روايه (فلك)
_________________
بقلمي/وعد يحيي البكري
___________________
سماء الغرفه الواسعه،الضوء الخافت،شعاع الشمس الهارب من خلف الستائر الثقيله المنسدله علي النافذه،
كان الفراش الصغير مريح للغايه لرأسها ولجسدها ،مريح لفتره وقتيه فقط مثله تماما مثل الحياه فهي تبدو مريحه وقت النوم وحرمته وسكينته ولكنها راحه وقتيه تنقطع بسطوع الشمس..
كان صباحا خريفيا رائعا يسوده رائحه اوراق الشجر التي لا يمكن ان يشتمها الا انف مثل انفها..
فلقد كانت رقيقه بكل جوارحها وحواسها
آتاها صوت (مهاب) قاطعها حبل افكارها الممتد من عينيها اللتان تتعلقان بسماء الغرفه
(مين فلك؟)
كانت الجلسه الثالثه علي مدار اسبوع تحسنت حاله فلك النفسيه كثيرا وفي فتره قصيره مما كان له اثرا ايجابيا في علاجها
تنهدت (فلك) وهي تقول دون ان تجري بمقلتيها بعيدا عن سقف الغرفه:-
-بتهيألي أنا هنا عشان أعرف مين هي فلك..
-انتي اكتر واحده تعرفي فلك كويس جدا....اكتر واحده فاهمه فلك..وحاسه بفلك..وحافظه حكايتها..
لم تجب وهي تبحث في الفراغ..
-حياتك حلوه يا فلك؟
قالت بحيره:-مش عارفه..مش عارفه اذا كانت حلوه ولا وحشه..بس طالما مريم بتقول اني من اسره كبيره وغنيه وهربانه في شقه صغيره اكيد حياتي حاجه لا تطاق..
-خايفه تكون حياتك كانت عامله ازاي؟
قالت دون فهم:-يعني ايه؟
-خايفه تطلعي كنتي هربانه ليه يا فلك؟
ترك لها مساحه من التفكير وعندما طال الصمت قال مشجعا:-
-تفتكري كنتي مجرمه..قتلتي حد أو سرقتي؟ تفتكري كنتي خاطفه حاجه من حد...حد عايز يقتلك؟ واحده غيرانه منك و..
قاطعته بطريقه مفجأه:-خايفه أكون سندريلا يا مهاب..
أسعده كثيرا ارتيحها الذي بدا واضحا في عدم ذكر (دكتور) فذلك سيساعدها كثيرا في العلاج فقال مضيقا عيناه:-
-سندريلا؟
-سندريلا..
-تعرفي حكايه سندريلا يا فلك؟
ضحكت و هي تقول:-حد ميعرفهاش؟
-وهو في حد ميعرفش نفسه؟احكيلي حكايتها..
قالت بتشوش:-الغنيه الي باباها مات ومرات ابوها وبنتها الاتنين خلوها خدامه وكانو بيجو عليها جدا..
-تفتكري والدك كان عايش؟
-لا..
تبسم قائلا:-ايه الثقه دي؟
تنهدت بحيره:-مش عارفه..
_________________________________
عدل سيف من رابطه عنقه وهو يمشي بخطوات واثقه في ردهه الشركه الواسعه الي أن وصل ألي مكتب السكرتيره التي وقفت مرحبه:-
-ازي حضرتك يا سيف بيه ..ثواني واكون مبلغه جاسر بيه بوجودك
اكتفي بأماءه من رأسه رافقتها ابتسامه واثقه بينما غابت السكرتيره لحظات وجاءت بنفس ابتسامتها الروتينه التي بدت ممله:-
-اتفضل جاسر بيه بانتظارك..
دخل سيف دون ان يطرق الباب وهو يبتسم ابتسامه واسعه فوقف جاسر فاتحا ذراعيه:-
-الراااااااجل الغامض بسلامته..
ضحك سيف وهو يضمه:-
-ازيك يا جاسر
-يااه جاسر...وانت لسه فاكر جاسر..
جلس سيف متنهدا:-مشاغل الحياه كتيره..وانت اخبار الفروع معاك ايه؟
كان جاسر هو مدير بعض فروع شركات mud بعدما كان مثل زياد سابقا الا ان سيف كان يثق فيه اضعاف ثقته بزياد فهو صديقه منذ اعوام كثيره
قال جاسر فاركا عينيه:-
-والله تمام...انت ليه محضرتش علي كده المسابقه ؟
قال سيف بتململ:-مش عارف كنت مكسل او مشغول..مش فاكر حتي..
ضحك جاسر متعجبا فلم يمر علي المرحله الاولي سوي اسبوع وكاد ان يقل شيئا لولا رن هاتفه فرأي أسم صبا التي كانت علي مشارف دخول غرفه العمليات فقام جاسر واقفا وهو يغلق هاتفه:-
-لازم امشي دلوقتي
عقد سيف حاجبيه ثم قال في مكر:-بتحب ولا نويت تتجوز؟
-ههههههههههههههه لا يا حبيبي جاسر مش بتاع بنات وحب ولا جواز...بس كل الحكايه ان واحد صحبي داخل العمليات فهروح ابقي جنبه وكده...
قال سيف وهو يقف:-طيب انا جي اقلك ان المسابقه و امورها مؤقتا والشركات كلها وزيااااااااااد تحت مسؤليتك..
-ليه انت هتكون فين؟
ارتبك سيف قليلا وهو يقول:-
-يعني مسافر كده حاجه تبع بابا...قلي..اخبار المزانيه الشهر ده ايه بقالي تلت شهور معرفش حاجه عن الفروع دي ومبيعتها
ارتبك جاسر كثيرا الا ان سيف كانت ثقته تجعله لا يلاحظ هذا الارتباك:-
-استني اشوف اللاب توب كده اصلي مش هحفظ هههه..!
انخفض جاسر علي الحاسوب ليقرأ الارقام 3 مليون ..
رفع نظره باضطراب وهو يقول:-الشهر ده عالي جدا..كويس كويس...الشركه محفاظه علي مستواها 2 مليون و 500 الف..!!!
قال سيف بارتياح:-خلي بالك من كل حاجه يا صحبي..مبثقش غير فيك...
الخائن هو الخائن فلا تهزه الكلمات:-متقلقش يا صحبي..
صافحه سيف ثم رحل ليتنهد جاسر بارتياح وهو يقوم بتحويل 500 الف الي حسابه الخاص..ودون شعور أي بشر..فلا أحد رقيب أو حسيب..لا أحد سوي الله...
_________________________________
زفر معتز الهواء الساخن من صدره بنفاذ صبر وهو يهمس بعصبيه لساره:-
-هما بتوع المسابقه دول معندهمش رحمه للبشر الي معاهم ..مدينك معاد الساعه اتنين والساعه بقت اربعه واحنا خللنا هنا..هو ايه اصلو ده؟
قالت مبرقه عيناها:-معتز صوتك بدأ يعلي وطيه ارجوك انا رقم 16 و طبيعي اتأخر كده ...و انا مش عايزه مشاكل ومن الاول قلتلك متجيش معايا ...
-يسلام! هسيبك كده هنا..
-هيكلوني يعني؟
نظر الي الفتيات المحطين بهما ثم قال:-انتو بقيتو كام ؟
-50 ودي المرحله التانيه
قال غير مصدقا:-انتي رقم 16 واتأخرتي كده امال رقم 50؟وهتفضلو كده بقي؟
-لا هنبقي 25 ومن بعد ال25 في المرحله التالته هنتاسبق تاني ونبقي 10 بس..ومن العشره هيصنفونا كل اتنين مع بعض وبعدين اللجنه هتختار من كل اتنين متساويين في الجمال ونوع الجمال ده واحده بس...ومن الخمسه..يختار سيف بقي
لوي معتز شفتيه وهو يقول:-
-ايه الهبل ده !
قالت ساره بضيق:-
-الهبل ده هيوصلني يا معتز
صمت مبتلعا الكثير من الحديث والسخريه..
(ساره الشربجي)
قامت واقفه كمن لدغها عقرب وهي تضغط علي معصم شقيقها:-ادعيلي..
دخلت الي غرفه المسابقه بينما قالت الموظفه المسؤله عن نداء الاسماء:-
-لو سمحت تخرج برا المكان هنا..لو تلاحظ انك الراجل الوحيد يعني، كمان البنات بتتمكيج وبتجهز اظن مينفعش وجودك ....هبقي اخرجلك الانسه برا...شكرا
قام بخجل شديد وخرج برا الرواق بأكمله ليصادف تلك الفتاه التي لا تقل جمالا عن الفتيات بالداخل
تري هل هي في المسابقه أم ماذا؟
قالت الفتاه آخذه اياه من افكاره:-بتشبه عليا؟
نظر لشعرها الاصفر الذي يلمس اكتفاها برقه وعيناها الخضروتين وقال بارتباك:-لا ..لا ابدا والله انا اسف..
-اعد...هتفضل مستني خطيبتك واقف...
اقترب من الاريكه المريحه بالبهو الواسع للشركه وهو يترك مساحه بيهما ثم يجلس...
-ملحوظه يمكن متهمكيش..هي اختي واسمها ساره..
قالت بتكبر:-هي فعلا متهمنيش..
نظر لها مره أخري ثم ابعد نظره بصعوبه فقالت بنفس لهجتها:-
-لون شعري عاجبك صح؟...علفكره ده صبغه انا اصلا شعري بني غامق زي اخويا بالظبط..تعرف اخويا مين؟...
اومأ برأسه انه لا يعرف فقالت وهي تضغط علي الحروف:-
-سيف...شريف...ألمنداري...أنا ابقي سندس اخت سيف وبنت شريف.
شعر أن الاسم مألوف ربما هو ممثل أو ما شابه..نعم لابد أنه ممثل فهي شركه تجميل كبيره بالتأكيد هذه الجميله هي شقيقه ممثل تشتري ادوات نجميلها من توكيلات كبيره..
قال بخجل:-غالبا ممثل؟
قالت بغيظ شديد:-انت هتعمل انك مش عارفه
قال بارتباك:-في الحقيقه انا مش بتابع عربي...ميولي كلها افلام انجيزيه او امريكيه...بشوفها احسن مع احترامي
نظرت له بغيظ اكبر:-سيف مش ممثل!...
توتر وهو يقول:-انا برودو بسمع اغاني امريكيه بس..وسعات اسباني..ميول يعني
علا صوتها نسبيا وهي تقول:-سيف صاحب الشركه!
رباه...كيف ينسي المنداري فأسم الشركه اختصارا لها mud ؟
قال فاركا مؤخره رأسه:-اه...انا اسف..اعذريني انا شغلي بينسيني الدنيا
قالت ببرود:-انت مش مضطر تفتكر اصلا!
-انا عارف اني مش مضطر زي ما انتي مكنتيش مضطره تقليلي انتي مين من غير ما اسألك...
-What the...!
-ايه؟ هو انا سألتك وانا مش فاكر؟
قالت بغضب:-انت الي كنت بتبصلي كتير..وبتبص لشعري حد قالك تعاكس واحده زي!
-اعاكس؟؟ وليه مكنش مستغرب اساسا ان في حد عاقل يعمل اطراف شعره ازرق!؟ ايه الحلو في كده اصلا؟
قالت بغيظ وعدم تصديق:-excuseme!! انت ايه فهمك اصلا في الحجات دي...
-مطلبتش افهم لانها تفاهات وشكليات بالنسبالي..
لم تجد ردا علي اهاناته المستمره فقالت ببرود وتكبر:-
-انا اصلا غلطانه اني خليتك تنول شرف انك تعرفني وتعد جنبي..
وقف قائلا:-
-بصي يا ساندي..
-سندس!!
-ايوه سوري...سندس..انا مليش شرف في اي اعده او وقفه مع حد غير الي خلقني وبس..كلنا بشر وزيك زي مهما حاولتي...عن اذنك ..
نظرت له بدهشه شديده انه اول رجل لم يخضع لها ويحدثها..!
________________________________
قالت المرأه التي كانت في لجنه التحكيم بلهجتها الحاسمه :-
-يعني افهم من كده يا ساره انك عمرك ما فكرتي تعملي اي مسكات لبشرتك..ومتعرفيش كمان ايه ايه الحجات المفيده ولا المضره للبشره...!!؟
قالت ساره بارتباك:-اه..
فقالت المرأه ساخره:-
-وجايه مسابقه للبشره وانتي معندكيش اي معلومات !
قال زياد مصفقا فجأه:-هايل يا ساره...أنا شايف انك طبيبعيه جدا ده معناه ان البشره دي محتفظه بنقائها من الطفوله مكنتش بتحط اي ادوات تجميل ولا بتحاول تحلي منها بمسكات...
قالت المرأه باعتراض :-بس...
-رأي ...أنك تستاهلي تترشحي للمراحل الجايه...
ثم نظر للرجلين الاخرين بلجنه التحكيم:-مش كده؟
اومأ الرجلين بالايجاب باقتناع شديد من حديث زياد بينما رضخت المرأه مجبره ...فتبسمت ساره لزياد بامتنان وهي تغادر الغرفه..
**كانت ترتدي المعطف الخاص بها قبل الخروج للهواء البارد بفستنها اخضر اللون عاري الاكتاف حين استدارت لتصطدم بوجود زياد خلفها يتأملاها بهدوء شديد فقالت بخجل:-
-انا بشكرك بجد يا زياد..
كانت تقف في الغرفه الملحقه بغرفه المسابقه وهي غرفه صغيره ومغلقه تشبه الصندوق تضع بها اغراضها عند الدخول.(حاجه كده زي البروفا)
تراجعت للخلف خطوه لاقترابه منها بسبب ضيق المكان..
قال بابتسامه لم تريحها:-وهتشكريني كده بس؟ده انتي كان زمانك مشيتي دلوقتي..
قالت بحده:-عايزني اشكرك ازاي يعني..
اقترب خطوه اخري وهو يخفض رأسه قليلا:-
-انتي و ذوقك يا جميله المكان.
علت ضربات قلبها فلم يقترب منها رجل بهذا النحو من قبل سوي والدها قبل ان يرحل و شقيقها..
لمست ذراعه برقه و هي تدفعه للخلف برفق:-هجبلك ورد وشيكولاته اوعدك..عن اذنك..
لا تعلم هي ولا يعلم حتي هو كيف واتته الجرأه ان يعود بها للخلف وهو يحيط بخصرها قائلا في سرعه:-مفيش ورد شفته في حياتي احلي منك
قبلها بقوه وعنفوان شديدين وقد حدث كل شيئ سريعا حتي انها لم تستعب الموقف في سرعه وسرعان ما دفعته بأقوي ما لديها و صفعته في قوه وهي تنظر لعيناه مباشره بعيناها الباكيتان هامسه:-
-انت شيطان...بكرهك!
ثم غادرت بسرعه دون ان تنتبه حتي لقلادتها التي وقعت منها فالتقطها زياد وفي نفسه شيئا من الندم و المشاعر المتخبطه..
_______________________________
-ايه كل ده يابنتي؟
قالت ساره بضيق:-مش عارفه يا معتز...
نظر لها مفكرا:-رفضوكي؟
-لا...كسبت..تقريبا!
قال بشك:-مالك يا ساره...؟
نظر لرقبتها الفارغه فهو من اشتري لها تلك القلاده بنفسه :-
-فين سلسلتك؟
وضعت يدها برعب علي عنقها :-مش عارفه وقعت..وقعت بس مش عارفه امتي !؟
نظر لها متفحصا كان هناك شيئا غريبا بها ولكنه لم يرد الضغط عليها فهي شقيقته وابنته ايضا وتحكي له كل شيئ و بالتأكيد ستخبره..
امسك يدها البارده بشكل غير طبيعبي:-ساره لو في حاجه ضيقتك في المسابقه دي..وانتي متمسكه بيها بردو عشان اشغل...قولي لاخوكي حبيبك...وسيبك من المسابقه انا مستعد اديكي فرصه كمان..بس اوعي لحظه تسمحي لنفسك انك تخافي وانا جنبك...بحبك..
ارتمت في احضانه وهي تقول:-انا بس متوتره اوي اوي ...بس انا مش خايفه واي حاجه هحكيهالك...بحبك اكتر يا بابا قبل ما تكون معتز اخويا..
__________________________________
اغلق سيف حقيبته وقد راجع رأسه ألف مره قبل ان يلتفت لوالده قائلا:-
-بتهيألي انا كده جهزت شنطتي وكلو تمام..
قال شريف باسما:-طمني عليك يا بني من وقت للتاني..ومتخفش رحتك للمصحه محدش هيعرفها الا تلاته ..انا وانت الدكتور...
ثم اقترب منه وهو يمسك بكتفيه يشد آذره:-
-انا بحبك يابني...وعمري ما هكدب عليك..لوكانت المصحات النفسيه حاجه وحشه لسمح الله كنت قلتلك..بس اسمع مني انا..ده لمصلحتك تماما..ومفيهاش حاجه مصحه نضيفه وكبيره ودكتور مش اي كلام..انا عايزك تبقي احسن واحد...وانت متعلم ودارس ان الامراض النفسيه زيها زي العضويه...وكفايه انك بقالك اسبوع بتقول هروح واتأخرت اوي يابني...انا قلبي عليك بس والله...
أمسك سيف بكف والده وهو يقبله قائلا:-ربنا ما يحرمني وجودك جنبي انا بحبك جدا يا بابا...وعارف كل الكلام ده ...ومتأكد منه...في امان الله..
-في امان الله يا بني..
-بابا فين سندس؟
تنهد شريف قائلا:-في الشركه...قالتلي انها مش هتزعلني وهتحضر المسابقه..بس كعادتها بتعمل ال في دمغها وجاتلي الاخبار انها فضلت اعده برا ودخلت المسابقه والمتسابقه رقم 16 في اخر فترتها ..
قال سيف متنهدا:-ربنا يهديها...يلا..عن اذنك
-خد بالك من نفسك يا سيف..
_________________________________
سحر ما قبل منتصف الليل و ياله من سحر...كانت ترسل النظرات باستمرار للسماء من نافذتها تنتظر بفارغ الصبر ان تدق عقارب الساعه الثانيه عشر لتتسلل للنزول
كان شيئا جيدا عدم تحديد مواعيد لمن هم في حاله نفسيه ليست بسيئه للغايه فهي تعشق الشجر و السماء ليلا..
نظرت لعقارب الساعه التي كانت تشير الي الثامنه ليلا
-هفففف تعالي بقي 12 خليني اقابل الاء...
كان اليوم هو اليوم الذي تمت فيه اسبوع برفقه الاء في هذه المصحه وقد احبتها واحبت غموضها وعشوائيتها في الحديث كثيرا واصبحت تنتظر موعد لقائهم الدائم كما انها فتاه مراهقه في السادسه عشر تنتظر لقاء حبيبها...
دخلت الممرضه اللطيف قائله:-اول زياره للجميل..
قالت فلك بتعجب:-بس انا مليش حد يزرني..
-بجد والله...طب تعالي نشوف كده..
ذهبت فلك والفضول ينهش قلبها نهشا الا ان وصلت الي مريم التي جلست ببكاء تنتظرها
-مرييييم حببتي مالك فيكي ايه بس قوليلي.
نظرت مريم للمرضه التي تبسمت في تفهم وهي تغادر الغرفه..
-انا عارفه انك في هم وكرب والله ومش ناقصه مشاكلي يا فلك بس لازم تلحقيني...انا بقالي اسبوع مش عايزه لا اجي ولا اشوفك عشان متفضحش من زعلي وبكايا...اسمعيني
-قوليلي متقلقنيش..
-طارق والله كويس والله والله يشهد مره كمان..بس معرفش ماله مرض بنته عماه خلاص ...لما انتي ادتيني الفلوس بعدها بيوم صرختي الصبح وحصلك الي انتي فيه...انا دفعت مصاريف المصحه و مصاريف المستشفي منها اعد يزعقلي من قيمه اربع ايام لان كل يوم تأخير علي قلب جميله..خطر..وقالي لو متصرفتيش وجبتي فلوس خلال يومين...هيكسر شقتك يا فلك ويدور علي فلوس بناءً علي انك كنتي بتقليلي هديكي تاني..من سعتها انا لا علي حامي ولا بارد....والنهارده زقني وضربني لاول مره وهو عايز حقيقي ينفذ تهديده فقلتله اني هجيلك...فلك انا اسفه بالنيابه عن طارق...انا عارفه انو مش حق مكتسب يعني...بس اعمل ايه..ارجوكي ساعديني بفلوس..
ضمتها فلك اليها و هي تقول:-مريم انتي طيبه اوي والله...اهدي بس...جميله عندها ايه؟
-ثقب في القلب..لازملها العمليه..
صمتت فلك قليلا تتذكر نفسها في مشهد عصيب تلملم بعض الملابس وتنزل درج فيلا واسعه بارتباك في ظلمه الليل وعتمته وهي تتقدم من خزنه صغيره الحجم لا تعرف كيف كان معها ذلك المفتاح حينها الا انها فتحت الخزنه وتناولت كل المال والدهب
رباه!
هل هي سارقه ام ماذا؟؟لكن مريم قالت ان فلك قالت ان المال حلال!
ولما لا تكن كاذبه وسارقه؟
توترت حواسها وشردت وتضاربت افكارها كثيرا.
مريم:-فلك مش عايزه اضغط عليكي
قالت فلك بسرعه وقد افاقت من كل افكارها دفعه واحده:-لا لا انا كنت بفتكر بس....بصي...في دهب...انا متأكده ان في دهب مش عارفه حطاه فين مش فاكره...بس فيه...هطلب منك طلب....منو يفدني..ومنو تاخدي الفلوس لبنتك وتبعدي طارق عن كسر الشقه و المشاكل..
__________________________________
كانت دينا تجلس علي مائده العشاء برفقه شقيها احمد ووالدها سعد الدين فقالت وهي تمضغ الطعام:-
-مفيش اخبار عن كوكب العيله
نظر لها والدها باستفهام بينما ظل احمد ينظر في طبقه ويأكل
دينا ضاحكه:-فلك..
ثم قالت ضاحكه بصوت أعلي لاحمد:-كنت ناوي تخلف منها ايه...قمرين!؟
ترك احمد الشوكه بحركه حاده فانقطعت ضحكات دينا تماما فقال احمد بصرامه وصوت غليظ:-
-فلك و موضعها مش مجري للهزار والمسخره يا ست دينا!! ومش كل يومين تسأليني عليها...لما هنلاقيها هتعرفي بنفسك..
هنا جاءت غاده مسرعه و هي تقول:-
-ست دينا..؟
قال سعد الدين محاولا تخفيف الموقف بين دينا واحمد ومتهربا من حديثهما :-
-كنتي فين من الصبح يا غاده؟
نظرت غاده بارتباك لسعد الدين ثم لدينا التي قالت:-
-انا بعتها يا بابا تجبلي حجات من الحسين وكده عشان مش بعرف انزل..
تركت مقعدها وهي تلقي بمنشفه الطعام التي كانت علي قدميها باهمال:-
-تعالي يا غاده...نفسي اتسدت اصلا ..
وما هي الا دقائق وكانت غاده تدخل الي غرفه دينا خلفها وتغلق الباب باحكام وهي تهمس في فرح:-
-مش قلتلك يا ست دينا ما يجبها الا حريمها....فكرتك حلوه جدا...ونفعت...
برقت دينا عينيها وهي تقول:-
-لقتيها...؟!!
-ايوه يا ست دينا...لقيتها...لقيت فلك..
__________________________________
قال مهاب مرحبا بسيف:-
-انا مبسوط جدا للخطوه الكبيره الي انت ختها دي يا سيف...
قال سيف ببهوت:-شكرا...بس اهم حاجه لو عايز تريحني تبطل تعاملني بطريقه المرضي..
قال مهاب دون ان يتخلي عن ابتسامته المهذبه:-حاضر...
صمت قليلا ثم قال:-طالما انت في المبني ده ...انت مسموح لك تنزل في اي وقت الجنينه ...ومسحولك تمشي لو عايز في اي وقت...بس انا عارف انك قد العلاج وهتكمله..استأذنك..
انصرف مهاب ليغلق سيف الباب وهو يتأمل الحديقه الواسعه من نافذته..ولما لا؟ سينزل قليلا ليدخل الهواء النقي لرئتيه..
نزل سيف الي الحديقه وظل يمشي بشرود فلم يتوقع يوما ان يكون سيف شريف المنداري في هذه الحال...
وعاد يتذكر ان العلاج النفسي مثله مثل العلاج العضوي ...وان الامر بالتأكيد سيبقي في سريه...
شعرها الاسود المتطاير و جسدها الصغير نصف وجهها الشارد الذي ينظر للسماء لم تكن تشبه زوجته ابدا في حقيقه الامر الا ان سيف ضربات قلبه اخذت في التزايد واتسعت عيناه..
انه الان يراها زوجته وفقط....
-حببتي!!
اقترب منها مثل المتيم حتي وصل اليها يتأملها عن قرب شديد...
انتفضت فلك وهي تنظر له بخوف وتبتعد قائله:-في حاجه؟
قال باكيا:-بتمشي؟ بترجعي ورا من تاني...وحشتيني..
احمرت وجنتاها خوفا واضطربت دقات قلبها تري هل كانت تعرفه قبل ان تفقد الذاكره أم انه مريض أم ماذا؟ تري اين انتي يا الاء؟
قالت بحشرجه:-هو انا اعرفك...
صرخ قائلا:-متنكرنيش...متبعديش انا بحبك...
ثم جذبها اليه وهو يضمها بقوه آلمتها...
أنت تقرأ
روايه (فلك):- بقلمي/وعد يحيي البكري
Romance(قد نختلق الفراغ داخلنا في محاوله يائسه للنسيان و الراحه ولكن هل الذكريات يقتلها الفراغ؟) طارت الاوراق مبتعده تماما عن مرمي نظرها كانت البروده هي التي تسود جسدها و لكن بروده الاجواء و قسوه الارجاء لم تستطعا ان تسيطرا علي ذكريتها و شرودها فالذكريات ه...