الفصل السادس: قهوة

272 28 10
                                    

في مساء ذلك اليوم وكما جرت العادة زارني صديقي وجلس معي في غرفتي ودارت بيننا بعض الأحدايث الاعتيادية، وبعد ساعة اقترح أن نخرج لقضاء بعض الوقت في مكان من الأماكن العامة على سبيل التغيير، فتحججت بأنني لا أرغب في تفويت مشاهدة المباراة التي أوشكت أن تبدأ، فأصر وقال "يمكننا مشاهدة المباراة في مقهى شعبي ... المهم أن نخرج، فقد مللت من جلوسنا في البيت"، فما كان مني إلا أن استسلمت لإصراره.

قصدنا أحد المقاهي الشعبية الراقية لأنها عادة ما تكون أقل ازدحامًا وإزعاجًا في عطل نهاية الأسبوع من المقاهي الرخيصة ... ولأن الجو كان معتدلاً قليلاً في ذلك المساء، ولكي أجتنب ما يمكن اجتنابه من دخان الشيشة، اقترحت على صديقي الجلوس على إحدى الطاولات الخارجية، وكانت المباراة عند وصولنا قد بدأت بالفعل، لكن النتيجة كانت ما تزال تشير إلى التعادل السلبي.

كنت كارهًا في البداية لفكرة الخروج من المنزل نوعًا ما، ولكن بعد أن جربت متعة المشاهدة الجماعية لمباراة كرة القدم صرت أفضل القدوم دائمًا إلى المقهى لمشاهدة المباريات المهمة، فحماسة المشاهدين وتفاعلهم مع مجريات المباراة أشعرني وكأنني جالس على المدرجات، لقد حرصت بالطبع على تجنب تدخين الشيشة، واكتفيت فقط بالقهوة والشاي والعصائر الطبيعية والسحلب.

كنا مستمتعين جدًا إلى درجة أننا لم نشعر بمرور الوقت، ولم انتبه لتأخر الوقت إلا حين اتصلت بي والدتي التي أقلقها بقاءنا في الخارج إلى ساعة متأخرة، وحين عدت إلى المنزل توجهت مباشرة إلى غرفتي وألقيت بنفسي على سريري ... ورغم أنني كنت متعبًا قليلاً بسبب السهر إلا أنني لم أستطع النوم، ربما بسبب القهوة التي أكثرت من شربها، فأخذت أعبث بهاتفي لبضعة دقائق وفجأة وصلتني رسالة نصية من رقم مجهول، فعلمت فورًا أنها هي المرسِلة.

هي: مرحبًا ... هل ما زلت مستيقظًا؟

أنا: أجل ... على غير عادتي.

هي: وما الذي جعلك تسهر؟

أنا: أنتِ 😜.

هي: أنا؟ 

أنا: أجل.

هي: يا سبحان الله 😏.

أنا: ماذا عنكِ أنتِ؟ لماذا أنتِ مستيقظة إلى هذا الوقت؟

هي: أنا معتادة على السهر، حتى في بقية أيام الأسبوع.

أنا: لهذا دائمًا أراكِ تشترين القهوة من آلات القهوة 🤔.

هي: هل هذا يعني أنك أنت أيضًا كنت تراقبني 🤭.

أنا: ربما 😗.

واستمرت المحادثة في تلك الليلة إلى وقت قريب من الفجر، وصدقوني لا أبالغ إن قلت أن ذلك اليوم من بدايته إلى نهايته هو من أجمل الأيام في حياتي مع أنني لم أشارك فيه في أية مباراة ... لقد كان الأمر وكأنني أكتشف للمرة الأولى في حياتي أن كرة القدم ليست هي المتعة الوحيدة في الحياة.

الشظية الضائعة من قلبيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن