ما أريد، و ما يجب

277 51 38
                                    

أن تفعل ما يجب عليك فعله، بغض النظر عن كونك تحبه أم لا، هذا ما أفعله كل يوم، و ما يفعله الجميع كل وقت.
ارغم نفسي للنهوض صباحاً، حقيقة لو كان الأمر بيدي فلن أبرح فراشي الوثير أبداً لكن لا بد مما ليس منه بد، لا يمكنني الرقاد و التخلي عن معيشتي من أجل أنني فقط أريد ذلك.

ارغم نفسي على الدراسة، لا أحد يحب اخذ سنوات من عمره في أمر مرهق كذلك، لو كان لنا الخيار لذهبنا في نزهات، سافرنا أو امضينا الوقت في المنزل نشاهد التلفاز أو نلعب إحدى ألعابنا المفضلة عوضاً عن الذهاب للمدرسة، الجامعة أو الوظيفة.

لكن الإنسان يحكم عقله - بطبيعة الحال - و يفكر بأن هذا هو الصواب، فتعب الآن و راحة بال لاحقاً أفضل بكثير من راحة مؤقتة و شقاء طويل الأمد،
من أجل الوظيفة، مستقبل أفضل و بر والديّ و لو قليلاً و مساعدتهما في الأيام القادمة أبذل جهدي، و الجميع كذلك، في دراسة لا نحبها لتحقيق آمال قريبة، ليست ببعيدة، أبداً و ستحدد حياة كل فرد منا في المستقبل.

تلك ضروريات لا مفر من القيام بها، بطبيعة الحال...

لكن هل جربت يوماً أن تزيِّف إبتسامتك و سعادتك، لأنك يجب أن تقوم بذلك؟
لكي يكون لك أصدقاء، زملاء، علاقات و حياة،
بينما أنت ترغب و بشدة بالإنزواء لركن مظلم و البكاء فيه لدهر؟

حقيقة أقاوم هذا الشعور يومياً، بسبب تراكم كل شيء، التعب، الإرهاق، الذكريات القديمة و بعض اللمحات لخذلان قديم من أصدقاء قدامى،
أجد قلبي مملوءاً أسى في أغلب الليالي، لطالما إدعيت المثالية، المرح و السعادة لكنني لم أكن كذلك، و عند حلول المساء، افكر في كل شيء، في الصداع المطبق على ثنايا رأسي و على كل ما خسرته، على المستقبل المجهول الذي يجب أن أتعب لجعله أفضل من الحاضر و من علاقات و صداقات،
و في غمرة ذلك، أحياناً بمجرد كلمة سيئة واحدة من شخص لا يستحق، أو تجاهل غير مقصود من شخص عزيز،

أجد قلبي ثقيلاً، و كأنه نهر اعتاد على الأخشاب و القاذورات الملقاة فيه، إلى أن تجمعت و كثُرت فملأته و فاض بها،
في بعض الليالي أبكي، البكاء ليس عيباً لرجل، أبداً،

بل تفريغ لكل تلك الشحنات السالبة و الطمي و الأعشاب العالقة بعيداً هناك، البكاء يريح، كثيراً،
و من ثم يطوي الليل صفحته و يحل الصبح ببركاته و خيره، أشعر بالأنني أفضل بكثير حيث يمكنني الإبتسام مجدداً،
و يستمر النهر بجريانهِ.

حتى في الحزن، يجب عليك إخفاؤه، فالحياة لا تنتظر، و ما ستجده من الناس، هو نظرات الإستهجان و الشفقة، فقط.

ابكِني نهراً حيث تعيش القصص. اكتشف الآن