أصدقاء

203 45 49
                                    

حدثني عن الغيرة، احدثك عن غيرتي من أصدقاء أصدقائي المفضلين!

لبعض الأصدقاء مساحة دافئة في القلب، تشعر و كأنك تود لو تستأثر بهم لنفسك، أن تخبئهم بعيدا داخل قلبك و تغلق عليهم القفل لتستأثر بلطافتهم، طيبتهم و مشاعرهم النقية و أرواحهم العذبة !

لرؤيتهم وقع جميل على النفس، تبتسم دون ارادتك و ترغب بالتشبث براحات أيديهم للأبد.

بطبيعة الحال هم يمتلكون أصدقاء غيرك، لكن الغريب هو ذلك الشعور القاتل بالغيرة الذي يعتريك و انت تراقبهم، و هم يتسامرون مع اصدقائهم الآخرين، او يسيرون بقربهم،
ترغب حينها بإبعادهم عنهم، بالرغم من كونك لا تلقاهم دوماً أو تحدثهم ببشاشة كما يفعل أصدقائهم الآخرون لكنك تحبهم، من صميم قلبك حتى لو لم تقل شيئا يدل على ذلك.

ربما هذا نوع من الأنانية، لكن ... إنه شعور يولد احساسا بالألم على كل حال.

الأدهى هو أن تكون متقلباً، تارة تشع سعادة و مرحاً و تارة أخرى مظلما يحب الوحدة و الجلوس في المقعد الأخير،
هذه التقلبات تكشف لك عن الكثير ممن كنت تعتبرهم أصدقاء حقيقيين، و تكتشف انهم مجرد زملاء فقط، لا يروقهم طورك الآخر و سرعان ما يصفّونك من حساباتهم.

لقد مررت بالكثيرين، ليس من الصعب إيجاد صديق حقيقي لكن أؤكد انك ستجد المزيف أولاً،
و تنخدع به و في النهاية تتحسر على فرص أخرى كنت لتجدها لولا تعلقك بمن لا يستحق.

أذكر أنه قبل سنوات خلت كنت انطوائياً في المدرسة، بحكم أنني ترعرعت في الخارج كانت لي اهتمامات مختلفة، كنت عادة ما أكون منفتحاً في محيط العائلة لكن حين يتعلق الأمر بالغرباء، أكون شخصية مسالمة هادئة.
كانت لي قناعاتي الخاصة منذ الصغر، آمنت حينها بأن المدرسة مكان للدراسة و بذل الجهد من أجل أن اسعد والديّ،
كان لي أصدقاء قلة حينها و كنت ألعب معهم فقط،
في الثانوية اختلف الوضع قليلاً،
انتسبت لمدرسة لم يشاركني فيها أصدقائي القدامى، لا أنكر أنني شعرت بالضياع اول الأمر، ثم ما لبثت أن تعرفت على صديق واحد فقط.

تغير كل شيء بعد أول نتيجة نصف نهائية، لم ابلِ حسناً لكنني تفوقت على بقية زملائي،
بعدها تهافت عليّ كثير من الأصدقاء، الذين أيقنت بأنهم لا يريدون مصادقتي من أجل شخصيتي بل من أجل علاماتي.

مر عام و انتقلت في السنة الثانية لمدرسة أخرى، يمكنني القول بأنني قد صرت ناضجاً منذ تلك الفترة،
بحكم كل تلك التجارب السابقة لم أهلع للحصول على أصدقاء بسرعة، الوحدة ليست سيئة ما دمت تتحدث مع بعض الزملاء في المدرسة بأريحية،
صرت إجتماعياً نوعا ما، أو هكذا قيل عنيّ،
في ذلك اليوم حصلت على أخٍ مميز، إن كلمة صديق قليلة في حقه، اذكر أنني لم أجد مقعدا في الصف، الجميع رفض أن يفسح لي مجالا للجلوس معهم لكنه رحب بي، جاورته في المقاعد و تعرّفت على صديقه،
و حتى اليوم ما زلت اتواصل معه و ألقاه،
انه من القلة النادرة التي تشكر الله كثيراً لأنه اعثرك عليهم،
كانا عامين فقط، لكنني شعرت خلالهما بالطمأنينة و السلام.
تعلمت خلالها ألا أهلع للحصول على أصدقاء بسرعة، يجب أن اعرفهم أولاً و أثق بهم و بمعدنهم،
أن تمتلك صديقا مخلصا واحدا أفضل من خمسة لا تشعر بالإنتماء لهم.

للأسف لم نلتحق بنفس الكلية، لكننا على اتصال.

أما أصدقاء الكلية، فتلك حكايات أخرى،
و خيبات أخرى ...

_______
هل تتذكرون اول لقاء مع أصدقائكم المقربين؟

ابكِني نهراً حيث تعيش القصص. اكتشف الآن