الفصل السادس عشر:-

4.2K 103 0
                                    


روايه فلك
بقلمي/وعد يحيي البكري
______________________
كانت رائحه الغربه هي الرائحه الوحيده التي تسود الفيلا الصغيره بالاسكندريه حين دخلت صبا في بطء كما كان صمت المقاعد وللطاولات يجثم علي صدرها كثيرا وكأنها خرجت من عزله إلي عزله أُخري ...عزله أكثر غشاوه و أكثر إرهاقا لروحها ولكن كان عزاؤها الوحيد هو إبتعادها عن جاسر للابد كما إنها إلتقطت إبنتها بعد كل هذه الاعوام الطويله..
فتحت صبا الانوار وهي تبتسم للصغيره:-ده هيبقي بيتنا من هنا ورايح يا حببتي..
قالت روح وهي تدور بسعاده:-بيت كبير خالص يا مامتي
تبسمت صبا ببهوت وهي تومأ برأسها قائله:-
-بس محتاج تنضيف كتير خالص...تعالي نغير هدومنا ونضف اوضه رورو الاول وننيمها وماما تنضف باقي الشاليه..
اومأت روح برأسها نافيه:-ننصف اوضه مامتي عشان روح تنام في حضنها...
لمعت عينا صبا وهي تهمس:-يا روحي ...
ثم انخفضت ارضا تضم روح الي صدرها والخوف يملأ صدرها كثيرا
.
ان تكبر الطفله وتعلم انها بلا هويّه و بلا أب رغم انه علي قيد الحياه ..وانها ظلت بلا أم طوال أعوام رغم ان أمها امامها الان...وكل هذا بسبب والدتها...
ضمتها صبا أكثر فأكثر ثم هدأت..
___________________________
دخل أحمد الي المنزل بهدوء شديد كالثعالب ينظر حوله في ترقب ..تلمع عيناه بشده...تتعرق يداه...انه علي وشك رؤيتها
كم أرادها ورغب بها!
كم من الأشهر يبحث عنها يريد ان يعيدها له
فهي ملكه وان تصبح لغيره أو حتي ملكا لنفسها!
لقد سُخرت لاجله كما رأي..
يراه حبا...وتراه استعبادا..
واخيرا دلف الي غرفه النوم الصغيره ليجدها تنظر من النافذه بترقب علي شيئ ما تفرك يديها بتوتر لم تنتبه إلي دخوله الي الغرفه....بل الي الشقه كلها..
بينما تسمر هو في مكانه يتأملاها بصمتٍ تام ...
يحترم لحظه لقائه بها ويعيطيها التفاصيل..
يتأمل خصلات شعرها القصيره التي تتهز في نعومه من تيار هواء بسيط يدخل من النافذه .
ينظر الي عنقها الذي اشتاق له كثيرا تزينه قلاده بسيطه لامعه ..
ينظر الي كتفيها الصغيربن وقامتها المتوسطه و قوامها الممشوق..
كم اشتاق لها! كم اشتاق الي امتلاكها!
همس بفحيح وعيناه تلمعان:-فلك..
شهقت بفزع وهي تستدير فلم تشعر بدخول احدهم ثم تلت شهقتها نظره ارتياع عندما رأت ملامحه..
وتيارا جارفا دوائر الذكريات أثقلتها
فها هو يضربها وها هو يدفعها وها هو يقترب منها ببطئ مخيف و ها هو يقبض علي معصميها بغضب وها هو يضحك وهي تبكي وها هو يغلق عليها الباب آسرا إياها...ها هو يصرخ ...يسب ...يزجر...
امسكت برأسها في ألم وكل هذه الذكريات تطئ رأسها دفعه واحده ..
نظرت له برعب و دموع جامده لقد هابته من بعض الذكريات المتقطعه فما بال الحقيقه!
و ويلاه منها!
تبسم...فعبست..
اقترب...فالتصقت بالجدار..
مد يده لها مشجعا....فضمت يديها الي صدرها بخوف..
___________________________
وصل سيف الي فيلته وصعد الدرج بخفه معتاده حتي وصل الي غرفه فلك دق الباب ببسمه شوق فلم يأتيه رد
دق الباب مره أخري:-حببتي...انا سيف...انا جيت دلوقتي..
لم يأتيه رد ثانيا فعقد حاجبيه بقلق وهو يفتح الباب قليلا لبجد الغرفه غارقه في الظلام الدامس فأشعل النور وهو يأكل الغرفه بعيناه ليجدها فارغه
ترك الباب وجري في انحاء الرواق مناديا:-فلك!!! فلااااااااك...
لم يأتيه رد فوقف ناظرا في ساعته تقترب من الحاديه عشره والنصف مساءً
أيعقل أن تكون لم تعد بعد من لدي مريم؟
غشي قلبه القلق دفعه واحده واذا به ينزل الدرج جريا لسيارته..
___________________________
دخل جاسر الي منزله ليجد الانوار جميعها مطفأه علي عكس عاده صبا الكارهه للظلام ...
اشعل النور وعقد حاجبيه بتعجب مناديا:-صبا انا جيت..
لم يأتيه ردا، وهي عادهً لا تجيبه! ولكنه ايضا لم يستشعر ايه حركه..
دخل ببطء ينظر في غرفتها بعدما اضاء المصباح فوجدها فارغه التفت الي النور الخافت من غرفه روح فذهب اليها بنفس البطء ودخلها قائلا:-
-بتنيمي روح ولا ايه ؟!
الا انه وجد الغرغه فارغه و خزانه ملابس روح خاليه تماما الا من ورقه بيضاء واحده
لعب الشك في صدره فالتقط الورقه قارئا اياها:-
(جاسر....انا غلطت كتير اوي في حياتي وفي حق نفسي...وفي حق حد تالت مهم اوي وهي بنتي...ايوه روح بنتي زي ما انت كنت شاكك.....غلطت لما حبيتك و غلطت لما سبت كل حاجه وجتلك ...غلطت لما مفكرتش ف العواقب...غلطت لما آمنتك عليا وعلي باقي مستقبلي وسر الماضي....المهم اني غلطانه واي حاجه جرت فيا كل السنين الي فاتت استهلها...كنت مستعده افضل متعذبه بس فقت ان روح ملهاش ذنب في اي حاجه ...انا قررت اعيش واعيشها...قررت امشي و مدورش عليا ..انت اكتر زاحد عارف لما صبا بتحب تختفي هتختفي ..زي ما اختفيت ف ابعد مكان مممكن كانو يتخيلوه و هو عندك ...هختفي ف ابعد مكان انت ممكن تتخيله.....انا عاوزه اقلك حاجه اخيره ومش مكسوفه....عاوزه اقلك ورغم اني عارفه انك اصلا مش هدور و اصلا مش هتتعب من بهدي ويمكن ترتاح او يمكن اني مشيت يديك مساحه اكبر لساره ...الا اني هقلهالك...انا بحبك...لان للاسف قلبي لما يحب مبيعرغش يجفي...حتي وان زعل.....ربنا يهديك ويسامحني علي كل غلط عملته عشانك ومعاك)
دق قلبه بشده لا يعلم لماذا
تتضارب افكاره وانفاسه تعلو انه يعلم انها لا تمتلك اي اوراقا خاصه بها وحتي رخصه قيادتها ظلت عامان لا تستخدمها خوفا ..
يعلم مدى ارتباطها به ومدي حبها ..
يضمن بقائها رغم ما ارتكبه في حقها...
أحكم قبضته علي الورقه بغضب ثم ألقي بها بأعتي قوه لديه..
(فووق يا جاسر صبا كده ريحتك...انت هتزعل علي وحده رخصيه اوي كده...مهي كانت مزهقاك طول السنين الي فانت...كده احسنلك برده...)
هدأت اعصابه وارتخت وهو يخرج من الغرفه مقنعا ذاته ان ذلك افضل بكثير..
__________________________
-فلك...انا عارف انك نستيني...عارف انك فاقده الذاكره...
قاطعته بحده في محاوله يائسه ان تبدو أقوي:-انا عرفه انك اسمك احمد اخو دينا وانكو ولاد عمي ...عارفه كل حاجه عنكو...
قال ضاحكا:-وعارفه انا ابقالك ابه تاني؟
-اه....عارفه...
-وعارفه انك ملكي!! بتاعتي ؟ عارفه انك لازم ترجعي معايا...
-انا حره وملك نفسي يا احمد...
اضاق عيناه دون ان تفارقه بسمته:-بقيتي اقوي
-من قرب سيف مني!
وليتها ما نطقت بجملتها تحولت ابتسامته الي عبوس غاضب واشتعلت بعيناه النيران ..بركانا من الغضب امامها ...
ينطلق اتجاهها كالعاصفه
-سيف مين يا فلك
كادت ان تنطق لولا ان هزها من يديها بعنف:-مش من حقك تجيبي سيره اي راجل غيري!
وفجأه و دون مقدمات يقربها منه ويقبلها في تملك آسرا ذراعيها تحاول الافلات او الصراخ ولكن هيهات..
بينما هو لم يشعر بدفء يضاهي دفءً مثل هاتين الشفتين ...تأخذه لللذه لأقصي درجات السعاده ، لم يكن يضايقه سوي يديها التي تبعده عنها باصرار الا ان اصراره كان اكبر في ان يأخذ منها ما طالما اراده..
بينما هي تدفعه بكل قوتها تشعر بالمراره وغقط وكأن الدنيا تتوقف ونبضات قلبها تهبط ستفقد وعيها...
لا لن تفقده الان ستبعده عنها ايا كان الثمن
امسكت بوجهه بكلتا يديها وهي تدفعه صارخه بأعلي صوت الا ان دفعتها القويه كانت له دفعه رقيقه ..
ضحك بهدوء بينما هي تحاول ان تنهض...
الا انه وبكل وقاحه ينقض مره أخري بنفس ابتسامته البارده..
صرخت بقوه فوضع يديه علي شفتيها حتي لا يشعر احد بهما قال مبرقا عيناه:-فلك انتي قلتي انك عارفه انا ابقالك ايه تعالي بالذوق خلينا نروح هغفرلك هروبك وهحميكي من بابا...فلك دي فرصتك اوعي تبقي غبيه وتضيعها
زادت نفورا منه هي تبكي وتحاول التملص فقد كتم انفاسها تماما بينما اقترب من وجهها هامسا باذنها
-انتي بتاعتي يا فلك خلينا نروح..ومش زعلان عشان جبتي اسم راجل غيري ومش هسألك عليه
ابعدت رأسها عنه فانفاسه الحارقه التي تلفح عنقها تؤلمها..
جرها من يديها بغضب لرفضها له :-لازم نروووح يا فلك مكانا وبيتنا ..
وفي تلك اللحظات كان سيف تائها في المتطقه الشعبيه حبن لمحته ايات هامسه:-هو ايه الحكايه!! ... اقطع دراعي ان مكنش الجدع ده تبع المفعوصه مريم و فلك...اه لو اعرف الحكايه..
اقتربت من سيف قائلا:-بتدور ع حاجه يا بيه
-بيت ...واحده ...اسمها...مريم
-امممم لسه جدع زيك كده سائل عليها من قيمه ساعه..
قال بقلق:-طب فين البيت...
-خليني افتكر...
-لو مش عارفه هسأل حد تاني ولا يهمك
قالت بانزعاج:-تعالي هنا يا جدع ده انا المعلمه هنا....وعارفاكي يا حاره حته حته
قالت بعدم فهم:-طب قوليلي..
-ما تهز جيبك يا جدع في ايه...ده رزقنا ع الله..
كان منصطدما من طريقتها الا انه وضع يده ف جيبه وناولعا ورقه بقيمه عشره جنيعات فلوت شفتيها وهي تشير الي المنزل واستدار يرحل الي حيث وصفها بينما هي تقول:-وخفو رجلكو بقي عشان السمعه بقت شفتشي..واحنا برده منطقه شريفه......
الا ان سيف لم يعيرها اهتماما..صعد درج المنزل وهي تنظر ف النقود ثم لوت شفتيها:-ايه الخبيه دي!   

روايه (فلك):- بقلمي/وعد يحيي البكريحيث تعيش القصص. اكتشف الآن