المقدمة
كم هو مؤسف حال المسلمين في أيامنا وقد تداعت عليهم الأمم كما تتداعى الآكلة على قصعتها، بعد أن نجح الاستعمار في بث الفتنة والتفرقة بين أبناء الأمة الواحدة، وتوسيع هوة الخلاف بينهم تحقيقاً لأغراضه الخبيثة، والتي لا تتحقق إلاّ بضرب المسلمين بعضهم ببعض.
وقد صعب على أعداء الإسلام، أن يروا تنامي الصحوة المباركة في نفوس أبناء أمتنا الإسلامية، والسعي لتحكيم القرآن والسنة في بلداننا، لا سيما بعد نجاح إحدى هذه المحاولات والتي أحدثت صدمة هائلة للاستكبار العالمي الذي ما انفك يحاول القضاء عليها بشتّى الوسائل والسبل، فأخذ يثير في السنوات الأخيرة ما كان دفيناً طوال مئات السنين الماضية من الخلافات الطائفية والتعصبات المذهبية بين أهل السنة والشيعة، وقد أوكلت هذه المهمة لعملاء
الصفحة 8
الاستعمار في منطقتنا الإسلامية لا سيما حكام الحجاز المتسلطين على المقدسات تحت غطاء "خدمة الحرمين الشريفين" والذين بدورهم أوعزوها إلى أجرائهم من وعاظ السلاطين في الجزيرة العربية وخارجها، بتأليف ونشر الكتب المختلفة التي تطعن بعقائد الشيعة وترميهم بالكفر والتمجّس والتهوّد والتنصّر وغير ذلك من الترهات، والتي وللأسف قد أوقعت الكثير من البسطاء والمتعصبين ضحايا لهذه الهجمة الشرسة، بعد أن صدقوا من غير تمحيص أو بحث كل ما جاء في تلك الكتب السامة، والتي وزعت بملايين النسخ في جميع أرجاء العالم الإسلامي.
وقد تعرّضت ـ كغيري من المسلمين ـ لهذه الحملة، والتي كانت تقوم بها بعض الحركات وكأنّ مهمتها فقط هو حماية أهل السنة من الخطر الشيعي، وتوعيتهم بعقائد هذه الطائفة التي على حدّ قولهم تنبع من اليهودية والمجوسية. وقد استنكرت في البداية هذه الحملة نظراً للطريقة البعيدة عن الأدب والموضوعية التي يصفون بها حقيقة الشيعة، والتي كنت الاُحظ أنها تتسم أيضاً بالمبالغة والتهويل في أغلب الأحيان.
فالبرغم من أنّني ولدت لأبوين سنّيين في فلسطين، والتي غالبية سكانها الساحقة من أهل السنة والجماعة، وبالرغم مما كنت أعتقده بأنّ طائفة أهل السنة والجماعة هي الطائفة الصحيحة، إلاّ
الصفحة 9
أنّني لم أكن أرى كفر الشيعة.
فكل ما كنت أعلمه بشأنهم، هو رفعهم من منزلة علي، وتفضيلهم له على باقي الصحابة دون أن أعرف سبباً لذلك وهي غير المنزلة التي يعتقدها معظم أهل السنة باستحقاقه لها، والتي لا تتعدى كونه رابع الخلفاء الراشدين فهو صحابي يساوونه بمنزلة باقي الصحابة بمن فيهم معاوية وعمرو بن العاص، إلاّ أن هذه المبالغة بمنزلة علي لم تكن بنظري لتخرجهم من دائر الإسلام، وهذا بالرغم أيضاً من أنّه كانت تتردد أقاويل عندنا بأنّ الشيعة يفضلون علياً على خاتم الأنبياء، واعتقادهم بخطأ جبريل في تنزيل الرسالة بل تأليههم له في بعض الأحيان، وإنّ عندهم قرآناً غير قرآننا وغير ذلك. إلاّ أنني لم أكن ألقي لذلك بالاً، حيث أنّني لا أنسى ما حييت ما قاله مرة أستاذي في موضوع التربية الإسلامية في المدرسة الثانوية: (إنّ الشيعة طوائف متعددة منها ما كان يؤلّه علياً فعلاً، ولكن الطائفة الإمامية الإثني عشرية ـ أو كما تسمى بالجعفرية ـ هي أقرب الطوائف إلى أهل السنة، وأتباعها مسلمون) وبما أنّ هذه الكلمات كانت صادرة ممن أعتقد بصلاحه وتقواه وسعة علمه واطلاعه، وكذلك اعتداله وموضوعيته بنقد الآخرين من أصحاب المبادىء والنظريات المخالفة للإسلام أو لمذهبه السني، فإنّ هذه الكلمات ظلت ترنّ في أذني على مر الأيام والسنوات، وهذا فضلاً عن تأثري أيضاً بأحد
أنت تقرأ
حقيقة الشيعة الإثنى عشر
Ficción Generalإلى كلّ باحث عَن الحقيقة.... أهدي هذا الكتاب المؤلّفِ: اسعد وحيد القاسم - فلسطيني باحث عن الحقيقة، جاهد في سبيل الوصول إليها جهاداً مريراً حتى هداه الله إلى سواء السبيل (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا). ولد في قرية دير الغصون في الضفة الغربية بفل...