٣- لن احلم بالمستحيل

10.9K 388 2
                                    

-حسن ، فليحصل ماكس على مربيته الجديدة ويحضرها معه ، ثم يطردنى . وكأن هذا يهمنى !
القت فوبى بمنشفتها المبتلة فى سلة الغسيل ، وسوت قميص نومها القديم ثم خرجت من الحمام الى الردهة . لم يعد ماكس بعد وكلما فكرت فوبى فى ذلك كان انزعاجها يتجدد
القت نظرة على غرفة الطفلين ثم اومات راضية عندما راتهما مستغرقين فى النوم ، وعاد قلبها يخفق مرة اخرى فتنهدت . شعرت بأن الطفلين هما هبة من الله لها . فى الواقع ، كلما فكرت اكثر فى هذا النهار وفى الامسية الماضية ايضا ، ازدادت غضبا . تمتمت وهى تسير بحذر مبتعدة عن الغرفة التى يرقد فيها الصبيان : الرجل لا يريدنى هنا ... وهو لايثق بى ، ومع ذلك يتركنى وحدى مع الولدين طوال النهار من دون ان يخبرنى عن مكان تواجده ، وكأن حبى لهما لن يزداد عندما يتركنا معا بهذا الشكل
واسرعت فوبى نحو المطبخ لتشرب كوبا من الشاى يريح اعصابها قبل العودة الى الفراش ، اليوم هو من دون شك اخر ايامها هنا كمربية . بعد ذلك ، كل هذا الاضطراب الداخلى الذى يتملكها سيصبح من الماضى
لاحظت ضوء خافتا فى آخر المطبخ ، ووجدت ماكس جالسا الى مائدة المطبخ ياكل الوجبة التى اعدتها له ، منكبا على مجموعة من الوثائق . لابد انه عاد اثناء استحمامها
سالته وهى تقف عند المدخل حافية القدمين : اين المربية الجديدة ؟ ظننتك ستحضرها معك ؟
كانت الغرفة باردة ، والنوافذ الواسعة فوق الحوض تعكس سواد الليل الحالك
كانت ملامح ماكس تعكس الضجر والمرارة ونبهت الصفة الاخيرة حواسها ، فعبست بينها وبين نفسها ، وكأن ليس لديها ما يكفى من الهموم والمشاغل . لم تستطع ان تمنع نفسها من التفكير فى ان ماكس يعانى ايضا ما جعل اسكات مشاعرها نحوه اكثر مشقة . لقد حيرتها فكرة ان ماكس يشعر بالرغبة فيها ... ولو بشكل محدود ! لقد تغيرت الامور وهى لا تدرى لما يحدثها قلبها بانهما لن يتمكنا قط من العودة الى التعامل مع بعضهما البعض كما اعتادا
نظر ماكس الى صحنه ، ثم عاد ينظر اليها : شكرا لانك تركت لى بعض الطعام ، لم اتوقع منك ان تزعجى نفسك
-صدق او لا تصدق ، عندما ابذل بعض الجهد يمكننى ان اكون غاية فى التنظيم
تملك فوبى نوع من الارتياح وتملكتها الثقة بقدرتها على ان تكبت مشاعرها نحوه واضافت : فى الواقع ، لا اجد صعوبة فى اعداد عشاء لاربعة اشخاص بدلا من ثلاثة حتى لو كانت الامدادات محدودة
من الافضل لها الا تهتم بهذا الشعور بالشوق الذى يتملكها لان ماكس قريب منها
تقدمت الى المطبخ فلاحظت لاول مرة الاكياس المكومة فى زاوية بعيدة . يبدو ان ماكس وجد اليوم فرصة للتموين ،
وسالته : انت لم تجب على سؤالى . هل وجدت مربية ؟
دفع طبق الطعام بعيدا ، ثم اشار اليها بأن تتقدم تجلس قربه . استجابت رغما عنها فما من احد يحب ان يطرد من عمله ، وهذا ما سيفعله ماكس فى اى لحظة الان
عندما اقتربت منه ، لاحظت انه اكثر ارهاقا مما ظنت واعترفت بأن وجودها هنا لم ينفعه كما ارادت
من الافضل ان تذعن لرغبته فى طردها . فالرغبة التى تتملكهما فى ان يقتل احدهما الاخر كلما تقابلا ، جعلتها لا تشعر بالدهشة لعدم رغبة ماكس فى وجودها هنا
ومع ذلك ، امتلات زاوية فى قلبها الما لفكرة رحيلها . لكن عليها ان تتجاهل ذلك ما دام ماكس نظم الامور بشكل مقبول ، فمصلحة الولدين اهم
-يمكننى ان ارحل من هنا متى شئت ، يا ماكس
ها هى ذى تيسر له الامور من دون ان تشعر وكانها تقتطع جزءا منها ، فهى معتادة على رعاية نفسها ، وتابعت تقول : جئت فقط لاساعدك لاننى ظننتك تريدنى ، لكن الامور سارت بشكل سئ
فقال بخشونة : كان مزاجى هو السئ
-نعم ، كنت فى ورطة ، وهذا طبيعى . فقد جاهدت لكى اجعل جيك وجوش يمضيان نهارا معقولا ، وذلك بابقائهما مشغولين
هز راسه : كما انك نظفت معظم المنزل ، لم تكونى مضطرة الى ....
-اعرف هذا
ومع ذلك ، رغبت فى ان تلعب دور ربة المنزل ... علما ان لعب دور ربة المنزل خطر لانه قريب من لعب دور الاسرة السعيدة ، والوقوع فى غرام الطفلين ، والرغبة فى ماكس ، والشوق الى امور لن تستطيع الحصول عليها قط . وكبحت صرخة ألم عالية كادت تنطلق من فمها . عليها ان تخرج الى اشعة الشمس او اى شئ اخر ، ان تفكر فى امور تسعدها وتضع حدا لهذا الحنين السخيف ، وعادت الى الحديث بشئ من الصعوبة : احيانا ، من الافضل ان تصحب الولدين فى نزهة فهذا يخفف عنهما
الان ، عندما حان الوقت للاذعان ، وجدت صعوبة فى العثور على الكلمات المناسبة ، لكنها كانت قد عاهدت نفسها على ان تتمكن من ذلك بشكل ما . لن تدع ماكس يشك فى انها لاتريد ان ترحل
-اذن ، متى تصل المربية الجديدة ؟ الليلة ؟ هل هى من سيدنى ؟ هل هى قادمة بسيارة ؟ يمكننى ان ارحل فى اى وقت . لن تلحظ تقريبا اننى كنت هنا
بدت التسلية على وجه ماكس ثم هز رأسه : لديك مزايا كثيرة يا فوبى ، انما ان تمرى مرور الكرام ولا يلحظك احد فهذا صعب . كل ما فيك يسترعى الانتباه ، سواء تعمدت هذا ام لا
-لا اظن هذا صحيحا
انفجر ماكس ضاحكا : اترين ان هذا ليس صحيحا ؟ ماذا عن ذوقك فى الملابس ، هذا اولا
-الملابس ؟
آه ، هذا ! انها تختار ملابسها من متاجر الملابس المستعملة غالبا ، او المتاجر الرخيصة عندما تتمكن من ذلك
-اعترف باننى لا ارتدى ملابس الموظفات ذوات المناصب العالية . انا لست واحدة منهن
مضت لحظة لم تفهم فيها ما يتحدث عنه ، فهى ليست موسيقية ! ثم نظرت الى قميصها المقفل ، ورغم انه كان حائل اللون ، الا ان صورة القيثارة الكهربائية مع كلمة " عضنى " واضحتان على الصدر فهزت كتفيها : هذا الشئ ؟ انه هدية من عضو فى فرقة موسيقية عرفته ذات يوم . لم استطع ان ارفضه
اخذ ماكس يتفحصه جيدا ، فحاولت ان تصرف ذهنها عن ذلك بالنظر الى اكياس البقالة فى زاوية المطبخ ، ولاحظت كيسا من الموز ، وسالته : هل انت واثق من انك لم تسرف فى شراء الفاكهة ؟ ارجو الا يتلف هذا الموز
نظر الى الموز بدوره : اشتريته لتحضير اقراص الموز المقلية
-ماذا ؟ لكننى لن اكون هنا ؟
كان الموز المقلى طعامها المفضل ، وماكس وكاترين يعلمان هذا جيدا ، وقفت فوبى ثم سارت الى كيس الموز . اتراه يريد ان يمنحها الموز كهدية رحيل ؟ ثم خطرت لها فكرة اخرى فسالته : هل المربية الجديدة تحب الموز المقلى ايضا ؟
-ما من مربية جديدة
وسار ليقف بجانبها قرب الاكياس وقال بصوت خشن : ما من احد سواك انت والموز ، ويمكنك ان تبقى فترة تسمح لك بان تاكلى الكمية كلها
انتعش قلبها . يمكنها ان تبقى فتساعد الطفلين وتستمتع ....
كفانى تنهدا ، ولن احلم بالمستحيل !
-ماذا حدث ؟ هل اخافت سمعة الولدين جميع المتنافسات ؟
لم تكن تعنى ذلك . فى الواقع ، وجدتهما ولدين صغيرين غاية فى النشاط والحيوية وطبيعيين للغاية . لقد فقدا والدتهما حديثا ولم يعرفا ماذا يفعلان فى محيطهما الجديد
-لا ، لا اصدق ذلك . لابد انك لم تبحث جيدا
-صدقينى ، فقد بحثت وسالت واجريت اتصالات هاتفية
-اتريد ان تقول انك امضيت النهار بطوله تطوف بين الوكالات لتعود الى البيت خالى الوفاض ؟
فى الحقيقة ، ارادت ان تعتقد انه يريد ان يحتفظ بها فى بيته
قال والاحباط فى نبرته : اجريت مقابلات عدة مع امرأة عجوز زمت شفتها الى اعلى ، وامرأة بدينة اخذت تلهث عندما نهضت عن كرسيها . مربيات محطمات او غبيات ، صارمات او نظاميات فى ملابس ساذجة . لم ينجح الامر ، لم اشعر بالارتياح مع اى منهن ، فتخلت عن المحاولة وامضيت فترة بعد الظهر فى مكتبى محاولا ان اعمل ، او ان افكر فى ما على ان اقوم به لحل هذه المشكلة . لكننى لم انجح فى اى من هذين الامرين
-فهمت
اذن ، بعد تلك اللقاءات مع المربيات غير المناسبات وفشله فى التركيز على العمل ، اشترى تلك الكمية من الموز وعاد بها . خرج ليحضر مربية جيدة مفصلة حسب ذوقه ومتطلباته لكنه لم ينجح
قالت له : هل انت بحاجة لبعض الوقت لتعالج المشكلة ؟ اتريدنى ان ابقى هنا حتى تجد مبتغاك ؟ ربما عدة ايام ؟ سافعل ذلك
واضافت فى سرها انها تفعل هذا من اجل الولدين ، وهذا ما تفعله مربية اطفال تشعر بالمسؤولية ، وكانت على وشك ان تقول المزيد عندما لفت انتباهها ضوء القمر وهو يقع على عدد من الصناديق الضخمة . فسالته : ما هذا كله ؟
-انه هيكل للتسلق للصبيين . ساركبه غدا
لم تتوقع منه ان يفكر فى امور كهذه ، وقالت : انها فكرة حسنة ، وطريقة ليفرغا طاقتهما بدلا من ان يتلفا اثاثك ويملآ المنزل صخبا
فقال مكشرا : هذه هى الفكرة ، كما اننى بحاجة الى ما يشغلنى بينما افكر فى ما على ان افعله بهما
شئ ما دفعها لان تقول له : هذه هى الفكرة ، كما اننى بحاجة الى ما يشغلنى بينما افكر فى ما على ان افعله بهما
شئ ما دفعها لان تقول له : يمكنك ان تكون ابا رائعا يا ماكس لو انك تدع نفسك ...
اسكتها بنظرة غاضبة : لا تخبرينى بما يمكن ان اكونه او لا اكونه او يجب ان اكونه
حسنا ، الذنب ذنبها رغم ان اعترافها بهذا لا يجعل جوابه مقبولا . لم لا يستطيع ان يحبهما ويتقبل وجودهما بقربه ، بدلا من ان يبذل جهده ليبيقيهما بعيدين عنه ؟
اتراها تتساءل هنا عن ولديه ام عن نفسها ؟ عن الولدين طبعا ! فقد حددت فوبى اسلوب حياتها منذ زمن طويل وهو لايتضمن ماكس . مهما كان الشعور الذى اثاره فيها الان ، فهى ترجو ان تتخلص منه سريعا
-ساساعدك قدر امكانى حتى تجد مربية ، هذا هو المهم حاليا
وعندما التفت ليواجهها ، اضافت بابتسامة صغيرة : فهذا ما جئت من اجله الى بيتك
وضحكت قليلا فقط لتريه انها غير مهتمة
-شكرا يا فوبى ! اقدر لك رغبتك فى المحاولة
لم تعرف ان كانت كلماتها قد صدمته ، لكنه على الاقل لم يعقب عليها بل قال : سيكون من المؤسف ان ندع الموز يفسد
اذا كان ماكس يحاول ان يمزح ، فاقل ما يمكنها ان تفعله هو ان تمزح بدورها ، فمدت يدها بيده قائلا : الى وظيفتى كمربية مؤقتة اذن
فاخذ يدها بيده قائلا : حتى يستقر الولدان
فكرتهما عن الاستقرار لم تكن متماثلة تماما . لكن فوبى اومات موافقة على كل حال ، ثم سحبت يدها من يده : هل لى ان اطرح عليك سؤالا ؟
قد لا يكون هذا هو الوقت المناسب ، لكن متى سيكون هذا ؟ فماكس فى مزاج جيد الان ، وهما يحاولان الانسجام ، والولدان غير موجودين لكى يسمعا ما يقولانه
-ما الذى تريدين معرفته ؟
-اريدك ان تخبرنى عن امهما
اتراه احبها ؟ وهل كانت تحبه ؟ وهل مازال يحبها ؟ ام انها كانت كالاخريات ؟ هل يتذكر شكلها ؟
حدثت فوبى نفسها بانها تريد ان تعلم ، من اجل مصلحة الولدين ، لكن هذا لم يكن صحيحا تماما . ارادت ان تعرف شعور ماكس نحو ام ولديه . كما ارادت ان تعلم اى نوع من النساء كانت والدة ابنيه وعما اذا كانت ترعاهما اذا مرضا وتداوى ما يتعرضان له من خدوش
بعد ان فكرت مليا ، تملكها الاشمئزاز من نفسها اذ ادركت انها تغار من امرأة ميتة . امرأة كانت قريبة من ماكس ذات يوم ، وبطريقة لن تحلم هى بها قط
هل انا مجنونة ؟
لابد انها كذلك ، لتفكر فى علاقة كهذه . ماكس لا يبقى مع امرأة واحدة ، كما حذرت نفسها . وما كان لها ان تساله عن والدة الطفلين . ما كان لها ان تتدخل فى هذا الموضوع ، لكنها بحاجة لان تفهم مشاعر الطفلين . وهكذا ، قالت تشرح له الامر : اذا كان على ان اساعد جيك وجوش على تقبل التغيير الذى حدث فى حياتهما ، فعلى ان اعرف اولا المزيد عن امهما
-كانت ماريلين تعمل كمحاضرة فى جامعة ، وصادف انها كانت مولعة بالاحجار الكريمة خصوصا تلك التى تبيعها شركة " مشاريع سوندرز "
توترت عضلة فى فك ماكس ... وتملكها شعور بانه لايحب الحديث فى هذا الموضوع ، لكنه تابع قائلا : تعرفت اليها اثناء عرض خاص لمجوهرات صممت بحجر ( الاوبال ) الاسترالى
لم يكشف حديثه شيئا عن شعوره نحو ماريلين . هل يعنى هذا انه لم يكن يهتم بها حقا ؟
-اظنها كانت رائعة الجمال
خرجت هذه الكلمات من فمها قبل ان تستطيع منعها . وهز هو راسه موافقا بعدم مبالاة ليتابع : كانت علاقتنا قصيرة ، كانت امرأة عملية للغاية ، لا تحب الالتزام ابدا . وفى نهاية زيارتها الى سيدنى افترقنا بشكل ودى ثم نسيت كل شئ عنها حتى اتصل بى محاميها ذات يوم ليبلغنى بموتها ، وبابوتى لتوأم وبأن على ان احضر حالا لاخذ الولدين
ماريلين اذن ، لم تكن سوى واحدة من كثيرات عرفهن ماكس . لكن الامر سيختلف لو علم ماكس انه رزق بولدين منها
واطلق ماكس زفرة طويلة : كان الطفلان فى رعاية مربية احضرتها لهما ماريلين ، لكنها كانت فتاة مراهقة تعتمد على امها لتساعدها . لم يكن الوضع مرضيا ابدا
وتملك ماكس التوتر : اكتشافهما اننى والدهما احدث لديهما صدمة ، لكن صدمتى لعدم اتصال ماريلين بى كانت اقوى . كنت اظنها تعرفنى بما يكفى لكى ....
يبدو انه فكر فى امكانية ان يقيما علاقة من نوعا ما . وسالته : هل هذا يعنى انك الوصى الوحيد عليهما ؟
-نعم ، ليس لماريلين اى اقارب وانا الراعى الوحيد ، كما ورد فى هويتيهما اننى والدهما . ما من شك فى اننى المسؤول عنهما
يا لها من طريقة محزنة لعرض الوضع ! والامر المحزن اكثر هو ان ماريلين اخفت امر الولدين . ولو لم تمت ، لامضى ماكس حياته كلها من دون ان يعلم انه أب لولدين . قالت : انا اسفة يا ماكس
-هذا غير مهم
وبدا العنف على ملامحه لحظة لتعود فتلين ، متحولة الى عدم اهتمام ساخر : كل ما يهمنى الان هو ان ابذل جهدى من اجلهما
كيف يمكنه ان يوفق بين ذلك وبين رغبته فى ان يتركهما لمربية ترعاهما ؟ وسالته : انا اسفة لسؤالى هذا ، ولكن كيف ماتت ماريلين ؟
-فى حادث اصطدام ، لم يكن الطفلان معها حينذاك
لم تشأ فوبى ان تعود الى التفكير فى هذا الامر . يكفى ما عانته مشاعرها اليوم ، وقالت : اتمنى لك ليلة سعيدة يا ماكس ، لقد تاخر الوقت وانا واثقة من ان الولدين سيستيقظان مع الطيور فى الصباح
وعندما ارادت ان تخرج امسك بذراعها : شكرا يا فوبى لانك وافقت على البقاء هنا حاليا
بقى الكثير خلف هذه الكلمات : عداؤهما وانجذابهما الى بعضهما البعض ، حقيقة ان الوضع لن يكون سهلا وانهما يسيران نحو المجهول
رفعت عينيها اليه ظنا منها انها النهاية ، لكن شيئا ما فى نظراته تغير واحنى راسه ، لاباس ستجرى الامور كما تقرأ فى القصص . انه يلاطفها ، لكنها ستحاول جاهدة الا تحول وجهها عنه مصدومة . وراحت تشجع نفسها ، ثم سمعت انفاسه عندما عانقها بقوة . واذهلتها المشاعر التى تملكتها وسمرتها مكانها كما شلت تفكيرها
كانت يدا ماكس تمسكان بكتفيها تثبتانها فى مكانها . لاعجب فى تعلق النساء بع رغم انه من النوع الذى يتنقل من امرأة الى اخرى . اذابها عناقه كما تذوب قطعة الزبدة فى المقلاة . لما ؟ اوه ، لماذا فعل هذا ؟ ولم استمر فى ذلك ، حتى بعد ان ذابت عظامها ؟
آه ، ماكس هو من جعلها تشعر وكأنها عادت الى الوطن وليس كاترين او البلدة . لم تعلم من اين جاءتها هذه الفكرة ، لكنها انكرتها على الفور . لا يمكن ذلك . وفقدت تركيزها ، وغمرتها الاحاسيس واغرقتها
ارتفعت اصابعه الى ذقنها ليرفع وجهها نحوه وتملكها الجنون لحظة فاخذت تبادله العناق بكل مشاعرها ، سرت السخونة فى جسمها واوشكت ان تحرقها لكن عقلها استفاق اخيرا ومعه كل الاسئلة الهامة . كانا سؤالين فى الواقع وهما : ما الذى تفعله ؟ ومع ماكس من بين كل الناس ؟ وسلخت نفسها عنه وهى تشهق : كلا ....
تملكها الفزع لاشتراكهما فى هذا التصرف والضيق من سلوك ماكس . هل التفكير فى ماريلين هو السبب ؟ وهل جعله التفكير فيها يعانق فوبى ؟ هل هو شعور بالذنب فى غير موضعه او ما شابه ؟
كل ما تعرفه هو انها جنت للحظة عليها ان تتخلص من تاثير ماكس فيها ، انه جنون وغباء خالصان ، وقد عادت الى وعيها لحسن الحظ قبل ان تسوء الامور اكثر . بدا ماكس ذاهلا مثلها وتوترت ملامحه وهو ينظر اليها واخذ يتنفس بصعوبة : كان ذلك ....
وسكت وهو يتخلل شعره باصابعه وكأن كل شياطين جهنم كلها اجتمعت فى راسه
وعاد فانتصب فى وقفته ثم تنفس بعمق قبل ان يقول : اذن ستساعديننا كمربية حتى اتمكن من الحصول على بديلة . وسادفع لك الراتب نفسه الذى ادفعه للاخريات
ذكر لها المبلغ واومات من دون ان تستوعب ما قاله ، عودتها الى العمل جيدة لكن ليتها تتقبل التغيير والعودة الى الطريق القويم بدلا من التفكير فى ... عناق واحد !
امال ماكس راسه جانبا وتراجع خطوة ثم اخرى : هذا حسن . عظيم ، لقد حسم الامر اذن . هذا كل شئ ... حسم
فرددت فوبى : حسم
ثم اومات كما فعل هو تماما . كانت لا تزال تحت تاثير الصدمة ... لكنها قالت : ستعود الى العمل الان اليس كذلك ؟
وضع يديه فى جيبيه ثم اخذ يتامل لوحة على الجدار : نعم ، الى العمل
هذا حسن ، بامكانهما ان ينسيا كل ما حدث ، وهذا افضل لانها لا تستطيع ان تترك نفسها تنجذب الى ماكس ، خصوصا عندما يترك هذا الامر مثل هذا التاثير فيها . ستتجنبه فى المستقبل قدر امكانها ، وستبقى نفسها مشغولة كما ستتجنب التفكير فيه ورفع الكلفة بينهما ، تتجنب مقارنة ماكس وولديه ومربيتهما بأسرة سعيدة
يريد ماكس مربية تتقاضى راتبا ، وهو موجودة يمكنها ان تقبل هذه الوظيفة مؤقتة ، مجرد ترتيب عملى من دون مشاعر ، يمكنها ان تقوم بذلك . وقالت : حسم الامر الان
حاولت ان تجعل نبرة صوتها من دون حماسة لكنها فشلت تماما ، فقررت ان تهرب : اراك لاحقا
قالت هذا وهربت

الابوة الملائمةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن