روايه (فلك)
________________
بقلمي/وعد يحيي البكري
_____________________
كان الهواء يصطدم وجهها برقه شديده آخذا شعرها للخلف في مشهد ملائكي رغم ما تملتكه من غرور وآنفه ،نظرت في ساعتها للمره العاشره خلال خمسه دقائق حتي وجدت معاذ يمشي في خطاه السريعه التي تحب وقعها وطريقتها حتي رأها فانفرجت شفتاه عن ابتسامه واسعه وهو يتقدم من طاولتها
مدت يدها له قائله:-ازيك يا معاذ عامل ايه؟
صافحها وهو يجلس:-الحمدلله يا سندس...
تفحص المطعم الراقي من حوله كان راقيا لاقصي حد كان في رأسه يعتقد انه يعمل باحسن مطعم في الدنيا حتي رأي هذا المكان المذهل
قالت باسمه:-انت اول مره تيجي هنا ولا ايه؟
ابتسم بارتباك:-انا اول مره اجي الزمالك اساسا...
ضحكت قائله:-انت صريح اوي
تنهد قائلا:-بصي ...ربنا خلقنا طبقات وربنا عشان شايف اني مناسب في الطبقه دي حطني فيها....سبحانه ليه حكمه في كل حاجه وانا مش هستعر ابدا من حياه ربنا حطني فيها...حتي لو مش هبقي مهندس طول عمري..
قالت بتأثر:-لا يا معاذ انت هتبقي مهندس اد الدنيا بس هي مصر كده في بدايه كل حاجه
تبسم ببهوت:-ان شاء الله
صمتت قليلا ثم قالت:-تاكل ايه؟
قال باحراج فهو يعلم انه لن يتسطع ان يدفع لها وله او حتي له فقط:-
-والله لسه واكل وشارب ..كمان شغلي بعد ساعه بس في فيصل يعني همشي بدري شويه..انا جاي اسمعك بس..
-حتي مش هتطلب حاجه تشربها واحنا بنتكلم؟
-لا...ساره قايمه بالواجب
-خلاص انا هطلب نسكافيه وهكلمك...
بعدما قامت بطلب ما تريد وضعت يديها امامها وهي تقول:-
-الي هقوله ده انت اول واحد هصارحك بيه ويمكن قبل نفسي كمان
قال باسما:-اتفضلي...وان شاء الله ابقي ديما محل ثقتك
تنهدت وهي تقول:-انت عارف ان الارتباط في الوسط الذي وسطنا عادي ....الا ان الارتباط بالنسبه لبابا و بالنسبه لسيف مكنش عادي...كانت كل واحده من صحباتي ترتبط وتسيب فوق الخمستلاف مره ..حب بقي مش حب، انا كان بابا يقلي معنديش مانع انك تحبي وتتحبي وتعيشي حياتك بس في النور و ان اول خطوه بينكو تبقي الخطوبه مش ماسكه الايد والكلام في اتليفونات والخروجات من غير اي علاقه رسميه....بص انا لحاد وقت قريب اوي كنت شايفه ان كل ده شكليات وان دي رجعيه اوي وانهم مش كلاسك خالص ...
صمتت وهي تهرب بعيناها الي الماضي تمنع دموعها من الهبوط فقال باهتمام:-وايه الي حصل غير فكرتك؟
ابتلعت ريقها ولم تنظر اليه وهي تكمل:-
-الي حصل اني حبيت....والي حبيته واحد يبقي صاحب سيف ...فده بالذات كان لازم اي ارتباط بيه يبقي قدام اخويا لانو صاحبو...لكنه قدر يلف دماغي كويس ويوهمني بالحب ووهمني كمان ان لازم علاقتنا تكون سريه عشان سيف صاحبه
قال معاذ بتعجب:-وياتري كان ايه مبرره من انه ميخطبكيش علطول...اظن طالما انتي حبتيه وانتي مغروره يعني وهو صاحب سيف يبقي اكيد غني
قالت بضيق:-مغروره؟
-ايوه انتي مغروره
-ده رأيك فيا؟!
تنهد قائلا:-دي الحقيقه...
عبست بوجهها فقال باسما:-انا صريح لدرجه الوقاحه انا اسف...كملي
-ولا يهمك..
جاء الجرسون يضع كوب النسكافيه امامها و كوب المياه وغادر ،امسكت الكوب بين يديها وارتشفت منه رشفه صغيره فوجدته ساخنا فأبقته في يدها تستمد منه الدفء
-بص....قالي انو كان ماشي مشي مش مظبوط وانو متجوز واحده في السر وعايز ينهي معاها كل حاجه وانو ندمان وكده وحبني وعايز يبدأ معايا علي نضيف
قال معاذ باستنكار:-واقتنعتي؟
-اقتنعت..
-وبعدين؟
نظرت الي رغوه النسكافيه وهي تقول:-بقيت زي البتاع دي..
-الكوبايه؟
-رغوه....بيتحكم فيها بنفخه...
ادمعت عيناها وهي تقول:-لحاد ما زهق مني واني كنت بطاوعه في اي حاجه وسابني عادي...تأقلمت مع الوضع خاصه اني كنت كرهته في الفتره الاخيره من علاقتنا لما كل حاجه بانتلي فيه...مبيعرفش يخلي بنت تعدي غير ما يبصلها..
-وبعدين؟
قالت ببكاء:-عايز يرجعلي...ويخطبني علطول
قال معاذ بعدم فهم:-وانتي بتعيطي ليه ؟
-عشان عايزه اوافق و خايفه اوي
قال باستنكار:-طبعا تخافي...ده عمرك ما تديله امان تاني...بعدين ثانيه واحده ، هو انتي مش كرهتيه؟
بكت بصوت عالٍ وهي تقول:-بكره بس بحبه..
نظر لها باستفهام ثم تنهد بيأس ان يفهم ما يدور بداخلها :-ممكن تهدي؟
بكت اكثر وبدأ العديد من الناس ينظرون لهما فانتقل الي المقعد الذي الي جانبها وهو يقول بخفوت:-
-سندس ايه رأيك نمشي..
-هشرب النسكافيه..
ضحك رغم بكائها وهو ينظر لها فضحكت هي الاخري ثم قالت وهي تمسح عيناها:-
-انا ارتحت لما حكتلك..
تنهد قائلا:-تعرف انك مغروره بس طيبه اوي...مش عارف ازاي بس انا هفضل صاحبك وتحكيلي ديما....
امسكت يده فجأه بجرأه وهي تقول:-شكرا اوي..
انتفض متفاجئا وهو يقول:-....في اي وقت.
___________________________________
قال طارق مرددا:-بنت عم فلك؟!
قالت دينا باسمه:-ايوه..
زفر طارق بضيق:-انتو هتتنوبو عليا ولا ايه ..كمان اشتريتوا ايات وبعتنهالي؟
قالت دينا ببرود:-اهدي كده يا طارق...وحياه بنتك جميله....هي لسه عايشه؟!
ضرب الطاوله بيده:-انتي عايزه ايه
-عيزاك متبقاش غبي انت ومراتك...
-مراااتي؟!
-ايوه مش عايزه تقلي مكان فلك وتاخد الفلوس..
قام طارق واقفا:-بقلك ايه...ملكيش دعوه بيا ولا ببنتي ولا بمراتي...كلامي مش مع حريم ..كلامي مع احمد..
غادر في خطوات سريعه عصبيه فهمست دينا:-احمد!
________________________________
وضع مهاب يده اسفل ذقنه وهو يتنهد بضيق:-
-انت مش متجاوب خالص الجلسه دي يا سيف...
تبسم سيف بحزن:-مش فارقه كتير اهي اخر جلسه..
انتفض مهاب وهو يقول:-ازاي اخر جلسه؟؟
-انا ماشي بعد بكرا خلاص يا مهاب
عقد مهاب حاجبيه قائلا:-من المصحه!؟ طب ليه يا سيف؟
قال سيف بضيق:-اتمني انك متضغطش عليا انت عارف اني راجل مسؤل وقد قراراتي
-متفهم يا سيف بس انت في فتره علاج ومحتاج انك تكمله...وسعات عدم العلاج بيخليك مش مس...
قال سيف بضيق مقاطعا:-طلبت من حضرتك ان ارجوك متضغطش عليا يا مهاب...انا خلاص قررت امشي بس هستني بكرا عشان الم حاجتي وابلغ بابا ...عشان يلحق يقلهم اني راجع من السفر وكده بدل ما يتفاجئوا..مش عايز حد يدعبس ورايا..
تنهد مهاب وهو يقول:-براحتك ....ليك حريه الاختيار بس نصيحه يا سيف انك تفكر كويس..
تنهد سيف وهو يضع رأسه بين يديه:-حاضر..
____________________________________
فتحت فلك عيناها علي ضوء الشمس الذي ازعج جفنيها واوقظها من نومها العميق ثم تثائبت بكسل وهي تري الممرضه تفتح كل ستائر الغرفه
قالت الممرضه بابتسامهه:-تعرفي ان الساعه تلاته العصر
-انا مش نايمه كده من الصبح انا بس عماله انام واصحي ومش عارفه ايه الزهق ده
قالت الممرضه بتعجب:-طيب ومنزلتيش ليه الجنينه زي عوايدك
تذكرت فلك (سيف) ولقائهما الاخير وما حدث كانت تعلم انها تتهرب من رؤيته ولا تجد مبرر من وجودها في غرفتها باستمرار سوي هذا فقالت باسمه:-اديني الدوا وهنزل ..
ناولتها الممرضه كوب الماء فأخذت فلك الدواء باراده وهي تدعو الله ان يتم شفاؤها سريعا..
-يلا بقي قومي كده وفوقي وانزلي...
**وبعد ربع ساعه كانت فلك تمشي في انحاء الحديقه شارده الذهن ،ظنت انه لن ينزل حتي لا يرها ...ظنت انه لا يريد التحدث معها
وقفت عند المقاعد التي كانا يحبان الالتقاء لديها وتنهدت لتشعر بيده تضم كفها من الخلف وصوته الدافئ يقول:-فلك..محتاج اتكلم معاكي للمره الاخيره..
استدرات وهي تسحب يدها بسرعه ثم تبسمت وهي تقول:-سييييف!!...فكرتني مش هوشوفك
-انا بقالي كتير اعد مش بعمل حاجه وانا الي فكرت نفسي مش هعرف اتكلم معاكي..
جلست بحماس وهي تقول:-اعد كلمني..
قال بابتسامه حزينه:-لا خليكي اعده لوكده مرتاحه..أنا هتكلم كلمتين بس..
وقفت باهتمام وهي تقول:-في حاجه ولا ايه يا سيف؟
-انا...عايز اشكرك ان معاكي مش بكون عيان ...عايز اشكر برائتك الي علقتني بيكي من اول يوم شوفتك فيه...ويمكن بشكر مرضي ومرضك الي خلونا نتقابل هنا..خاصه مرضي الي خلاني احضنك واحس بدفاكي لدقايق....
-انت ليه..
قاطعها قائلا:-كمان بشكرك علي كل الوقت الحلو الي ادتهولي و كل الكلام الي جكينا فيه سوا ...وعايز اقلك اني عمري ما هنساكي ابدا يا فلك..
-انا مش فاهمه حاجه
-انا ماشي بعد بكرا الصبح بدري....وانا بودعك
قالت بحزن شديد:-خليك يا سيف..
-للاسف يا فلك ...مهاب كان عنده حق ...أنا مينفعش اعالج مرض بمرض تاني...وانتي هتتحولي لمتلازمه زي مراتي بالظبط...خاصه انك قولتيها في وشي....قلتي انك مش بتحبيني...
نظر حوله بحرص واقترب خطوه منها وهو يمسك برأسها:-لو تسمحيلي...
قبل رأسها ببطء شديد ثم ابعد نفسه بصعوبه عنها و تأمل وجهها عن قرب ليختلط انفاسه بأنفاسها فابتعدت هي خطوه للخلف وهي تنظر للارض بمزيج من الخجل و الحزن حتي جائها صوته:-
-خلي بالك من نفسك..
امسكت بذراعه وهي تقول:-يا سيف....حتي مش هتزورني؟
-معلش...خليها بالقلوب احسن...انا جتي كنت مستني تدفعي عن نفسك لما فكرتك انك قلتي في وشي انك مش بتحبنيي...
اشاحت بوجهها وهي تقول:-سامحني انا مقدرش اخدعك وهي دي الحقيقه...
رفع رأسه بكبرياء وهو يقول:-الحقيقه!!....مع السلامه يا فلك..
غادر المكان والحديقه كلها الي مبناهم بخطوات واسعه بينما شعرت هي بالوحده...بالوحده والكثير والكثير من الفراغ...
___________________________________
كانت مريم تجلس علي فراشها بهدوء تضم جميله الي صدرها وهي تغني في صوت عذب خافت (نامي يا عصفوره) في حين دخل طارق الي الغرفه فقال ببهوت:-
-نيمي البنت وتعالي برا ...محتاج اكلمك شويه...
اومأت برأسها ان حسنا ثم تبعت إيمائتها برفع سبابتها امام فاها وهي تقول:-هشششششششت...
ثم اشارت له بالخروج..
فخرج بهدوء منفذا اشارتها ،ولم تمر عشره دقائق حتي كانت مريم تتخذ المقعد المجاور لطارق مكانا لها وهي تقول باسمه:-
-خير يا حبيبي...
-دينا واحمد دول مش هسبونا في حالنا..
-هو انت...
-ايوه عرفت واحمد كلمني وهو الي موقف امر الدهب وعايز مكان فلك الا هددني اني هتآذي...أنا زهقت وتعبت من يوم ما فلك ظهرت في حياتنا والمشاكل كتير اوي
وضعت رأسها بين يديها وهي تقول:-وبعدين..
-هقلهم مكانها واخد فلوس العمليه بتاعت جميله..
رفعت رأسها وهي تقف:-تبقي بتعض الايد الي اتمدتلك يا طارق...وهي لو مكنتش فلك ظهرت ...كان هيبقي في دهب اصلا؟كان هيبقي في فلوس؟
-وهي فين الفلوس يا مريم...اسمعي...آيات دي لو عرفت انك وقفتي معاها ولا كلمتي دينا دي هتبقي بطلاق...
اتسعت عيناها بفزع:-طلاق؟؟!!! ليه هو انا بس الي خبيت يا طارق ما انت كمان خبيت ان اخو دينا كلمك
-فلك دي حراميه وسارقه منهم واكيد عيازنا عشان كده
-لا لا...ألموضوع في إنا يا طارق شغل دماغك دي بنت عمهم يا اخي...
-مهي عاشن بنت عمهم اكيد مش هيآذوها الا بدافع
-لا دافعهم ان..
-بقلك ايه!...دافع مش دافع.....انا قلت كلامي وخلاص ..انتي مش هتكلمي تاني مع دينا ولا آيات دي ..سمعااني؟
-حاضر....بس اوعاك..اوعاك تغدر بيها يا طارق....
___________________________
رن هاتف ساره لتري اسم الشركه فترد بقلق وسرعه غير مبررين:-
-الو..
-الو انسه ساره الشربجي؟
-ايوه انا...
-ان شاء الله معاد الحفله الاخيره هيبقي ../.../..
قالت ساره هامسه:-ده قريب اوي...
ثم قالت بحماس:-طيب في اي شروط؟
-لا ...
-شكرا ليكي اوي
اغلقت ساره الهاتف وهي تفكر في ذلك اليوم بفارغ الصبر ثم قامت تدور حلو نفسها وتتأمل شعرها وجسدها متخيله شكلها هذا اليوم حين تفوز و شكلها حين يلتقطون لها عشرات الصور لاغلفه المجلات وغيره...
تنهدت بفرح وهي تنظر لاعلي تناجي ربها ان يعينها...
لا تعلم ان هناك المزيد من المفجأت التي لم تحسب لها جيدا
_______________________________
في صباح اليوم التالي كان احمد يجلس بالنادي ينفث دخان سيجارته ببرود وهو يتأمل وجه طارق الذي يتصبب عرقا..
-يعني رحت شحنت لانك اكيد مش معاك رصيد يعني...وكلمتني....وطلبت تقابلني...سبت شغلي وانت سبت شغلك..عشان تعد تعرق وانا في اول الربيع اساسا..عايز ايه يا طارق...وقلتلي هات الفلوس معاك وجبتها ...ايه بقي؟
ابتلع طارق ريقه وهو يقول:-عمليه بنتي كل ما تتأخر المووضوع يسوء..
قال احمد ببرود وقسوه:-الف سلامه...الفلوس اهي...مكان فلك؟
-وحياه ربنا ما اعرف...بس اعرف اسم المصحه..مراتي مش واثقه فيا عشان تقلولي..ومكنش ليه لازمه اللف والدوران وانك تبعتلي دينا اختك...
-اختي!! وهي تعرف موضوع فلك منين؟
-هي اصلا طلعت علي صله بمراتي من قبل ما انا وانت نتكلم يا احمد بيه..
صمت احمد مفكرا ثم اشاح دينا من رأسه مؤقتا ثم قال بلهفه :-تعرف اسم المصحه؟
-ايوه...بس ممكن بمنتهي الصراحه تقلي عايز ايه منها..
القي احمد سيجارته باهمال في المطفأه وأشعل سيجاره اخري رغم ان الاولي لم تنتهي وهو يقول:-
-حاضر هقلك....فلك دي بتاعتي ...ملكي...كل حاجه فيها بتاعتي....ومكنش من حقها ابدا انها تهرب وانا لازم اعرفها ازاي تمد ايدها علي الفلوس والدهب وتسبني انا وتهرب....ازاي تفضحني وتفضح بابا وتهرب...فلك هتدفع التمن غالي ...
ثم صرخ قائلأ:-اوي....
ضرب الطاوله بيده:-اسم المصحه ايه!؟
-امسها مصحه دكتور ايهاب الزهار....ايهاب الزهار والله....
تبسم احمد بارتياح وهو يضع حقيبه المال امام طارق وقبل ان يمد الاخير يده ليلمس الحقيبه...جذبها احمد للخلف:-
-ايااااااااك...تكون بتلعب بيا..
-وحياه ربنا دي الحقيقه وهي هناك دلوقتي وفاقده الذاكره وبتتعالج..
دفع احمد الحقيبه مره اخري ودون اي كلمه اخري قام واقفا وهو يهرس عقب السيجاره بإبهامه بمنتهي الغيظ هامسا:-فلك..
_________________________________
دق الباب مرتين علي غرفه طبيب القلب باحدي المشفيات الخاصه ليقول الاخير بصوت حازم:-
-ادخل..
دلفت الممرضه قائله بخوفت:-استاذ طارق والد حاله جميله
خلع الطبيب نظارته وهو يغلق الاوراق التي امامه قائلا:-
-خليه يدخل..
مرت دقيقه واحده حتي دخل طارق مصافحا الطبيب بأدب:-
-من حسن حظي اني لقيت حضرتك يا دكتور..
قال الطبيب باهتمام:-ياتري جميله كويسه؟
-الحمد لله..
-الحمد لله...حالتها بدأت تسوء اوي اوي ومدام مريم طلبت مني مبلغكش بحاجه
عقد طارق حاجبيه:-بجد؟
-ايوه..
تنهد طارق وهو يقول:- انا عايز العمليه في اقرب وقت تتم...الفلوس معايا...لو ينفع بكرا...
قال الطبيب متنهدا:-انا مسافر مؤتمر بكرا بليل...وغالبا بحب ارتاح قبلها اليوم كله واجهز نفسي والعمليه محتاجه وقت ومش بسيطه بس نظرا للوقت الطويل الي هقضيه في اوربا....وكمان حاله جميله....انا مستعد اعملها بكرا...
تبسم طارق بفرح وهو يقول:-الحمد والشكر ليك يارب ...اشكرك جدا يا دكتور ربنا يباركلك...
-هقلك علي الاستعدادت للعمليه...بكرا الساعه 9الصبح.....
-اتفضل طبعا...
____________________________________
تنهدت فلك وهي تقف امام باب غرفه الاء ثم دقت الباب مرتين وفتحته لتجد الاء تجلس بهدوء امام النافذه التي بها قضبان دلدلت رأسها وهي تقول :-بخخخ...
نظرت لها الاء باسمه وهي تقف:-فلك...ازاي بيسمحلوك تيجلي؟
قالت فلك بمرح:-بركاته مهاب..
ضمتها الاء وهي تقول:-انا عايزه مهاب يرجع يعالجني تاني....هنا وحشين ومصطفي ده وحش والحقنه صعبه وبينيموني كتير اوي ...تعبت...
ابعدتها فلك برفق وهي تمسك بوجهها قائله:-
-كله عشان تخفي وتخرجي تدوري علي بنتك يا الاء...وتاخديها في حضنك للابد...
تبسمت الاء متذكره فتاتها الصغيره متسائله كيف تبدو الان؟
ثم وضعت يدها فوق يديين فلك:-اوعديني تبقي جنبي يا فلك لحاد اللحظه دي..
-اوعدك اني حتي لو خرجت بدري عنك....هجيلك ديما..
تبسمت الاء في اطمئنان ثم قالت بمرح يختلف عن حالتها في المره السابقه مما جعل فلك تدرك ان المسكينه تحت مفعول المهدئات:-
-قوليلي سيف عامل ايه..
تنهدت فلك وهي تقول:-مسمحولي بعشر دقايق معاكي .....بس هحاول احكيلك كل حاجه...
_________________________________
كان جاسر يجلس امام التلفاز بنصف عين حين جاءت صبا تجلس الي جانبه فقال بسخريه:-
-امرأه تحطم اسوار العزله...
لم تعبأ بسخريته فقال متباعا:-مش مصدق ان الكئيبه جت تعد في الصاله زي البني ادمين ...سبتي اوضتك وسريرك؟؟
قالت صبا باربتاك متجاهله حديثه:-
-هجيب طفله اكفلها هنا...
-اوووووه تاني يا صبا ...ايه هي نغمه؟؟ قلت لا...
ادمعت عيناها قائله:-حاسه اني هموت من الوحده...ارجوك خليني اشكرك علي حاجه واحده كويسه
-لا..
صرخت بعصبيه:-انت باااااااااااارد ليه!!!
قام واقفا وهو يصرخ بوجهها بغضب:-عااايزاني اعمل ايه عشان مبقاش بارد يا صبا زهقتيني ...
علا صوته اكتر:-ازعق؟؟ حاااضر اديني بزعق....
ثم هزها بعنف وهو يقول:-اضربك؟؟
بكت وهي تقول:-لا ...عيزاك تحس بيا وبمشاعري مره واحده
-انا كرهتك يا صبا كرهتك....ومش لاقي مبرر واحد يخليني اصبر اني اخليكي هنا
قالت بغيظ:-لانك حاسس بالذنب..وعارف ان غصب عنك مش هينفع تتخلي عني يا جاسر..
تنهد وهو يفرك عيناه:-تصبحي علي خير ولو اتفتح موضوع الطفله تاني ...متلوميش الا نفسك..
_______________________________
دخل طارق الي منزله بهدوء غير معتاد فجائت مريم لدي باب الشقه الصغيره وهي تقول:-
-حمدلله علي سلامتك
قال طارق بتعب:-عندي ليكي خبر كويس....
-خير؟
ناولها الورقه وهو يقول:-طبقي الحجات دي مع جميله العمليه بكرا الساعه تسعه الصبح ..عايزين نصلي كتير اوي...
تبسمت مريم بسعاده:-يااارب الحمد والشكر ليك
استدارت تنادي ابنتها الا ان قدماها تسمرا مكانهما وهي تستدير بخوف لطارق:-
-طارق....جبت فلوس العمليه منين؟؟
صمت طارق وهو ينظر ارضا فاقتربت مريم منه وهي تقول ببكاء:-لا لا....انت قلتله علي مكانها؟؟
قال بخفوت:-بنتي بتموت قدامي
قالت بقهر:-وقدامي...لكن ربنا كبير يا طاااااارق!!
دخلت الي غرفتها جريا فتبعها قائلا:-
-مريم انا اسف...
-لو سمحت سبني دلوقتي
خلعت ملابسها علي عجله وهي ترتدي ملابس الخروج فقال بتساؤل:-الساعه تمنيه بليل..أنتي راحه فين دلوقتي بس؟
دفعته وهي تلف طرحتها:-ابعد عني ملكش دعوه....
عادت تقف امامه:-مسألتوش عايز ايه منها!! مجاش في بالك تسأله يا طارق! واحد و وحده مصرين يلاقوها وهي اصلا هربانه منهم...
قال طارق بخفوت:-سألته وقال انها بتاعته وكلام كده ...تقريبا خطيبته...وهربت....و قال هعلمها ازاي تمد ايدها علي الفلوس وتجيب العار لينا وتهرب....مشاكل عيله ويستحيل يآذوها
نظرت لعيناه وهي تكاد ان تجن:-انت بتطمني ولا بتعفرتني!
اكلمت ارتداء ملابسها ثم اتجهت الي الباب فهتف قائلا:-راحه فين بس يا مريم؟
صرخت قائله قبل ان تغلق الباب بعنف:-في ستين داهيه يا طارق..
___________________________________
دقت عقارب الساعه التاسعه حين التفت اصابع فلك الطويله حول كوب المياه وهي تشربه بعد ان وضعت الدواء بفاها
الممرضه باسمه:-بالشفا ..
تبمست فلك قائله:-شكرا اوي...
انتبهت الممرضه علي الدقات المنتظمه علي الباب ففتحت الممرضه لتدخل مريم جريا اتجاه فراش فلك تفاجئت الممرضه بدخولها المفاجئ بينما قالت فلك بدهشه:-
-ايه يا مريم في ايه؟!
قالت مريم بخفوت وخوف:-لازم اكلم معاكي حالا...
نظرت فلك للمرضه فتنحنحت وهي تغلق الباب متسائله فيما داخلها عن سر الزياره المفاجئه
قالت مريم بخوف شديد:-طارق...طارق خد الفلوس من ابن عمك..
-ابن عمي!!؟ ده اخو...دينا؟
-ايوه...خد الفلوس منو وجاي يقلي عمليه جميله الصبح
قالت فلك بقلق:-يعني بن عمي ده ..عرف مكاني؟
-ايوه ولما طارق سأله عن سر بحثه عنك قال انو هيعلمك الادب عشان هربتي وجبتلهم العار...ولانك مديتي ايدك علي الفلوس....وقال كمان عشان انتي...
قالت فلك بخوف:-انا ايه؟
-بتاعته..
قالت فلك مردده:-بتاعته؟
دارت الدنيا بها كثيرا تمسكت بيدين مريم التي وقعت باكيه متحدثه في سرعه:-
-انا عايزه ابقي جنب بنتي طالما هتعمل العلميه بس مش قادره اطاوع نفسي متأسفلكيش...
اخذت مريم تتحدث بينما صوتها ينفخض رويدا رويدا لدي فلك ...وهي تغرق...
تغرق...في عالم اخر..
((جائها صوته الاجش من بعيد:-حااااااضر يا فلك انا هوريكيي..
ارتعشت اوصالها وهي تضم نفسها الي نفسها بينما دفع هو باب الحجره
-بابا مش موجود و انا هعلمك ازاي تعملي كده تااااااااني!!
صرخت باكيه:-الله يخليك يا احمد مش هتتكرر
اشتعلت عيناه نارا:-ازااااي تسمحيله يا فلك؟؟ انتي مش عارفه انك ملكي وان مش من حق اي حد تاني يجي جبنك
-ملكك!!!
-ايوه يا فلك انتي بتاعتي
بدأ في ضربها متجاهلا صراختها:-بتااااااااعتي))
بكت فلك فجأه بقوه وهي تضع يدها علي رأسها وتهزها بعنف لا تريد ان تتذكر هذا الامر يا الهي ..يبدو ان هذا هو ابن عمها..
هل هذا هو الذي سيأخذها ويبحث عنها؟
شعرت بالرعب يجري في عروقها وامسكت زجاجه الدواء وهي تتحدث معها كالمجنونه:-مش عاااايزه اخف...
ثم قبضت يدها علي الزجاجه وهي تلتفت لمريم:-امشي وانا هتصرف...امشي روحي لبنتك
-مسمحاني يا فلك...؟
تبمست فلك بحزن:-ملكيش ذنب...
-ذنبي اني قلت لطارق اسم المستشفي قبل كده..
-لا مش ذنبك...مش ذنبك اني محطوطه في المكان ده...في الدنيا دي يا مريم..امشي...
ضمتها مريم فتشبثت فلك بها ثم ودون حديث غادرت مريم واكتفت بحديث عيناها لصديقتها فلك...
بينما هبت فلك من مكانها تتجه الي مكتب مهاب ...
تبا انه غير موجود ليلا!
يجب عليها الرحيل استدارت لتجد الممرضه في وجهها
-ف ايه يا فلك؟
-عايزه دكتور مهاب ارجوكي ساعديني....
-ليه في ايه قوليلي بس
-عايزه امشي من المصحه حالا..عايزه تصريح...
-ليه في ايه؟
-ارجوكي اتصرفيلي..
قالت الممرضه بهدوء:-يا فلك انتي ممنوع تمشي...
شعرت ان الارض تدور بها ثم صرخت باستنكار:-نعم؟
-ايوه ممنوع تمشي لازم حد من اهلك يجي يخدك ويثبت انو من اهلك...انتي فاقده الذاكره وانتي دلوقتي امانه للمصحه ...دكتور مهاب يتأذي لو اداكي تصريح
قالت فلك بخوف:-ولو جه ...حد...ياخدني...
-حد زي مين؟!
-عمي...
-ممكن طبعا يخدك وليه حريه نقلك لاي مصحه...
لطمت فلك علي وجهها انها في مصيبه مفجعه وتملك الخوف منها كثيرا
اصبحت تعرف ان عمها واولاد عمها خطرا داهما و ماخفي كان أعظم!
نزلت الي الحديقه وهي تشمي باقدام غير ثابته سيرحل سيف غدا عليها البحث عنه يا الله ساعدني ان اجده...
نجوم السماء كانت لامعه في تلك الليله يشكل مبهج الا ان عيناها فقط هما اللتان يروها مرعبه كانت تجري بلا هدف تطيح بعيناها يمينا ويسارا لعل عيناها تصطدم برؤياه
اخذت تدعو الله كثيرا ان تجده ولكنها تعلم ما سببت له من جرح
هو لا يرد رؤيتها ولكن هي حياتها ستنتهي ان لم تراه والان
ازداد ضغط كفها علي زجاجه الدواء حتي تحطمت ودخل الزجاج في اصابعها
اخذت تبكي لا تعلم خوفا ام وجعا
وقفت تلتقط انفاسها وتمرر يدها بين خصلات شعرها وشعرت ان الدنيا تدور وتدور
انه فرصتها الاخيره الان
نظرت الي المبني الذي يضم غرفهم واحداهم غرفته و قررت البحث
ستبحث عن غرفته من مائه غرفه اخري...
لن تترك نفسها تضيع ...انه املها الوحيد ...
صعدت الي الغرف كالمجانين وهي تتلفت حولها
كيف تبدأ كيف تبحث..
نزلت الي البهو لتجد الممرضه الجالسه في الاستقبال قد صعدت للنوم او ماشابه ذهبت الي مكتبها الخاص واخذت تفتش في الاوراق حتي وصلت الي الكشوفات
وضعت اصبعها علي الاسماء وهي تنزل
تعلم ان اسمه سيف المنداري وكان هذا املا ينير بخفوت
تبحث وتبحث حتي وجدت رقم غرفته فلم تضيع وقتا بان تعيد الاوراق كما كانت جائت عيناها بعين حارس الامن والذي بدأ في الاقتراب منها الا انها صعدت الدرج ركضا حتي وصلت للدور الثالث وعند الغرفه 45 فتحت الباب دون تفكير..
أنت تقرأ
روايه (فلك):- بقلمي/وعد يحيي البكري
Lãng mạn(قد نختلق الفراغ داخلنا في محاوله يائسه للنسيان و الراحه ولكن هل الذكريات يقتلها الفراغ؟) طارت الاوراق مبتعده تماما عن مرمي نظرها كانت البروده هي التي تسود جسدها و لكن بروده الاجواء و قسوه الارجاء لم تستطعا ان تسيطرا علي ذكريتها و شرودها فالذكريات ه...