رمضانيات

146 41 35
                                    

قبل أعوام، كان صيامنا نحن - صغار المنزل- يستمر منذ الصباح إلى وقت الظهر،
يتم إيقاظنا صباحًا من قِبل أمي و نجتمع لشرب الشاي مع الحليب، دائمًا ما يكون ساخنًا جدًا لذا استغرق وقتًا أطول من المعتاد، لأنني اغمس الرغيف في الكوب، عكس اغلب اخوتي الذين يتناولون لقمة من الرغيف تتبعها رشفة من الشاي،
عند انتهائهنا يكون قد تبقى للآذان دقائق معدودة،
فأسرع لشرب أكبر كمية من المياه، ظنا بأنها ستقيني العطش بقية اليوم.

إستيقظ بسعادة و حبور بعد عدة ساعات، مع إحساس بالفخر بأنني صائم، أي أنني قوي و كبير،
و لا فرق بيني و بين شقيقتيّ اللتان تكبرانني و تصومان لنهاية اليوم،
بعد عدة ساعات، يبدأ شعور الإرهاق و العطش، ثم الجوع، حيث انه وقت الإفطار الصباحيّ،
تخبرنا والدتي بأنه يمكننا التوقف، لكننا ندّعي أننا نستطيع المواصلة،
و عند قرابة الساعة الحادية عشرة،
اكون أنا و شقيقي الصغيرين مجتمعين نأكل الإفطار، متجاهلين سخرية شقيقتي الكبرى بأننا لم نكمل نصف اليوم حتى.

بعدها بالتدريج، إلى آذان الظهر كنا نتحمل،
و من ثم بعد فترة قررت أن أكمل اليوم للنهاية،
عند آذان العصر كان وجهي شاحبًا، سحبت ملاءة السرير و بللتها بالمياه لألفها حول جسدي اراقب الشمس لتغرب، مرت والدتي بي و اثنت عليّ ثم دعتني للوضوء، توضأنا معًا و ذهبنا للمائدة،
كنت فخورًا جدا يومها، بإحساس الإنتصار و الإنجاز، كان يومًا لا يُنسى.

أكثر من يتعب حقيقة هو أمي، تجهز كل شيء،
من  طعام، مائدة و عصائر، عدا عن مهام المنزل اليومية،
أنا متأكد بأن لها أجر كل من افطر على طعامها، على جهدها و تعبها و على إبتسامتها بالرغم من إرهاقها الشديد.

أود أحيانًا لو إن كل الوقت رمضان، إنه شهر بنكهة فريدة،
الهدوء و السكينة، عبق الجنة و صفاء الروح، المسابقة في الخيرات و البركة،
علاوة على اجتماع الاهل، بشاشة الجميع و مصافحة الجيران في المسجد ببشاشة، صلاة التراويح، الدعاء، السحور، المسحّراتي،
كل تلك التفاصيل المباركة التي تشرح الصدر،
لكن كما يقال، بإمكان المرء جعل كل حياته رمضان  عن طريق المواصلة على ما بدأه.

اعترف بأنني أمضي معظم الوقت نائمًا تحت التكييف، كحال البعض ممن يعيشون في تلك المناطق الحارّة، لكن يجب بذل الجهد، بكل تأكيد.

°رمضان كريم، تقبل الله صيامكم.

ابكِني نهراً حيث تعيش القصص. اكتشف الآن