ضاحية ديلوود.
1:56 PM..
-"ماذا ؟"
الأمر حدث له كصدمة كهربائية داخل أعماقه، منتعشًا بقوة عن ذكريات رؤيته لكريستا بينما يعجز عقله عن استيعاب المفاجأة.
"كريستا والتر توفيت منذ عامين، ما دخلها بما حدث الآن ؟" قالت والدة بيلي وطوت يديها في إنتظار تفسيره.
"هذا تقنيًا مستحيل، لقد كنت معها بالأمس" برر بنبرة هلعة وهو يرفع هاتفه بين أصابعه بتهور وارتباك.
"ما تقوله أنت هو المستحيل، كريستا كانت صديقة بيلي منذ الروضة وقد.." كادت أن تشرح له لكنه قاطعها:
"أجل، لقد أخبرتني بذلك !"انقضت يد السيدة إيفانز متمسكة في قميص ماثيو بغضب وضعف شعر به عن طريق رعشة يدها.
"لقد توفيت في حادث سيارة بالسابع من أيلول منذ عامين، باعت عائلتها المنزل منذ ذلك الوقت وانتقلوا إلى أستراليا، ومازلت أتذكر وجهها داخل صندوق الموت إلى الآن" أكملت السيدة إيفانز بإصرار قائلة بأن ما يقوله ليام هو محض خيال، لكن عقله لا يتقبل الأمر، هو متأكد أنها كانت مع أصدقائها ذلك اليوم، ومتأكد أيضًا أنها شاركته الغداء بالأمس.
اندفع ماثيو خارج منزل بيلي دون كلمة أخرى، الشئ الأول الذي فعله هو رفع الهاتف على أذنه بعد طلبه رقم سارة.
-"مرحبًا"
"سارة، هل يمكنكِ مقابلتي الآن ؟"
إنه على وشك الشعور بالجنون، فلا يجد أثر لرقم كريستا التي أتصلت منه بالأمس، ويُعيد التقليب في دفتره ليتأكد من أنه كتب كل كلمة أخبرته بها، والتفسير الوحيد الذي يملكه هو أن هناك من ينتحل شخصيتها.
ربما هذا هو القاتل !
"هل هناك شئ ؟ لقد بدوت متوترًا عبر الهاتف ؟" قالت سارة وهي تأخذ مكانها فوق مقعد الحديقة بجانب جسد ماثيو، غروب الشمس بوسط الأشجار ترك خطًا أصفر مندمج باللون البرتقالي وسط سماء زرقاء محدثًا جلبة مشاعر لهذا الشكل المقدس.
"أسف لإحضارك بهذا الشكل" أعتذر بتعابير مرهقة تأملتها سارة جيدًا قبل أن تعطيه إشارة بأن الأمر على مايرام.
"ماذا هناك ؟"
"أنتِ صديقة كريستا والتر، صحيح ؟" سألها بهدوء، يحتاج لكل خلية تركيز داخل عقله لمتابعة وتحليل تحركاتها الآن.
"أجل" قالت بتعجب.
"هل لديكِ صورة لكما ؟ أريد رؤيتها" قال بإبتسامة بسيطة، ورغم أن سارة لم تشعر بالراحة إلا أنها لم ترفض ورفعت الهاتف بحثًا عما طلبه، لحظات وكانت الشاشة أمام أعين ماثيو ليرى هيئة سارة وبجانبها فتاة بخصلات بُنية مع عينان باللون الأزرق، بذات الجمال الذي رآهُ بالأمس..
"هل أنتِ متاكدة من أن هذة هي كريستا ؟"
"أجل، ما الذي يحدث هنا ؟" سألته سارة بريبة، تنهد ماثيو قبل أن يتحدث بصراحة:
"لقد قابلتُها بالأمس"نظرة سارة المحايدة لم تُعطيه الإجابة التي أرادها، ولم يستشعر بطعم النصر كعادته.
لكنه بوقت لاحق في مكان قريب من الحديقة التي كان يجلس بها، توقفت قدميه على العشب الأخضر الطري، يقف وحيدًا ويديه تحركت خلال خصلات شعره بعفوية، نظره ينخفض ببطئ، عيناه مثبتة على اللوح الصخري المنقوش فوقه تاريخان قديمان فوقهما يقع إسم "كريستا والتر".
"كيف يمكن لهذا أن يحدث ؟" همس لذاته وللحظة شعر بضعف في قدميه اللتان لم تصبح قادرة على حمله.
رأسه يُعيد كلمات سارة مرارًا وتكرارًا."توفيت كريستا بحادث عندما كانت بصحبة أوين، لقد صدمها أحد الرجال المخمورين وفر هاربًا، عندما وصلت إلى المشفى كان الأوان قد فات بسبب نزيفها المطول" تحدثت بنبرة يتخللها الحزن لفقدان أكثر من صديق حتى الآن دون لحظة توديعهم.
"كيف هذا ؟ أنا لا أفهم" قال بارتباك وهو يُبدل الصفحات في دفتره الصغير حتى وصل لمقابلته التي أصبحت -وهمية- مع كريستا، ليصيح:
"انظري ! لقد.. لقد أخبرتني بكل هذا""أنا لا أعتقد أن ما أخبرك بكل هذا كان كريستا الحقيقية" همست بشفقة واضحة في عيناها لحالة الهلع التي وصل إليها ذلك الصحفي من خلال بضعة أيام قضاها في التحقيق بالمقطع المصور -الملعون- كما أطلقوا عليه.
"ماذا تقصدين ؟ لقد رأيتها بصحبتكم ذلك اليوم في المدرسة" احتج بنظرات غير مصدقة لما تقوله.
"ذلك اليوم كنت أنا وملايا وكايل فقط" أوضحت، حتى هي انتابها الرعب للحظات عند تخيل أن مايقوله صحيح.
"لا أحد يصدق ما أقوله، أنا متاكد مما رأيته" همس ماثيو وهو يضع رأسه بين كفيه التي انتابها الصداع القوي.
"لقد أخبرني بيلي قبل الحادث أنه تحدث مع ملايا بشئ لن يصدقه أحدٍ أبدًا" كلمات سارة انتشلته لينظر إليها بتعجب.
"لماذا لم يخبرك ؟" سألها بإهتمام، ورأي في عيناها مجددًا نظرة الندم التي شاهدها مسبقًا.
"لأن ملايا صدقته"
#يُتبع..