5 - كوازيمودو : الاحدب .اعد كل شيئ بسرعة لتنفيد الفكرة التي طرحها كوبانول . واختيرت الكنيسة الصغيرة القائمة تجاه منضدة الرخام مسرحا للتكشيرات ثم كسر لوح زجاجي فوق الباب ، ليتيح مجالا لدائرة من الحجر يمد المتنافسون رؤوسهم منها ، بعد ان يتسلقوا برميلين وضعا لهذه الغاية . وتم الاتفاق على ان يغطي كل مترشح وجهه ، ويبقى مختبئاً في الكنيسة حتى ساعة ظهوره ، حتى تعطى التكشيرة صفة الجدة والفعالية .
وامتلات الكنيسة الصغيرة بالمتنافسين ، تم اغلق عليهم الباب. وكان كوبانول يصدر الاوامر كلها من مكانه ، وينظم كل شيئ . اما الكاردينال فكان قد انسحب مع حاشيته كلها خلال الفوضى الصاخبة ، بحجة الاعمال واداء صلوات العصر ، دون ان يحدث انسحابه ايما اثر في الجمهور .
وبدأت التكشيرات . فواحد باجفان منقلبة ، واخر بجبهة مجعدة وشدق فاغر ، وهكذا . وعلت القهقهات بتتابع التكشيرات . لقد كانت هذه التكشيرات تحمل كل الاشكال الهندسية ابتداء من المثلت حتة المربع المنحرف ، ومن المخروط حتى المكعب ، فكانت تمثل كل التعابير البشرية من كل الاعمال .
لقد كان هذا الاحتفال يتحول بصورة متزايدة الى احتفال فلامندي ، لم يعد البهو الكبير الا اتونا من السفاهة والمرح والصراخ :
- ( انظر الى هذا الوجه ) !
- ( انه لا يساوي شيئا ) .
- ( لننظر الى وجه اخر ) !
- ( انظر الى هذا الشدق ، كانه شدق ثور ، انه لا ينقصه الا القرون ) .اما فيما يتعلق بجرنجوار ، فقد استعاد هدوء اعصابه ، وامر ممثليه بمتابعة المسرحية ، وبالمقاومة حتى النهاية . لقد احس برغبة اكيدة في الظهور امام كوة الكنيسة ليكشر امام هذا الشعب العاق ، غير انه عدل عن هذه الفكرة التي رأى انها لا تليق به .
ولاحظ جرنجوار انه ليسَ الوحيد الذي يتابع المسرحية ، فقد كان ذاك الرجل الضخم الذي كان قد استشاره جرنجوار في موقف حرج سابق ، منتبها ، متوجها نحو المسرح . وتأثر جرنجوار باخلاص شاهده الوحيد ، فأقترب منه ، ووجه كلامه اليه ، وهو يهز ذراعه ، لان الرجل الضخم كان قد اتكأ على الحاجز واستسلم للنوم .
قال جرنجوار :( سيدي ، اني شاكر لك ) .
فأجاب الرجل الضخم متثائبا :( علام ) ؟
فقال جرنجوار :( انك الانسان الوحيد الذي تفضل الاستماع الى المسرحية . ان اسمك سينتقل الى الاحفاد . كيف تجد المسرحية ) !
فأجاب الرجل :( لا بأس بها ) .
وكان على جرنجوار ان يكتفي بهذا المديح ، لان عاصفة من التصفيق ، ممتزجة بالهتافات ، قطعت حديثهما . لقد انتخب بابا للمجانين .فبعد ان تتابعت الوجوه دات الزوايا المخمسة ، والمسدسة ، وغيرها ، لم يبق للفوز في الاستفتاء الا تلك التكشيرة الفائقة السمو ، التي ابهرت المجتمعين منذ قليل ، لقد صفق المعلم كوبانول نفسه ، وكلوبان الذي اشترك في المباراة ، اعترف بالهزيمة رغم قبح وجهه .
لقد كان صاحب التكشيرة ذا وجه صلب ذي وجوه اربعة ، وفم كأنه حدوة حصان ، وعين واحدة يسدها حاجب اشعث ، بينما كانت العين اليمنى مختفية وراء ورم شديد الضخامة ، اما اسنانه فكانت منخورة ومتكسرة ومفلولة ، تنتشر هنا وهناك في فوضى ظاهرة ، وقد برزت الانياب الى الخارج كانها انياب فيل ، فوق ذقن متشعبة .
كان التأييد الهاتف تاييدا اجماعيا ، فانطلق الناس نحو الكنيسة الصغيرة ، واخرجو منها الرجل السعيد : بابا المجانين ، وهنا كانت المفاجئة والاعجاب : لقد كانت ( التكشيرة ) هي وجهه .
وبتعبير اخر ، كان شخصة كله مجموعة من التكشيرات : راس كبير تكاثف فيه شعر اصهب ، وحدبة بين الكتفين برز جانبها الاخر من الامام ، واقدام عريضة ، ويدان بشعتان مخيفتان .
وكان مع هذا التشويه كله يمتلك الحيوية المرعبة والخفة والشجاعة الشيئ الكثير .
أنت تقرأ
احدب نوتردام ||HUNCHBACK of NOTREDAME
Romanceعادة نحن نترك امر الثقة بالاشخاص الى العينين ماذا يحدث حين تكذب العين وتزيف الحقائق وحين ينجلي ضباب الاوهام ويظهر المخفي هل يحدث ما يخطط له القدر؟ هل سنرفض؟ هل سنقاتل ؟ هل سنستطيع تغييره؟ ل ڤكتور هيغو .