ختام: لماذا و كيف كتبت هذا الكتاب

59 8 23
                                    

لم أكن أنوي جعل هذا الكتاب منتهيًا، أردت تركه لإضافة فصول جديدة كل حين و حين كلما عثرت على شيء يستحق الكتابة من أجله، لكنني أدركت بأنه من الأفضل أن ينتهي، مثله مثل أي شيء في هذه الحياة.

حين بدأت الكتابة، كنت مختلفًا عمن عرفتهم؛ أولئك الذين يبدأون بالخواطر ثم بالقصص القصيرة فالسلاسل و الروايات الأطول. أول شيء كتبته كان قصة، قصة خيال عن حلم غريب رأيته و لم أرد نسيانه فدونت أحداثه، و كتبته في عدة دفاتر أحدها مع أحد أصدقائي و الآخر معي. لكنني كنت معجبًا بشكل خاص بالخواطر الحزينة، أحب التراجيديات و السوداويات، مع أنني لست سوداويًا عادة و ابدو مرحًا لمن يعرفني، لكنني أشعر بأنها حقيقية و عميقة لأن مشاعر الحزن تظل الأصدق، و الأكثر واقعية من الفرح الذي يمكن تزييفه بكل سهولة.

كإنسان مرهف حساس - كما قال كثيرون- مرت عليّ بعض المواقف المؤلمة، و الأخرى التي لم أخبر بها أحدًا، كانت صعبة أول الأمر لكنها مع الوقت التأمت و كأنها لم تكن، لكنني أتمتع بذاكرة جيدة، و لا زلت اتذكرها كل حين و حين كخبرات صنعت النسخة الناضجة مني اليوم.

في الماضي كنت كثير الحديث. و أخبر كل من هب و دب بما يمر بي، لكنني حين رأيت إخوتي يفشون بأسراري للآخرين أو لوالديّ، حز ذلك في نفسي، و آثرت بألا أخبر أحدًا بخصوصياتي و مشاكلي أو موافقي إذا كانت قابلة للإبتزاز أو المعايرة بها ذات يوم.
اليوم، فقط صديقي المقرب هو من يعرف جل أسراري، و أستشيره في بعض الأمور المهمة، التي أشعر بأن والدي أو إخوتي لن ينصفوني فيها.

واقعيًا، لا أتحدث عن نفسي كثيرًا، لكن هنا في الواتباد، وجدت مساحة واسعة حرة لنشر كل شيء، فقلت لم لا؟ يمكنني تجربة شيء جديد غير كتابة القصص. عثرت يومها على صورة، فيها جملة جذبتني: Cry me a River. و علمت لاحقًا بعد كتابة كتابي بأنها اسم لأغنية ما، مع أنني لم أسمعها حتى الآن، لكن الجملة بحد ذاتها أعجبتني و أعجبني وقعها لذلك لائمتني و لائمت محتوى الكتاب الذي كان حزينًا و ربما سوداويًا قليلاً.

هل كل شيء في هذا الكتاب حقيقي؟ خاص؟ و كيف أمكنك كتابة أشياء قد يعثر عليها من يعرفونك أو من كتبت عنهم؟ 😂
كان هذا سؤالا جاءني من قبل.

أنا لا أكتب شيئًا أخاف منه، أو أخاف بأن يراه الناس، لأنني لو لم ارد لأحد أن يراه، لما نشرته من الأساس.

جميع ما كتبته حقيقي، من تجارب خاصة خضتها في سنين حياتي، أو مواقف أزعجتني ذات مرة، و قد عثر أحد أفراد العائلة يومًا على إحدى هذه الصفحات في إحدى دفاتري، و أخبرتني صراحة بأن من سيقرأ هذا سيظنني مريضًا نفسيًا، لكنني بالفعل أظن أنني مجنون وأتحدث مع نفسي، لذلك لا بأس XD

طبيعيًا، الحديث عن أمور كهذه مع أسرتي، أصدقائي الحميمين، أو ما شابه قد يولد نوعًا من الحساسية، قد يسخرون مني، و قد يحتفظون بهذه الأمور لتذكيري بها لاحقًا وابتزازي بها وما شابه، و قد لا يقولون شيئًا، و من الأساس ليس لديهم الوقت لسماعي لذلك الحد لإخبارهم بكل هذا.

لكن طرح هذه الأشياء أمام الغرباء أسهل بكثير.

فالمرء لا يعرف عنك سوى ما تريده أن يعرفه، شئت أم أبيت.

لا يعرف أين أقطن، أو كيف أبدو، نبرة صوتي، و قد لا يلتقي بي طيلة حياته.
لذلك قصصي التي تكون شخصية و خاصة لي جدًا و لمن يقربني، ستكون قصصًا عامة حميمية لشخص آخر لا يعرفني. قد يجد فيها شيئًا يشبهه، و قد تفيده بأمر ما، قد يشعر لوهلة بأنه ليس غريبًا، لأن ثمة من شاطره نفس الشعور في موقف مشابه، و ذلك ما دفعني لكتابتها في المقام الأول.

كنت أظن أنني مجنون، أو نوعًا ما بي علة، لأنني أشعر بهذه الأشياء، لأنني متشائم، وكذا. لكن شعرت ببعض الخفة في صدري، حين قرأت تعليقات من علقوا على هذا الكتاب، وعرفت بأن الأمر لم يمر بي وحسب، بل شعر به شخص آخر أيضًا؛ أنا لست غريبًا.

بعد تفكير عميق، قررت إغلاق الحساب، وسيكون هذا آخر فصل في هذا الكتاب، وآخر ظهور لي في الواتباد. بسبب الحرب، وما مررت به، بدأت بالتفكير في أشياء أخرى في حياتي، أريد التركيز عليها أكثر، لذلك سأترك الكتابة في هذا الوقت.

ختامًا، أعتذر لكل من قرأ هذا الكتاب أو جزءا منه، وجعله يشعر بالسوء، بالغصة أو ما شابه.
I'm just venting
كان الأمر أشبه بتفريغ لمشاعري في مكان ما. حياتي ليست تعيسة، أبدًا. أنا محاط بالنعم، وبعد هذا الوقت، سأحاول أن أعيش الحياة، متفائلا أكثر مما مضى.💙

- ماريوس 🌻

🎉 لقد انتهيت من قراءة ابكِني نهراً 🎉
ابكِني نهراً حيث تعيش القصص. اكتشف الآن