لفصل الاول

35.3K 366 3
                                    


روايه (فلك):-
بقلمي/وعد يحيي البكري
____________________
(قد نختلق الفراغ داخلنا في محاوله يائسه للنسيان و الراحه ولكن هل الذكريات يقتلها الفراغ؟)
طارت الاوراق مبتعده تماما عن مرمي نظرها كانت البروده هي التي تسود جسدها و لكن بروده الاجواء و قسوه الارجاء لم تستطعا ان تسيطرا علي ذكريتها و شرودها فالذكريات هي الموت البطئ لقلوبنا..ولحياتنا...
التفتت الي القلم الذي وقع ارضا و الاوراق التي طارت مبتعده ولكنها حتي لم تهتم بها لملمت شتات نفسها و هي تقف وبرغم ان الدنيا حولها كانت تدور بلا هواده او توقف الا انها قررت العوده الي منزلها لربما تنعم ببعض الراحه
ظلت في شرودها حتي استمتعت الي صوت صراخ عجلات احدي السيارات فنظرت الي جانبها بخوف لتجد السياره تقف و قد ارتجل صاحبها صائحا بغضب:-
-مش تفتحي وانتي بتعدي الطرق!!
قالت بخفوت و ارتباك:-انا اسفه بجد...
اسرعت في خطوات فزعه و ما ان هدأت انفاسها من اثر الحادثه التي كانت علي وشك الحدوث حتي عادت مره اخري الي كومه ذكريتها
وكان عزاؤها الوحيد هو ان شرودها هذا جعلها لا تشعر بطول الطريق...
و ما ان دخلت الي شقتها حتي ارتمت علي اقرب المقاعد في انهاك و نامت نوما عميقا..
_____________________________________
جلس (سيف) في مقعده الوثير و هو يتناول كوب القهوه مشيرا للرجل الاخر الذي يجلس علي الجهه المقابله لمكتبه:-
-قولي يا زياد ..عملت كل الاعلانات اللازمه ولا لسه
قال زياد بابتسامه:-مع ان يعني يا سيف بيه انا مش شايف لازمه ليها بس عملت كل المطلوب
لم يعلق سيف علي عبارته بل قال باسما:-وريني الاعلانات و شكلها..
ناوله زياد الجريده و هو يقول:-انا عملت نفس الاعلان لكل الجرانيل ..عشان الشركه اعلانتها تبقي موحده يعني ..
تبسم سيف بمكر و هو يتناول الجريده قائلا:-بتريح دماغك انت
لم يعلق زياد لانه لاحظ ان امره بدا مفضوحا فقد تأخر كثيرا في صنع الاعلانات اللازمه و اعدادها و الاتفقاق مع اصحاب الجرائد لذلك فقد قام بعمل كل شيئ في يوم واحد فبدا ان الامر مكشوفا و كل ذلك رغم معرفته بطيبعه سيف الجاده في العمل فهو لا يقبل اي تهاون ابدا و قد اشتهر اسم شركه (mnd) لادوات التجميل في الاونه الاخيره بعدما قام (سيف شريف المنداري) بادارتها فهو يجعل جميع من بالشركه مثل خليه النحل ،قاطعت قبضه سيف افكار زياد وهي ترتطم بالمكتب بغضب و هو يقف قائلا:-
- الي بيحصل باسم الشركه ده تهريج نفس الاعلان لكل الجرايد بنفس الشكل السخيف!! (ساندريلا الmnd) انت مقتنع ان دي طريقه تجذب موديل انها تيجي للشركه يا زياد!!؟
قال الاخير في ارتباك و هو يقف:-انا اسف جدا يا سيف بيه اوعدك ان ...
-متوعدنيش بأي حاجه لو سمحت و من فضلك اتفضل اخرج برا دلوقتي و سبني لوحدي اتصرف في المصيبه دي!
خرج زياد مسرعا دون ان يضيف كلمه اخري فسيف رجلا غضبه نار تحرق الجميع!
بينما جلس سيف بغضب و هو يغمغم:-شويه فاشلين مش عارفين تعملو اعلان اننا محتاجين موديل للشركه!و لا للازم كل حاجه اشرف عليها بنفسي يعني!
__________________________________
كانت اطباق الطعام قد ارتصت ببراعه تدل علي اتقان صاحبها عندما جلس (معاذ) مبتسما و هو ينظر للمائده بشهيه كبيره و هنا جائه صوت انوثي قائل:-
-واضح انك جعان لدرجه انك قررت متستننيش
ضحك قائلا بمكر:-بس انا لسه مبدأتش...هوا انا اقدر اعملها من غيرك...بس تسلم ايدك الاكل شكله تحفه اوي
جلست (ساره) قائله:-طب مش تدوق الاول
-يعني بقالي تلت سنين من ساعه وفاه ماما الله يرحمها باكل من ايدك...ولسه هدوق
تبسمت ساره بخفوت:-الله يرحمها و يحسن اليها ...انت مش هتتجوز بقي و تملي علينا البيت و لا ايه؟
ضحك قائلا:-ايه يا بكاشه زهقتي من كتر الطبخ ليا و لا ايه؟ بعدين مش اطمن الاول ان اختي اتجوزت وبعدين اشوف نفسي..
ذهب بالها بعيدا عند ذكر الزواج و اكتفت بالصمت اجابه بينما قال معاذ بهدوء:-
-قوليلي الموضوع الي كنتي عيزاني فيه
تنحنحت و هي تقول:-بص...انت عارف ان حلمي في التمثيل و الغنا ...وانا عارفه انك اصلا رافض الحلم من ايام ما انا كنت في ثانوي بس..بس انا مع رفضك و رفض ماما الله يرحمها اصريت اني ادخل معهد سينما و خرجت بتقديرات كويسه..
قال في شيئا من الضيق:-وبقالك سنه و شهرين اعده جنبي يا ساره!عشان عمرك ما هتدخلي المجال ابدا بشهادتك...المجال ده واطي..ومش هتعرفي توصليله غير بالطرق الي عقلك عارفها كويس اوي...وطول ما انا علي وش الدنيا..
قاطعته قائله:-حيلك حيلك....براحه في ايه....بص انت الله ينور عليك جبت المضمون الي الموضوع بتاعي فيه ..بس جبت نصه صح و النص لتاني غلط ....بص يا معاذ انا عرفت ان المجال ده فعلا مش بيدخل بالشهاده ...أما واسايط ومعنديش اما الطرق التانيه الي سواء انت علي وش الدنيا او بعد الشر لا...انا يستحيل الجأ ليها...عشان كده انا لقيت طريق تالت...اعلان...هعمل اعلان بس مش تلفزيويني و لا في جرنال ولا حتي في بوسترات
ضحك بعصبيه و هو يترك الملعقه:-
-وهتعمليه ايه ...غير مرئي؟اعلانات ايه و قرف ايه و بهدله ايه الظاهر عليكي اتجننتي...
-اسمعني الله يخليك...
صمت متيحا لها الفرصه للحديث فقالت بتوتر:-
-mnd شركه مكياج محترمه جدا...ومعروفه و مشهوره و هما عملوا اعلان انهم محتاجين موديل ليهم تمثل الشركه...في المنافسات و اللاحتفلات و العروض انت فاهمني..؟
-لا
ابتلعت ريقها و هي تقول:-يعني احط الميكب بتاعهم و ابقي زي بتوع عارضي الازياء كده بس بوشي بس يعني...المرتب حاجه خيال و من هنا اكيد هتبقي الطعله...اديني الفرصه بس و لو لقتني طولت في الشغله دي من غير ما اوصل لاي حاجه...اوعدك اعد في البيت...كمان لسه هروح اختبار و يمكن اتقبل و يمكن لا
شرع يأكل مره اخري منغمزا في التفكير فالتزمت هي الصمت بقلق حتي قال:-دييل يا ساره..لو حصل و اتقبلتي...و اشتغلتي و اعدتي ....مفيش سيره شغل تاني و العريس الي اشاور عليه هيكونلك!
ابتلعت ريقها بصعوبه:-دييل..
-ماشي يا ساره و خلي بالك لو حسيت بنسبه واحد في الميا ان الشركه مش محترمه او اجوئها مش مناسبه....انا هأعدك و بردوا مفيش شغل..
تنهدت بيأس:-موافقه يا سيدي
بدأ يأكل مره اخري و ملامح عدم الرضا علي وجهه
_______________________________
الحب...الحب هو المرض و الطبيب..هو الداء و الدواء ...ففي بعض الاحيان يصبح نقمه و البعض الاخر يصبح نعمه! الحب هو الكلمه و مقابلها فهو من يضمك من بروده الشتاء او يلقيك اليها..هو من يحميك من حراره الشمس او يضعك في عينها،هو الذي يربت علي صدرك ليطمئنك او ينتزع منك الصفاء و السلام..الحب مرعب ،مرعب للغايه فأنت حين تطأ بقدميك علي حافته ..قد تظل ترقص عليها بمرح..او تقع في بئره المظلم...وقوع ابدي لا نهايه له!
اغلقت المفكره الخاصه بها و هي تتنهد بألم شديد..
(فلك) تلك الفتاه التي ولدت في اسره فوق المتوسطه كانت تعيش حياه سعيده الي ان حلت الكوارث متتاليه بدايه من وفاه والدتها و نهايه بعمها الذي تولي امرها بعد وفاه والدها ايضا!
لن تنسي يوما كم المصاعب التي تسبب لها بها ...لن تنسي انها تعيش في هذه الشقه الصغيره بمفردها هاربه منه...شارده الذهن و الخاطر لا تعرف اي شيئ
تنهدت بحزن و هي تقول بصوت خافت:-حاسه اني هتجنن لو فضلت هنا لوحدي
امسكت بهاتفها و هي تتصل بجارتها فقيره الحال التي تقطن بالاعلي مع زوجها وابنتها
-الو....ازيك يا مريم عامله ايه؟
تبسمت مريم و هي تجيب:-الحمد لله....انا فضيت خلاص و نيمت جميله...انزلك شويه قبل ما طارق يجي؟
تبسمت فلك بامتنان شديد و هي تقول:-ياريت و الله..هكون مبسوطه...انا اصلا كنت متصله عشان كده ..
قالت مريم بسرعه:-طيب تلت دقايق و ابقي عندك
اغلقت فلك الهاتف وبالفعل سرعان ما استمعت الي جرس الباب يرن فتحت الباب بابتسامه واسعه و هي تستقبل مريم...
-ازيك يا فلك عامله ايه؟
ألقتها مريم و هي تهم بالدخول و سرعان ما انسجموا معا في حديث طويل كانت تملأه الضحكات و الحكايات المختلفه
-قوليلي يا مريم ..بنتك عامله ايه دلوقتي؟
اختفت ابتسامه مريم و هي تقول:-الحمدلله علي كل حال...الدكتور قالي ثقب في القلب و لازم عمليه في اقرب فرصه و يا تقوم بعدها ...اما خلاص!
انهارت مريم بعدما اكملت العباره فاقتربت منها فلك تضمها و هي تقول:-
-خلي امانك قوي...العمليه هتم و بنتك هتبقي زي الفل...
قالت مريم بحيره:-ازاي بس يا فلك..ازاي واحنا كل يوم بنتأخره بيبقي علي حسابها و انا مش قدره افتح بقي بكلمه و لا اتقل الحمل علي كتاف طارق...صعبان عليا ..صعبان عليا بجد عايزني ابقي جنبها منزلش شغل و بيشتغل شغلتين...و مش عارف يعمل ايه....لا لينا اهل يسألو فينا و لا حبايب يساعدونا ملناش غير رب رحيم سلمته امري و ساكته يمكن بضحك و بنزلك يمكن بطبخ و بلعب مع جميله عادي بس مراري الي جوايا ميدراش بيه غير ربنا ..حتي طارق مهموم بشوفه زعلان و عنيه الدموع هلكاها و كل واحد فينا يخبي علي التاني الي بيه فاكر نفسه بيهون...
-ومحاولتيش تشوفي مراكز مجنايه ؟
اجابت بيأس:-حاولنا كتير اوي ..حاولنا بس مقدرناش نوصل لحاجه
وضعت كفيها علي وجهها و انهارت باكيه فقامت فلك الي الداخل و عادت مره اخري و هي تضع كيس اسود امام مريم قائله:-
-مريم..دول 40 الف جنيه ده الي انا اقدر دلوقتي اوفرهولك...بس لو العميه احتاجت ازيد قوليلي و هتصرف
قالت مريم بدهشه:-جبتي الفلوس دي كلها منين!!
قالت فلك بهدوء:-سبق و قلتلك اني من اسره غنيه اوي يا مريم ..وصدقيني في يوم من الايام هحكيلك كل حاجه بس اطمني دلوقتي الفلوس حلال...خديها..وشوفي بنتك و اعتبريهم سلف سدديهم باقي حياتك انا مش مستعجله..
ضمتها مريم و هي تبكي اكثر واكثر قائله:-الحمدلله الحمدلله!
_______________________________
-صباح الخير يا بابي
قال شريف باسما:-صباح الخير يا سندس...هو سيف مش هيفطر و لا ايه حكايته؟
قالت سندس بعدم اهتمام:-ما انت عارف سيف يا بابي بيروح الشغل بدري...
نظر في ساعته و هو يقول:-اه صحيح الساعه بقت 10 و شويه..
ساد الصمت قليلا بينما قال شريف بهدووء:-
-ايه اخبارك في الكليه يا سندس؟
-كويسه
-متأكده؟
اومأت برأسها موافقه فلم يعلق ثانيا حتي استمع الي صراخ الخادمه من الاعلي فقام في حركه حاده صائحا:-ساااندرا في ايه!!
________________________________
ضوء الشمس...غرفه صغيره...فراش غير وثير ابدا....هواء يمس وجنتها...مكان غريب...جسد غريب!
كل العالم يبدو غريبا جاد!
أين انا؟أو الاجدر بي ان أسأل من أكون من الأساس؟
تركت الفراش و هي تقف بحيره تنظر لوجهها و شعرها الاسود الطويل وجسدها الرشيق ...انها جميله! لكن من هي؟
دوت صرختها في الارجاء و هي تقع ارضا ممسكه برأسها في ألم شديد...
حتي فقدت وعيها وساد الصمت سلطانا علي افكارها...  

روايه (فلك):- بقلمي/وعد يحيي البكريحيث تعيش القصص. اكتشف الآن