19 - الكاهن هو غير الفيلسوفالواقع ان للكاهن الذي راته الفتيات مطلا على الساحة من على البرج الشمالي ، مثبتا نظره في الغجرية الراقصة هو كلود فروللو نفسه .
ولا اظن اننا نسينا الحجرة الخفية التي كان يحتفظ بها الكاهن لنفسه في هذا البرج ، والتي يطل منها المرء على الجهة الشرقية . كان الكاهن قبل ساعة من كل غروب شمس يصعد سلم البرج ويحبس نفسه في هذه الحجرة الصغيرة ، حيث يقضي فيها احيانا ليالي كاملة طويلة . وفي هذا اليوم ، وبينما كان يضع المفتاح ، الذي يحمله دائما مربوطا الى جانبه ، في قفل بابه ، بلغته صداء دف الراقصة التي كانت اتية من ساحة بارافيس . واسترجع الكاهن مفتاحهثم انطلق سريعا نحو قمة البرج ، ووقف ناظرا الى ساحة بارفيس . لكنه لم يكن ينظر الا الى وجه واحد : وجه الغجرية .كانت نضراته ثابتة ، ينبثق منها لهيب شديد . وكانت تعلو شفتيه ابتسامة متجمدة .
اما الغجرية فكانت ترقص نشيطة ، مرحة ، سعيدة ، غير شاعرة بتلك النظرات المخيفة التي كان يرسلها الكاهن نحوها.
وكان الناس متجمعين حول الغجرية ، وكان رجل ذو رداء واسع ، احمر واصفر ، يقوم بين وقد واخر ليضبط الدائرة المنعقدة حول الراقصة ، ثم يعود فيجلس فوق كرسي على خطوات قليلة من الراقصة ، واضعا راس العنزة فوق ركبتيه .
لقد كان يبدو هذا الرجل رفيقا لها .لكن كلود فروللو كان عاجزا عن تبين قسمات وجه هذا الرجل ، وكان يقول مرتعشا :( من هوة هذا الرجل ؟ لقد كنت اراها دائما وحيدة ) .
وراى الكاهن كوازيمودو ايضا مطلا على الساحة ، غارقا في تامله العميق ، بحيث لم يلحظ مرور ابيه بالتبني . كما كان في عينيه معنى فريد . وتمتم كلود
:( ان هذا شيئ عجيب حقا ! فهل هي الغجرية التي ينظر اليها مثل هذه النظرة ) ؟ونزل الكاهن الى الساحة ، فلم يرى الغجرية ، التي كانت قد اتجهت نحو بيت مقابل لتؤدي بعض رقصاتها بعد ان نودي عليها من شرفته . لم يجد الكاهن غير الرجل ذو الرداء الاحمر والاصفر ، وقد احمر وجهه وبدت اوتار عنقه ، وبين اسنانه كرسي ، ربط اليها قطة اعارته اياها جارة له ، والقطة تموء صارخة مذعورة .
وصرخ الكاهن حين وقع نظره على البهلواني
:( ماذا يفعل المعلم بطرس جرنجوار هنا ) ؟
ونزلت صرخة الكاهن فوق راس البهلواني الذي اضاع توازنه فسقط الكرسي والقطة فوق رؤوس المشاهدين .ونهض جرنجوار ، فاشار اليه الكاهن ان يتبعه .
ولما وصلا الى الكاتدرائية ، نظر اليه الكاهن نظرة رصينة وقال :( انك يا جرنجوار تمارس مهنة جميلة ) !
- :( انني اوافقك ياسيدي على ان الشعر والفلسفة خير من حمل كرسي باسناني ، ولكن ماذا تريدني ان اصنع حتى احصل على طعامي . لقد علمني بعض من اصدقائي الصعاليك بعض الالعاب التي اكسب منها قوت يومي ) .
- :( حسن جدا ، ولكن كيف اصبحت رفيقا لهذه الغجرية الراقصة ) ؟
- :( انها زوجتي ياسيدي ) .
واشتعلت عينا الكاهن ، وامسك بجرنجوار قائلا له
- :( وهل اصبحت ايها البائس بعيدا عن الله حيث تضع يدك على هذه الفتاة ) ؟
- :( اقسم ياسيدي انني لم المسها ابدا ) .
- :( اذن كيف تقول انها زوجتك ) ؟
أنت تقرأ
احدب نوتردام ||HUNCHBACK of NOTREDAME
Romanceعادة نحن نترك امر الثقة بالاشخاص الى العينين ماذا يحدث حين تكذب العين وتزيف الحقائق وحين ينجلي ضباب الاوهام ويظهر المخفي هل يحدث ما يخطط له القدر؟ هل سنرفض؟ هل سنقاتل ؟ هل سنستطيع تغييره؟ ل ڤكتور هيغو .