لن تستطيع سنين البُعد تمنعنا
إن القلوب برغم البُعد تتصلُ
لا القلب ينسى حبيباً كان يعشقهُ
ولا النجوم عن الافلاكِ تنفصلُ
#عبدالعزيز_جويده
~~~~~~~~~~~~~~
خيوط الشمس تكاد تكون منعدمة رغم صياح الديك المزعج منذ وقت طويل رذاذ المطر الخفيف يقرع النافذة على إستحياء
و هي تشد الغطاء على جسدها العاري تتوسد كتفه و تناضر طرف الغرفة حيث تكومت ثيابها و الملائة البيضاء الملطخة
مستيقضة منذ وقت قصير تراقبه نائما بعمق شديد
تفكر داخلها أن ما حصل كان لابد منه فلما التماطل
يده التي تلامس جرح بطنها الغائر تجرأة أكثر لتتململ بين ذراعيه رافضة الأمر ليعانقها أكثر
متفهما إحساسها
: صباح الخير
هزت رأسها وهي ترد بخفوت
:صباح النور
لامس خصلات شعرها المتناثر على وسادته وراقب بكل إستمتاع تورد وجهها الجميل والذي لم يستمر طويلا حيث قفزة من السرير بسرعة تشد الغطاء حولها ملتقطة ثيابها ترتديها على عجل و تغادر الغرفة و لم تنسى أخذ الملائة معها تحت نضراته الغاضبة
~~~~~~~~~~~
تحت المياه الساخنة أراحت جسدها لبضع الوقت قبل أن ترتدي ثيابها تمشط خصلات شعرها و تخرج إلى المطبخ
رائحة شاي الأعشاب تتغلغل إلى أنفها
تمسك الكوب الساخن بين يديها و تناضر من نافذة المطبخ الجو يصبح أكثر هدوء
القبلة الحانية على جبهتها من شهد الناعسة جعلتها تبتسم و تفرغ لها كأس شاي رفضته الأخرى بنظرة متقززة جعلت أمها تنهال عليها بوابل إنتقادات
ثم تسحب الكرسي تجلس قرب الرماس و تلامس خدها المتورد تنظر إلى إبنتها المشغولة بإعداد إفطار غير صحي و تهمس
: صباحية مباركة يا عروس
الكلمات التي جعلتها تسعل بقوة و هي تضع الكأس من يديها على الطاولة بإرتباك شديد و تنزل رأسها بإحراج جعل الأكبر تقطب حاجبيها بإستغراب
و تمسك يدها متسائلة
:صغيرتي مذا هناك
هزت رأسها بالنفي عدت مرات ثم وقفت مغادرة المطبخ لتصطدم به عند الباب
رفعت رأسها إليه مجفلة ثم إبتسمت بإرتباك و هي تتجاوزه صاعدة إلى غرفتها
لم يطل وقت بقائها وحدها صوته يخترق عزلتها ثم يطل عليها بهيئته المستعدة للخروج آمر إياها بالحاق به
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
إلى مكان ليس ببعيد عن المنزل سارا متجاورين
الأرض لا تزال موحلة و الهواء يأتي من كل الإتجاهات باردا جدا تشد الوشاح الصوفي على جسدها و تلحق خطواته البطيئة
نهر صغير يصدر صوتا خلابا و الحشائش الندية على مد النظر
إبتسمت بحبور و تسائلت داخلها لما لم تحضرها شهد إلى هنا رغم خروجهم في نزهات عديدة
وضع الكرسي الخشبي و الذي كان يحمله بيده في مكان جاف و نظر إليها قائلا
: تفضلي
بلا إعتراض نفذت أمره و هي تراقبه يقترب من الصخرة الكبيرة جالسا عليها
يده تمتد إلى جيب معطفه الثقيل مخرجا سيجارة أشعلها آخذا نفسا طويلا منها ثم نظر إليها هامسا
: راما
رفعت رأسها إليه تزين وجهها إبتسامة صافية من المنظر الجميل حولها
: نعم
: هل كل شيئ بخير
هزت رأسها بالموافقة و هي تستفسر
: طبعا ولما لا يكون
:أتسائل فقط
صمتت لعدة دقائق قبل أن يصله صوتها الهامس
:إشتقت إلى عائلتي الحنين إليهم يقتلني
بخطوات بطيئة إقترب منها جاثيا قربها يمسك يديها الدافئتين و يقول
: الرماس الضروف لا تسمح لي بالتخفيف عنك في هذا الأمر لاكن ما بقى لا يكلف الله نفسا إلا وسعها
رفعت نضرها إليه خيوط الشمس تحيل عيناه أنهار من عسل يداه الخشنتان تحتضنان يديها المرتجفتين بللت شفتيها بطرف لسانها ثم تنحنحت قائلة
: إن كنت تشعر بالندم على ما حصل البارحة فلا داعي
تلك الضحكة التي إنطلقت منه و نظرت عيناه المشعة ناسبت قوله الصادق
:آخر ما قد أشعر به هو الندم
أدارت وجهها عن مرمى عينيه الناطقتين بمعاني كثيرة قبل أن يعيد وجهها مقابلا له و هو يكمل
: لا أتحمل رؤيتك منطفئة
لا تستطيع الكتمان أكثر شهقتها الباكية إستقبلها صدره الرحب و كأي قطعة ثمينة إحتظنها بقوة
كلماتها المختنقة تأتيه باكية و هي تصف وضعها و شعورها
: أنا لا أعرف ما أحس به و لا أدري أين الصواب و أين الخطأ أنا لا أشعر بالإستقرار إطلاقا
شد على ذراعيها و هو يقول بكلمات متفهمة
:لا بأس عليك سيهون
رفعت نظراتها المشوشة إليه ثم قالت بإرتباك و هي تبتعد عن ذراعيه
: لما تتحدث بهاته الطريقة
مد يده يزيح خصلات شعرها و يطيل النظر إلى عينيها ثم يهمس
:لما تتجنبين نطق إسمي
هزت رأسها برفض بلا أي كلمات ثم تلعثمت في ردها
: لا أنا لا أفعل هذا لا
قاطع تلعثمها بضغط إبهامه على شفتيها لبضع ثواني ثم قال
:سأعود إلى العشيرة
ذاك الخوف في عينيها جعله يكمل
: سأعود وحدي ستبقين هنا
بإستغراب شديد همست
: هل يمكن هذا أقصد لن يقبلو
: لا يهمني الأمر
قاطعها بإقرار و أكمل
: أنت هي مايهمني
إرتجفت يديها المفرودتين بين كفيه ليشد عليهما بقوة قائلا
: الرماس لا أنكر رغبتي في إصطحابك معي
بمجرد فتحها لفمها رغبتا في الكلام أوقفها بحركت من يده و أردف
: لاكني لن أسامح نفسي لو تأذت شعرة من رأسك
يداه تصعدان و تنزلان على طول ذراعيها مرسلا داخلها دفئ كبيرا
:أنا بين خيارين لهما مذاق العلقم في فمي فكرة أني قد أفشل في حمايتك داخل أسوار بيتي تشعرني بالخوف و تركك هنا مبعدا إياك عن الجميع تجعلني عاجزا ضعيفا
يده تمتد لتلامس خدها البارد من الجو و صوته يصلها محملا بمشاعر عاصفة
: أتعرفين معنى أن يشعر رجل مثلي بهاته الأشياء
ردها نظرات صامتة وشد أكبر على يديه
وقف بطوله ليحجب الشمس عن وجهها ثم ناظرها قائلا
: سأغادر صباحا الآن سأهتم ببعض الأعمال العاجلة
مد يده إليها و أكمل
: تعالي لعند
هزت رأسها نفيا وهي تقول
: أريد البقاء قليلا أشعة الشمس جيدة هنا
إمتثل لأمرها و هو يقترب من الصخرة جالسا عليها رائحة السجائر تملئ الجو الرياح تأتي كنسمات هادئة و الشمس تزداد حرارة وقفت تقترب منه تفرك يديها بإرتباك
: سيف
رفع رأسه إليها مبتسما يطرب أذانه بهمسها إسمه
يده تمتد لإطفاء عقب السيجارة و صوته يجيبها
: نعم
: الأمر خارج عن إرادتي و أنت السبب
رفع حاجبه متسائلا
: أنا
: نعم أنت تعطيني خيارا و تهتم و عليك ألا تفعل هذا عليك أن تكون قاسيا و سيئا معي لا يمكنك إن تهتم لأحاسيسي و مشاعري لا تفعل
وقف قربها يسحبها إليه أكثر و هو يقول
: أعيدي
رفعت نظراتها إليه و تكرر
: أنت هو السبب
قاطعها
: كرري إسمي
: س سيف
إنحنى برأسه إليه يلثم شفتيها مطولا لتبعده بقوة قائلة
: هل جننت قد يرانا أحد
عاود إقترابه منها لاثما كل جزء من وجهها و هو يقول بتقطع
: إنها ملكية خاصة لن يأتي أحد
تململت بين ذراعيه و هي تعاود الإعتراض ليسمح لها بالإبتعاد و يراقب وجهها المحمر بإشتهاء
شدت الوشاح على كتفيها و هي تقول
:لنعد أحضر الكرسي
رفع حاجبه بتعجب من مظهرها و هي تسبقه مغادرة ليلحق خطواتها المتمهلة ممسكا يدها بيده
~~~~~~~~~~~
: آتذكر المره الآولى التي مشيت فيهآ بجآنبي وقتهآ شعرتُ بطريقة مآ آن بقية العآلم آختفى .
~~~~~~~~~~
تضع آخر طبق على المائدة و تنادي شهد من الطابق السفلي العمة تجلس بإسترخاء بعد إصرار الرماس على إعداد العشاء و هو
إتكأت على باب غرفته تنظر إلى حقيبته الموضوعة أرضا إتجهت إلى السرير تجلس على طرفه و تلك الغصة لا تعرف سببها صوته المرحب بها جعلها ترفع رأسها إليه و تراقبه يغلق الباب متجها إليها قائلا
: كنت أبحث عنك
إبتسمت وهي تجيب
: حقا لمذا
: لم أشكرك على هاته
راقبته يخرج السبحة السوداء من جيبه و يجلس قربها ممسكا يدها إبتعدت عنه تقف قرب الباب و هي تطالبه الإنظمام إلى العشاء ثم تغادر بلا رد
في عينيها دموع لا تتجرأ على الإفصاح عن سببها
إنها أضعف من ذالك
مر عليها وقت العشاء بطيئ جدا بنفس باهت إستمعت إلى توصياته لزوجة عمه و إبنتها و أمور أخرى متعلقة بالمزرعة و العمال و الكثير من الوصايا عنها
~~~~~~~~~~~
جاء غريب من اللاشيء أصبح كل شيء .
~~~~~~~~~~~~
تجلس على السطح تفكر في الكثير من الأشياء لاكن شيئا واحدا متأكدة منه لذا وقفت من مكانها تنزل للأسفل تدق باب غرفته و تدخل بلا سماع الرد
نزع الوسادة عن رأسه و راقبها تقترب لتجلس على الأرض قربه و هي تقول بإصرار
: سأعود معك
~~~~~~~~~~~~
خيوط الفجر تبزغ ببطئ تحتضن شهد و والدتها بقوة شديدة تودع المنزل الصغير الرائع بنظراتها في حين صوته يأتيها من خلفها
: سنكرر الزيارة ليست آخر مرة
إستدارت إليه و هو يكرر توصياته اللامتناهية للمرأتان و التي إقتربت أصغرهما تعاود إحتضانها و هي تبكي قائلة بصدق
: لقد تعودت عليك سأشتاقك
: و أنا أيضا سأشتاق لكم كثيرا
صوت العمة و إن كان يأتي متحشرجا تقول بنهر
: توقفا عن هذا سنلتقي مجددا إعتنيا بنفسيكما
صوت بوق السيارة من سيف الذي ينتضر منذ مدة وداعهم الذي طال كثيرا جعلها تمسح دموعها و هي تتجه إليه تفتح باب السيارة التي إنطلقت عائدة بها إلى الجحيم
~~~~~~~~~الروح تميل دائماً لمن يَتقَبلهُا، بِحُزنِها وقلة
حيلتها وإنطفائها.
أنت تقرأ
إني أحببتك
Romansaو أظل وحدي أخنق الأشواق في صدري فينقذها الحنين.. و هناك آلاف من الأميال تفصل بيننا و هناك أقدار أرادت أن تفرق شملنا ثم انتهى.. ما بيننا و بقيت وحدي أجمع الذكرى خيوطا واهية و رأيت أيامي تضيع و لست أعرف ما هيه و تركت يا دنياي جرحا لن تداويه السنين فطو...