مزق الظلام صرخة عالية ، وكانت فوبى خارج سريرها حين انطلقت الصرخة الثانية وهى فى غرفة الطفلين . كانت الرياح تولول فى الخارج
هذه الرياح اخافت فوبى فى الماضى ، ويمكنها ان تتفهم سبب عدم نوم الطفلين
كان جيك جالسا فى سريره متسع العينين وقد شحب وجهه فيما عادت الرياح تعصف مرة اخرى وتهز المكان ، وكان جوش يهمهم ، وعندما ارتج المنزل عاد يصرخ
اقتحم ماكس الغرفة راكضا ، ثم وقف ينقل بصره بين الطفلين متسائلا : ماذا حدث لهما ؟
-انها العاصفة الرعدية
ورفعت جيك من سريره تحتضنه وعندما لف ذراعيه وساقيه حولها شعرت بجسمه الصغير يرتجف وهو يدفن راسه فى صدرها ، وقالت : انهما خائفان للغاية
وعندما التفتت وجدت ماكس يحمل جوش بالطريقة نفسها وقد ادار راسه نحو النافذة قائلا : نسيت كيف يبدو ذلك لمن هو غير معتاد عليه . علينا ان نهدئهما بشكل ما
حاولت ان تجعلهما يبادلانها النظر قائلة : جيك ، جوش ، اعرف ان هذه الاصوات صاخبة ومزعجة للغاية ، ومخيفة قليلا عندما يهتز البيت ، لكنها مجرد رياح قوية ، نحن آمنون جدا هنا
لكن الولدان لم ينظرا اليها واستمرا فى الصراخ ، وحاولت ان تفكر ، لكن ذهنها كان مشوشا لقلة النوم ، كم الساعة الان يا ترى ؟ الثانية ؟ الثالثة صباحا ؟ شعرت وكأنها لم تنم سوى دقائق قليلة قبل ان يوقظها الصراخ
وتذكرت سبب ارقها . ماكس ، ذاك العناق ، تصميمه على ان تعترف بانها تريده ، حتى بعد ان رفضت عرضه المؤلم ذاك للزواج
انها طبعا ترغب فيه ، يكفى ان يتواجد فى مكان ما من البيت لكى ينشغل قلبها وتتشوش افكارها ، واعترفت فوبى ان وجودها هنا مع ماكس وجيك وجوش جعلها تتشوق الى اكثر مما اختارت لها الحياة هى المرأة التى تعلم انها عاجزة عن الانجاب يجذبها احتمال ان تصبح لديها اسرة جاهزة ؟ حاولت الا تدع الوضع يؤثر فيها لكن هذا حصل ، كان الطفلان بالغى الهياج ، فساور فوبى شعور بالاهتمام والحماية لا يختلف عن شعور اى ام
عاصفة رعدية اخرى جعلت الولدين يعاودان الصراخ
-انت فى امان جيك
وعبر ماكس الغرفة بخطوات واسعة ليصل اليها ليتمكن من ان يضع يديه على ولده الاخر ويحمله : انت وجوش آمنان تماما ، لن يحدث لكما شئ هنا . لن ادع ذلك يحدث
نبرات صوته الرقيقة الخافتة والاهتمام البالغ على ملامحه اسقط ما تبقى لدى فوبى من مقاومة . لابد ان ماكس يحب هذين الولدين ، والا لما تصرف بهذا الشكل ، ربما مع مرور الوقت سيزداد حبه لهما فيصبح ابا حقيقيا
ربما كانت فوبى مخطئة فى ظنها انه يكبح مشاعره بشكل دائم ، ربما اخطأت عندما رفضت عرض الزواج الذى قدمه ! لعله سيتغير مع الوقت ويبدا بالاهتمام بها هى ايضا ، وخفق قلبها وهى تتخيلهم يشكلون اسرة متماسكة تتمزق هى شوقا اليها
كانا معا وسط الغرفة وكل واحد منهما يحتضن ولدا ويلاطفه فى محاولة لتهدئة خوفه من غضب الطبيعة
من المؤسف ان هذا الجزء من المنطقة يشهد مثل هذه العواصف ، وفى الصباح ينتهى كل هذا من دون حتى قطرة مطر واحدة . لكن معرفة هذا لا تنفع حاليا ، كما ان ادراكها لضرورة ان تقاوم رغباتها العاطفية لا ينفعها ايضا
-لا يمكننى ان احارب هذه العواصف من اجلهما
كان صوت ماكس يفيض احباطا ، وقد اضطر الى الكلام بصوت مرتفع ليعلو صوته على ضجيج العواصف وصراخ الطفلين
-سريرى
كان هذا الالهام الوحيد الذى هبط عليها فى مواجهة مثل هذا الذعر البالغ ، واخذت تمسد الظهرين الصغيرين آملة ان تستحوذ على انتباههما ، ثم وضعت مشاكلها جانبا وقالت : اتذكر حين حضرت الى هنا لاول مرة واخبرتك بان سريرى هو اكثر الاسرة فى البيت أمانا ؟ مازال كذلك . انا واثقة من انكما اذا ذهبتما الى هناك فستكونان آمنين
اوما جيك فيما لم يبد جوش اى رد فعل ، لكنه لم يعد يتخبط بين يدى ابيه . اخذا الولدين الى غرفتها بصمت ، وعندما حاولت ان تضع جيك فى السرير تعلق بها وهو يشهق باكيا : معك ، معى فوبى
-آه ، يا للطفل العزيز
واغرورقت عيناها بالدموع فصعدت الى السرير مع جيك الذى احاط خصرها بذراعيه ، ثم مدت ذراعيها لتاخذ جوش ايضا وقد اكتسحتها المشاعر ، واحست بانها على وشك البكاء ، احيانا . يمكن لفوبى ان تقسم على ان رحمها يتالم لعدم قدرته على الانجاب ووجودها الان مع ماكس واولاده جعل ذلك الالم اكثر حدة
وتنحنحت ، ثم نادت جوش : تعال يا جوش دعنا نلتصق ببعضنا البعض لندفأ
لكن جوش لك يكن ينوى الذهاب الى اى مكان ، اذ صرخ وخبأ وجهه فى صدر ماكس العارى ، فقال له ماكس وهو يمرّ يده على راسه : الا تريد ان تنام فى سرير فوبى ؟ لاباس ، ستنام فى سريرى ، هل انت مسرور ؟
لكن جوش اخذ يرفس بقدميه صارخا : كلا
سالته فوبى بهدوء رغم اضطراب مشاعرها : ماذا تريد يا جوش ؟
كان الطفلان يتضحان بتوتر ملا الغرفة اكثر بكثير من الاعاصير المولولة فى الخارج
كان جيك ما يزال يرتجف على صدرها ، ويصرخ لدى اى اضطراب مفاجئ يتملكه ، وشعرت هى بمشاعرها تكاد تنهار
قال جوش وهو يشهق على كتف ماكس : اريد ان انام فى السرير ، ننام كلنا ، انا وجيك وفوبى وبابا
لم تجدها فكرة جيدة ، لكن الاغراء فى ان يستلقوا هم الاربعة فى سرير واحد ، زحف الى ذهنها بمكر ، مغلفا قلبها المتالم
بحثت عينا ماكس عن عينيها بتحفظ وحذر ، وبتوسل ايضا من اجل ولديه كما افترضت ، فعادت الى واقعها الراهن . لعلها ترغب فى ان تستغرق فى مشاعرها وردات فعلها حاليا ، لكنها راشدة ويفترض بها ان تكون قادرة على التعامل مع هذا كله
حولت عينيها عن عينى ماكس ، ثم ازاحت الاغطية وهى تقول لجوش بحذر : ادخل السرير اذن ، وسنكون جميعا معا
صعد جوش الى السرير وتبعه ماكس : هل انت مسرورة بهذا ؟
انها طبعا غير مسرورة ، لكنها اشارت بعينيها الى جيك بين ذراعيها ومن ثم الى جوش المستند الى صدر ماكس العريض ،
وقالت : انهما كل ما يهمنى . انا لا امانع طالما هو ضرورى لهما
ينبغى ان يوضح كلامها هذا ان ما من افكار اخرى فى ذهنها وتوتر فك ماكس ، لكنه اوما : صدقينى لو وجدت طريقة اخرى لتدبير امرهما لاتبعتها
وبشكل سخيف شعرت بجرح فى كرامتها ، اذا كان ماكس يرى ان فكرة مشاركتها الفراش كريهة ، فلم اراد ان يرتبط بها لبقية الحياة ؟ لانها كانت هنا
كان عليها انتبقى هذه الحقيقة نصب عينيها ، بدلا من ان تستسلم لتخيلات سخيفة عن الأسر السعيدة . كان عرض الزواج تصرفا شاذا جنونا مطبقا من ناحيته ... فهو لا يلتزم طويلا مع النساء ، ومن الافضل لها ان تتذكر هذه الحقيقة من الان فصاعدا
عادت الرياح تعصف لربع ساعة تقريبا ، ثم همدت الى حد جعل خوف الطفلين يخف وسمح لهما بالعودة الى النوم
لكن فوبى لم تنم فقربها من ماكس بهذا الشكل خطير ، ورغم بذلها الجهد كى تضع حدا لاحلامها الحمقاء ، الاانها كانت تشعر بوجوده فى كل ذرة من كيانها
قررت ان تبقى مستيقظة حتى تراه يغادر سريرها وتطمئن الى ان الولدين نائمان ، الواجب وحفظ الذات هما كل ما عليهاان تفكر فيه حاليا . لكن ما سبق وحدث هذا المساء ترك اثره عليها فغلبها النوم مع الطفلين اللذين كان احدهما فى حضنها والثانى فى حضن ابيه
بدت فى نومها باسمة راضية رغم كل جهودها لتحول دون استسلامها للنوم . فهذا كل ما ارادته فى اعماقها
أنت تقرأ
الابوة الملائمة
Romansaتلقى ماكس ساوندرز اكبر صدمة فى حياته عندما اكتشف انه والد صبيين توأمين لم يكن عنده فكرة عن وجودهما كيف عليه ان يواجه المواقف الان بصفته والد دون والدة ! لم تعجب فوبى جيلبرت فكرة العيش مع ماكس كمربية . لكنها لم تستطع ان تقول لا بينما طفلان صغيران بحا...