بعد استشهاد الإمام علي(عليه السلام)، اعتلى الإمام الحسن(عليه السلام) المنبر ونهض أهل الكوفة وبايعوه خليفة للنبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وإماماً للأمة، إلاّ أنّ ذلك لم يدم سوى ستة شهور، فعندما وصل الشام نبأ استشهاد الإمام علي(عليه السلام)، تحرك معاوية بجيش كبير نحو الكوفة ليأخذ بيده زمام المسلمين، ويجبر الإمام الحسن بن علي(عليه السلام) على الاستسلام.
ولم يجد الإمام الحسن (عليه السلام) مناصاً سوى المسالمة وعقد ميثاق صلح مع معاوية. وأمّا الأسباب التي فرضت عليه عقد مثل هذا الصلح فقد كانت تفكك جيشه ووضع العراق الداخلي المضطرب من جهة، والأمبراطورية الرومانية التي كانت تتحين الفرصة لضرب الإسلام وقد تأهبت بجيش عظيم لحرب المسلمين من جهة أخرى، مما يؤكد أنّه لو نشبت حرب بين معاوية والإمام الحسن(عليه السلام)في ظل هذه الظروف لكان المنتصر فيها أمبراطورية الروم وليس الإمام الحسن(عليه السلام)ولا معاوية.
وهكذا فإنّ الحسن(عليه السلام) بقبوله السلام قد أزال خطراً كبيراً كان يهدد الإسلام، وأمّا بنود معاهدة الصلح فكانت:
1 ـ يسلّم الحسن بن علي(عليه السلام) الحكومة وأزمّة الأمور إلى معاوية على شرط أن يعمل معاوية وفق مبادىء القرآن وسنة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم).
2 ـ تكون الخلافة بعد موت معاوية حقاً خاصاً بالإمام
الصفحة 99
الحسن(عليه السلام)، وإذا حدث له حادثة فإنّ الخلافة ستكون لأخيه الإمام الحسين(عليه السلام).
3 ـ تمنع الشتائم وكافة الإساءات ضد الإمام علي(عليه السلام) سواء على المنابر أو غيرها.4 ـ ينفق مبلغ خمسة ملايين درهم الموجودة في بيت المال في الكوفة تحت إشراف الإمام الحسن(عليه السلام)، ويجب على معاوية أن يرسل سنوياً مليون درهم من الخراج إلى الإمام الحسن(عليه السلام)، ليوزعها على عوائل أولئك الذين استشهدوا في معركتي الجمل وصفين إلى جانب الإمام علي(عليه السلام).
5 ـ يتعهد معاوية بأن يدع الناس قاطبة من أي جنس وعنصر في منأى من الملاحقة والأذى، ويتعهد أيضاً أن ينفذ بنود هذا الصلح بدقة ويجعل الملة عليه شهيداً.
إلاّ أنّ الإمام الحسن(عليه السلام) استشهد في سنة 50 هـ بعد أن دست له زوجته (جعدة بنت الأشعث بن القيس) السمّ، والتي كانت تنسب إلى إحدى الأسر المخالفة للعلويين. وقد حرّضها معاوية على اقتراف هذه الجريمة السوداء بإرساله إليها مائة ألف درهم، ووعده إيّاها بأن يزوجها بابنه يزيد إذا دست السم للحسن(عليه السلام). وقد فرح معاوية فرحاً كبيراً عندما علم باستشهاد الإمام الحسن(عليه السلام)، إذ كان يرى أنّ أكبر عقبة بوجه مآربه ـ وخصوصاً توطيد الحكم للأسرة الأموية ـ قد
الصفحة 100
زالت من الوجود.
وهكذا فقد تم لمعاوية بعد ذلك ما أراد، وتمكن من تنصيب ابنه المراهق الخليع يزيد على الأمة قهراً. فأين هذا من اعتقاد أهل السنة بأنّ الخلافة هي بالشورى؟ أو لم يرفضوا النصوص التي تدلّ على استخلاف أئمة أهل البيت بحجة أنّ الخلافة هي بالشورى؟ أو ليس يدل هذا على أنّ الخلافة ـ على رأيهم ـ إن لم تكن بالشورى فهي غير شرعية؟ ولكن لماذا اعتبروا أنّ خلافة يزيد شرعية؟ وكيف قبلوا تسميته بأميرالمؤمنين؟وتأمل فيما يلي لترى شيئاً من صفحات تاريخنا الإسلامي السوداء، وسرداً لقبس من قبسات حياة "أميرالمؤمنين" يزيد بن معاوية بن أبي سفيان!!
أنت تقرأ
حقيقة الشيعة الإثنى عشر
Fiksi Umumإلى كلّ باحث عَن الحقيقة.... أهدي هذا الكتاب المؤلّفِ: اسعد وحيد القاسم - فلسطيني باحث عن الحقيقة، جاهد في سبيل الوصول إليها جهاداً مريراً حتى هداه الله إلى سواء السبيل (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا). ولد في قرية دير الغصون في الضفة الغربية بفل...