-مرحبا ... احد افراد فرقة النجدة عند بابك على اتم الاستعداد للمساعدة .
واستقرت عينا فوبي جيلبرت على الطفلين فى الغرفة ، وفاض قلبها حنانا ، بدا لها طفلا ماكس ساندرز رائعين ، وقد رفع احدهما يديه مغطيا اذنيه وهو يصرخ بأعلى صوته ، بينما الثانى يرفس جانب الكرسى فى الغرفة .
بدأ ان ماكس يحتاج فعلا للمساعدة ، وكان يدير ظهره للباب وهو يحاول جهده ليبعد طفله عن الكرسى . لم يسمع ما قالته فوبى التى دخلت متجنبة علبة حبوب الفطور الكبيرة ، ثم وقفت فى وسط الغرفة .
وعندما استوعبت مشهد الفوضى امامها ، تملكها احساس من يعود الى الوطن ، لكن سرعان ما تبعته هزة عصبية مؤلمة ، لان هذا الاحساس زائف . فهى لم تعرف لها وطنا قط بما فى ذلك " ماونتين جيم " .
كانت فوبي تحدث نفسها بانها تجاوزت تلك المشاعر كلها ، وان امنيتها بان يكون لديها اسرة تبددت . كان لدى فوبي قناعة الا تتمنى ما لا تستطيع الحصول عليه . ومن هو ذلك الذى يريد ان يؤسس اسرة مع امرأة نبذتها امها وابوها . كما انها هى عاقر لا تنجب .... ؟
هزت كتفيها متمردة . تلك الايام فى ملجأ الايتام انتهت وولت ، والامر الوحيد الجيد الذى فعله ابوها هو انه يسر لها الدخول الى مدرسة داخلية عندما اصبحت فى الحادية عشرة من عمرها .
انها حاليا تعتنى بالاطفال نهارا ، اطفال صغار تستمتع بهم وهى تتنقل من عمل الى اخر . ولم يكن هذا يرهقها ما دامت لا تسمح لنفسها بالارتباط كليا . كانت مكتفية ذاتيا وهذا مثار فخرها . لم تكن بحاجة الى اى شئ اكثر مما لديها حاليا .
فى الماضى كانت تشعر فى منزل ماكس ساوندرز بانها متطفلة . كانت تزور صديقتها كاترين ساوندرز ، هذه الصداقة التى ما لبثت ان تحولت الى اخيها الاكبر ماكس ساوندرز انما ليس على النحو نفسه
كان سهلا عليها ان تخفى مشاعرها نحوه ، وقد جاءت اليوم بطلب من ماكس ، لكى تنقذه . لقد طفح الكيل . نعم ، وهذا هو سبب فيض مشاعرها بعد طول اخفاء . وبعزم شديد ، ركزت افكارها على هذا المكان وهذه الساعة
وعادت تقول بصوت اعلى : مرحبا ، ماكس لقد طرقت الباب لكن احدا لم يجب ، وهكذا دخلت من تلقاء نفسى
كان ماكس ذا شخصية قيادية حتى وهو يدير ظهره ، كان طويلا ، عريض الكتفين ، اسود الشعر ، طويل الساقين . وعندما واجهها ادركت ان عينيه الرماديتين ستخترقان عينيها
رباه ، انه ماكسى . خصمها منذ مدة طويلة . الرجل الذى يتجنبها كلما تقابلا ، ورمشت وقد قررت ان هذا يكفى . زفرت طويلا : ارى ان رجال ساوندرز يبذلون جهدهم . طفلان فى الرابعة يحدثان من الضجيج والصخب اكثر من اطفال سيدنى كلها مجتمعين
وحصلت المعجزة توقف الطفلان فجاة عن احداث الضجيج . استدار ماكس بسرعة ، فتوقف قلبها للحظة عن الخفقان ليعود ويخفق بعنف ، وتملكها نوع من الذعر . حدثت نفسها بان تستيقظ فهذا ليس انجذابا نحوه . لا ... هذا غير ممكن ، انها متأهبة لمعركة . نعم ، هذا افضل : مرحبا ، يا ماكس ، ها انذا ، اراهن على انك مسرور لحضورى
وبدلا من ان يبدو عليه السرور تصلب جسده وقال بلهجة جادة : فوبي
ما الذى حدث له ؟ الا يتذكر ان هذه فكرته هو ؟ ما كانت لتترك عملها وتنتقل الى خارج سيدنى لو لم يوضح لها انه بحاجة اليها . صحيح ان هذا حصل من خلال كاترين ، ولكنها مع ذلك لم تتوقع ان يعترف ماكس بحاجته الى العون . كما انها اتت لمساعدة الطفلين ، وليس من اجل ماكس ... عندما اتصلت كاترين بفوبي من اميركا ، لم تقل لها فقط ان ماكس لا يواجه الامور بنجاح . بل لمحت الى ان ماكس يسعى جاهدا لوضع الولدين فى زاوية صغيرة من حياته فى اسرع وقت ممكن . اثار هذا قلق فوبي فيما راح ماكس يحدق فيها . وعادت تقول : نعم ، هذا انا بلحمى ودمى . نظرا للظروف ، ظننتنى ساحظى باستقبال افضل.
انها هنا لتسيطر على هذه الفوضى كلها . ربما اعتقادها بأنه سيشعر بارتياح بالغ عند رؤيتها مجرد حلم ، لكنها توقعت بعض التهذيب على الاقل ، وليس العودة على الفور الى عدائهما القديم . بمعنى اخر ، انتعشت امالها ثم عادت فانهارت واستعادت حجمها الطبيعى ... فالحياة ليست سهلة ، كما ادركت فوبي فالانسان هو الذى يسعد نفسه او يتعسها
تخلل ماكس شعره الاشعث باصابعه : فاجأتنى فى لحظة سيئة.
لطالما تمنت ان تتخلل شعره الجعد قليلا والمالوف لديها باصابعها ، لكن هذا لا يعنى شيئا فهى تحب كل ما هو ناعم . انها حقا غير مسؤولة عن وسامة ماكس ، او اعجابها به الذى يستحيل هذه المرة الى مشكلة اكثر من المعتاد
وعاد الصراخ مرة اخرى فصرخت بصوت اعلى منه : اظنكم مررتم ببعض اللحظات السيئة اليوم
واشارت الى شئ اخضر عالق على قميصه وهى تقاوم رغبة فى الابتسام . لم يسبق لماكس ان وقع فى اى مأزق ، وسالته : هل كان الغداء متعبا ؟
-نعم ، واجهت مشكلة طفيفة فى الخطة التى وضعتها للطعام
وضاقت عيناه واطبق شفتيه بعناد ، فادركت ان سؤالها هذا ازعجه . كان يصبر عليها فى الماضى ولا يدعها تجرحه ، انه يواجه حقا بعض الصعوبات ، وقال : اذا كنت قادمة لزيارة كاترين ، فاظنك اخترت وقتا غير مناسب لانها غير موجودة
-حسنا ، نعم . انا اعرف هذا
لم يتظاهر بانه لم يكن يتوقع حضورها ؟
اشار بيده الى الفوضى خلفه : انا مشغول كما ترين ما يمنعنى من الاحتفاء بك
-ماذا تعنى بقولك ، الاحتفاء بى ؟
وجاء دورها لتقطب حاجبيها ، على اى حال ، طلب ماكس او طلب كاترين بالنيابة عنه هو ما احضرها الى هنا . وهى تعلم ايضا ، كما يعلم الكل ، ان الثلوج احتجزتها فى مونتانا ، ومن غير المحتمل ان تعود قريبا . ومع ذلك ، ها هو ذا ماكس يتصرف وكانه لا يعلم انها قادمة ، وتملكها شعور بالخوف ما لبثت ان سيطرت عليه وقالت : الم تخبرك كاترين اننى ساكون مربية طفليك ؟
وادركت فوبي ،وهى ترى عدم الفهم على وجه ماكس ان ظنها صحيح . لا عجب فى ان كاترين بدت حذرة فى حديثها على الهاتف
اظلم وجهه وقال : هل تأمرت مع كاترين لتكونى مربية طفلى ؟
تملكها الغضب وخفقت باهدابها قبل ان تقول : طلبت منى المساعدة ووافقت ، وهذا يختلف جدا عما تظنه يا ماكس
انه يتهمها بالتأمر اذن ! وخطر لها ان تتركه لكبريائه ومشاكله وتعود ادراجها ، لكنها رات ان طفليه يستحقان افضل من هذا
انهما يستحقان رعاية حقيقية ، وهذا هو اختصاصها
يمكن لاى احمق ان يرى انهما يشعران بالخوف وفوبي قادرة على ان تعالج ذلك ، لن تدع تصرفا بسيطا من اب جديد غير كفؤ يقف فى طريقها ، حتى لو كان ذلك الرجل ماكس ساوندرز .
قالت : فى الواقع جئت بناء على التماس منك
فزمجر قائلا : انا لم التمس شيئا كهذا وخصوصا منك
تنفست بعمق ، ثم اندفعت تقول : هذا ليس ما جعلتنى كاترين افهمه . لقد قالت ....
قال وقد ازداد وجهه تجهما : ما قالته غير مهم . يمكننى ان اتكهن به . ساقتلها ...
-مهما يكن ....
لم تعد فوبي فى الثالثة عشرة او فى السادسة عشرة من عمرها ، تلك السنوات التى امضياها فى الخصام . كان ماكس يكبرها بثلاثة عشر عاما ما منحه بعض السلطة عليها لفترة معينة ، لكنها ما لبثت ان تعلمت كيف تثبت فى موقعها وتواجهه فى النقاشات التى تدور بينهما
انها الان فتاة ناضجة فى الثانية والعشرين ، تعمل كاخصائية عناية بالاطفال ، وهى خلاصه فى هذه الحالة ، لن تسمح له بارهابها وبالتالى هزيمتها من دون مقاومة ، كما انها تعشق هذه الجبال ومراعى الاغنام وبساتين التفاح التى تملكها اسرة ساوندرز منذ اجيال . كانت فوبي ترفض ان تعترف ، ولو فى سرها ، بانها تشعر دوما بالحاجة الى الحضور الى هنا لتستعيد ذلك الشعور الزائف بالانتماء . لو كانت تملك مزرعة ماونتين جيم لعملت فيها بنفسها بدلا من ان تتركها لمدير هو نفسه لايسكن فى المزرعة
وسالته بجفاء : كيف يسير العمل بالاحجار الكريمة ؟ هل كسبت المزيد من الملايين مؤخرا ؟
كان ماكس قد عقد مؤخرا صفقة مع شركة دانفر الاسترالية ، وقد عرفت فوبي هذا من كاترين التى ابلغتها بمدى سرور ماكس بهذه الصفقة
كما ذكرت كاترين ان ماكس خرج مع ابنة كاميرون داتمر فليستى مرة او مرتين فى الاشهر الاخيرة ، وتساءلت فوبي عما اذا كان ماكس يمزج غالبا بين العمل والمتعة ، ثم نبذت هذه الفكرة . لم عليها ان تهتم بالصف الطويل من النساء اللاتى مررن فى حياة ماكس ؟
-سادع فريق الادارة يقدم لك التقرير
رد عليها بجفاء رافعا صوته فوق ضجيج ولديه اللذين لم يكونا سعيدين على الاطلاق : منذ علقت هنا ورحت اعمل من البيت ، اشعر وكأننى لم اعد اعمل . من اين تريدين ان يبدا التقرير ، اولا ؟ اليونان ؟ فرنسا ؟ االمانيا ؟
جعل الامر يبدو وكأن رعاية الاطفال عذاب خالص ، وكأنه امر مفروض عليه ولايريده . لعل هذا هو شعوره بالضبط . اذا كان الامر كذلك ، فلا بد من وجود شخص هنا للعناية بالطفلين : فى الواقع يا ماكس ، لا يهمنى عملك الى هذا الحد
-هل هذه وخزة منك ، فوبي ؟
نظرت اليه من دون ندم : لم اقصد الاساءة . كنت فقط اعبر عن افكارى
-وهو امر خطر دوما عندما يتعلق الامر بك
-ثمة التزامات فى الحياة اهم من المال
حملق فيها : هل تعنين شيئا بكلامك هذا ؟
عبست فوبي ثم قالت : مازال يبدو عليك انك بحاجة الى مساعدة
نظرت الى الولدين وهما يصرخان ويرفسان باقدامهما . لايمكن ان تتركهما ابدا لماكس
واجاب : انا بحاجة الى الكثير منها . انما على ان اقول ان كاترين احتالت علينا ، نحن الاثنين ، وليس عليك فقط . هذه هى الحقيقة
لوحت بيدها مصممة على ان تنهى هذا الحديث لتبدأ موضوعا مختلفا . يكفى هذا الكلام الفارغ وانتقاده لشخصيتها . انها تعرف انها مختلفة ، من النوع الذى يعكر المزاج ويخيف معظم الناس
-تبدو وكأنك لم تذق النوم منذ ايام عدة ، فشعرك مشعث ولحيتك نابتة ، وهذا ليس من عادتك على الاطلاق
ورغم ذلك ، مازال يبدو رائعا ، فهل من عجب اذا ما ارادت ان تنفس عن مشاعرها بانتقاده ؟ هذه المشاعر المشوشة نحو ماكس كافية لتدفعها الى الجنون . انها تشعر اليوم بانها عادت الى الوطن ، هنا فى ادغال قرية ماونتين جيم الكثيفة ، حيث تنمو اشجار المطاط والاشجار القصيرة ....
-سواء شئت ان تعترف ام لا ، انت بحاجة الى حاليا
آه ، ما اجمل ما شعرت به وهى تقول هذه الكلمات فهو يكره ان سيوافقها الرأى
زمجر عاليا : ما احتاجه هو مربية كفؤة ناضجة يمكنها ان تعوّد طفلى على الحياة هنا . انهما بحاجة الى الاستقرار هنا ، وحالا
-تنظيم الامور وترتيبها ؟ لن ينجح هذا كما تعلم
وسكتت تفكر فى كلامه ، ثم عادت تقول : ولمعلوماتك انا كفؤة عليك ان ترى شهادات من عملت لديهم . لقد رعيت اطفالا لا اذكرعددهم ....
قاطعها وكانه لم يكن يصغى ولعله لم يكن يفعل : اعترف باننى فقدت ثلاثة مربيات بشكل سريع
وصمت لحظة ثم اردف : كان الطفلان نزقين وسريعى الغضب ، ولم تكن لى من المربيات الاخريات تملك خبرة كافية . بصراحة ، لا اظنك ستبقين معهما مدة اطول مما بقيت المربيات الاخريات
-لهذا ، تريدنى وبكل بساطة ان انسحب ؟
بدلا من ان يجيب على الفور ، نظر الى قميصه عابسا ثم سحبه من تحت سرواله وكوره بيده السمراء . عندئذ تقابلت نظراتهما . كانت عيناه باردتين عنيدتين لا يرف لهما جفن : انا مسرور لتفهمك . والان ، وبعد ان اتفقنا ، سارافقك الى الباب
سار امامها راغبا على ما يبدو فى التخلص منها فى اسرع وقت ممكن . واخرسها حقد الرجل هذا فضلا عن مظهر جسده عاريا
حاولت جاهدة ان تتمالك نفسها لتقول : لا اراك تطردنى ، لن ارحل
دفعته بكفها تمنعه من الوصول الى الباب ، وسرت السخونة فى جسدها حين لامس كفها صدره الصلب الساخن . يا لها من غلطة !
تراجعت مضطربة فزعة نوعا ما لان جسدها اخذ يحدثها بأن هذا الرجل ... رجل جدير باهتمامها كأنثى
لم يعد يزعجها الان احساسها بالعودة الى موطنها بل انجذابها الى ماكس . لعلها حاولت ان تنكر ذلك ، لكن البرهان كان على اصابعها التى امتلات شوقا . كانت فى منطقة غريبة تماما وليس لديها فكرة عن كيفية مواجهة هذا التغيير
قررت ان تتجاهل شعورها ، راجية ان يكون قد انتهى . ستنفض عنها هذه المشاعر ومن ثم تنساها لتصبح ذكرى باهتة لن تتكرر ابدا
-سامكث هنا يا ماكس ، وساساعد طفليك
اذا ركزت اهتمامها على الغرض من حضورها الى هنا فستكون فى احسن حال ، واعتدلت فى وقفتها ثم دارت حوله : عملت فى سيدنى بلاتييوس لرعاية الاطفال نهارا
حتى القوا بها خارجا لان لديها الكثير من النظريات . كانت هذه النهاية السيئة الوحيدة التى صادفتها فى حياتها العملية ، حتى الان
وتابعت تقول : صدقنى ان قلت ان طفلين فى الرابعة دائمى الصراخ لايخيفاننى ابدا ، وكذلك والدهما . انت تريد مربية جيدة لطفليك ، وقد حصلت عليها
تمتم من بين اسنانه : ما حصلت عليه هو مزيد من الازعاج
حثها ما سمعته على الثأر فقالت : لاتقل لى الان ان ماكسيميليان . الشهير بماكس ، لا يستطيع ان يتعامل مع طفلين ومربية ، هذا لا يبدو لى تحديا كبيرا
توتر فمه وحدثت نفسها بانه يستحق ذلك والذنب ذنبه . ليته يقف جانبا لكى تريه كيف يكون العمل
كما انها لم تحاول العثور على عمل جديد عندما اخبرتها كاترين ان ماكس بحاجة الى من يساعده اذ كانت عاطلة عن
العمل نوعا ما ، فتركت غرفتها الصغيرة فى سيدنى لتاتى الى هنا ، والوقت لا يسمح لها بالانتقال الى مكان اخر حاليا
وتعمدت ان ترفع صوتها من دون ان تنظر الى الصبيين : انا جائعة جدا ، هل تمانع فى ان اذهب الى المطبخ لاحضر شطيرة كبيرة ضخمة ؟ هل لديك مانع يا ماكس ؟
بدا الفزع على وجه ماكس وعلى ملامح الصبيين فتركتهم فوبي وتوجهت نحو المطبخ حيث المطبخ حيث فتحت الثلاجة . تملكها الرعب لمنظر المطبخ . لطالما فاخر ماكس بنظافة وتنظيم مطبخه ، لكنه بدا حاليا مغطى بالقمامة بينما تصل الفوضى فيه الى السقف . اخذت تقلب بقايا الطعام فى الثلاجة ، ملاقية بكل ما هو صالح للاكل فى طبق نظيف ، راحت تثرثر طوال الوقت عن مدى شهيتها وعن مدى سرورها بتحضير هذه الشطيرة ..
وقف ولدا ماكس بجانب الباب كتفا الى كتف ، صامتين يحدقان فى الشطيرة الضخمة التى حضرتها فوبي بيديها الماهرتين
املت ان يكون ماكس قد خزن من المؤون فى خزانات المطبخ اكثر مما وجدته فى الثلاجة ، لكنها ركزت حاليا اهتمامها على شطيرتها وعلى اطعام الصبيين عل الارهاق يجعلهما يستسلمان للنوم . راحا يتاملانها باعينهما العسلية التى لابد انهما ورثاها عن امهما الراحلة . يا للطفلين المسكينين !
-هممم ... لم احصل على شطيرة كهذه منذ الف سنة
وقطعت الشطيرة الى اربعة اقسام ضخمة ثم حشت فمها بقدر ما امكنها واخذت تمضغ بلذة ظاهرة . لم تكن الشطيرة سيئة المذاق ، وقالت : انا بحاجة الى بعض الحليب لكى ينزل هذا الى البطن
الامر الوحيد ذو الاهمية الذى وجدته فى الثلاجة هو نصف زجاجة من الحليب . سكبت القليل من الحليب وشربته ، ثم قالت باستحسان : هذا رائع . لقد ارتاحت معدتى الان
واخذت تلامس بطنها وهى تتابع : لكن ليس بامكان اى شخص ان ياكل شطيرة ضخمة كهذه ، وحدهم الاقوياء الشجعان يستطيعون ذلك ، وكذلك اولئك اللذين يشربون الحليب من بعدها لكى يجرفها الى البطن كما يفعل الغول
لمحت ماكس وكادت تنفجر ضاحكة للحنق البالغ البادى على ملامحه . الم يفهم ما تقوم به ؟
وقالت له : شكرا على الطعام ، يا ماكس . انا واثقة من انك لا تمانع لو تصرفت على هذا الشكل
وضحكت له وهى تحذره فى سرها من ان ينسف كل جهدها ، فالطفلان يكادان يستسلمان . انها تشعر بذلك ، لكن اذا لم يستحسن ماكس عملها هذا فلله وحده يعلم ما سيحدث
تمنت لو يلبس قميصا . عجبا كيف يمكن ان يشعر الرجل بالارتياح وهو شبه عار غافل عن تاثير ذلك فى الاخرين ؟
وضعت الشطيرة فى فمها قبل ان تنطلق هذه الفكرة من فمها المتهور ، ثم ادارت حدقتى عينيها لتنظر الى الطفلين بينما هى ترشف مزيدا من الحليب
فى اى لحظة سيتخليان عن حذرهما ويسمحان لها بان تساعدهما
وفى اى لحظة ستتخلى فوبي عن رغبتها فى ان تمرر كفيها على صدر ماكس العارى . يمكنها ان تتدبر امر الرغبة فى الشطائر لكن النوع الاخر من الرغبة مشكلة كبرى
أنت تقرأ
الابوة الملائمة
Romanceتلقى ماكس ساوندرز اكبر صدمة فى حياته عندما اكتشف انه والد صبيين توأمين لم يكن عنده فكرة عن وجودهما كيف عليه ان يواجه المواقف الان بصفته والد دون والدة ! لم تعجب فوبى جيلبرت فكرة العيش مع ماكس كمربية . لكنها لم تستطع ان تقول لا بينما طفلان صغيران بحا...