٩- زائرة من بعيد .

8.1K 292 2
                                    

لم تشعر فوبى بمثل هذا الملل منذ ... حسنا ، منذ وقت لا تستطيع ان تتذكره . لقد امضت وقتا صعبا منذ وصولها الى ماونتين جيم ، فهل اهتم احد بها ؟
كلا ، كان عليها ان تواجه المشاكل وحدها ، كالعادة واثناء مواجهتها لذلك لم ينفك ماكس ان يتشاجر معها ، ويغريها كى تتزوجه . لولا وجود الولدين لما اهتمت بهم جميعا !
مراجعة هذه الامور فى ذهنها جعلها تريد ان تنفث نارا ، اذا كان ثمة رجل لا يستحق ذرة من اعتبارها فهو ماكس ساوندرز
لقد ذهب لحسم قضية مزرعة ماريلين وقد شعرت بالاشفاق عليه وهى تراه مضطربا ، وكأنه لا يريد ان يتركها هى والولدين . وجعلتها مشاعرها المتضاربة ترغب فى ان تعرض عليه بأن ترافقه مع الولدين ... اى حل يبقيهم جميعهم معا . يا لحماقتها ! لحسن الحظ انها لم تستلم لمشاعرها فى السرير هذا الصباح
لكنها تساءلت الان عما دفعها الى الندم لعدم قيامها بذلك ؟ السبب هو فيليسيتى دانفرس . وادركت ان فكها عاد الى التوتر فحاولت ان تجعله يسترخى . بعد رحيل ماكس بيوم برزت المرأة على عتبة الباب حاملة جهازها الكمبيوتر النقال ومتاعها ... وعندما قالت فوبى لها ان ماكس غير موجود ، اجابت : لاباس كنت اعمل بسرعة مخيفة ، ويومان ارتاح فيهما سيجعلانى بحالة حسنة قبل عودة ماكس ، وفى الواقع انه توقيت ممتاز
كانت قد صرفت سيارة الاجرة ثم دخلت ببطء وتشامخ
كانت لتحتمل الامر ... حسنا ، ليس تماما . لعل فوبى تقبلت الامر ... لكن المسألة لم تقف عند هذا الحد ...
عند سؤال فوبى عن سبب هذه الزيارة ، اجابت فيليسيتى : انا هنا لاقوم بعمل ماكس اليومى ، يا حبيبتى . انها خدمة لن يستطيع ان يرفضها ... ثم ، حسنا ....
وسكتت بخجل ثم عادت تتابع : وبعض الامور الاخرى التى لن يقاومها ، والان احضرى لى كوب شاى من فضلك ، ثم كفى عن ازعاجى . ليس لدى وقت لاعطاء تعليمات للخادمة كبحت فوبى رغبتها فى ان تضربها على رأسها وعندما قالت لها انها مربية وليست خادمة ، رفعت هذه حاجبيها وقالت : لافرق بين الوضعين ، كونى فتاة طيبة واحضرى الشاى والامتعة من الخارج
ولا حاجة للقول ان امتعتها بقيت فى الخارج الى ان ادخلتها فيليسيتى بنفسها ، لكن فوبى احضرت لها الشاى لانها فى الاساس انسانة طيبة للغاية . ذكرها وجود المرأة فى البيت بطبيعة ماكس الحقيقية
وكيف لا ؟ كانت فيليستى مثال المرأة التى يرغب فيها ماكس ، وقد لا يكون لدى هذه المرأة الوقت الكافى لاعطاء تعليمات للخادمة ، لكن لديها الوقت لتعذيبها ، وقد عمدت الى ذلك دون ادنى اعتبار لمشاعر فوبى التى جرحتها عند حضورها ، ولم تفعل شيئا لاحقا للتخفيف عنها او تحسين الوضع بينهما . ارادت فيليسيتى ان تعرف كل شئ عن ماكس ، اسلوب حياته وعاداته . لم تبد اهتماما عندما اخبرتها فوبى عن ولديه
يبدو ان هذا الخبر لم يطرق سمع فيليسيتى من قبل وبدا واضحا ان فيليسيتى لا تنوى ان تدع وجود الولدين يقف فى طريقها .
قد لا تكون زيارتها هذه بناء على موعد سابق ، لكن من الواضح انها هنا لتنشب مخالبها فى ماكس وهى واثقة تماما من انها ستنجح فى ذلك . صرت فوبى باسنانها وحاولت ان تتعقل فحرصت على البقاء خارج المنزل مع الولدين ، ما ابقى فيليسيتى فى المنزل وحدها
كان النهار حارا خانقا ، اشبه بالجو داخل المنزل
قالت تخاطب جوش وهى تشير الى زر هناك : حاول ان تضغط على هذا الزر يا جوش هذه هى الطريقة
واخذت تنظر الى الصبى وهو يضغط الزر ثم يصيح مبتهجا عندما سار القطار الذى يعمل بالبطارية على سكته ، فيما جلس جيك بعيدا بين العابه المطاطية ، وتمنت فوبى لو يمكنها ان تقنع المرأة التى فى منزل ماكس بالذهاب الى العالم الاخر
اسوأ ما فى الامر هو ان فيليسيتى تملك كل ما ينقص فوبى ، فهى امرأة عاملة بالغة الجاذبية مذهلة الجمال والذكاء تعرف بالضبط ما تريده وكيف تخطط للوصول الى مبتغاها وبالمقارنة . شعرت فوبى بانها غبية ومزرية ، وتعالى ذلك الصوت الخشن الذى يهيج الاعصاب : انتم يا من هناك ، اظننى اخبرتكم اننى اريد ابريق شاى
تمتمت فوبى : لابد انها سمعتنى افكر فيها
واطبقت اسنانها بشدة لكى تمنع نفسها من الصياح بكلام لا ينبغى التفوه به ، ولفت انتباهها صوت سيارة قادمة ، انه ماكس ها قد وصل اخيرا . اخذت فوبى تفكر فى كل تلميح او تعريض قذفتها به فيليسيتى طيلة اليومين الماضيين فى موجة كادت تخنقها. تذكرت كيف قالت فليسيتى انها ستنقض على ماكس حال نزوله من سيارته ، ورات فوبى وهى تتصور ماكس وفيليسيتى معا ان ماكس ما هو الا دودة ، افعى ، ضفدغ سام على دودة على افعى
لقد طلب منها الزواج لكنه لم يكن صادقا فى ذلك ولابد انه شعر بالارتياح عندما رفضت عرضه . جل ما اراده ماكس منها هو ان تستلم له ، ومع ذلك تركت نفسها تقع فى غرامه ، وهى ما زالت تحبه رغما عنها ، وانتظرت عابسة ثم قالت للولدين عندما اوقف سيارته : جاء والدكما
هتفا بفرح ثم ركضا يهبطان الدرجات ، وتبعتهما هى ببطء مصممة على لعب دور المربية ، ولو قتلها ذلك . لا يمكنها ان تدع ماكس يدري مدى كرهها لفكرة اجتماعه مع فيليسيتى . ليس لديها من خيار اخر سوى القيام بدورها على افضل وجه ،
تصرفت بشكل ممتازا الى ان استدار ماكس من خلف السيارة حاملا امتعته ورآها فارتسمت على شفتيه ابتسامة بالغة الحلاوة ، ما جعل فوبى تنسى للحظة كل ما يحيط بها وتحدق فى وجهه ، وقد عاد اليها كل الشوق الذى ظنت انه انتهى وتلاشى
لم بدا لها بهذا الشكل ؟ لِم لم يبق متمالكا نفسه بدلا من ان ينظر اليها بهذا الشكل ؟
انها مخيلتها التى تصور لها انه سعيد لرؤيتها . لقد ابتسم لانه امل ان تساعده فى حمل امتعته الى الداخل . نعم ، فهذا ما تظن فليسيتى انه يناسبها
اخذ الولدان يضحكان ويرقصان لكن ماكس وقف ينظر الى فوبى برغبة لم يحاول ان يخفيها
هذا الضفدع ... الافعى ، الدودة ... كيف يمكنه ذلك ؟
وتقدم منها : فوبى لقد افتقدتك و ....
-لديك زائرة
كانت الكلمات مشحونة بالغضب حتى كادت فوبى لا تعرف صوتها . كانت تعلم ان وجهها يظهر من دون شك كل الاحتقار الذى تشعر به فضلا عن اشمئزازها البالغ من نفسها ....
كيف تاثرت بماكس ولو للحظة بينما هى تعرف حقيقته ؟ ماكس ساوندرز لا يمكن ان يكون مخلصا فى حياته
وبدت الحيرة على وجه ماكس : ما الذى تتحدثين عنه ؟
استدارت فوبى واخذت ترتقى الدرجات الى الشرفة : الا يمكنك ان تخمن ؟ دعنى اصفها لك . ساقان طويلتان ؟ ابى يملك العديد من متاجر المجوهرات ؟
امسك ماكس بذراعها يديرها اليه : فيليسيتى دانفرز ؟ هل قلت ان فيليسيتى هنا ؟
-ومنذ يومين طويلين للغاية
ونفضت ذراعها من يده وتابعت سيرها : ادرك ان لديك اسئلة كثيرة لكن حاول الا تمددها على السجادة وان تجد لها مكانا خاصا بها . ثمة طفلان سريعا التاثر فى المنزل ومربية غاضبة للغاية !
القى عليها ماكس نظرة صاعقة : ما الذى تتحدثين عنه بحق جهنم ؟
-هذا طلب بسيط يا ماكس ، وانا واثقة من انك ستنفذه اذا فكرت فيه
اخذ فك ماكس يرتعش ونادت هى الولدين ليدخلوا الى المنزل وعلى فمها ابتسامة زائفة وهى تعدهم بحوض حمام ملئ بفقاعات الصابون وبعشائهم المفضل ما داما كانا طيلة النهار مهذبين ، وعندما تبعهم ماكس رمقته بنظرة حقد وهى تتابع قائلة : وسيقرأ لكما بابا حكاية قبل النوم . انا واثقة من ان بامكانه ان يتدبر بعض من الوقت الذى سيمضيه مع زائرته ، من اجل ولديه الحبيبين
وقبل ان يتمكن ماكس من مناقشتها ، او يخبرها بانها تجاوزت الحدود مرة اخرى ، تكلمت الضيفة : ماكس ، يا اعز الناس
ونهضت فيليسيتى بشعرها الاشقر وساقيها الرشيقتين اللتين لوحتهما الشمس ، من جلستها المسترخية على الاريكة فى غرفة الجلوس ثم اندفعت لتلقى نفسها على صدره . نصحت فوبى نفسها بعدم الاهتمام وهى تستمر فى سيرها متمنية لو بامكانها ان تركل هذه المرأة على ساقها ثم تعود لتركل ماكس ايضا
آخر ماراته قبل ان تغلق باب الحمام بعنف خلفهم هو يدا ماكس ترتفعان لكى تقبضا بقوة على ذراعى فيليسيتى . لاشك انهما الان متعانقان ولم تستطع ان تقف لترى هذا المنظر
تركت المياه تتدفق وهى تحدث نفسها بانها لا تهتم بما رأت مثقال ذرة . اذا ارادت فيليسيتى ان تطلق لنفسها العنان مع ماكس ، فهنيئا لها ! ففوبى ليست بحاجة الى اى من هذا وهى سعيدة فى وحدتها
وفكرت فى ان تهرب باقصى ما يمكنها من السرعة لكنها عادت فاخمدت هذه الرغبة ، لديها عمل تقوم به وستقوم به ، والا بدا الامر وكأنها تهتم بما يفعله ماكس ، وهذا ما لا تريده !

الابوة الملائمةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن