30 - احدب ، اعور ، اعرج ، اصمعندما وضع كوازيمودو الغجرية في غرفة مخصصة للاجئين ، استيقظت افكارها ، والتفتت نحو محررها ، الذي كان يبعث الذعر في نفسها ، وقالت :( لم انقذتني ) ؟
فالقى نحوها نظرة عميقة الحزن ، ثم ابتعد هاربا ، تاركا اياها في دهشة كبيرة .
وبعد قليل رجع اليها يحمل صرة من الثياب القاها بين قدميها.ثم حمل اليها سلة فوق ذراعه ، وفراشا فوق الذراع الاخرى .
ورفعت الغجرية عينيها نحوه لتشكره ، ولكنها لم تستطع ان تنطق بكلمة واحدة . لقد كان الشيطان المسكين مخيفا حقا فخفضت راسها في قشعريرة ورهبة .
وهنا قال لها :( انني اخيفك ، فانا قبيح جدا ، اليس كذالك ؟ لا تنظري الي ، بل اسمعي : ستبقين هنا في النهار ، اما في الليل ففي وسعك ان تتنزهي عبر الكنيسة كلها . لكن لا تخرجي من الكنيسة ، ليلا او نهارا . فإن فعلت قتلوك ، ومت انا معك . )،
ورفعت راسها لتجيبه ، وهي بالغة التاثر ، ولكنه كان قد اختفى .
وفي المساء سارت الفتاة حول الردهة المرتفعة التي تحيط بالكنيسة ، وشعرت بشيئ من العزاء يتسرب الى نفسها الحزينة .
وفي الصباح التالي ، لاحظت وهي تستيقظ انها قد نامت ، فإدهشتها هذه الظاهرة الغريبة . لقد مر عليها عهد طويل نسيت خلاله النوم .وسمعت صوتا خشنا يقول لها برقة شديدة :( لا تخافي انني صديقك . لقد اتيت لاراك نائمة .. لقد وقفت خلف الجدار ، وفي وسعك ان تفتخي عينيك كما تشائين ) .
وكانت اللهجة التي قيلت بها هذه الكلمات اشد اثارة للشفقة من الكلمات نفسها . وتاثرت الغجرية بهذا الموقف ، فنادته قائلة :( تعال ) ! وظن كوازيمودو المسكين عند حركة شفتيها انها تطرده ، فنهض وانسحب وحيدا يعرج .
وخرجت الفتاة لاحقة به ، وارجعته الى الغرفة . وقطع الصمت الذي مر وهو يقول :( اذن كنت تقولين لي ان ارجع)؟
فهزت راسها وهي تردد :( نعم ) .
ففهم حركة راسها وقال :( ذالك انني ، للاسف ، اصم لا اسمع ) .فصرخت الغجرية تقول بصوت مفعم بالشفقة :( ياللرجل المسكين ) .
فاخذ يبتسم بالم ويقول :( انك تجدين انه لم يكن ينقصني الا هذا ؟ نعم ، انني اصم . هكذا صنعت ... شيئ رهيب ... اما انت فجميلة رائعة ) !
وكان في لهجة المسكين من البؤس العميق ما جعلها غير قادرة على الاجابة .
وتابع يقول :( نعم ، انني اصم ولكنك ستتحدثين الي بالحركات . ان لي سيدا يتحدث معي بهذه الطريقة ) .
واردفت الفتاة تقول وهي تبتسم :( حسن جدا ! لكن اهبرني لم انقذتني ) ؟
ونظر اليها بانتباه شديد وهي تتكلم ، ثم اجابها :( لقد فهمت . تسالينني لم انقذتك .. لقد نسيت قطرة الماء ، والقليل من الشفقة .. هذا هو الدين الذي يجب ان اسده ) .
وكانت تصغي اليه بحنان بالغ . واردف حين لم يعد يخاف من سقوط الدمعة يقول :( اصغي الي .. ان لنا هنا ابراجا عالية جدا ، والرجل الذي يسقط منها سيموت قبل ان يبلغ تراب الارض .. وحين يحلو لك ان اسقط ، فليس لك الا ان تامريني بذالك ) .
ثم اخرج من جيبه صافرة معدنية ، وقال لها :( خذي هذه ، فإن احتجت الي واردت ان اتيك ، انفخي فيها ، فانني اسمع صداها ) .
ووضع الصافرة ارضا ، ثم ابتعد هاربا .
أنت تقرأ
احدب نوتردام ||HUNCHBACK of NOTREDAME
Romanceعادة نحن نترك امر الثقة بالاشخاص الى العينين ماذا يحدث حين تكذب العين وتزيف الحقائق وحين ينجلي ضباب الاوهام ويظهر المخفي هل يحدث ما يخطط له القدر؟ هل سنرفض؟ هل سنقاتل ؟ هل سنستطيع تغييره؟ ل ڤكتور هيغو .