8 - الشاعر المرتبك .
كان جرنجوار يرتعد من البرد حين بلغ ميدان جريف ، ولذلك سر كثيرا حين لمح حشدا كبيرا من المشاهدين متحلقين حول النار يتدفأون ، وينظرون الى فتاة ترقص وسطهم .
لم يستطع جرنجوار ان يحكم ، بادئ ذي بدء ، ان كانت هذه الفتاة كائنا بشريا او شيطان من الجن ، او ملاكا .
لم تكن الفتاة طويلة ، لكن قوامها الدقيق كان ينطلق جريئا ،
كانه سهم رائش . لقد كانت سمراء ذات وجه مشع . وكانت ترقص وتدور ، وتثير من حولها اعصارا عاصفا فوق بساط فارسي عتيق القي تحت قدميها .كانت الانظار كلها موجهة اليها . لقد كانت تبدو مخلوقة مما وراء الطبيعة حين ترفع دفها راقصة على دقاته ، وحين كانت تنكشف في كتفيها العاريتين ، وساقيها الممشوقتين ، وعينيها اللاهبتين ، روعة الحياة وتفجرها .
قال جرنجوار في نفسه :( انها حورية من الالهة ، بل انها الهة بعينها ) !
لكنه ما لبث ان عرف انها غجرية ، لقد كان هذا واضحا من طريقة رقصها ، ودورانها ، ومن السيفين اللذين كانت تستعملهما في اداء رقصتها .وبين الاف الوجوه التي كانت متجهة نحو الغجرية ، كان اكثر وجه استغراقا في تامل الراقصة وجه رجل صارم ، هادئ ، وقاتم ، لم يتجاوز الخامسة والثلاثين من عمره كما يظهر .
لقد كان اصلع لم يبق على راسه سوى خصلات شعر قليلة ، كما ابتدات التجعيدات تنحفر على جبهته العالية العريضة .
اما عيناه الغائرتان فكانتا تحتفظان بحياة لاهبة وشباب متفجر.
وقد ابقى عينيه موصولتين بالغجرية التي لم تكن تتجاوز السادسة عشرة من العمر .وتوقفت الفتاة عن الرقص بعد ان اخذ منها التعب مااخذه ، فصفق لها الجمهور في حب خالص .
وقالت الغجرية :( دجالي ! دجالي ) ! فأقتربت منها عنزة صغيرة ، بيضاء ، جميلة ، يزينها قرنان ذهبيان ، واظلاف ذهبية ، وعقد ذهبي ايضا . قالت لها الغجرية :( دجالي ، لقد جاء دورك ) .
وقدمت الغجرية الدف الذي كانت تحمله ، الى عنزتها ، وسالتها :( دجالي ، في اي يوم من الشهر نحن ) . فرفعت العنزة ظلفها الذهبي الصغير ، ونقرت على الدف ست نقرات متتابعة ترمز الى اليوم السادس من الشهر . ثم سالتها عن الساعة ، فنقرت سبع نقرات على الدف ، ترمز الى الساعة السابعة .لقد كان الشعب في دهشة غامرة .
وانطلق صوت الرجل الاصلع :( ان وراء هذا كله لسحرا ) .
غير ان تصفيق الجمهور اغرق هذه الملاحظة في غمرته ، وتابعت الغجرية اسئلتها للعنزة ، فكانت العنزة تقلد مشية فلان ، او صنيع اخر .هذا والجمهور يصفق بحماسة بالغة . وارتفع صوت الرجل الاصلع ثانية يقول :( هذا تدنيس لحرمة المقدسات ، وانتهاك لها ) .
فالتفتت الغجرية مرة اخرى وقالت :( اه ، انه هذا الانسان الكريه نفسه ) ! وكشرت له ، وانطلقت تجمع عطيات الناس في دفها .
أنت تقرأ
احدب نوتردام ||HUNCHBACK of NOTREDAME
Romansaعادة نحن نترك امر الثقة بالاشخاص الى العينين ماذا يحدث حين تكذب العين وتزيف الحقائق وحين ينجلي ضباب الاوهام ويظهر المخفي هل يحدث ما يخطط له القدر؟ هل سنرفض؟ هل سنقاتل ؟ هل سنستطيع تغييره؟ ل ڤكتور هيغو .