نهضت من ذلك المكان وأنا أشعر بخَدَر في ساقي، ليس من طول الجلوس، ولكن من شدة الخيبة، كنت أمشي بخطوات متثاقلة، انقلبت كل مشاعر الترقب إلى قلق وارتباك، أي مزحة سخيفة هذه؟ لم أعد أشعر برغبة في حضور بقية المحاضرات، ليس من عادتي أن أتغيب عن المحاضرات، ماذا أفعل؟ إنني متحير ومرتبك، بدأت أسير إلى الفصل الدراسي وكأني أسير في نفق مظلم، لا أرى له نهاية، كانت نبضات قلبي تتسارع كلما اقتربت من باب الفصل، لا أدري كم ابتسامة ساخرة في انتظاري.
دخلت إلى الفصل وتفحصت الوجوه فبدى لي أن كل شيء طبيعي، تنفست الصُعَداء ثم جلست على مقعدي المعتاد، وبعدها بلحظات دخل صديقي المقرب إلى الفصل، ورمقني بنظرات العتب والاستغراب.
صديقي: "أين ذهبت؟ اتصلت بك عدة مرات ولم تُجِب!"
أنا: "حقًا؟! أوه، يبدو أن هاتفي كان على الوضع الصامت، المعذرة."
صديقي: "وأين كنت؟"
أنا: "هششش! اخفض صوتك واجلس الآن، وسنتحدث لاحقًا"
فجلس بجانبي وهو لا ينفك ينظر لي باستغراب وفضول ... وأشد من ذلك الاستغراب والفضول هو استغرابي وفضولي أنا مما حدث، لكنني لم أرَ أي جدوى في إطالة التفكير فيما حدث، خصوصا وأن تفكيري كان يصاحبه شعور كريه في داخلي أفضل أن أتفاداه، لذلك قررت تجاهل الأمر ونسيانه، وسأقنع نفسي بأن كل ما حدث لم يحدث من الأصل.
وبعد انتهاء المحاضرة، بدأ صديقي يلح إلحاحًا مزعجًا لمعرفة ما حدث، لكنني لا أشعر برغبة في تذكر ما حدث أو الحديث عنه، فقررت أن اخبره بقصة مختلقة، أخبرته أنني أبصرت في الكافتيريا فتاة جميلة أثارت اهتمامي، لم استطع أن أرفع عيني عنها، وحين خرجت من الكافتيريا تبعتها، فجلست هي وصديقاتها على إحدى الطاولات الموجودة أمام الكافتيريا، وجلست أنا على طاولة قريبة من طاولتهن، بقيت أراقبها وأنا أتناول طعامي وأمثل أنني منهمك في مراجعة أحد المقررات لكي لا ألفت انتباهها، وحين انصرفت إلى محاضرتها، نهضت وجئت أنا أيضًا إلى المحاضرة.
نظرت إلى وجه صديقي بعد انتهائي من سرد هذه القصة الخيالية، فوجدته يبتسم ابتسامة بلهاء جعلتني أندم قليلا أنني اختلقت قصة كهذه القصة ... لكنها على الأقل أراحتني من إلحاحه.
وحين اقتربت من نسيان الموضوع تمامًا، وجدت على النافذة الأمامية لسيارتي قصاصة ورقية صغيرة، كتب عليها بنفس الخط، وبنفس الحبر، "أرجوك سامحني ... ما زلت لا أمتلك الجرأة للتحدث إليك وجهًا لوجه ... لا تغضب مني أرجوك".
على العكس تمامًا، لم أكن غاضبًا على الإطلاق، كنت أقرأ هذه الكلمات وأنا أبتسم، لقد أشتعرتني هذه الكلمات بالراحة والطمأنينة والأمل، احساس جميل لا أستطيع شرح أسبابه.
أنت تقرأ
الشظية الضائعة من قلبي
Romansaلا تستغرق كثيرًا في الأحلام .. عش الواقع بحلوه ومره .. اصنع من حاضرك مستقبلاً مشرقًا .. دروب كثيرة في الحياة نسير فيها على مضض .. نفعل ذلك باختيارنا .. لأنها الوحيدة التي ستوصلنا إلى مبتغانا .. هدف مستعدون أن نمشي على الجمر بقدمين حافيتين من أجله...