في مطار انشيون الدولي الضخم ، أقف هناك أمام الموظفة ذات الزي الرمادي الرسمي والشال الأحمر الملتف حول رقبتها منتظرًا إياها لكي تسلمني التذكرة ، صحيح .. أنا مغادر اليوم إلى أستراليا ، في الحقيقة أنا أسافر كثيرًا .. أعتدت السفر منذ أن كنت في الخامسة عشر مع والديّ ، والدتي ... لم أحادثها اليوم ، قطع حبل أفكاري صوت موظفة المطار وهي تناديني لكي أستلم التذكرة ، ابتسمت لي ومدت التذكرة إليّ قائلة " رحلة سعيدة يا سيديّ ، إحضَ بوقت ممتع " بادلتها الإبتسامة بدون أن أقول لها شيء ، أخذت التذكرة قاصدًا المقاعد .
جلست على الكراسي الخشبية المتراصة بجانب بعضها البعض مطلقًا العنان للأفكار بأن تملئ رأسي ، رفعت رأسي إلى السقف متأملًا إياه ، بدا لي أنه في مستوى ارتفاع السماء ، أشعة الشمس الدافئة التي تدخل منه بلطف ، وأصوات الأشخاص المنتشرين في أرجاء المطار ، الفتيّة يركضون ويمرحون ، كل شيء بدأ طبيعيًا جدًا .
قطع حبل أفكاري للمرة الثانية صوت رنين هاتفي ، أخرجته بملل وأنا أنظر إلى المتصل " تبًا إنها إثنان وعشرون مكالمة .. اللعنة إنها من أمي كيف لم أسمعه ! " شعرت بشعور الرهبة والفرح في آن واحد ، لكن الأول طغى على الثاني .. ضغطت زر الإجابة ووضعت الهاتف على أذني منتظرًا صراخًا يجعل أذني تنزف لكنه لم يحدث .. " جونغكوك ! هل أنت بخير ؟ أجبني " بدا صوت أمي هادئ وقلق وفيه شيء من الخوف أجبتها قائلًا : " نعم لاتقلقي فقط لم أسمع الهاتف يرن "
- تنهدت براحة ثم عاد غضبها مجددًا " ألا تعلم كم كنت قلقة عليك ؟ "
- " بربك يا أمي لم تمر سوا عدة ساعات منذ أن خرجت من عندك "
- بغضب وتأنيب " إتصلت مئة مرة وأنت لم تسمع هاتفك أي ولد أنت !!؟"
- أبعدت الهاتف عن إذني كردة فعل ثم أعدته " إنها إثنان وعشرون مرة ..."
- إزداد غضبها " أيًا يكن ، لقد ظننت أنك فوّت طائرتك للمرة الألف "
- تنهدت وقلت " إنها خمسة مرات .. ولم أفوّتها عن قصد "
- هدأت قليلًا وقالت بعد ضحكة صغيرة " أنت لن تنضج صحيح ؟ "
- قلت بعدم فهم " ماذا تقصدين ؟ "
- قهقهت وقالت " لا شيء ، على كلٍ متى ستقلع طائرتك ؟ "
- نظرت إلى ساعتي وقلت " في الخامسة مساءًا "
- قالت بصدمة " أنت تمزح ! الخامسة مساءًا ؟ إنها العاشرة صباحًا الآن .. أنت مبكر جدًا "
- أجبت وعلى وجهي إبتسامة " أنا أقتدي بذلك الرجل في كل شيء "
- إبتسمت بحزن " بالطبع والدك ..أنت تشبهه حقًا ، في حب السفر ، الفضول القاتل ، وحب الإستطلاع .. أراها فيك دائمًا "
- إعتدلت في جلستي " بالمناسبة أمي .. أنتِ تكرهين السفر أليس كذلك ؟ لم تقولي لي يومًا لماذا .."
- زالت الإبتسامة عن وجهها بسرعة وتحولت لتعابير باردة " أكرهه وحسب ، واعلم جيدًا أنني لا أحبه ولن أفعل أبدًا ، لو كان بيدي أن أختار لك طريقًا غيره لأخترت لك ، لكن ماذا أفعل بك "
- قلت موضحًا " أمي .. أقدر قلقك حولي وحول مستقبلي .. لكن أنظري أمي أنا أستمتع حقًا وأنا بخير .. وأعرف كيف أتعامل مع المشكلات التي تواجهني ، لم أعد ذلك الطفل المدلل الذي يركض إليك عندما يضربه فتيان الحيّ ، أستطيع أن أتدبر أموري بنفسي ، أحبك حقًا وسأبقى بجانبك للأبد ، أردتك فقط أن تعرفي هذا "
- أطلقت ضحكة عالية و قالت " لقد كبرت حقًا جيون جونغكوك ! صدقني سيقعن الفتيات في حبك عندما تسمعهن كلامًا كهذا "
- قلت بحرج " أمي .. فقط كفي عن قول ذلك .. عليّ أن أذهب الآن سأتصل عليك لاحقًا عندما تهبط الطائرة "
- قالت بسرعة " إنتبه لنفسك ياعزيزي وكن دائمًا متيقظ ولا تغفل عن هاتفك ثانية ، أحبك جدًا وأعلم أيضًا أنني بجانبك أيضًا ، أراك لاحقًا "
- ابتسمت وقلت " وأنا أيضًا أحبك ، لن أغفل عن هاتفي أعدك ، أراك لاحًقا " .
أنت تقرأ
in the middle of the sea - في مُنتصف البحر
Actionجيون جونغكوك شابٌ في العشرين من عمره ، هاوٍ للسفر وعاشقٌ له ، يسافر يومًا لأستراليا لقضاء عطلة الصيف هناك ، يحدث شيء لم يكن أبدًا ليتوقعه .