يا فؤادي لا تسل اين الهوى .. كان صرحاً من خيالٍ فهوى
اسقني واشرب على أطلاله .. واروِ عني طالما الدمع روى
كيف ذاك الحب أمسى خبراً .. وحديثاً من أحاديث الجوى
لست أنساك وقد أغريتني .. بفمٍ عذب المناداة رقيقْ
ويدٍ تمتد نحوي كيدٍ .. من خلال الموج مدت لغريق ْ
وبريقاً يظمأ الساري له .. أين في عينيك ذياك البريق ْ
يا حبيباً زرت يوماً أيكه .. طائر الشوق أغني ألمي
لك إبطاء المدل المنعم .. وتجني القادر المحتكمٍ
وحنيني لك يكوي أضلعي .. والثواني جمرات في دمي
أعطني حريتي أطلق يديَّ .. إنني أعطيت ما استبقيت شيَّ
آه من قيدك أدمى معصمي .. لم أبقيه وما أبقى عليَّ
ما احتفاظي بعهودٍ لم تصنها .. وإلام الأسر والدنيا لديَّ
أين من عيني حبيبُ ساحرٌ .. في نبل وجلال وحياء
واثق الخطوة يمشي ملكاً .. ظالم الحسن شهي الكبرياء
عبق السحر كأنفاس الربى .. ساهم الطرف كأحلام المساء
~~~~~~~~~~~~
إنساب الصوت الشجي من المذياع القديم الموضوع على طاولة المطبخ إنهمكت في أعمالها و هي تدندن ألحان الكلمات الرقيقة التي تتغلغل في داخلها و لا تمل من سماعها أبدا
وظعت إبريق الشاي على المنضدة الصغيرة لتلحقها بقطع الخبز الساخن و الزبدة القشدية مسحت يديها في منديل معلق على باب الفرن لتفتحه و تخرج فطائر ساخنة إنتشرت رائحتها في أرجاء المنزل الصغير نظرت برضا بالغ لمائدتها المميزة لتبتسم و هي تسمع النداء يعلوا بإسمها من أسفل المنزل أسرعت تفتح نافذة المطبخ و تطل برأسها لترى صاحب المتجر المقابل لمنزلها بإبتسامته الواسعة ألقت السلام بصوتها الرقيق و هي توصي الرجل العجوز بما تحتاجه راقبته يغيب عن انظارها و إبتسامته لا تزال تشق وجهه أحست بإمتنان هائل للمساعدة الا محدودة و التي تلقتها من أهل البلدة المتواضعين
جابت ببصرها في الأنحاء و من نافذة منزلها في الطابق الثاني لمحت جاراتها تستعدان للمغادرة للعمل المكان مدهش هنا نسائم البحر تبعث عطرا منعشا رائحة اليود و المياه المالحة معى أنواع السمك و التي تشتهر البلدة الصغيرة ببيعها للمناطق المجاورة تبعث شعورا مبهجا إتكأت برأسها على حافة النافذة لتبتسم بخفة و هواء البحر يزيدها إنتعاشا كم تشعر بالطمأنينة هنا
شعرت بيد صغيرة تجذب حافة ثوبها إستدارت لتطالعها العيون الصغيرة الناعسة
: ماما
قالتها الصغيرة و هي تتشبث في ثياب أمها لتحملها الأخيرة و تنهمل عليها بسيل من القبل
عانقت الجسد الصغير و الذي لم يتجاوز الست سنوات
: يا قلب ماما لما إستيقظتي الوقت مبكر
: امممممم الرائحة شهية
قالتها الصغيرة و عيناها تلمعان بشقاوة محببة عادت الأم تقبل وجه إبنتها و هي تقول
: حسنا خالتك نجلاء ستصل الآن علينا إيقاظ الوحش النائم أولا
ضحكت الصغيرة و هي تخفي فمها بكفيها بطريقة طفولية و تومئ لأمها بالموافقة
خرجت من الصالة الصغيرة تحمل إبنتها لتدخل للغرفة الثانية البيت الصغير يحتوي على مطبخ مجهز بأهم الأشياء فقط لحجمه الضئيل صالة إستقبال عادية وضعت فيها طاولة للأكل إضافة للحمام و غرفتان الأولى متوسطة الحجم تشغلها هي و إبنتها و الأخرى صغيرة نسبيا جعلتها غرفة لصغيرها الحبيب
فتحت الباب و توقفت فجأة
رباه لما يشبهه هكذا حتى في طريقة نومه فتحت الستائر ليشع ضوء الشمس و إقتربت من صغيرها تهزه بحنان مسدت شعره داكن السواد الشبيه بشعرها هيا لاكن تغيرت ملامحه ما إن فتح عيناه الناعستان عسليتان كوالده تماما أليس الوقت كفيلا بمداوات الجروح فلما تحس بجرحها ينزف بعد مرور أكثر من ست سنوات أليس من المفترض أن يموت المرء إن نزف كثيرا فلما هي حية الآن
شعت الإبتسامة في العينان العسليتان لتدرك السبب لأجلهما لأجل أغلى شيئ في العالم توئماها الغاليين أروع ما حصل في حياتها و كنزها الذي ربحته بعد سنين من الألم دقات متفرقة على الباب جعلتها تنهض لإستقبال صديقتها العزيزة تاركتا طفليها يحظران نفسيهما
بعد مدة قصيرة كانت تجلس قبال نجلاء إمرأة معتدلت القامة بيضاء البشرة ملامحها تبعث راحة غريبة على كل من يلتقي بها لن تنسى يوما كيف قابلتها و كيف ساعدتها بدون توقف
: هاي يا الرماس
أجفلت و هي تسمع إسمها من الجالسة قربها إبتسمت بتوتر و هي تقول
: عفوا نجول لقد شردت قليل
تنهدة نجلاء و هي تصب فناجين الشاي و تقول
: أنا أعرفك منذ أربع سنوات و لم تتوقفي عن الشرود يوما
رغم معرفة نجلاء لحياتها كاملة لاكنها لاتنفك تطالبها بالمظي قدما فكرت بخوف مذا كان سيحصل لها لو لم تلتقي بنجلاء حتى الشقة التي تقيم فيها أجرتها من عائلتها و لم تطالبها يوما بالمال
على الضجيج و التوئمان ينظمان للمائدة راقبت عائلتها الصغيرة بقلب راجف كم تحبهم و كم تتمنى لو كانوا يمتلكون الفرد الناقص
: هل ستذهبين للمدينة
وضعت الرماس كوب الشاي من يدها و أطالت النظر في صغيرها لتقول بلا تردد
: علي أن أذهب الطبيب أكد أهمية زيارته بعد مرور ثلاث أشهر
ضحكت نجلاء و هي تلاعب شعر الصغير الشقي و تذكرت قبل عدة أشهر وقوعه من شجرة الزيتون وهو يطارد قطة ليكسر قدمه
الدموع التي سكبتها صديقتها كانت كافية لري مزرعتها الصغيرة و بعد إصرارها تم أخذ الولد إلى طبيب العظام في مدينة بعيدة نسبيا
لاتنكر أن مدينتهم الساحلية لاتزال تحتاج كمية هائلة من المرافق و التطور لاكن بعدها هو الشيئ الوحيد الذي جعل الرماس تلجئ إليها أو بالأصح تختبأ فيها
همهمت نجلاء و سرعان ما نظرت لصديقتها متسائلة
: لا تقولي فقط أنك ستذهبين وحدك
: نعم طبعا
: هل جننتي أنسيتي مذا حصل المرة السابقة
قالتها نجلاء و الغظب يشتعل فيها تأففت الرماس و هي تقول
: نجلاء إلى متى سأظل ألجأ للجميع كلما إحتجت شيء أنا سأعيش هنا للأبد و لن أكون عبأ على أي كان
مسحت نجلاء فمها بمنديل ورقي وهي تناظر صديقتها بجدية
: راما إسمعيني
عظت نجلاء على شفتيها وهي ترى الدموع المتفجرة كسيول جارفة من مقلتي رفيقتها. تأففت بصوت عالي و هي تضرب المائدة بكفها تحت أنظار الطفلين المنصدمين بشهقات أمهما العالية أسرع (جواد) ناحية أمه يعانقها بقوة و يمسح دموعها في حين إلتمعت الدموع في عيني (جوداء) الشبيهة بأمها راقبت إبنها يمسك وجهها بكفيه الصغيرتان يمسح دموعها يقبل جبينها و صوته الطفولي يزيد عذابها
: ماما لاتبكي ياغاليتي أخبريني فقط من أبكاكي و سأحطم وجهه
ياالله كم يشبهه تقطيبة حاجبيه حركت يداه و الخنجر الذي يطعنها يوميا عيناه
عيناه التي تطاردانها في أحلامها و كوابيسها عيناه التي أورثهما لإبنه غير آبه لما سيحصل لها و هي ترى شبيهه كل يوم
إحتضنت صغيرها بقوة تشهق بعنف ما أبشع شعورها تموت وجعا تموت حنينا. قهرا و ألما منذ متى لم تسمع إختصار إسمها (راما) فاجأتها الذكرى و كأنها نستها يوما
ليلتها ناداها بإختصار إسمها لأول مرة كان الوحيد الذي يقول إسمها كاملا ليس رماس ولا راما أخبرها أن الألف و اللام في بداية إسمها يبعد الصفة يليق بها تماما
[: أتعرفين معنى راما
قالها و أنفاسه الساخنة تظرب عنقها لم تجب تسمرت و ذراعاه تجدان طريقا لخصرها ضهرها إلتصق بصدره العريض و يداه تشتدان عليها
: ماء الألماس
صوته الخشن لطالما أرسل رجفة باردة في كل أرجائها إستكانت بين ذراعيه وهو يذوب في بشرتها الرقيقة وهي لاتمتلك إلا الذوبان معه]
مسحت دموعها بإبتسامة مرتجفة لتجذب ولديها لحظنها تعانقهما بكل قوتها مسدت نجلاء شعر رفيقتها وهي تقول
: أمكما بخير ياعزيزي هي فقط خائفة عليك فغدا موعد زيارتك لطبيب
ضحك الصغير بشقاوة ليضرب صدره بقبضته الصغيرة و يهتف
: لا تخافي أماه إبنك صار رجل و لن تخيفه زيارة الطبيب
تعلقت جوداء بعنق أمها تقول بتوسل
: ماما خذيي معك أريد زيارة المدينة جواد يحكي عنها دوما لرفاقه
أمسكت الأم بوجه إبنتها الصغير بين كفيها و هي تقول بجدية
: حبيبتي الطريق طويل و كما تعرفين نحن في فصل الخريف و الجو بارد أعدك عندما يصبح الجو أكثر دفئ سنذهب جميعا و نقضي نهارا رائعا
قلبت الصغيرة شفتيها بغير إقتناع لتردف أمها
: كما أنني سآخذ جواد لمراجعة طبيبه لنتأكد أن قدمه بخير و أنتي ستبقين معى خالتك نجلاء
لمعت الدموع في عيني الصغيرة لتحملها نجلاء هاتفة بمرح
: نعم صغيرتي سنبقى معا
و إقتربت تهمس في أذنها
: ونلهوا في الشاطئ
: هل سنلعب هناك
همهمت نجلاء تدعي التفكير و تومئ رأسها بالموافقة لتنطلق صرخة الصغيرة الفرحة
زمت الرماس شفتيها و وهي تنظر لصغيرتها البريئة تتتهامس معى صديقتها و التي تسمح لصغيرتها بتجاوز كل الحدود عند غيابها عاد صوت نجلاء يتسائل
: ألن تطلبي من أخي إيصالك للمحطة
تأففت الرماس بضيق لم تخفه عن رفيقتها
: إذهبا لغرفتكما
راقبت الأطفال يستجيبان لأمرها فهي تعرف الموال الذي ستلقيه رفيقتها العزيزة على مسامعها
أمعنت نجلاء النظر في الرماس و لا تستطيع لوم شقيقها على إلتصاقه بالمعنى الأصح بها راقبتها تحمل أطباق الفطور للمطبخ زفرت بضيق و هي تتذكر توسلات شقيقها هذا الصباح أمسكت يد رفيقتها لتجلسها قربها
: ريماس فكري بهدوء الطريق طويل و متعب دعي أخي يوصلك مباشرة بدل بهدلتك الغير لازمة في محطة القطار
إبتسمت الرماس بهدوء قائلتا
: صدقيني أتحمل البرد و الطريق و الزحمة و لن أتحمل سماجة شقيقك
قطبت الأخرى جبينها بغضب لتقهقه الرماس بقوة و تردف
: لا مؤاخذة نجول لاكن أخبرت شقيقك أن يبحث في جهة أخرى لكنه يصر على إزعاجي
: فقط أعطيني سببًا
شبح إبتسامة مر على شفتيها وهي تهمس
: أنا في الثامنة و العشرين عندي تؤمان و إبتلعت غصة في حلقها و هي تكمل و على ما أعتقد مطلقة
أنت تقرأ
إني أحببتك
Romanceو أظل وحدي أخنق الأشواق في صدري فينقذها الحنين.. و هناك آلاف من الأميال تفصل بيننا و هناك أقدار أرادت أن تفرق شملنا ثم انتهى.. ما بيننا و بقيت وحدي أجمع الذكرى خيوطا واهية و رأيت أيامي تضيع و لست أعرف ما هيه و تركت يا دنياي جرحا لن تداويه السنين فطو...