3-الزواج

5.1K 106 2
                                    

قالت ليزا مشدوهة:
{ أهي طريقتك في المزاح؟}
{ الرجال الذين يعرضون الزواج مازحين غالبا ما يكتشفون أن الدعابةانقلبت عليهم وليست هذه بالتأكيد عادتي. }
وأحست بأنها مضعضعة وهمست:
{ لكنلا يمكن أن تقصد ذلك. أننت لم نلتق إلا منذ أكثر من أربع وعشرين ساعة بقليل.}
{ لا أهمية للفترة الزمنية ولا يمكن أن أكون أول رجل اكتشف مدى جاذبيتك.}
{ربما لالكنهم لميعتبروا طلب الزواج مقدمة ضرورية لاقامة علاقة.}
{ هذا تعليق لاذعالسخرية. ربما يكون من الضروري أن أعيد صياغة طلب.}
وكانت ليزا عاجزة عن تصديق . فسألته:
{هل تحاول أن تقول أنك متيم في حبي؟}
ولمع بريق في العينينالرماديتين وقال:
{هل يمكنك اقتراح سبب آخر لرغبتي في الزواج منك؟}
{قد تكونمدفوعا بالشفقة علي.}
وعادت الابتسامة إلى شفتيه وقال:
{الشفقة قلما تكوندافعا للزواج وفي أي حال فلست ذلك الرجل المحسن}
ووقف متكئا على سور الجسر ونظرتاليه ليزا ذاهلة ثم قالت:
{لا أدري تماما ماذا أقول.}
{حاولي أن تقولي نعمأنها أسهل من لا والطف كثييرا}
وامسك بيدها فجأة وجذبها نحوه قائلا:
{الأفعالأحيانا يمكن أن تقول للمرأة ماتعجز عنه الكلمات.}
{إذا قلت لا هل ستقرضنيالنقود؟}
ومرت لحظة صمت خاطفة قبل أن يهز رأسه قائلا:
{كلا.. لن أفعل. أننيأريدك يا ليزا وأود الحصول عليك. واذا كانت مساعدة أخيك على الخروج من ورطته تخدمهدفي فسأستغل ذلك وأكون سعيدا.}
منتديات ليلاس
وحدقت فيه يائسة وقالت:
{هل أنت متحجر القلبعلى ذلك النحو عندما تكون راغبا في شيء؟}
{نعم حينما أكون شديد الرغبةفيه.}
{ولا فارق في الأمر اذا لم أكن أبادلك الحب؟}
{لا فارق في الأمر اذا لمتكوني تبادلينني الحب الآن. لكن الحب ينمو يا ليزا. إن بيننا قدرا مشتركا وقدأخبرتني أنك لست نافرة مني كرجل. هل هناك دليل أفضل من ذلك؟}
وشردت بأفكارها: خلال الأعوام الاخيرة كانت محرومة من الحب والأمان وكانت في حاجة ماسة اليهما ويبدوان براد على استعداد لأن يمنحها اياهما الن تكون مجنونة اذا رفضت كل ماعرض عليهالمجرد أنه من الأفضل أن تحب الرجل قبل ان تتزوجه؟ ثم هناك ريك هل تستطيع أن تحرمهفرصة التخلص من ازمته؟ هل تستطيع أن تقف مكتوفة وهي تراه في الطريق الى السجن فيحين انها تملك مفتاح الحل؟ لكن الشكوك ساورتها. ما الذي تعرفه عن الرجل الذي كانيقف صامتا في انتظار جوابها؟ ما الذي تعرفه عن الماضي عن ظروفه وحتى عن شخصيتهباستثناء ما لمسته من تحجر قلبه الأمر الذي أثار مخاوفها بعض الشيء؟ وسألت:
{هلأطمع في مهلة قصيرة؟}
{مهلة لماذا لو كان في نيتك أن تقولي لا قوليهاالآن}
وتساءلت ليزا هل تستطيع حقا الرفض؟ وشعرت بدوار : كيف يتصرف الانسان فيمثل هذا الموقف ؟ وقطع براد الصمت قائلا:
{فكري بالأمر وأنت نائمة تعالي سأوصلكالى البيت}
ولفهما الصمت أثناء عودتهما الى لامبيث. وتنفست ليزا الصعداء عندمارفض دعوتها الى تناول القهوة وقال:
{سأمر عليك غدا في الموعد نفسه لأعرف الجواب. أليس كذلك يا ليزا؟} 
كانت الشقة تسبح في الظلام وأضاءت ليزا النور ورأت ظرفاأبيض مسندا على الساعة. واتجهت ناحية المدفأة وأخذته وأخرجت منه الورقة المفردةوشحب وجهها وهي تقرأ: ليزا قدم مراقبوا الحسابات موعد حضورهم الى اليوم الجمعة لاتسهري في انتظار عودتي.
ولم تكن ليزا تستطيع أن تحدد كم من الوقت وقفت تحملق فيالورقة. كانت الأفكار تتصارع في رأسها . أفكار يائسة مشوشة لم تلبث واحدة منهاانبزغت بوضوح: الآن لم يعد أمامها خيار. واتجهت نحو الهاتف وبحثت في الدليل عن رقمفندق براد وطلبته قبل أن تتنبه الى أنه ربما لا يكون قد وصل بعد لكن عاملةالاستقبال أوصلتها بغرفته على الفور:
{مرحبا ليزا ماذا حدث؟}
قالت وقدأسعفتها إرادتها بالسيطرة التي كانت تحتاج اليها:
{فكرت يا برادسأتزوجك}
{هناك أمور لابد من مناقشتها سأتي اليك حالا}
{الآن ؟ لكن الليل علىوشك أن ينتصف}
لم يسمع اعتراضها اذ كان قد وضع السماعة. ووصل بعد عشر دقائق .أغلقت الباب واستدارت لتواجهه وقد تحفزت للدفاع عن نفسها أما هو فقال دونمقدمات:
{لابد أن شيئا ما أرغمك على اتخاذ القرار المفاجئ الذي كنت تتهربينمنه}
ونظر اليها في امعان واستطرد متسائلا:
{أين ريك؟}
{فيالخارج}
ناولته الرسالة مستطردة وقد بدا عليها الأرهاق:
{هذا سيشرح لكالأمر}
وقرأ بسرعة وعندما نظر اليها ثانية كان وجهه خاليا من التعبيروقال:
{كان رد فعلك الفوري هو الاتصال بي والموافقة على عرضي؟}
وكان صوته شيءما لم تستطع أن تفهمه ووجدت نفسها تسأل بصوت مرتجف:
{ألم يكن ذلك ماأردت؟ أنتجعلت الزواج شرطا لاعطائي المال}
وتفحص وجهها ولاحظ شحوبها وقال:
{هذامافعلته كانت مغامرة من جانبي لكنني محتاج اليك الى أقصى حد ياليزا}
ومد اليهايديه قائلا: {تعالي}
وذهبت اليه مسلوبة الارادة ووضعت يديها في يديه بحثا عنالطمأنينة التي كانت في أشد الحاجة اليها وأحست وهي بين ذراعيه أنه من العسير عليهاأن تركز في غير هذه اللحظة وقالت وهي تبتع عنه :
{سأعدالقهوة}
{سأساعدك}
ولم تتكلم لأنها لم تكن تعرف ماذا تقول. كانت لاتزال تحسبأن وجوده مفروض عليها. كان فيه تصرفاته من الررقة مثلما كان فيها من العنف وأدركتأن مثل هذا الرجل لم يكون من العسير الوقوع في حبه. وحمل عنها الصينية واتجه بهاالى غرفة الجلوس ووضعها ثم نظر اليها بابتسامة لم تستطع أن تقاومها وقال:
{أننيمؤهل للحياة العائلية كم اترين}
وابتسمت بدورها واستطرد قائلا:
{هذا أفضل لننلبث أن نتبادل الدعايات. الأمر لن يكون بالصعوبة كما كان في البداية}
وفكرت هيذلك.كلا , لن يكون الأمر صعبا لقد بدأ جمودها يذوب بفعل الدفء في عبنبه وفي صوتهوقالت:
{حدث كل شيء بسرعة مازلت لا أستطيع التأقلم مع الأمر كما ينبغي}
{إذنلا تحاولي. إهدئي فقط واستعدي للآتي}
وسكت لحظة ثم استطرد قائلا:
{ليس هناكشيء يا ليزا يحول دون زواجنا فورا. أستطيع إنهاء كل الترتيبات في الصباح ويمكنناالزواج يوم السبت والذهاب رأسا الى فارلي عقب إنتهاء المراسم}
{بهذه السرعة ولكنماذا عن ريك؟}
{ماذا عن ريك؟ إنه في الحادية والعشرين وهذا يؤهله تماما للعنايةبنفسه. وربما حعله ذلك يكتسب الشعور بتحمل المسؤلية وفي أي حال فلا أعتقد أن ريكيمكن أن يستقر في ايردال.. إنه حتما سيشعر بالملل قبل مضي أسبوع}
كانت تعرف أنهعلى حق فحتى لو دعا ريك وهو ما كانت تشك فيه فانه لن يوافق أبدا على الذهاب معهاالى يوركشاير انه يحب لندن يحب صخب المدينة الكبيرة. أما بالنسبة للميسر فربماعلمته هذه الأزمة درسا على الأقل لن يخاطر ثانية بالأستدانه من أصحاب العمل. وسألتفجأة:
{ماذا ستقول والدتك في هذا الزواج السريع؟ }
{سيكون أسعد يوم في حياتهاعندما أصطحبك معي الى البيت لقد تمنت دائما أن تكون لها ابنة}
{كيف تبدو ! هلتشبهها؟}
{كلا لا أشبهها على الأطلاق أنها ضئيلة وشقراء ولطيفةللغاية.}
وتغير تعبيره بعض الشيء وأستأنف قائلا:
{أنها أيضا تعاني من مرض فيالقلب يمكن أن يقضي عليها في أي وقت وهذا هو أحد أسباب رغبتي في الزواجبسرعة.}
{إنني آسفة يا براد. هل هل تعرف بأنها مريضة؟}
{ نعم أنها تعرف أنهامريضة منذ سنوات وكان علينا دائما أن نكون شديدي الحرص ختى نجنبها الصدمات والأحزانأيا كان نوعها}
وسكت ثم أضاف:
{ربما كان علي أن أخبرك بكل ذلك قبل أن أطلبالزواج منك. ربما شعرت أنني أطالبك بالكثير.}
{أنا لا أظن ذلك بالطبع ويسعدني أنذكرياتي من أمي قليلة للغاية}
وكانت تهم بصب القهوة عندما تناهى اليهما صوتمفتاح يدور في القفل وبعد لحظة دخل ريك ووقف عندما رأى براد وقال:
{إذن فتلكسيارتك في الخارج؟}
ونظر في اتجاه أخته وسأل:
{هل بقى شيء منالقهوة؟}
ونهضت في حين انطلق براد بشاشة:
{أنني متأكدة من أن ريك لن يتعب انهو أحضر فنجانه بنفسه}
واحتقن وجه ريك وعبس ليخفي الحقيقة وسأل متهكما:
{ألاترى إنك تتدخل...أكثر من اللازم؟}
تحركت لزا في اتجاهه قائلة:
{ريك إنكلاتفهم... أقصد أنا وبراد...}
وتحشرج صوتها كيف يمكن ان تطلعه على هذهالمفاجأة؟
وتدخل براد قائلا بهدوء:
{سأتولى الأمر ،إن ما تحاول ليزا أن تقولههو أننا سنتزوج ألا توافقني أذن على أن ذلك يعطيني بعض الحق في هذا البيت؟}
{تتزوجان ؟ هل أنت مجنونة يا ليزا أم أنه هو المجنون؟}
{هذه هي الحقيقة ياريك.}
وظل لحظات يحملق في أخته ذاهلا ثم بدأت تعابيره تتغير تدريجيا وعاد يكررتتزوجان بلهجة مختلفة هذه المرة واستطرد يقول:
{حسنا أذن أعتقد بأن التهنئةواجبة. متى سيكون اليوم السعيد؟}
{قريبا بما فيه الكفاية لا نقاذك وتستطيع أنتكف عن قلقك من أن تفضحك تصرفاتك فسيكون أول شيء أفعله في الصباح هو أعطاؤالخمسمائة جنية.}
{شكرا. ستسرد المبلغ بالطبع.}
{اعتبره هدية أنني لا أعرفسبب حاجتك اليه ولا أريد أن أعرف ولكن تأكد من أن ما حدث لن يحدث ثانية فلست أنويأنفاق ماتبقى من حياتي في تمويل طموحك الى الحياة المرفهة}
{شكرا مرة أخرى أيهاالأخ الكبير}
وكانت لهجة ريك مزيجا من الامتعاض والعرفان ورمق أخته بنظرة شفقةوقال:
{أتمنى أن تكونا سعيدين}
ونهض براد واقفا وهو يقول:
{ينكون سعيدين. والآن ياليزا من الأفضل أن أنصرف.}
وأمسك بذراعها عندما وصلا الى الباب ودفعهاخارجه وسحبه خلفهما.
وسأل:
{هل أنت غاضبة مني ؟}
{كيف يمكن أن أغضب بعدمافعلته ؟ لم تكن مضطرا أن تعطي ريك المبلغ هدية كان يجب أن يرده.}
{غالبا كانما يدفعه ذلك الى المزيد من التورط. كلا أفضل هذه الطريقة . سأراك مساء الغد سيكونيوما مشحونا.}
واتسعت عيناها وهي تقول:
{براد لا أستطيع أن أتزوجك يوم السبتعلى الأقل لا أستطيع أن أذهب معك الى يوركشاير لآنني مضطرة الى ابلاغ المؤسسة التيأعمل فيها برغبتي في ترك العمل قبل ذلك بشهر } 
{سأحضر عصر الغد الى المكتبوأرتب لك الآمر بحيث تتركين العمل مساء وحينئذنستطيع أن نقضي اليومين التاليين معا , مارأيك؟}
ولم تشك لحظة في أنه يستطيع ترتيب الأمور على النحو الذى ذكر. لأن لاشيء مستحيل بالنسبة لرجل مثل برادلي نورتون. وأحست لذلك بالاضطراب الشدشد ولمح هومخاوفها فلانت نظراته وقال:
{أنت متعبة ستبدو الأشياء مختلفة في الصباح}
وهمسقبل أن يتصرف:
{ثقي بي يا ليزا.}
كان ريك واقفا قرب المدفأة عندما عادت الىالغرفة. كانت في عينيه نظرة اعجاب وهو يراقبها وقال بلطف:
{إن سمكة رابحة تلكالتي اصطدتها وأحضرتها الى هنا. أن الشخص القادر على منحك خمسمائة جنية لابد وانيكون ثريا}
{كف عن هذا الكلام. أنني لن أتزوج براد بسبب رصيده فيالبنك.}
{وهو بالتأكيد لن يتزوج للسبب نفسه. هل المفروض أن أصدق أنه كان حبا منالنظرة الاولى؟}
{هذا يحدث}
{بالنسبة اليك نعم. لككن برادلي نوعه مختلف. أنهواحد من الذين يحسبون لكل خطوة حسابها قبل اتخاذ أي قرار ولا يمكن أن يكون قد عرفعنك الكثير خلال هذه المدة القصيرة . وسكت برهة ثم قال:
{ماذا تعرفينعنه؟}
ولم يدهشها أنه لم يدرك الحقيقة الكامنه وراء زواجها الوشيك فقالت فيانفعال:
{ما فيه الكفاية لأن أدرك أنه كان يعني ما قاله من أنه لن يقرضنيالخمسمائة جنيه أذا لم أوافق على الزواج منه.}
وارتفع حاجبا ريك وتفحصها؟ لا بد كما لو لم يكن يعرفها من قبل وقال:
{هل قصد ذلك بالفعل؟ لابد أنك تخفين في أعماقك ما فجر مثل هذه العاطفة في أعماق رجل.}
وحملق فيه مشمئزة وقالت:
{إلا يضايقك أنني وعدت رجلا لا أحبه بالزواج؟}

من اجل حفنة جنيهات - كاي ثورب - عبير القديمة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن