خفيفة بينما مراد غارق بذلك العمق العالق بعينيها قالت دون ان تنتبه لتفكيرها الذي علا صوته:
- الان فهمت معنى جملة للعشق طعماً مختلف واظن ان له نظرة مختلفة ايضاً .. كنت ارى في التلفاز هذه المناظر وقد حلمت ان اجربها عندما اعشق .. تخيلت ان انظر الى الشخص الذي احبه ولكنني أجد نفسي مأخوذة بسحر المنظر وكأنه لوحة دمجها العشق ليعيد خلق ذلك الفنان الصغير داخلنا
وما ان صمتت حتى قالت بيلين:
-  تعتقدين اذاً ان سبب رؤيتنا لما نراه الان هو انعكاس لمشاعرنا اليافعة التي اخرجت تلك الروح السعيدة التي تجمل كل ما ترى .. هل للعشق مفعول كبير لهذه الدرجة؟
- بل ارى ان للعشق مفعول لدرجة اكبر واعمق مما تتخيلين .. لدرجة يسرق فيها تعقلنا وحتى مبادئنا ليكون كل ما نريده تلك الاشياء الصغيرة التي تخصنا مع من نعشق
- الاشياء السرية التي لا يفهمها غيرنا
- التملك الوحيد الذي يعجبنا
- التحديات السخيفة
- الشعور بالاختلاف
- الاعترافات المجنونة
- الخبايا
تساءلت بيلين بخفوت:
- هل يا ترى من الممكن ان نجد من يفهمنا لتلك الدرجة؟
نظرت ليلى لمراد الذي يتأملها بهيام لتضع كفها على وجهه هامسة:
- انا وجدته
بينما بيلين شعرت بيد علي تمسك ذراعها لتسحبها فيقفا معاً، كانت تنظر اليه باستغراب بينما هو يسير بها مسرعاً مبتعداً عن اولئك العاشقين، همس مراد لها بذات الصوت المفعم بالحب:
- هل سأكتفي يوماً منك؟
ابتسمت بخجل وهي تضع رأسها على كتفها ليغرق انفها في تجويف رقبته مستنشقة رائحته بينما يضمها هو اليه بذات التملك الذي تعشق..
اسند علي بيلين على ذلك الحائط الصخري محاوطاً اياها من الجانبين بيديه ليقول:
- ماذا كان سؤالك؟
لم تجيبه ناظرة اليه باستغراب، ليكمل:
- هل من الممكن ان تجدي من يفهمك لتلك الدرجة؟ سأخبرك الى اي درجة افهمك .. لدرجة انكِ تغارين فتتجاهلين هذا حتى لا تغضبي .. تهينين الناس كي تخرجي ما بداخلك .. تظنين انكِ قوية بالقدر الذي تستطيعين فيه ان تتجاهلي حبي لكِ والذي انا متأكد الان انك تبادليني اياه .. تخافين من علاقتنا لانني لم التزم يوماً بعلاقة لاخبرك اذاً سبب ذلك انني لم اجد بيلين في اي فتاة رأيتها .. كنت ابحث دوماً عنكِ .. عن قوتك .. شغفك .. كنت ابحث عن الفتاة التي تستطيع ان تكون صديقتي قبل حبيبتي .. الفتاة الوحيدة التي تستطيع ان تكون لي كل نساء الدنيا .. وهذا وجدته بكِ انتِ لهذا كنت جباناً .. كنت خائف من تركك لي وانهاء صداقتنا ولكنني اكتشفت الان ان لا مكان للصداقة بيننا فأنا اعشقك .. بل اهيم عشقـ..
اصمتته بيدها التي تسللت الى رقبته وسحبته ليصطدم بشفتيها بقبلة انتظراها طويلاً، لعشق يجتاحهما بجنون، لحب تغلف بالصداقة، لشغف احتاج سنين ليستطيع التعبير عن ذاته، لاعتراف تمثل بالقطرة التي افاضت الكأس ليطلق كل ما هو دفين..
بعد انتهاءهم من العشاء صعد كل منهما لغرفته، تركت ليلى يد مراد هامسة:
- سأذهب لاحضر حقيبتي من الغرفة
ابتسم باستمتاع وهو يحاوط خصرها بذراعيه:
- وما هذا التغير المفاجىء؟
ارتبكت متلعثمة:
- من اجل بيلين .. اعني من الواضح انهما اعترافا الان لاترك لها راحتها في الذهاب اليه اعني..
صمتت وهي تجول بعينيها في كل مكان قبل ان تسمع غمغمته:
- انا ادرك تماماً ان بيلين اكثر من جريئة لتذهب له الان وامام الجميع ولكن هنا يوجد شخص واحد يخجل من اظهار مشاعره ورغباته
تنحنحت هامسة:
- ولكن مراد
- انا زوجك ليلى لست مجرد حبيب .. مكانك الطبيعي ان تتواجدي معي في ذات الغرفة وذات السرير فنحن في النهاية متزوجين منذ فترة لا بأس بها اعني من الطبيعي اننا..
اسكتته ضربتها الخفيفة على كتفه:
- ياا اصمت ما بك؟ .. وقح!
تنهدت بقلة حيلة مضيفة:
-  حسناً كنت اريد قضاء بعض الوقت معك قبل ان نعود الى جامعتنا واعمالنا وايضاً لم انسى مادتك التي علي شرحها لك قبل الامتحانات حتى نتمكن من النجاح والاعتماد على انفسنا ولكن كما قلت لك "كنت" اي فعل ماضي ولا اريد ان ابقى معك او حتى اراك الان لهذا اتركني هيا اريد الذهاب
ارتخت يده لثوانٍ قبل ان تظهر تلك الابتسامة الخبيثة وهو يشدها اليه حتى كادت تدخل عبر اضلعه وهو يقول:
- تبدين جميلة عندما تغضبين وايضاً يزداد جمالك عندما تكونين متسلطة هكذا .. اعجبني هذا الجانب منكِ
انحنى ليهمس باذنها:
- الجانب الجريء منكِ
رفع رأسه لينظر لوجه الطماطم خاصته وهو يتلون ليضحك فوراً قائلاً:
- هيا افعلي ما تريدين سأكون بانتظارك ان لم تصعدي لي سأنزل انا لانني انا ايضاً اريد قضاء بعض الوقت معكِ
دخلت غرفتها وكما توقعت لم تجد اي اثر لبيلين قهقهت على ذاتها ووقفت امام المرآة وهمست ببطء:
- انا سعيدة
توسعت ابتسامتها مرددة:
- يا اللهي انا سعيدة
بدأت بالقفز مكانها وهي تصرخ بفرح:
- انا سعيدة .. سعيدة جداً .. سعيدة وعاشقة
رمت بنفسها فوق السرير ضاحكة بهستيرية وهي تردد "انا سعيدة" لا داعي لبقاءها وحدها بعد الان، ليس بعد ان اكتملت، لن تتخلى ولن تخجل من ذاتها ستعطي كل جهدها لتحافظ على هذه العلاقة وليبقى مراد لها..
طرقت باب غرفة مراد ليصل لها صوته قائلاً:
- ادخلي .. الباب مفتوح
دخلت بتوتر يسيطر على جسدها وقلبها ينبض ببطء وترقب شديدين، قالت بتساؤل:
- مراد؟ اين انت؟
ثوانٍ وخرج لها من الحمام عاري الصدر وهو يرتدي بنطال  قصير يصل الى ركبته وهو يقول:
- أخذت حماماً سريعاً فالجو هنا رطب جداً يدعو الانسان للماء كل خمس دقائق
سار لها مقترباً منها عندما رأى وجنتيها المتوردتين وعيناها الضائعتين، انحنى مقبلاً زاوية فمها هامساً:
- اشتقت لكِ
تنحنحت باحراج وهي تستدير مسرعة لتقف امام نافذة الشرفة:
- اوووه ما اجمل مظهر البحر ليلاً
وما ان انهت جملتها حتى شعرت بيديه تحاوط خصرها وهو يشدها له هامساً مجدداً:
- اشتقت .. لكِ .. ليلى
كان قلبها ينبض بجنون وجسدها يرتعش خوفاً وعشقاً، همست بتوتر:
- لم اقصـ..
زفر انفاسه مقاطعاً لها وهو يضع جبهته على كتفها باستسلام:
- اعلم .. انا فقط اريد ان اشعر بحبك هذا كل ما يهمني في الوقت الراهن ان تعتادي على فكرة تقربي منكِ والا تخجلي من تقربكِ مني فأنا لكِ روحاً وجسداً كما انتِ ليلى
اومأت بتردد مردفة ببحة دموعها الحبيسة:
- انـ.. انا احاول مراد .. لا تطالبني بكل شيء دفعة واحد دعنا نعرف بعضنا جيداً اولاً .. عاداتنا .. افكارنا .. لنتشاجر ونتناقش ثم نتفق ونتصالح .. انا هذا ما اريده مراد .. لنعطي بعضنا ما نريد بتروي فنعتاد ولا نمل .. لادخلك حياتي وتدخلني حياتك فتغدو حياتنا واحدة قبل..
صمتت باحراج لتحاول استعادة جرءتها فهذا ما يتطلبه منها الامر ان تكون صريحة، تنهدت مكملة:
- قبل ان نُكمل زواجنا
طبع قبلة رقيقة على كتفها قائلاً:
- اتفهمك حبيبتي وسأعطيكِ كل الوقت الذي تحتاجينه ولكن لا تمنعيني عنكِ بالكامل فأنا انسان ايضاً
ضحكت وهي تربت على يده التي تحط على بطنها من الامام:
- لن امنعك فأنت.. فأنت حبيبي
ادارها اليه فوراً وهو يقول بدهشة:
- هل ما سمعته حقيقي؟ يا اللهي ما اجملها من كلمة .. قوليها دوماً ليلتي لا تحرميني ارجوكِ
ابتسمت مومأة بخجل وهي ترفع يديها لتعانق رقبتها هامسة:
- حبيبي
انحنى ليلتقط شفتيها في قبلة بطيئة متلذذاً بكل لحظة تجمعهما كعشاق..
في اليوم التالي استيقظوا باكراً ليعودوا لاسطنبول التي غرقوا فيها منفذين كل خططهم واشغالهم، من المنزل الى الجامعة الى العمل الى الدراسة من ثم الى المنزل وهكذا استمر هذا الروتين اليومي حتى انتهى فصلهم الدراسي الاخير ما بين مشاكساتهم العاشقة وقبلاتهم الهادئة واحضانهم المحتاجة وبالطبع نقاشاتهم العاقلة، فترة احتاجاها كليهما ليعتادا على وجودهما معاً كزوجين في المنزل، يحفظ كل منهما الاخر بتفاصيله ويستمتع بها.. اتى ذلك اليوم المنتظر، يوم يتوج تعبهما بشهادة ورداء تخرج، يوم لا تبدل سعادته بالدنيا يوم النجاح.
كانت ليلى قد انتهت من تصفيف شعرها بطريقة هادئة جعلته مموج بطريقة تقليدية ووضعت القليل جداً من الزينة بناءً على طلب السيد مراد، مرتديك فستاناً اسود ضيق يصل الى اعلى ركبتها بفتحة سباعية الى بداية  الصدر يغطيها قماش الدانتيل الى الرقبة بشكل متصل مع جانبي الظهر بفتحة سباعية اخرى الى منتصفه وبالطبع حذاء ذو كعب عالي من الون الؤلؤي، طرق مراد الباب لتأذن له بالدخول سمعت صفير اعجابه وهو يقترب ممسكاً بيدها لتدور امامه بيطء وهو يقول:
- اوووه ما هذه الاناقة سيدة اصلان؟ أتريدين سرقة احد ما اليوم؟
توقفت مبتسمة بسعادة وهي تعدل ربطة عنقه مجيبة:
- نعم على الاغلب قلب السيد الوسيم الذي يقف امامي
ضحك وهو يقترب منها ليطبع قبلة على وجنتها هامساً:
- تبدين في غاية الجمال حبيبتي .. هل نذهب؟
اومأت بحماس فامسك بيدها ليغادرا منزلهما معاً..
وقف جميع الطلبة الخريجين بترتيب الابجدية ينتظرون تلك اللحظة التي ينادى بها باسمهم ليسير كل منهم بفخر والاضواء كلها مسلطة عليه، اتم نجاحه ليحين وقت حياته العملية التي تقرر حقيقة نجاحه او فشله.. اكملوا سهرتهم في ذلك النادي الذي حجز باسم طلبة دفعتهم، منهم من يرقص بحماس واخر يقوم بتحديات المشروب السخيفة، واخرون يتغازلون، ولكن بشكل عام كان الجميع سعيد بيومهم المثالي الذي يقيم كل منهم بما يجيده ويفرحه، عدا ذاك الذي يجلس على احدى المقاعد وهو يحاوط كتف ليلى بذراعه ناظراً بملل للساعة، همس باذنها:
- هل نذهب؟؟
نظرت اليه باستغراب:
- الان؟؟؟ اتينا منذ نصف ساعة فقط
- ليلى احتاج ان نبقى وحدنا
اومأت بقلق عندما رأت ملامحه التي لا تعكس ارتياحه ابداً، وقف صارخاً بصوت يصل لعلي الذي يعانق بيلين:
- علي .. سأغادر
اومأ له الاخر ليخرجا من ذلك المكان ذو الموسيقى الصاخبة، زفر مراد انفاسه قائلاً:
- اكره الاصوات العالية .. هيا تعالي
- الى المنزل؟
نظر اليها بابتسامته المعتادة دون ان يجيب فهمت فوراً انه يخطط لشيء ولن يجيبها مهما سألت فسارت معه نحو السيارة دون اي اعتراض..
سار لساعات حتى وصل الى مزرعة بعيدة تصل الى حدود اسطنبول، اوقف سيارته بالموقف الخاص بها، نظر اليها ليجد ان النوم قد سرقها ارتجل من السيارة ملتفاً اليها فتح الباب بهدوء وانحنى هامساً:
- حبيبتي الجميلة
ابتسم وفك حزام الامان من حولها ثم رفعها لتتململ بين يديه وتتشبت بصدره، سار بها الى حيث الغرفة في تلك الفيلة الصغيرة في منتصف المزرعة، وضعها على السرير ببطء طابعاً قبلة عميقة على جبينها، زفر انفاسه المشتعلة وهو يبتعد عنها مغادراً الغرفة..
خلع معطف بدلته السوداء بالاضافة الى ربطة عنقه، فتح ازرار قميصه الاولى وطوى الاكمام الى منتصف ذراعه وجلس حاملاً كأس من النبيذ.. بعد نصف ساعة سمع صوت اقدام تنزل عم الدرج فقد استيقظت حبيبة قلبه اخيراً، نادته متساءلة:
- مراد؟ اين انت؟
اجاب بصوت مسموع:
- هنا
لحقت مصدر الصوت حتى وصلت الى الغرفة الكبيرة المضأ فيها ضوء صغير بجانبه وبالطبع ضوء القمر المتسلل من النوافذ الزجاجية الكبيرة، جلس بجانبه وقد خلعت حذاءها المؤلم اسندت رأسها على صدره قائلة:
- شعرت بالبرد في السرير دونك فاستيقظت .. لماذا لم تيقظني عند وصولنا؟ ثم ما هذا المكان؟
اجاب بهدوء:
- هذا المكان ملك لعائلة والدتي لم أتي اليه منذ وفاتها، اردتك ان تتعرفي على هذا المكان الذي يخصها فانا متأكد انها كانت لتحب كنة مثلك
سمع صوت شهقتها الباكية ليضع مراد يده على وجهها ماسحاً دمعها ورافعاً اياه لينظر اليها:
- ماذا حدث حبيبتي؟
اجابت بنبرة باكية:
- اشتقت لوالدتي ولاخي مراد
-  اذهبي لهم اذاً حبي
- لا استطيع .. ليس بعد ما حدث فهي لن تسامحني
- انتِ ابنتها بالطبع ستسامحك
عانقته بقوة وقالت:
- يا ليت كل من دخل حياتي مثلك .. انا احبك كثيراً مراد
عانقها بذات القوة وهو يشتم رائحتها وذقنه تداعب رقبتها فما لا تفهمه هو انه يحارب كي يبعد نفسه عنها ولكنها لا تساعده بأي حال بل حتى تقاربهما اصبح يتجنبه فهي لا تفهم ما يعانيه، غمغم متنهداً بلا ارادة منه:
- ليلى .. إمرأتي
توقفت عن الحركة لثوانٍ لتفهم ما يقوله، هل هذا طلبه منها الان؟ هل هذا ما يطلبه كهدية نجاحه، لمَ انتظر كل هذه المدة؟ فهي ايضاً احترقت من لمساته طوال الوقت، وقبلاته الملتهبة كان جسدها يطالب به، يطالب بنصفه الاخر بعاشقه المجنون، ابتعدت عنه لتنظر الى عينيه العميقتين بظلام:
- هل تذكر عندما قبلتني اول مرة؟
اومأ ببطء، لتكمل:
- في تلك الليلة حدث شيء .. هنالك شيء بداخلي تغير .. شعرت باشياء للمرة الاولى وبعد ذلك قرأت رسالتك التي اسعدتني طوال الليل لانام وانا احتضنها .. جديتي معك صباحاً كان خوفاً من تلك المشاعر التي ظهرت فجأة لاشعر بالسعادة فجأة وقتها اتهمتني بأنني احاول افقادك عقلك بينما هذا ما تفعله انت .. كنت حقاً اريد الانفصال بعد انتهاءنا من الجامعة .. كنت اريد التحرر ولا اريد ان يربطني شيء اخر بك لانني اخاف ان اعشق هذا الرباط .. بعدها  فقدت عقلك حقا عندما ظننت انني.. تعلم على اي حال اعترفت بحبك لي عندما ثملت وكانت تلك الليلة عبارة اولى نبضات قلبي التي لم استطع ان اسيطر عليها الا بجعلها تزداد .. ما اريد ايصاله لك انني لن ابعدك مراد لانني لا استطيع ابعادك
ظهر شبح ابتسامته قبل ان يقول:
- هل تذكرين ما قلته لكِ قبل قبلتنا الاولى؟
عقدت حاجبيها في محاولة للتذكر ولكنها هزت رأسها معلنة فشلها عن التذكر ليقترب منها اكثر هامساً:
- انتِ تثيرين جنوني
وضع يده على وجهها مضيفاً:
- هذا الفستان .. افقدني اخر ذرات تعقلي
همس متنهداً:
- اااه ليلى هل تعلمين كم تعذبت في كل ليلة نمتي فيها بين احضاني وان اتمنى ان اغرق بكِ
غرس رأسه برقبتها طابعاً قبلاً عميقة بشكل متتابع ثم همس:
- انا اريدك ليلى .. بجنون حبيبتي
ارتجف جسدها وهي تحاول الصمود امام عصفه الحارق بها ليقول بقلق:
- هل خائفة حبيبتي؟
اومأت هامسة:
- لكن ليس منك .. فـ.. انـ.. انا .. ايضـ..
صمتت وخجلها يتعمد عليها ليعود مقبلاً رقبتها مغمغماً:
- وانتِ ايضاً ماذا؟ قولي حبيبتي .. فأنا لن افعل الا ان طلبتي انتِ هذا
كان يعذبها بقبله التي تكاد تزهق بروحها فهمست متأوهة:
- مراد
همهم وهو يكمل تقبيله لها ويديه تسير على انحناءات جسدها ببطء اثار جنونها لتهمس مجدداً:
- ار.. اريدك!
شعرت بابتسامته على رقبتها قبل ان يرتفع مقبلاً كل جزء في طول رقبتها حتى فكها فوجهها حتى وصلت الى شفتيها فالتهمهما برغبة مؤلمة، رفعت يدها بارتجاف لتحط على رقبته غارسة اصابعها في شعره وهي تسحبه اليها اكثر وتبادله قبلاته، تفاعلها اثاره اكثر فامتدت يده الى خلف ظهرها ليجعلها تقف معه وهو لا زال يعذبها بقبله تاركاً اياها مرتجفة متنهدة، كان يدفعها ويلتصق بها حتى وصلا الى الدرج لينحني رافعاً اياها بين ذراعيه وفمه يجد طريقه لرقبتها مجدداً، دخل بها الغرفة ومددها على السرير وهو فوقها رفع وجهه لينظر اليها، عينيها الشبه مغمضتين من تأثرها، انفها المحمر، وجنتيها المتوردتين وشفتيها المتورمتين وظلال حمراء خفيفة بدأت تملأ رقبتها، مرر يده على تقاسيمها هامساً:
- احب كل ما فيكِ .. وحالتك هذه لا اظن انني سأشبع منها ابداً .. انتِ اولى النساء في حياتي ليلتي واعدك بحبي الذي لن ينتهي ابداً ستكونين اخرهم .. هذه الليلة هي بداية جديدة لنا سأكون رجلك وستكونين امرأتي .. انا اعشقك ليلى
اكملا ليلتهما العاشقة حاول فيها مراد احتواء خجل ليلى التي حاولت وبكل قوتها ان تتجاوب معه رغم جهلها الا انها تركت لحبها سلطة عليها ليوصلها معه الى ذروة عشقهما وانفجار نشوتهما ليعيشا ليلة متكاملة بين المتعة والعشق والقليل من الالم..
استيقظت ليلى بعد ساعات شاعرة بجسدها محطم كالزجاج، الا ان شعورها بالسعادة المثلى كان يطغى عن كل الالام نظرت الى مراد النائم بجانبها بتعب، خجلت كثيراً من افعالهما الليلة الماضية وابتسمت لنجاحها في تحقيق مرادهما الذي كان سيحدث عاجلاً ام اجلاً، تنهدت وهي تقف ببطء وهن متحركة الى الحمام لترمي جسدها في الماء الساخن لتلين عضلاتها المتيسبة.. خرجت من الحمام ببطء تلف المنشفة على جسدها لتجده يجلس على السرير والغطاء يصل الى اسفل بطنه وابتسامة عابثة ترتسم على ثغره، اغمضت عينيها وادارت نفسها سريعاً:
- يااا!! مراد ما هذا الان؟
سمعت صوت قهقته قبل ان يقول بجراءة:
- هل تعلمين ان منظرك هذا لا يساعدك ابداً؟ ثم اشعر ان جسدي يـ..
التفتت مجدداً قائلة بغضب:
- اياك والتفكير بهذا فأنا اكاد اموت الماً هنا
توردت وجنتيها عندما لاحظت الفخ الذي وقعت فيه اثر ضحكته المتسعة بفخر على انجازه، ابعد الغطاء عنه لتكتشف انه يرتدي بنطاله فضيقت عيناها بحنق قبل ان تكتشف من نظراته الشاملة لجسدها انها هي التي لا ترتدي شيئاً سوى هذا المنشفة القصيرة، رفع قميصه الابيض عن الارض المبعثرة بالملابس وهو يقدمه لها قائلاً بخبث:
- لولا احترامي لخجلك لكنت تركتك بمنظرك هذا فأنا اكثر من عاشق للفنون الجذابة
سحبت قميصه من بين يديه متمتمة وهي تسير الى الحمام:
- وقح!
كادت ان تدخل الا انه اوقفها مثبتاً وجهها بكفيه هامساً:
- انتظري .. احتاج لقهوتي اولاً
واخذ شفتيها بقبلة طويلة عميقة متنقل فيها بين شفتيها بتلذذ قبل ان يطلق سراحها وهي شبه غائبة عن الوعي لتركض الى الحمام بقدر ما تسمح لها حالتها لترتدي ملابسها او بالاصح قميصه..
هل يعقل ان يصل الانسان من قاع تعاسته الى قمة سعادته بسبب شخص ما؟ او لنقل بسبب شيء ما؟ هل للعشق مثل هذه السلطة علينا؟ كالفحم الاسود الذي يتعرض للضغط والحرارة لينتج اكثر الحجار لمعاناً، فهل من الممكن ان يخلق من الانسان المحمل بالألام عاشقٌ من ألماس؟

عاشق من ألماس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن