تجاهلت السؤال ونظرت إلى كتيب صغير جلبه معه فسألته محاولاً تغيير الموضوع "ما هذا الكتيب الذي في حوزتك؟" فنظر إلى الكتيب وقال "إنها رواية اشتريتها البارحة ولم أستطع إكمالها، فجلبتها معي لأكمل قراءتها أثناء وقت الاستراحة".
أنا: "قمت بشراءها؟! ظننت أنك استعرتها من مكتبة الجامعة كما يفعل بعض الطلبة ... إنتظر لحظة (وأنا أمعن النظر في عنوان الرواية) ... الخيميائي!! أليست هذه الرواية مرفوعة أصلا على شبكة الإنترنت؟!".
صديقي: "صحيح، ولكنني معتاد أن أضيف الملاحظات على ما أقرأ، وأفضل دائمًا أن تكون النسخ التي أضيف عليها ملاحظاتي نسخًا ورقية ليسهل علي الاحتفاض بها والرجوع إليها وقت الحاجة".
قال ذلك ثم أشار إلي برأسه أن البروفيسور قد وصل فأنهينا حديثنا واعتدلنا في جلستنا وانتبهنا إلى المحاضرة.
خرجنا بعد انتهاء المحاضرة من الفصل فوجدنا السماء مكتظة بالسحب القاتمة وكأنها تنذرنا بأنها على وشك أن تمطر، وكانت شمس المغيب قد مزجت في سواد تلك السماء بعضًا من حمرتها ... فصنعت مشهدًا خلابًا تعجز أن تصوره لوحات أعظم الفنانين ... لحظات قليلة بدأت بعدها قطرات المطر تتساقط.
المطر؟! سحقًا!
ركضت مسرعًا إلى مواقف السيارات فكان ظني في محله، لقد تركت لي تلك الفتاة رسالة أخرى، التقطت الرسالة بسرعة وجلست فورًا في السيارة، كان الظرف مبتلاً قليلاً بماء المطر، فجففته بمعطفي ثم أخرجت الرسالة منه ونظرت فيها وبدأت في قرائتها:
"مرة أخرى أريد أن أكرر اعتذاري وأسفي على هروبي من لقائك بالأمس ... لن أسامح نفسي أبدًا على وقاحة تصرفي بهذا الشكل ... بعد الذي فعلته لست واثقة أنك ستوافق على منحي فرصة أخرى ... ولكنني قررت أن أفصح لك في كل الأحوال عن بعض أسباب إعجابي ... فهذا أقل شيء أستطيع أن أعبر به عن صدق أسفي.
منذ أن كنا في العام التمهيدي، وإلى أن بدأت دراستنا للتخصص في الكلية وأنت تتحاشى عمدًا الاختلاط بالمجموعات الكبيرة من الطلبة، حتى بعد التحاقك بفريق كرة القدم، ورغم شعبيتك الكبيرة في الفريق، ظللت تفضل مصاحبة نفس الصديق، أشعرني هذا التصرف بأنني قد عثرت على شخص يشبهني.
ظللت منذ شهور في كل محاضرة تجمعنا أراقبك في صمت، أصغي لحديثك حين تتحدث، وأشاهدك حين تجلس في الممرات أحيانًا للمذاكرة للاختبارات أو الامتحانات، وأنظر إلى أسلوبك في معاملة الآخرين حين يتم تكليفنا بمشاريع جماعية، ومؤخرًا بدأت أحب كرة القدم بعد رؤيتي لك وأنت تلعب.
باختصار أحسست أنني أحببت كل شيء فيك، أردت مرات عدة أن أستوقفك لأعترف لك بإعجابي ... لكنني لا أمتلك جرأة كهذه ... حتى بعد أن سمحت لي أنت بذلك ومنحتني الفرصة جبُنت وهربت.
غدًا سأنتظرك أنا بعد المحاضرة الأخيرة في نفس المكان، سأظل منتظرة حتى لو انتظرت ساعة كاملة، حتى لو قررت عدم المجيء سأظل أنتظر، سيكون ذلك عقابًا لي على الفرصة التي ضيعتها".
أنت تقرأ
الشظية الضائعة من قلبي
Romanceلا تستغرق كثيرًا في الأحلام .. عش الواقع بحلوه ومره .. اصنع من حاضرك مستقبلاً مشرقًا .. دروب كثيرة في الحياة نسير فيها على مضض .. نفعل ذلك باختيارنا .. لأنها الوحيدة التي ستوصلنا إلى مبتغانا .. هدف مستعدون أن نمشي على الجمر بقدمين حافيتين من أجله...