البارت الثامن وعشرون (الجزء الأول)

40.6K 1.5K 841
                                    

دثرتُ نقودَ عشقي في بنكِ موتي..
فتلهفت النفوسِ للنبشِ في قبري..
لتتأبه تُراب روحي وتصدّ سحجَ اعدائي..
ناجيتُ الأرواح الهائمة التي بجانبي..
وتوسلتها ان تغيثُ خلودَ بقاءِ عمري..
ولكن.. هيهات فيد شقائي إِستتلت اموالي..
لأعود مجددا الى ملاذها العاصي لأمري..
واتوه بين ساحر غربتي وساحر وجداني..

-------------------
تهب الهواجس في نفوس الأقارب لتشعل مخاوف ووساويس على ارواح اطفالهم..
كانت ليان تضع يدها على قلبها.. هناك وجع غريب يداهمها.. احساس الأمومة نحو ابنتها لم يخطأ.. منذ فترة ليست قصيرة وهي تشعر بإنكماش رهيب في صدرها.. تفكيرها القلق على ابنتها لا ينفك ان يتقِ فؤادها..
توترت اوصالها وهي ترقد على الأريكة الطويلة بجوار زوجها الذي يتابع الأخبار بصمت.. لا تعرف اذ كان حقا مُرّكزا بالشاشة الكبيرة التي امامه ام ان تفكيره بعيدا كليا عما تشاهده حدقتيه.. ولم تدري سوى بدموعها التي تنزل دون سبب.. تختنق.. لا تتمكن من الجلوس براحة.. خوفها على ابنتها يتفاقم ويزيد من دموعها واختناقها..

- ادم.. انا قلقة على لين.. منذ بضعة ايام وانا اتصل بها ولا ترد علي.
همست ليان فجأة ببكاء وهي تمسك بيد زوجها ليطالعها ادم بإضطراب.. هو ايضا مثلها يشعر بالخوف على ابنته.. وليس فقط عليها بل ايضا على ريس.. فهما الإثنان لا يجيبان على اي من اتصالاتهم.. فكرّ في البداية انهما مشغولان او خارج البلاد.. ولكن ذلك محال فبالتأكيد كانا سيخبراهم..
لا يعلم ما عليه ان يجيب زوجته.. ولا يعرف كيف كان ابنه جود امامه ليأمره بهدوء:
- جود اذهب الى منزل شقيقتك وتأكد اذ كانت هي وريس بخير.

تمتم جود بموافقته قبل ان ترى قدميه عملها لتسير بخطوات متعجلة نحو سيارته ليُطَمْئِن قلبه هو الأخر على اخته الصغيرة الوحيدة.. وما ان ركن سيارته بجوار منزل ريس ولين تفاجأ بالباب الرئيسي المفتوح قليلا.. فسقط قلبه فزعا مخافة ان يكونا قد هُجِما من قبل مجد وترنيم.. ودون سابق انذار كان يهرول الى جوف المنزل جاليا بحدقتيه القلقة عن اثر لهما.. ولكن.. ها هي الصدمة تشل حواسه.. لؤلؤتيه تجمدت على المنظر الذي تراه.. هناك خطأ ما.. هناك خطأ كبير وفادح.. ريس يشرب الخمر بشراهة في غرفة الصالة.. ريس ابن عمه الرجل المتدين!! الذي كاد ان يقتل اخاه امامه تسري الخمر في دمائه..
لا يعرف ما حدث وكيف حدث وهو يقبل عليه بعنف، رافعا اياه من ياقة قميصه ومتسائلا بشراسة:
- اين لين؟ اين اختي؟

لم يحصل على اي رد منه سوى ابتسامته الساخرة ليقوم بدفعه بيداه بخشونة ويهب راكضا الى غرفتهما، باحثا عن اخته.. وهناك تلبست قدميه وتشابكت بالأرض التي تحتها.. دقات قلبه فاقت سرعتها عنان الجنون وتوقتها الهاب لظةً ادمت لُبّه.. عيناه لم تعد تبصر الا بما هو قبالتها.. صغيرته الوحيدة هامدة بسكون مريب، لا يليق بها ولا يطاق ابدا.. غصلات شعرها منثورة على الوسادة البيضاء بفوضوية وقسم منها يخفي البعض من اطار وجهها الذي أُستتر جماله الفاتن بالكدمات والدماء التي استوطنت اقامته..
تقدم بصعوبة، مبتلعا الغصة الخانقة التي بترت حنجرته بأشواكها الملحة.. ورسى امامها ليتأملها عن وثب فإختلجت الدموع الملسوعة اهداب سودوتيه.. وهتف بحرقة وهو يهزها برفق:
- لين.. اختي.. انهضي.. انا هنا.. ولله لن اسمح لأي من يكون بأذيتك مجددا.. سأخذ روحه من جسده.. ولكن انهضي يا عمر اخاكِ.

اسيرة تحكمه (سيتم تعديل احداثها قريبًا)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن