«ضمن أجواء التشكيك، والناقدين السياسيين الذين يحاولون إيجاد ثغرات في حقيقة معارفنا الحالية، يتوجب علينا فهم ذلك العلم، وأن يستند على تقصّي الحقائق أيضًا».
وعن (مسيرة من أجل العلم)، في 22 أبريل والتي وصِفَت بأنها «الخطوة الأولى من حركة عالمية للدفاع عن الدور الأساسي الذي تؤدّيه العلوم للحفاظ على صحتنا وأماننا واقتصادنا وحكوماتنا».
وجُدْولَت ” The peoples Climate March” بالعطلة الأسبوعية التالية، والتي تتشابه معظم أهدافها مع المسيرة، وبتركيز حاد حول الموضوع.
وقد صُعقَ العلماء، بسبب الرفض المعلن عن أهمية العلوم من قبل إدارة دونالد ترامب، والتي تتضمن حقائق في علم المناخ، والطاقة البديلة، وأبحاث الخلايا الجذعية، مما يجيز بوضوح خفض الدعم الفيدرالي عن الأبحاث في تلك المناطق.
وجهة النظر هذه، تُسهِّل سياسيًا خَفض الدعم عن العلوم وأبحاث التكنولوجيا والتعليم، كما بيّنَت إقتراحات الرئيس دونالد ترامب للميزانية الفيدرالية.
المشكلة في هذا الطَرْح أُحادي الجانب (إلى حدٍ ما) تكمُن في فَرَضيّة:
أن العلم يرتكز على مجموعة من التأكيدات التي يعتبرها العلماء حقائق موضوعية، بدلًا من كونها مواضيع تخضع للتأويل.لكن العلماء لا يُسلّمون للحقائق الموضوعية، وكذلك نحن كعلماء لا نرتكز باستنتاجاتنا العلمية عليها.
وباستمرار، دراسة تلو الأخرى، وعامٌ بعد عام، نحن نُصرّ على إعادة إثبات ما نريد، تحت أيّ سياق بحثي سابق، من المفترض أنه سُلّمَ بحقيقته.
فنحن لا نَثق بتقارير بعضنا البعض، مالم نُعِدْ إعدادها بأنفسنا، ولا نبالي بما يُدعى حقيقة أم لا، نَهتمُّ فقط بالسبب والتأثير، التركيب والوظيفة، والترابط بين الوقائع، وما القِيم المنطقية لهذه الترابطات.
أنا بروفيسور في الكيمياء أُدرِّس في جامعة (نورث ويسترن-Northwestern)
ويَنشُر فريقي البحثي 15 إلى 20 ورقة بحثية في مجلات علمية مرموقة.ففي الورقة العلمية الجيدة، تُؤخذ العديد من التفسيرات على مَحملِ الجَدّ، وتُؤكّد بعضها أو تصنّف على أنها غير منطقية.
نعم، أحيانًا قد تبدو الحقائق مُفترضَةً في بعض الدراسات، ولكن هذه الحقائق بذاتها مُستمدة من تفسيرات منطقية في مشاهدات سابقة.
علميًا، تُبنى «الحقيقة» على حقائق سابقةٍ تم تعليلها منطقيًا، وإذا بَنَى عالمٌ تفسيراته مُعتمدًا على ملاحظات شيء ما لم يُثبت مَنطقيًا، فلن يُصدّقه بقية العلماء.
حتمًا، هناك أعراف علمية، مثل بقية الأعراف في حياتنا اليومية، فعلى سبيل المثال، نحن عَيّنا لعقولنا عملية مُعالجة لونٍ محدد وأطلقنا عليه «الأحمر».
لا يُوجد معنى لهذا التعيين (الأحمر) سوى أنه توافق اصطلاحي شائع لهذه التسمية.
وكما بحياتنا اليومية، تُستخدم هذه الاتفاقات العرفيّة كلُغة شائعة بين جميع العلماء. فالأعراف العلمية ليست حقائق فرضيّة، هي عُرْفيّةٌ فقط.
وبالإضافة لإعادة إثبات استنتاجاتنا، وكل حقيقة بُنيَت عليها في الأوراق البحثية المُُتعاقبة، يتعيّن علينا روتينيًا إيضاحها (أي الأعراف) للطلبة.
فالطلبة العاملين في مجموعاتنا البحثية، يبدأون بقاعدة وأُسُس علمية ضئيلة جدًا، والتي قد تؤهلهم لافتراض أو طَرح حقيقة علمية.
ولذلك، يجب إقناعهم منطقيًا في كلّ نتيجة علمية.
وحتى الطلبة غير الخريجين، والذين يدرسون الكيمياء لأول مرة يطرحون الكثير من الأسئلة -أكثر منّا كعلماء- ويطلبون منّا مُساعدَتهُم لاستيعاب مبادئ مجالنا الأساسية، فيما يخُصّ تفاعلاتهم اليومية مع العالم الطبيعي، دون شَكليّات أوتنميق.
في وقتٍ من تاريخنا الثقافي بمناخٍ تشكيكيّ وناقدين سياسيين يحاولون إيجاد ثغرات حول مصداقية معارفنا الحالية، فإن مزيدًا من توخّي الحذر سَيُساعدنا على فَهم العلم، والذي يجب أن يؤسَّس على تَقَصّي كُلّ – وأيّ حقيقة .
فإذا أردنا ضَمَّ السواد الأعظم من العامة (دون تَحيُّزٍ أو تَسيّيس) لنقاشات حول تأثير اكتشافاتنا العلمية على حياتنا اليومية، يتوجَّب علينا كعلماء إيضاح أنفسنا وطرق تفكيرنا أفضل.
فينبغي أن لا نقول أن التغيّر المُناخي هو حقيقة فحسب، بل يجب أن نعرّفَهُ كنتيجة، ونُوضّح المعلومات الداعمة له.
صحيح، من المحتمل أننا نعيش في عالم (حقيقة النشر)، ولكنّ هذا العالم يجب أن يتضمّن العلم ومنهجية البحث العلمي.
فإذا كنت صانع سياسي، فلا تتعامل مع حقائقنا بشكلٍ سَطحي، واطلُب منّا (على أقل تقدير) إثبات استنتاجاتنا منطقيًا لتتمكن من فهمها، فإن إنكار المنطق يُعدُّ جريمة أفظع من إنكار الحقائق العلمية، هذه هي الحقيقة.