عادةً، يتعامل جسمك مع الوشم «التَّاتو» على أنه عدوى أو تهديدٌ للجسم، فبعد حقن الجلد بالصبغة وبشكلٍ تلقائي، تقوم خلايا المناعة «Macrophage»- المعروفة أيضًا باسم «الخلايا البلعمية»- بابتلاع الأجسام الضارة والغريبة التي تغزو الجسم البشري.
لكن من المعروف أيضًا أن خلايا الجلد تتجدد باستمرارٍ في دورةٍ تتراوح مابين 15 يومًا عند الأطفال إلى قرابة 45 يومًا عند الكبار، وذلك يشمل أيضًا خلايا الماكروفاج؛ لذا من المنطقيّ أن الوشم يختفي بمجرد تجديد البشرة، ولكن ذلك لا يحدث! فكما هو معروفٌ لدى الجميع أن الوشم يدوم للأبد.
يعتقد فريقٌ من العلماء من جامعة Aix مارسيليا بفرنسا أنهم يعرفون السبب وراء ذلك اللغز.
طبقًا للبحث الذي نُشر في مجلة الطب التجريبي فإنَّ الحبر المحقون داخل الجلد يتسرب إلى طبقة الأدمة بالجلد فور موت خلية الماكروفاج، وسرعان ما تبتلعه خلية ماكروفاجٍ أخرى، وهكذا دواليك إلى الأبد، وقد أوضح الفريق أنَّ صبغة الوشم لا تتأثر جراء تكرار هذه العملية.
إذن، مما سبق نستنتج أن استمرارية الوشم قائمةٌ على تجدد خلية الماكروفاج، وليس على طول عمرها حسب ما كانت تدعيه بعض النظريات السابقة.
لاختبار النظرية قام الفريق بحقن ذيل الفئران بصبغةٍ خضراء، وذلك قبل إزالة خلايا الماكروفاج لديها وذلك لقياس مدى تأثير قوة الصبغة، ظهرت نتائج الاختبار مطابقةً تمامًا لما كانت عليه قبل إجراء العلاج، ويرجح الفريق أنَّ الصبغة انتشرت في طبقة الأدمة قبل امتصاصها من قبل خلايا الجلد الجديدة.
وللتحقق من تلك النتيجة قام الفريق بزرع قطعة جلدٍ مصبوغةٍ مسبقًا لأحد الفئران إلى فأر آخر -تمامًا كما في عمليات التجميل- وكانت النتيجة أن امتُصّت صبغة الوشم من قِبل خلايا الماكروفاج للفأر الثاني كما لو قد حُقنت الصبغة في الفأر نفسه.
بالإضافة إلى كونه بحثًا رائعًا يساعدنا على تفسير كيفية استمرار الوشم لفترةٍ طويلة، فقد يكون مفيدًا لأي شخصٍ يرغب في إزالة وشمٍ من على جلده حاليًا.
في حين يعترف فريق البحث أنَّ المرحلة القادمة من الاختبار تحتاج إلى تأكيد ما إذا كانت هذه الدورة التي تحدث لصبغة الوشم تنطبق على البشر كما على الفئران، فإنها تشير إلى أن عملية إزالة الوشم بالليزر يمكن أن تكون أكثر فاعليةً عند استخدامها إلى جانب الإزالة الجراحية لخلايا الماكروفاج التي ابتلعت الحبر.