الجزء الثالث

15.2K 505 11
                                    

صدر منها انين خافت وهي تحاول التملص من بين يديه ولكنه كان قد فقد عقله وهو يقبل شفتيها بشوق لا يعرف من اين اتاه، وضعت كلتا يداها على صدره لتدفعه لكنه كان اثقل بكثير من ان تستطيع، ادارت وجهها بقوة مما اضاع وجهته وايقظ عقله، نظر اليها بصدمة وارتعاش واضح بجسده، همست بضعف:
- ارجوك!
نهض من مكانه مسرعاً لتركض هي الى تلك الغرفة مجدداً! اغلقت الباب خلفها باحكام وكل جسدها ينتفض لا تعلم كيف استيقظت من سحر شفتيه، كيف استطاعت التغلب على ذلك الالم اللذيذ الذي يسري داخلها وصوت نبض قلبها يصرخ، ما الذي فعله بها ذلك الرجل؟؟ كيف وقعت اسيرة هكذا؟؟
كان يجلس على تلك الارض مكانه يضم ركبتيه الى صدره، دمر كل شيء! ستذهب الان!! اللعنة ماذا فعلت مراد؟؟ كيف فقدت السيطرة هكذا؟!!!!! وقف متجهاً الى تلك الغرفة وطرق الباب بخفة وعندما لم يجيبه احداً ظنها نامت ولكن اي نوم يأتيها هذا؟؟ اخرج قلم وورقة وكتب اعتذاراته ومررها لها من اسفل ذلك الباب..
استيقظت صباحاً وابتسمت بسعادة عندما رأت انها تضم تلك الورقة على صدرها، فتحتها لتعيد قراءتها مجدداً بخطه السيء جداً!
" ليلى .. لننسى ما حدث لا اقصد انه ليس مهم بل هو كذلك ولكن ليس بتلك الطريقة .. انا اسف واعدك انه لن يعاد مرة اخرى .. بتلك الطريقة"
رسالته التي حملت العديد من المعاني تلك الرسالة التي تبدو سخيفة بالنسبة للجميع الا لها.
اغتسلت واعادت ارتداء ملابسها ونزلت بحماس حاولت اخفاءه للاسفل لتجده يضع رأسه على الطاولة بجانب الفطور، امسكت ضحكتها واقتربت منه بجدية وجلست ليرفع رأسه بتعب ناظراً اليها بتوسل وهو يرى تلك النظرة الباردة جداً! تنهد وامسك كوب القهوة ليشربه وهي يراقب تحركاتها، لفت انتباهه ملابسها فقال باستغراب:
- ليلى .. لماذا ترتدين نفس الملابس؟؟
تنحنحت ولم تعر حديثه اي انتباهاً واكملت افطارها، امسك يدها لتسحبها مسرعة ناظرة اليها بغضب فرفع حاجبيه معتذراً:
- اعتذر!
عادت لتناول الفطور امامها وهي تشعر بتوتر غامض من قربه، سمعت صوت انفاسه الثائرة وفجأة دون سابق انذار صرخ:
- انا حقاً احاول ان اتفاهم معك بكل الطرق ولكن هنالك شيء عالق بيننا انا لا افهمك بأي طريقة كانت!!!
رفعت انظارها اليه باستغراب وهمست:
- لماذا تصرخ؟
صرخ مجدداً:
- لا اصرخ!!! لماذا تقولين انني اصرخ؟؟؟ انا فقط احاول ان افهم لم انم طوال الليل وانا انتظر رحيلك!!! تأتين الان وتجلسين دون اي كلمة!! حقاً لا افهم ما الذي تحاولين فعله؟ افقادي عقلي؟؟؟
ابتسمت بلطف مردفة:
- لا احاول فعل اي شيء .. انا وانت مجرد شركاء سكن ستنتهي المدة بانتهاء الجامعة انا اذهب للبحث عن عمل وانت تذهب للعمل وهكذا ننفصل
اسند ظهره على المقعد وشابك ذراعيه:
- شركاء سكن اذاً؟ سننفصل عند انتهاء المدة؟ ما هذا؟ هل نحن ابطال احدى الافلام؟؟ حقاً هل تقرأين كثيراً؟؟ الروايات اثرت على عقلك هذا!
وقف طارقاً امامها على الطاولة ٤ طرقات وهو يقول بتقطع قبل ان يصعد لتبديل ملابسه:
- انا .. لن .. اطلقك .. ابداً!
هل هكذا أُغلق القفص على العصفور؟ بل هنا ايضاً ابتلع الوحش المفتاح!! اين وضعتِ نفسك ليلى؟؟ هل يهرب الانسان هكذا؟؟ من منزل الى منزل ومن والد الى زوج؟؟!! الى متى ستكون حياتنا نحن النساء هكذا؟؟ الى متى سنقف خلف الرجال؟؟؟؟ وقفت بغضب وقررت اللحاق بذلك الذي يُسمى مراد، ذهبت لتجده يحمل ثيابه بين يديه وهو يلف منشفة على خصره، اغضبها منظرها اكثر او ربما استفزها ولكن اي كان فتلك مشاعر سلبية عليها اخراجها:
- مراد!!
التفت اليها قائلاً ببرود مصطنع:
- انا غاضب .. تجنبيني!
واكمل سيره لتلحقه بغضب:
- عندما احادثك تتحدث معي هل تفهم؟؟ انت وقح جداً!! اولاً تقبلني ثم تقول انك لن تطلقني!!!!!! ماذا تظن انك فاعل يا هذا؟؟ انا لن اسمح لك بابقائي تحت رحمتك وتظهر لي عارياً هكذا لتشتت انتباهي؟؟ انتِ لا تحرك بي شعرة هل تسمعني؟؟ لا اراك حتى! انـ..
كانت تلحقه من هنا لهناك وهو يرتب اغراضه ليرتديها ولكنه توقف عند جملة "تحت رحمتك" لينظر اليها وهي غاضبة ووجها يزداد احمراراً وفجأة دون سابق انذار امسك خصرها ليلصقها به فصمتت! همس:
- اكملي .. اسمعك!
تنهدت بضع مرات متتالية وهي تتنقل بعيناها على تقاسيم وجهه وتقاسيم صدره! اقترب اكثر هامساً بصوت اشد انخفاضاً:
- نعم اسمعك؟ اخبريني بماذا يزعجك مظهري هذا؟ لماذا يشتت انتباهك؟ ماذا فعلت بكِ قبلتي؟ ولماذا قبلتي الزواج ان اردتِ الطلاق؟
اغمضت عيناها متناسية شعورها ذلك الغريب الذي يجبرها ان تغرق داخل احضانه!! ماذا يحصل ليلى هل يثيرك رجلاً تعرفينه منذ ايام ولكنه زوجك؟ هل اصبح زوجك؟ لماذا؟ همست:
- لماذا؟
- لماذا ماذا؟
- تزوجتني؟
ابتسم وهو يرخي قبضته عن خصرها ليبتعد، احتاجت لثوانٍ ليست معدودة لتستعيد توازنها ناظرة اليه بتساؤل، ليقول:
- ليلى انتِ لا تملكين اي ملابس معك، اليس كذلك؟
فتحت عيناها وهي تهز رأسها نافية، اضاف:
- اذكر انكِ خرجت مع حقيبة في يدك اين ذهبت؟
صمتت قليلاً عاقدة حاجبيها ثم رفعت رأسها باستنكار:
- انا .. كيف لم يخطر لي هذا من قبل؟ كيف وجدتني؟ وايضاً رأيتني بماذا خرجت من المنزل؟ هل كنت تراقبني؟؟؟؟
- هنالك الكثير من الاسئلة التي تدور في رأسك الان .. لاجيبك عنها جميعاً اذاً! ما يحدث معي هو شيء يخصني وحدي لا احب ان يدخل احد نفسه في خصوصياتي .. زواجي منكِ اخبرتك سببه سابقاً اما كيف وجدتك واين رأيتك اظن ان عليكِ ان تكوني اكثر من مجرد شريكة سكن لاجيبك!
- انا زوجتك!!
لفظت تلك الكلمة دون تفكير ووجدت نفسها ضائعة عندما فعلت فهي قالتها بكل ثقة كأمر ثابت!! وكأن هنالك حقوق بينهما! وكأن.. كأن ما يحدث حقيقي؟؟؟؟!!
هل هي زوجته حقاً؟؟ لماذا لا يشعر بهذا؟ لماذا لا يشعر انه وصل بعد عناء؟! ولكن.. زوجة تطالبه بانهاء ذلك العقد المزيف خلال اربعة شهور!! انه بحاجة للمزيد! ليس من الوقت بل منها هي! عليه ان ينهي عذابه هذا! ان يقبلها كما يريد ويطالبها بما يريد، ولكن فوق ارادته تلك العيون العاجزة، الضائعة المعلقة داخل عيناه بنظرات زادته تشويشاً، انها ترجوه ان ينسى! ولكن ماذا ينسى؟ وهل هنالك اي ذكريات بينهما حتى ينساها؟ ربما يوجد..
بعد هروبها مجدداً، سندت ظهرها على الحائط بجانب باب المنزل بانتظاره ليخرجا الى الجامعة، دقائق وبدأ احدهم بالطرق على ذلك الباب!! كانت طريقة وحشية او هكذا رأتها!! وجدت نفسها تركض عائدة الى مراد تمسكت بصدره بخوف وهي تهمس:
- اتى! اتى! مراد .. اتى!
رفع حاجبه باستغراب:
- من اتى؟
- ابي!!
امسك بذراعيها مبعداً اياها عنه ليقابل عيناها:
- ومن اين سيعرف والدك منزلي؟ ابقي هنا .. انا سأفتح
نزل بهدوء على الباب عكس مراقبتها لها من اعلى السلالم، كان قلبها ينبض بسرعة هو معه حق من جانب ولكن.. هل سيأتي والدها؟ لن يفعل او ربما يفعل الان؟
فتح مراد الباب ليظهر علي له متوتراً وهو يقول:
- يا اللهي مراد!! هل انت بخير؟؟ وزوجتك؟
- نحن بخير! ما بك؟
زفر انفاسه بارتياح ثم اردف:
- اتى رجلاً الى الجامعة اليوم! بحث عن ليلى في كل مكان و..
صمت ليرد مراد بنفاذ صبر:
- وماذا؟؟؟
- اخبره احدى الشبان انك صديق ليلى الوحيد!
- انا صديق ليلى؟؟؟ منذ متى؟؟
- لا اعلم! فقط اخبره انك حادثتها كثيراً في الايام الاخيرة
وضع مراد يده على رأسه قائلاً:
- ماذا نفعل اذاً؟ لا جامعة!
لا جامعة؟ هل هذا حل تلك المعضلة الى متى؟ لن تستطيع البقاء تحت جناحيه الى الابد! لا جامعة يعني لا عمل محترم! وماذا ستفعل؟ هل نادلة في احدى المطاعم الشعبية؟ ام راقصة في احدى النوادي الليلية؟ ضحكت على افكارها بسخرية! ليس ابيها! من المستحيل ان يذهب ويقول للناس هربت ابنتي مع شاب وجلبت لي العار انه.. لابد انه هو!!!
صعد مراد الى ليلى الجالسة مكانها عند حافة الدرج من اعلى فقال مبتسماً يحاول تلطيف الاجواء:
- انه صديقي علـ..
- سمعت .. كل شيء!
جلس الى جانبها ناظراً اليها وهي سارحة:
- اذاً؟ من يكون الرجل؟
- ليس ابي فهو لن يذهب الى الجامعة! اظنه ذلك الرجل الذي قام بشرائي!
اغلق مراد قبضته بغضب قائلاً:
- ذلك اللعين!!
قهقهت ساخرة:
- ماذا؟ وكأنني اهمك؟
رفع اصبعه امامه محذراً:
- انتِ زوجتي!!
كان سيذهب ولكنها وقفت بحدة قائلة:
- انا زوجتك؟؟ اذاً اخبر زوجتك لماذا تزوجتها! السبب الحقيقي!
- اخبرك .. يوماً ما!
قهقهت بغضب وهي تمسك بذراعه بقوة:
- ليس يوماً ما فأنا لن ابقى حتى يأتي ذلك اليوم!! ماذا كنت تعني بأننا لن نذهب الى الجامعة؟
نظر الى يدها وزفر انفاسه:
- كلامي واضح .. لا جامعة!
نكزت صدره بغضب صارخة:
- بالنسبة لك!! طفل اباك المدلل!! ان كنت وافقت على زواجي منك يا سيد مراد فهذا لا يعني ابداً .. ابداً!!! انني ذليلة!! بل وافقت لانني ظننتك شخص جيد سأكمل دراستي ولا شأن لك بي لانني وببساطة لا اهتم! وذلك الرجل لن يستطيع فعل شيء لانني متزوجة وهو يريد فتاة عذراء وانا لست كذلك!
فتح عيناه بتفاجىء كبير وكأن تلك السيطرة التي مارسها قبل قليل اختفت ليصرخ:
- ماذا تعنين بأنك لست عذراء؟؟ متى؟ اين؟ مع من؟؟ لماذا لم تخبريني؟؟ كيف تجرأتِ على فعل هذا بي؟؟ وتمارسين علي دور الفتاة البريئة؟ جعلتيني اقع في حبك لاختلافك المزيف هذا!! انتِ مثلهم! لم تختلفي ولا يمكن ان تختلفي .. اللعنة!! تزوجت فتاة لا لا يقال لكِ فتاة بل امرأة!!! اللعنة!!! اشعر انني سأرميكِ من اعلى الان!!!
صمت واضعاً يده على عيناه ووجهه يكاد ينفجر من شدة احمراره لتهمس وعيناها تعانق الارض بخوف:
- انا متزوجة .. هذا ما قصدته
ازاح يده عن عيناه لينظر اليها وقد انفرجت شفتيه بانصدام تام! ما الذي فعله؟!!! مراد الغبي!!!! اكملت ليلى بهمس مرتجف وهي لا تزال تنظر الى الارض ولكن وجنتيها توردتان خجلاً وهي تقول:
- لكن .. انت ما الذي قصدته بانني جعلتك تقع في حبي؟

عاشق من ألماس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن