الفصل الثالث والعشرون ..

1.2K 133 39
                                    

حملقت سلمي بقسمات وجه هشـام الجالس أمامها بأقصي الغرفة منهمكاً بقراءة بعض الأوراق امامه فهو لم ينبث بكلمة واحدة منذ أن احضرها الي الغرفة ومددها برفق علي اريكته ، جالت عيناها بجميع اركان الغرفة بملل شديد وما لبثت إلا أن أعادت نظرها إليه وهي تحدق به بثبات وصبر إلي أن وجدته يلقي بالأوراق أرضا وراح ينظر بين قدميه بارتباك وحزن .
فتحت فاها لتقول شئ ولكن لم تخرج منها سوي غمغمة خافتة فلم يكن في وسعه الا النظر إليها مسرعا..
- هل تشعرين بالآلم؟
قال قبل أن يتحرك من مقعده لينحني بجوار قدمها وهو يعدل من موضعها برفق شديد لتقول ووجهها يتورد بخجل :
- انا بخير ، شكراً لك .

اقترب من وجهها قليلاً وهو ينظر داخل عيناها السوداوين بعمق لتصرخ دقات قلبها طالبة بالمزيد فهي قد ظنت أن ما ستلاقيه منه هو الجفاء كما يفعل دائماً لتتأكد ظنونها عندما استقام جسده أمامها مبتعدا عنها ثم قال بتأفف شديد:
- لما تلك الأفعال؟
صعب عليها ما يرمي إليه وما فعله للتو لتهتف بغضب :
- عن أي افعال تتحدث ؟

- أن أشعر بالغيرة وما شابه ، أنه تصرف تافه بحق .

- إسمع يا هذا لست انا من يضع الخطط ليثير غيرة أحد وبخاصة انت فلا تظن أنك شخصاً مهماً .
هتفت بغضب لتتسع عيناه فجأة مما قالته حتي كاد أن يتحدث لكن قاطعه صوتها من جديد :
- أخبرني انت ، لما شعرت بالغيرة فأنا لست بالشخص المهم لك بكافة الاحوال؟!

- لست مهمة لي !
ردد كلماتها بذهول وفي داخله حزن عميق لتبدأ بالحديث مجدداً.

- ظننت بأنك اول من سأراه عندما افتح عيني بالمشفي لكن لم تكن هناك ، اهمالك لي كان كالطعنة .
لم اعرف ان احيا حياة متوزانة لا يحق لي البكاء عند الحزن ولا يحق لي الابتسام عند سعادتي وعندما اغضب لا يحق أن ادمر الاشياء من حولي بل يجب عليٓ الإحتراق .

الشئ الجيد بكل تلك الأمور هو أنت ، عندما احببتك اصبح قلبي يشع بالسعادة .
قالت ودموعها تسيل علي وجنتيها بغزارة بينما هو استعمر قلبه الحزن ولمعت عينه بدمعة متمردة قبل أن يتحول هذا الحزن الي غضب شديد ..
التفت ليذهب إلي الحمام لكن اوقفه طرق رقيق علي الباب بينما هي جففت دموعها مسرعة قبل أن يفتح الباب ويجد امامه فتاة بشعر أحمر قد اعتاد رؤيتها يومياً لتردف بثغر مبتسم :
- كيف حالك ايها الشاب ؟ انا قد جئت من المشفي لرعايتها بأمر من الطبيب .
أومأ قبل أن يسمح لها بالدخول ثم خرج صافعا الباب خلفه لتقطب الفتاة حاجبيها بتعجب قبل أن تتحدث سلمي :
- مرحباً فيكتوريا .
- لم اقصد التدخل لكن هل هو زوجك فهو يحبك كثيرا .
قالت فيكتوريا بنبرة مرحة وهي تضع معداتها جانباً .
- هو ليس زوجي كما أنه لا يحبني أيضاً .

- حقا ! ظننته زوجك فهو كان يأتي لرعايتك كل ليلة ، وأيضا بيوم وجدته نائم بجوار سريرك بالمشفي وكان يبدو منهكا للغاية .
أذكر أيضاً عندما كنا نجري لك العملية ونستخرج الرصاصات لم يكف عن البكاء والتمتمة بكلمات غريبة .
أنت فتاة محظوظة ..
أردفت الممرضة لتغرق سلمي ببحر أفكارها وهي تتذكر ما تفوهت به للتو ...
*****************
كان الوضع مختلف قليلاً عند سارة التي لم يغلبها النوم بسبب أفكارها المزدحمة لتنهض بإنزعاج شديد قبل أن تشعل المصباح الذي بجوارها فقط حتي لا تزعج سام الغارقة بالنوم وضعت قدمها ببطئ علي الأرض الباردة لتتقدم بخطوات متوجثة نحو خزانتها لتفتحها ببطئ وتخرج تلك الصورة التي تجمعها بعمها وهي في سن السابعة عشر والتي ترافقها دوماً اينما ذهبت ..
أخذت تنظر للصورة بكل حب وهي تتذكر مواقف عمها معها علي الرغم من أنه لم يعوضها عن حنان أبيها بشكل كامل إلا أنه جعلها تشعر بالدفئ وفكرة فقدانه تجعلها تتذكر فقدانها لأبيها ..
مسحت علي الصورة برفق وهي تضمها إليها لتقول بصوت متحشرج من البكاء :
- لا اعلم ما عملك مع هذا الشخص وما الذي فعلته لكن كل ما أعلمه هو اني لن اسمح له بقتلك .

اتش H.S |           (Competed)|حيث تعيش القصص. اكتشف الآن