الفصل الخامس والعشرون:-

4.5K 114 0
                                    


روايه (فلك) 
______________
بقلمي/وعد يحيي البكري:-
__________________
كان سيف يقود سيارته و القلق يساوره بشده بالأمر اللذي يريده والده بصدده ..
لم تريحه لهجته وهو يفهم هذه اللهجه جيدا بالاضافه الي ان علاقته مع والده في هذه الفتره لم تكن علي ما يرام..
توقف بسيارته في جراش فيلا والده (شريف المنداري) وغادر السياره وهو يأخذ نفسا عميقا..
فتح له احد الخدم فقال متسائلا:-
-بابا فين يا مجدي؟
قال الخادم بحزم:-في اوضه مكتبه يا سيف بيه..
اسرع سيف من خطاه وهو لا يتوقف عن زفر الهواء الساخن من صدره فلم يريحه قلبه ابدا لمكالمه والده المقتضبه ثم دق باب غرفه مكتب والده دقتين متتاليتين ودخل مباشره
ليجد امرأه تجلس امام مكتب والده وما ان استدارت له حتي سقط قلبه واتسعت عيناه بصدمه وهو يهمس:-صبا!
جاءت فتاه صغيره جريا من نهايه المكتب الي حضن صبا وهي تقول بطفوله:-مامي المكان ده حلو خالص..
__________________________________
فتحت فلك المدونه الصغيره تملأ فراغها بالقراءه قامت بجر احد المقاعد الي جانب النافذه وجلست تقرأ
كان الهواء في تلك الليله ساحرا وجميلا و الليل يضاهيه سحرا بل وينافسه
وكم تعشق فلك الليل بنسامته و صمته وعزلته..
تشعر انها تشبه الليل كثيرا...غامضه ..فلا يفهمها احد حتي هي لا تستطيع ان تفهم نفسها، صامته..في اغلب الاوقات لا تتحدث ولا تسمع لها صوتا...مظلمه...فهي لم تكن كتابا مفتوحا ابدا امام احد حتي قلبها...نقيه...كلمعان نجوم سماءه...لا تحب الكذب...ولا تهوي الخداع..
تنهدت وهي تشرد بعيدا عن مدونتها وبعيدا عن التفكير بسيف والامر اللذي يريده والده به و عن صبا وعن كل هذا..
شردت في حياتها..
كم تشعر بالارتياح انها اخيرا اصبحت امرأه بماضي و تعلم الحاضر وتستطيع تنبوء مستقبلها...لا تشعر ان حياتها بهذا السوء فهناك الالاف من سندريلا في هذا العالم..فلماذا فقدت الذاكره؟ ما اللذي دفعها كي تصر علي النسيان...كي تخطو فوق كل ذكرايتها؟!
هناك حلقه مفقوده وهذا ما يقلقها..
تري هل هناك المزيد لم تتذكره بعد؟ هل يوجد اسوأ مما تذكرت..؟
____________________________________
بقي سيف علي حاله غارقا في صدمته يتأمل كل تفصيل صغير بجسد صبا وكأنه يتأكد انها تكمن امامه الان ،
لم تتغير صبا كثيرا ظلت كما هي وعلي حالها باستثناء الشحوب اللذي كسا وجهها المرهق وجسدها اللذي نحل للغايه ..
نزل بعيناه الي الفتاه الصغيره _واللتي لم تكن سوي روح_ تطوقها صبا بذراعيها
وفي تلك اللحظه شعرت صبا بالغزي والعار لم تستطع ان ترفع عيناها للنظر الي الرجل اللذي طعنته في شرفه و طعنته في عقله وكاد يجن
في عينا الرجل اللذي احبها وانتشلها من فقرها واحبها وتزوجها وهي خانته ..
في عينا الرجل اللذي حرمته ست سنوات من ابنته الصغيره..
في عينا الرجل اللذي خانته مع صديقه!!
بينما ارتبك شريف ولم يتحدث
ومرت دقائق كأنها اعوام من الصمت ،صمت ثلاثتهم يحترمون هذه اللحظه الغير هينه..
تحدث سيف ببرود الا ان صوته قد خانه وخرج متحشرجا وممزقا للغايه:-
-انتي بتعملي ايه هنا!؟
دق قلبها بشده وعُقد لسانها ولم تجب،فاقترب سيف بخطوات واسعه غاضبه احمر وجهه ودلت ملامحه عن غضب عظيم حارق وهو يقف امامها صارخا:-ايه الي جابك؟! وليكي عين كمان تدخلي الفيلا وتعدي قدام بابا..
شريف بهدوء:-سيف...
صرخ سيف غير عابئا:-عاوزه ايه بعد ما خنتيني مع صاحب عمري؟
رفعت رأسها بدهشه منذ متي وهو يعلم بخيانه جاسر له؟ هل بعد ان هربت هي من جاسر ام قبل؟
ازداد صراخه اكثر وهو يقول:-انتي لازم تخافي علي نفسك مني يا صبا..
ظل في صمتها بينما نظرت روح له بغضب وقالت فجأه:-
-انت بتزعق في وش مامتي ليه؟!
انخفضت عيناه لها يتأملها عن قرب ولم يستطع ان يمنع رأسه عن الربط بين عينا روح وعنياه وبين شعرها وشعره..
كم تشبهه!
ظل ينظر الي روح في صمت بينما قالت الاخيره:-
-مش تزعق لماما تاني الا هخدها وامشي..
قال شريف بحزم:-اعد يا سيف هنا واسمعني كويس..
جلس سيف غير مصدقا فالمرأه التي يبحث عنها تجلس امامه الان وبكل بساطه!
قال شريف بهدوء:-
-انا دلوقتي هسيب مشاعري علي جنب وهحكم عقلي وبس....هسيب بغضي اتجاه واحده زيك....وحبي اتجاه ابني...وشفقتي اتجاه موقف سيف...وكمان نظرتي الحقيره اتجاه موقفك يا صبا..
صمت قليلا بينما اشاحت بوجهها وكأنها تشعر بالحقاره بالفعل اثر فعلتها..
قال شريف مكملا:-
-ست سنين مش بالوقت الهين...وانا عارف ان غلطه صبا ملهاش غفران يا سيف لكن دلوقتي هنتصرف بعقلنا..احنا ناس كبار يا سيف و واعين وعاقلين
قال سيف ببغض:-صدقني يا بابا احسنلها اني افكر بمشاعري لاني لو فكرت بعقلي هقتلها وبس...
قال شريف بهدوء:-انت هتطلق صبا ...بهدوء...و صبا في حالها واحنا في حالها..ميربطكش بصبا الا روح يا سيف..
نظر سيف الي روح ونبضات قلبه تعلو...
بينما قال شريف:-وصبا ست عاقله جت تطلب تطلقها عشان تقدر تطلع لنفسها كل الاوراق الرسميه بامان..عشان بنتكو تدخل المدرسه ...وتكمل مستقبلها عادي ،اكيد يا سيف مش هندمر مستقبلها عشان رغبات انتقاميه....
ثم وقف قائلا:-اسيبكو مع بعض...تتفقوا علي كل حاجه..
ثم غادر مكتبه بينما نظر سيف الي صبا بكراهيه وحقد فقالت صبا ببكاء:-
-صدقني شريف مع...
قاطعها بصرامه:-اسمه شريف بيه يا بنت الحارس...الحارس الي راح بأزمه قلبيه لما هربتي وجبتي العار لابوكي وجوزك..
قالت بألم:-عمرك ما عيرتني!!
-مبقتش سيف الي تعرفيه..
بكت اكثر وهي تقول :-حاضر...شريف بيه معاه حق....رغباتك الانتقاميه ملهاش لازمه...مبقلش كده عشان خايفه منك يا سيف ،لكن عشان القدر خد حقك كامل مني..ارجوك ساعد روح..دي بنتك ،انا عارفه انك مش واثق زي شريف بيه يا سيف...وهنعمل تحليل نووي زي ما طلب شريف بيه عشان تتأكدو انها بنتك...وساعتها ارجوك تساعدها..
قالت روح ببراءه:-بتعيطي ليه يا مامتي؟
صمتت صبا بينما نظر لها سيف بلوعه وألم ،نعم...لا يثق انها ابنته مثل شريف..ولكنه قلبه...قلبه اللذي يخبره ويؤكد ان هذه الفتاه من صلبه..
نزل علي ركبتيه بضعف و وهن وامسك بوجنتا روح وهو يهمس:-انا باباكي يا حلوتي.
قالت روح ببراءه ودهشه:-انت بابتي بجد؟؟انت حلو خالص...
ابتسم ودموعه تغرق وجنتيه بينما عقدت روح حاجبيها بمكر:-انت بابتي ازاي وانت بتزعق لمامتي؟!...
ثم عقدت ذراعيها امام صدرها وهي تقول عابسه:-لا انت مش بابا...بابتي مش هيزعق لمامتي..
اتسعت ابتسامته وهويري برائتها التي حرمته صبا اياها ثم ضمه الي صدره وهو يبكي بألم اكثر واكثر لا يصدق انها بين احضانه ..كان يظن انه يزيد ويبحث عنه في وجوه كل الاطفال المذكرين ...لم يعلم انها ستكن فتاه جميله وبريئه هكذا ولم يعلم انه سيحرم منها كل هذه الاعوام ...
ابتعدت روح عن احضانه وهي تقول له:-انت بتعيط ليه يا بابتي..انا فرحانه اني لقيتك ...وفرحت لما لقيت ماما من فتره...انتو كنتو تايهيين فين
عقد حاجبيه وهو ينظر لصبا ثم همس بألم و وجع يفوق العالم:-كنتي سيباها في ملجأ يا صبا؟!
نظرت ارضا فهز رأسه وهو ينهار مره اخري ويضم روح اليه بينما صبا تبكي اكثر ..
وقف ماسحا دموعه وامسك بيد صغيرته:-تعالي...انا هديكي اوضه كبيره اوي اوي...وبكرا الصبح هتلاقيها مليانه العاب اشكال والوان..
قفزت روح بفرح وهي تضم نصفه نظرا لفارق الطول بينما قالت صبا بخوف:-سيف....انت بتحاول تعمل ايه
قال سيف باسما ببرود:-متخفيش...انتي هتشاركيها الاوضه يا صبا
ظلت صامته بصدمه بينما قال:-
-هنبدأ اجرائات كل حاجه ونطلع كل اوراقك الي نقصاكي بهدوء ومن غير شوشره ونأجل الطلاق دلوقتي...ندخل البنت مدرسه من بدايه السنه الجايه ونطمن عليها...روح محتاجكي جمبها وانا عمري ما احرمها من وجود ام...
بكت بسعاده وهي تقول:-انا مش عارفه اقلك ايه
-متقليش حاجه...ده عشان بنتي...وهطلقك في النهايه وتبقي تيجي تشوفيها وقت ما تحبي...وتخديها عندك ايام...عيشي حياتك بشكل طبيعي منتيش مضطره تستخبي بعد دلوقتي..
انهارت صبا قائله:-اشكرك يارب...
بينما لم تلمح تلك الابتسامه الساخره علي شفتي سيف اللذي نادي قائلا:-
-مجدي...خد روح و وديها اوضه فاضيه...وخد صبا هانم معاها
قال مجدي بدهشه حاول اخفائها:-حاضر يا بيه...
ثم اخذ روح من يديها بينما وقفت صبا :-طول عمرك يا سيف قلبك كده وانا الي كنت عاميه..انا...
-انتي مش مضظره تقولي حاجه قلتلك كلو عشان بنتي وبس..
ثم غادر الغرفه المكتب وهو يضم قبضته بغضب، أتظنين ان الامور بتلك البساطه يا صبا؟!
_________________________________
مرت عده ايام وكانت الامور تسري بهدوء شديد في حياه سيف او هكذا بدا للجميع!
((يعني انت ناوي علي ايه يا سيف مع مراتك؟))
قال سيف ببرود:-متقليش علي حد غير نفسك مراتي...انتي بس الي هتبقي مراتي وام روح...وباقي ولادي..
قالت فلك بشفقه:-اوعي تكون ناوي تحرمها من روح...هي فعلا واضح انها خسرت كل حاجه يا سيف وهتخسرك اهي...طلقها وخليها تشوف بنتها علي الاقل عشان خاطر روح فعلا
لم يجب فقالت:-انا مش فاهمه...انت فعلا هتسامحها ولا هتحرمها من بنتها؟
تبسم ببرود وهو يقول:-حببتي ممكن تسيبي الموضوع ده علي جنب....متشغليش بالك بيه...يلا انا ماشي دلوقتي وهطلع علي الشركه..
___________________________________
دخل زياد الي غرفه مكتب سيف بالفراع الاساسي لشركات شريف المنداري وقال بهدوء:-
-كنت عاوزني في حاجه يا سيف ؟
قال سيف باسما:-اعد يا زياد..
جلس زياد بفضول فقال سيف :-انت كشفتلي حقيقه حجات كتيره اوي ...وطلعت اوفي مما تصورت...وطول عمر جاسر واخد منك الصوره وبقوه،دلوقتي انا عاوزك تسمك اداره الفروع الي سبها جاسر
قال زياد بسعاده:-انا مش عارف اقلك ايه يا سيف ..أخيرا هسيب مجال الاعلانات
قال سيف باسما:-انت عمرك ما كنت قليل يا زياد ...طول عمرك دراعي اليمين ويمكن مش هلاقي في كفائتك تاني مع انك يعني كنت بتكروت سعات
تبسم زياد بحرج ولم يجب فقال سيف بجديه:-
-دلوقتي بقي انا عاوز منك تتصل بجاسر وتحدد معاه معاد..عشان نشوف هيدفعلي بشكل ودي ولا اسجنه
قال زياد بحرج:-مش عارف اقلك ايه...بس ده الطبيعي والمتوقع...جاسر هرب...وغالبا سافر...
ضرب سيف سطح مكتبه وهو يقول:-نعم!! وجاب فلوس منين؟!ازاي قدر يسحب وانا مراقب اللاب توب بتاعه وعارف كل حاجه
-لا مهو اكيد مسحبش من هنا...الواضح ان جاسر كان عامل حساب اللحظه دي كويس اوي...
غرق سيف في صمته قليلا ثم قال:-طيب..روح انت.
___________________________________
كانت عقارب الساعه تدق السابعه ليلا حين فُتح باب الغرفه الواسعه باحدي المشفيات الكبيره الخاصه ودخل زياد بهدوء واغلق الباب خلفه ثم جلس امام الفتاه الجميله النائمه ذات الشعر البني الفاتح التي بدت اشبه بالملائكه وشعره منثور حولها علي وسادتها
والتي لم تكن سوي ساره...
و وضع رأسه بين يديه غارقا في الصمت...
______________________________
دقت السكرتيره مكتب سيف مرتين متتاليتين ودخلت قائله بروتينه:-
-استاذ سيف في واحد عاوز يقابل حضرتك بيقول اسمه احمد سعد الدين النبلسي وأكد عليا ابلغ حضرتك انه من طرف واحده اسمها فلك عماد الدين ال...
قاطعها قائلا:-دخليه...
غابت قليلا ثم استمع الي دقات علي الباب اعتدل في توتر و سعل ليعدل صوته وهو يقول بصرامه:-ادخل...
دخلت السكرتيره وهي تقول:-اتفضل يا فندم..
ليدخل احمد وتغلق الفتاه الباب قال سيف بتعجب من معرفه احمد لمكان عمله:-اتفضل يا احمد اعد...
جلس احمد ووجهه متجمد لا يوحي باي مشاعر..
ساد الصمت لثوانٍ قبل ان يقول احمد بهدوء:-طبعا بتستغرب اني جيت شركتك...بس الموضوع كان سهل جدا،اسهل من تخيلي شخصيا...شوفتك في الاعلانات ببساطه وقدرت افتكرك...
-مهو انا عارف واستنتجت ..بس الغريب انك افتكرت شكلي نظرا للموقف..
-مقدش انسي وش واحد وقعته علي الارض وضربته..
-هههههه طبعا...ولا كمان ضربك!! وساب الناس تكمل..
ساد الصمت وشعر كلاهما بالنيران في اجسادهم فقال سيف ببرود:-خير....سوري مسألتكش تشرب ايه اصلي مستعجل
-الوقت الي كلامنا هياخده انت الي هتحدده...ممكن نتكلم سعات وممكن ثانيه واحده بس...وبتهيألي انت عارف طلبي
قال سيف بابتسامه:-لا مش واخدبالي
-فلك....عاوز فلك...
ابتسم سيف قائلا:-بص يا سيدي ...فلك افتكرت كل حاجه...وحكتلي كلللل شيئ بالتفصيل عنكم...عن حياتكم...عن مصطفي..
شعر احمد بالدماء بعروقه تغلي وكظم غيظه وسيف يتحدث مكملا:-
-وقالتلي اساليبكم الاجراميه معاها....وعشان كده احب اقلك اني عندي مشكله عائليه صغيره بحلها وبعدها هنرفع عليكم قضيه و نسترد كل اغراضها الرسميه واتجوز فلك ومتشفوش وشها تاني...لانها هتبقي مراتي....حبيت بس اقلك الplan عشان متتفاجئش...ف...معطلكش...ببساطه مش هتوصلها
ضحك احمد ملأ فاه بل وغرق في الضحك الهيستري لدرجه ان سيف شعر بالتوتر الشديد وعقد حاجبيه بغضب:-
-طب ما تضحكني معاك
-انا بس بتسائل هترفع علينا قضيه وتسترد اورقها وكل الهبل ده بصفتك ايه....واصلا....هههههههههههههه...اصلا....هتتجوز فلك ازاي وهي مراتي؟  

روايه (فلك):- بقلمي/وعد يحيي البكريحيث تعيش القصص. اكتشف الآن