ثانياً: تخلف بعض الصحابة عن بعثة أسامة وطعنهم في إمارته

288 24 2
                                    

ثانياً: تخلف بعض الصحابة عن بعثة أسامة وطعنهم في إمارته:

من المعروف عند جميع المسلمين أنّ الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) عقد

____________

1- صحيح البخاري ج6 ص11 كتاب المغازي باب مرض النبي ووفاته.

لأسامة بن زيد سرية لغزو الروم وهو ابن السابعة عشر عاماً، وهي آخر السرايا على عهد الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، ولم يبق أحد من وجوه المهاجرين والأنصار كأبي بكر وعمر وأبي عبيدة وسعد وأمثالهم، إلاّ وقد عبأه بالجيش (1) ـ وقد أجمع على هذه الحقيقة أهل السير والأخبار وهي من المسلمات ـ وأمر الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) أسامة بالمسير، إلاّ أنّهم تثاقلوا في ذلك، وقد طعن بعضهم في تأميره عليهم، حتى غضب الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)من طعنهم غضباً شديداً، فخرج معصب الرأس، وكان ذلك أثناء مرضه الأخير قبل وفاته بيومين، وصعد المنبر وقال كما أخرج البخاري بسنده عن ابن عمر(رضي الله عنه): "قال: أمر الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)أسامة على قوم فطعنوا في إمارته، فقال: إن تطعنوا في إمارته فقد طعنتم في إمارة أبيه من قبله، وأيم الله لقد كان خليقاً للإمارة، وإن كان من أحب الناس إليّ، وإنّ هذا لمن أحب الناس إليّ بعده" (2) ثم حضهم على المسير بها والتعجيل في ذلك، إلاّ أنّهم تباطؤوا مرة أخرى، وتوفي الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)قبل أن يبدأوا بالمسير.
ويُستفاد من هذه الحادثة ما يلي:

____________

1- رجال حول الرسول لخالد محمد خالد: ص656، تاريخ الطبري ج3 ص184، 186، النهاية لابن الأثير ج2 ص317، طبقات ابن سعد ج4 ص65 ـ 69.

2- صحيح البخاري ج5 ص179 كتاب المغازي باب غزوة زيد بن حارثة.

الصفحة 57
1 ـ اجتهاد بعض الصحابة في موضع نص النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، حيث أنّهم اعترضوا على تأمير أسامة عليهم لصغر سنة بالرغم من أنّ الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) قد عقد لواءه بيده، فإذا فهمنا هذه، فإنّه لن يصعب علينا فهم كيفية وسبب اجتهادهم في مسائل أكبر كاستخلاف علي وإمامته كما سترى ذلك فيما بعد.
2 ـ إنّ تأمير الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) لأسامة عليهم وهو ابن السبعة عشرة عاماً فقط، كان درساً عملياً للصحابة في مسألة تقبل إمارة من هو أصغر منهم سناً، حيث أظهر لهم غضبه الشديد عندما طعنوا في إمارته.

3 ـ عندما عقد الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) اللواء لأسامة، كان يعلم بأن موعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى قد دنا، ولا شك أنّه كان يفكر بما سيحصل بعده من تنازع على الخلافة، فكانت حكمته بالغة في وضع كبار المهاجرين والأنصار في تلك السرية والتي أمرها بالمسير قبل وفاته بأيام حتى لا يكون هناك أي مجال للتنازع على الإمارة، فضلاً عن الاجتهاد فيها. وقد كان علي ملازماً للرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) طوال فترة مرضه، وبعد وفاته اشتغل بغسله في الوقت الذي ذهب فيه المهاجرون والأنصار يتنازعون على الإمارة في سقيفة بني ساعدة بعد أن تثاقلوا ورفضوا المسير في بعثة أسامة والذين كانوا جنوداً فيها، اجتهاداً منهم لقلقهم كما يبدو على ما سيحدث بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) في حال

الصفحة 58
غيابهم!
وهكذا، فإنّ من يصعب عليه قبول أو استيعاب مسألة رفض بعض الصحابة لإمامة علي بن أبي طالب عليهم، فكيف يُفسّر رفض هؤلاء أنفسهم تأمير أسامة عليهم بل وطعنهم في ذلك، بالرغم من أنّه بأمر من الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)أيضاً؟

وبما أنّ حادثتي رزية يوم الخميس والطعن بتأمير أسامة قد حصلتا في حياة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) وبكل ما فيهما من أهوال، فما بالك بالذي سيحصل بعد وفاته(صلى الله عليه وآله وسلم)؟؟

حقيقة الشيعة الإثنى عشرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن