الفصل الرابع

298 14 5
                                    

سألت الطريق: لماذا تعبت؟
فقال بحزن: من السائرين
أنين الحيارى ضجيج السكارى
زحام الدموع على الراحلين
وبين الحنايا بقايا أمان
وأشلاء حب وعمر حزين
وفوق المضاجع عطر الغواني
وليل يعربد في الجائعين
وطفل تغرب بين الليالي
وضاع غريبا مع الضائعين
وشيخ جفاه زمان عقيم
تهاوت عليه رمال السنين
وليل تمزقنا راحتاه
كأنا خلقنا لكي نستكين
وزهر ترنح فوق الروابي
ومات حزينا على العاشقين
فمن ذا سيرحم دمع الطريق
وقد صار وحلا من السائرين
همست إلى الدرب: صبرا جميلا
                ( فاروق جويدة )
       
صافرة القطار تعلن بدء رحلتها ، الجو الغائم  أربك أشعة الشمس لتختفي لإشعار آخر جالسة في مقطورة منعزلة تحتظن إبنها الذي عاد لنومه بعد أن تعب من الإستيقاظ باكرا و مشي مسافة طويلة بالنسبة  لأقدامه الصغيرة وضعت حافظة الطعام على جنب و إبتسامة هادئة ترتسم على شفاهها حين تذكرت  السيدة زينب و هي تفاجئها بأصناف جواد المفضلة من الطعام
شدت من عناق إبنها أكثر لتعود يدها تخرج الهاتف قديم الطراز من جيب عبائتها السوداء دقت الرقم الذي تحفظه عن ظهر قلب ليأتيها  الرد الذي جعل الأفكار السوداء تتزاحم في عقلها المرهق الرقم المطلوب مغلق أعادت الهاتف لمكانه و هي تدعوا من أعماقها أن يكون غائبها العزيز بخير أراحت رأسها على زجاج النافذة لتغلق عينيها و تستسلم لذكريات قديمة
                قبل عدة سنوات
خير الأمور أوسطها                           
قالها الرجل السبعيني بكل هدوء لترتفع إليه العيون إثنين منهم حائرة أما صاحبة العيون الثالثة صمتت تراقب زوجها الجالس على كرسيه الخشبي الشبيه بالعرش  عصاه ذات الرأس المذهب تطرق بلاط الغرفة برتابة مستفزة أشعت الشمس المطلة بإستحياء ترسل خيوطها فوق رأسه لتلتمع خصلات شعره الأشيب جلبابه الأبيض الناصع تعلوه العباءة الرجالية السوداء و يكتمل مظهره بالكوفية التي لا تفارق رأسه رمقت بنظراتها طرف الغرفة الآخر حيث جلست بنات العم تفوران من شدة التوتر من كلام جدهم المبهم عادت نظرات الجدة تحاول فك مخطط زوجها فبعد أكثر من خمسين سنة زواج لايزال يحافظ على غموضه  صبت فناجين الشاي تقدمهم لحفيدتيها تدعوا داخلها بكل صدق أن يحميهما  أمعنت النظر في الأولى جمالها الغربي الباذخ شعر أشقر بياض ناصع عيون زرق جمال أخاذ بكل معنى الكلمة و قربها جلست الأخرى تناقض هائل بينهما شعرها الأسود  بشرة سمراء لماعة و تكتمل الطلة بعيون الغزالان المميزة جمال شرقي بكل ماتحمله الصفة
الجلبة الهائلة  في الخارج جعلت الجد يزفر بغضب  لم يكن يوما محتارا كهاته اللحظة طيش أصغر أحفاده رماه هاته المرة في دوامة هائلة ركضه خلف فتاة إتضح فيما بعد أنها خطيبت إبن أحد رؤساء العشائر في منطقتهم
فرغم تقدم الزمن لايزال قانون العشائر مفعوله يسري على الجميع
التخريب و الشجار في المرة الأولى تم حله بطريقة سلمية لكن المرة  الثانية و التي هرب فيها حفيده مع الفتاة أدت إلى كوارث حقيقية  ما يجعله غاضبا حقا هو إسم عائلته الذي صار تلوكه كل الألسنة بسبب طائش سخيف لم يستطيع والديه السيطرة عليه يذكر أنه تحمل كل طباعه الصبيانية لكن أن يصل الموضوع إلى التعدي على الحرمات و محاولة الثأر عن طريق القتل أفاظت الكأس تدخل شيوخ القبائل المجاورة منع قيام حرب عشائر دموية و كان طلبهم تزويج فتاة من حفيداته إلى القبيلة الأخرى و  ينتهي كل شيئ 
نار نار تحرقه لما يجعل حفيدته تدفع ثمن غلطة حفيده
نفس الموال القديم يخطأ هو و تدفع الثمن هي ربما يبدوا شيخ قبيلة ملتزم في كل شيئ لكن موضوع البنات خط أحمر لم يمنع إحداهن عن دراستها على العكس لطالما شجعهن حتى موضوع زواجهن ما إن ترفض إحداهن الخاطب حتى يغلق الموضوع .و أهم شيأ أجمل بنات عائلته ثلاث بنات لطالما تمناهن الجميع و وقف هو بالمرصاد سواء أحفاده  أقاربه  أو  غرباء و لاكن اليوم يجد نفسه يبحث عن القربان بينهن نضراته توقفة عند الشقراء (نور )جمالها الغربي الذي ورثته من أمها الأجنبية جمال جعل إبنه يرمي كل شيئ خلفه و يقسم على هجران الكل بسبب إمرأة تذكر قول قديم لطالما قاله جده (مايجيب آخرة الرجال غير النسوان ) و لاكنه يرى أن  النساء تلحق آخرة النساء أيضا ....
شقراء العائلة هادئة ...هادئة جدا و على عكسها إبنة عمها شبح إبتسامة مر على شفتيه و هو يرى شعلة التمرد تظهر و تثور في العينان داكنتا السواد شرقية  حتى النخاع حفيدته  حتى وشم الذقن لم تتخلى عنه عصبة شعرها  خلخالها كل شيئ فيها مميز لاكنها قوية قوية جدا شرقية العائلة  لهذا إختار الأمر الأوسط
طرقات مميزة على الباب يعرفها جيدا لمن تعود فتحت الباب بهدوء لتطل برأسها رمشت بعينيها بطريقة تخطف الأنفاس  قبل أن  تقول
: أخبروني أن شيخ الشباب يريدني
نظر إليها مطولا قبل ان يقول بصوت حاول أن يكون غاضبا
: ننتظر جنابك منذ ساعة
رفعت حاجبيها بمرح  وقالت
: غريب لقد تم إستدعائي منذ عشر دقائق فقط
زفر الجد بنفاذ صبر و هو يأنب حفيدته
: تعالي يافتاة أين كنت
أسرعت إلى جدها تعانقه بقوة تقبل رأسه قبل أن تميل و هي تهمس في أذنه
: إفرح ياشيخ الشباب وجدت لك عروسا
رفع نظره إليها لتغمز له بمرح و تكمل
: جمال في جمال ستذوب لرؤيتها 
أطال النظر إليها ولا يدري مايقول أشرقية حفيدته هاته أم غربية  هي مزيج من الإثنين
من بعيد قد تبدوا عادية و ربما عادية جدا وجه تراه في الطريق عشرات المرات ولا تهتم لمعرفة تفاصيله لكن إن إقتربت و ألقيت نظرة فقط نضرة واحده إلى عينيها تنقلب القصه ستريد و ستتمنى معرفة القليل أو الكثير إن أمكن ،في عينيها وهج خاص يندمج بشدة مع لونهما الدافئ تلك الهالة الخفية تحيطها بطاقة خاصه روحها شديدة الشفافية شديدة الإنسجام
  راقبها تمازح جدتها و تطري على صبغة شعرها  تلكز إبنة عمها السمراء لتجعلها تبتسم غصبا عنها أو تجعل الشقراء تثور رغما عنها و تجلس هي بينهما و تحمل الشبه لكلتاهما
نظرت إليها (سمراء) بغيرة  و كيف لا تغار هي قوية الشخصية .. تتلكأ قرب جدها و تخجل منه حتى جدتها تستحي منها لكن إبنة عمها مميزة بالفعل نظرت إليها تمسك طبق الحلويات و تجبر الفتاة الأخرى  على الأكل  ليحمر وجهها و تنهرها
: إنتبهي إلى وزنك يا بدينة
قالتها  بهمس لتستدير الأخيرة و تقول بلا إكتراث
:و لما أهتم سأموت في النهاية
ضحكت نور و هي تنظر إلى قوام طويلة اللسان هل كانت بدينة إنها بعيدة كل البعد عن البدانة ربما مكتنزة قليلا  تمتلك جسدا كراقصة شرقية  كانت ببساطة مبهرة و أكثر شيئ يميزها عدم الإكتراث لاتهتم بصفاء ضحكتها و لا بحفرة الخمر في خدها في الشامات الواضحة على طول رقبتها أو  بلون عينيها أو  طول شعرها لطالما كانت مميزة فقط...........مميزة
تنحنح الجد ليلفت الإنتباه
:  جدي لما نحن في إجتماع مغلق
قالتها طويلة اللسان و عيناها تشعان بالإهتمام أمر غريب للغاية في العادة لا تتدخل النساء بكلام الرجال فما بالك بمجرد فتيات
شبك الجد أصابعه ليجلي صوته و رغم بحته و كبر سنه  لاتزال الرهبة تطل من كلامه الوقور 
: هناك موضوع مهم لابد من وجودكم لمناقشته قبل حظور رجال العائلة
ضحكة رنانة من الجالسة في المنتصف لتقول بكل حماس
: رائع أول  مرة نحظر إجتماع مجلس الشيوخ
توقعت الجدة أن ينهرها لتصرفاتها الغير مسؤولة لكنها ببساطة  لايستطيع فما سيلقى على عاتقها قد يمحي آثار ضحكتها لمدة طويلة طويلة جدا
على الطاولة المستديرة في الحديقة الخلفية نظرت الفتيات لبعظهن
:الجد يريد عروسا
قالتها نور بخفوت لتزم الأخرى شفتيها قائلة بحنق
: ضننت أني سأشهد أمرا مهما لاكنه مجرد عرض زواج 
آه تأوهت بألم و هي تمسد كتفها حيث حطت ظربة إبنة عمها سمراء قائلة
:  يا غبية الموضوع خطير ليس مجرد زواج هذه العداوة بين القبيلتين أصبحت في مرحلة سيئة و الكبار يخشون أن  يتطور الوضع لإراقة الدم لهذا سيهدؤن الجميع بعلاقة مصاهرة
تأففت نور قائلة بغضب
: كله من الأرعن أخيك
تلاقت نضراتها بعيني إبنة عمها لتجدها  مخدوشة
نعم هي تعرف سمراء تعرف أن كلام نور حقيقي شقيقها الأصغر  غبي جدا لاكن ليس ذنبه دلال والديها المفرط كونه الذكر الوحيد و  الأصغر بعد خمس بنات جعله كائن لا يصلح لشيئ سوى المصائب  أنزلت نور عينيها و هي تعتذر تعرف جيدا حساسية سمراء تجاه هذا الأمر شقيقاتها الثلاث متزوجات و الرابعة مخطوبة و تبقى هيا في و جه المدفع لاكن الضحية الحقيقية هي الجالسة قبالها سارحة في ملكوت آخر نادتها بخفوت
:  راما راما
لطالما ناداها الجميع براما إختصارا ل الرماس صحيح أنه إسم طفولي و سخيف لاكنه أفضل من إسمها الغريب و الطويل إنتبهت إليها مجفلة لتسألها سمراء بهتمام
:  أين شرد عقلك الفارغ
إبتسمت الأخيرة بشرود قائلة
: إكتشفت أننا لا ندري شيئا
إعتدلت نور في جلستها مدركتا أن إبنت عمها ستقول كلام مفيدا لأول مرة
أمسكت الرماس وردة موضوعة فوق المائدة قبل أن تبدأ في نزع البتلات قائلة
: ربما لم يراق الدماء بعد لاكن الشباب تمادو كثيرا شقيقك الأحمق  ياسمراء و بفعلته الدنيئة و أعمال الشغب و التي نعرف جميعا أن شقيقاك يا نور هما المتهمان الرئيسيان فليست أول مرة يفعلانها
زفرت بضيق و هي تكمل
:  لاكن عشيرة آل جارح لم تقصر سمعت والدي يكلم إخوتي البارحة لقد أحرقوا محاصيل الفلاحين في المناطق الفلاحية و تطور الأمر  إلى  المنازل هناك أناس مشردون حاليا و نحن لا نرى أبعد من قصرنا المشيد
وقفت سمراء تحدق في آثار القصر العملاق الصرح الذي شهد مرور أجيال  من عائلتهم تحركت نور من مقعدها لتقابل سمراء
لطالما أحبت الرماس  وقوف إبنتي عمها قرب بعض الشمس تجعل شعر نور الأشقر يلمع كالذهب في حين تبدوا صاحبة الشعر الأسود كهاربة من كتاب ألف ليلة و ليلة نظرت إلى شعرها الموضوع في حجرها طويل أكثر من اللازم و لونه الكستنائي  الداكن  حتى عينيها لونهما غريب لما ليست كإبنتا عميها كل شيئ فيهم واضح  عادت إلى بتلات الورد المسكينة تكمل تقطيعهم بملل إن كان أشقاء نور و سمراء  متهمين فما دخلها هيا
: لأنك الأجمل
رفعت رأسها إلى سمراء التي أجابة عن سؤالها كأنها سمعته رمشت بعينيها قائلة
: عفوا
عادت سمراء لمكانها تتفرس ملامح الرماس لتقول بخفوة
: أنت أجملنا
ضحكت الأخيرة بصدق قائلة
: لا أظن جدي يخطط لشيئ و سأعرفه
و عقب كلماتها الأخيرة نهضت بعزيمة ناوية معرفت خبايا جدها
جلست نور على الأرض  تتحسس العشب الندي و زرقاوتيها تراقبان  الضل الذي إختفى في الرواق رفعت رأسها للجالسة و هموم الدنيا فوق رأسها لتقول بتسائل
: سمراء جدي ينوي تزويج راما فلما أعلمنا بالموضوع نظرت الأخيرة  إليها بنظرة غامضة لتغمغم قائلة
: سبب إستدعائك واضح فما دخلي أنا
ووقفت مغادرة تحت أنضار نور المستغربة لكلماتها
دخلت الرماس إلى المطبخ الفسيح كل أعمامها سيتناولون العشاء هنا لهذا الموائد ممتلئة شمرت عن ساعديها و هي تبدء رحلة تناول الطعام زمجرت غاضبة من هنا و ظربة خفيفة من هناك و رغم ذالك كانت أكثر. الفتيات هرجا في العائلة دارت حول الجميع تناغش هذا و تضحك معى ذاك قبل أن  تطردها كبيرة الخدم للخارج
و على المجلس العربي الموضوع في الحديقة جلست النساء ولا سيرة لهن إلا  الحدث الذي هز أسوار القصر إرتمت في حضن والدتها تتمرغ كقطة أليفة  ضحت أمها  و هي تمسد شعر إبنتها  بحنان و سرعان ما إنتقلت لحضن جدتها ثم والدة نور
: ألن توقفي هاته التصرفات ربما ستذهبين عروسا عما قريب
قالتها والدة سمراء و هي ترفع حاجبيها
:  أضن أن العروس ستكون إبنتك معى أني  أكره  أن  تسدد الأخت  ثمن أخطاء أخيها 
الكلمات هاته المرة كانت من عمتها إبتسمت الرماس بداخلها رائع سيبدئ المسلسل اليومي
عدلت جلستها و رأسها  يعود لحضن جدتها  لتشاهد الوضع بأريحية و بدأ الموال اليومي كلمةمن هاته و كلمة من اخرى و تنته السهرة بواحدة غاضبة و أخرى  أشفة غليلها
  في الجناح المخصص لعائلتها راقبت توافد إخوتها و زوجاتهم الكنائن الثلاثة كلهن من العائلة قانون العشيرة لايزال يسري على الجميع بنات العم لأولاد أعمامهن صحيح أن  جدها لم يجبر ولا واحدة على الموافقة فحتى الشباب يؤيدون عدم خروج البنات أو الأراضي إن صح التعبير من العائلة  أسرعت تجلس قرب والدها تمعن النضر في لحيته الطويلة و الشيب الذي غزا شعيراتها رأسه ملفوفة بعمامة ناصعة البياض تشبثت في ذراعه بقوى لمحت نظرات شقيقها الرابع رعد الذي له نصيب هائل من إسمه  تنهرها بصرامة شيئ فيه يذكرها بجدها  أكثر من أي  حفيد آخر هدوئه و صرامته و الحنان الفائض من عينيه و يبقى شقيقها الأصغر  يشاكسها من بعيد لترد عليه  بإخراج لسانها
صوت أخيها الأكبر  محمد وهو يطلب القهوة جعلها تقف مسرعة لا أحد يأخذ  مكانها في إعدادها غابت لبعض الوقت لتعود حاملة صينية كبيرة تراصت عليها الأقداح رائحة الهيل و القرفة معى القهوة العرببة لها طابع خاص دارت على الجميع وكل يحمل كأس لتضع الصينية و تعود ركضا لحضن والدها و تهمس في أذنه
: أبي  جدي طلبكم اليوم
هز رأسه بنعم لتردف
:نحن أيضاً
تدخل رعد قائلا
: من طلب غيرك
ردت بخفوت
: سمراء و نور
وضع رعد الكأس من يده و فركهما بتوتر و تحت نظرات الأب المراقبة إعتذر بهدوء و خرج عاد محمد يرمق والدها بنظرات مستفسرة جدهم أخبرهم بكل بساطة أن الرماس هي من ستكون عروس آل الجارحي و لم يتجرء أحد على المعارضة
زفر بضيق و هو يراقب شقيقته تدفن نفسها في حضن والدها أكثر
في العادة هاذا التصرف يجعل أي  شخص يسمعها درسا قاسيا ربما لو قامت به فتاة غير الرماس لاكن و لأنها هيا لا أحد  يهتم تصرفاتها يتقبلها الجميع إلتقت نضراتهما تبتسم بكل وقت تلك هيا أخته  دخول شقيقهم الثاني رائد الغاضب على الدوام نازعا العمامة عن رأسه واضعا إياها جانبا و عينيه ترمقان الرماس بنظرات خاطفة إتسعت إبتسامتها و هي تراقب شقيقها الثالث مراد يدخل برزانته المعهودة  وحال جلوسه سمع صوتها يحيه : حيا الله أبو محمد
إبتسم بصدق فرغم مرور سبع سنوات على زواجه و عدم إنجاب الأطفال تصر أخته على مناداته بهذا اللقب و لا تخطأ و تقول غيره أبدا
:  إن شاء الله
همس بها والدها و هو يراقبها تضيف أشقاءها الذكور صغيرته يريد والده تزويجها للعشيرة الأخرى ضيق هائل يجثم على صدره مذا لو آذوها مذا لو أساؤ إليها تبا لطيش الشباب إبتسم بخفة و هو يراها تغفوا على ذراع شقيقها رائد و الذي حتى زوجته تهابه نظر إلى  عائلته المجتمعة الهدوء رائع للغاية دعا في سره أن يستمر لاكن تشتهي الرياح ما لا تشتهيه السفن
 تلك الليلة كانت السماء تبكي بقوة و كعادتها فتحت النافذة واقفة أسفل  الشتاء فاردة يديها كطفلة صغيرة تاركة قطرات المطر الغاضبة تغسل وجهها كحلها الجميل لطخ أسفل عيناها شعرها إلتسق بجبينها ووجنتيها
طرقات رتيبة على غرفتها أوقفت طقوسها الخاصة ركظت تمسك منشفة ترميها على رأسها و تفتح الباب ظهر التفاجأ على محياها و هي ترى جدها بوقفته الشامخة عند باب غرفتها
: مابك يا إبنت أحمد ألن تدعي جدك يدخل
أسرعت تقبل كف جدها و تعتذر منه
: حيا الله شيخ المنذر شرفت غرفتي تفضل ياشيخ الشباب تفضل
إبتسم  وهو يربت على رأسها  ليهتف بإستنكار
: ألا تملي من تصرفات الأطفال
عانقت جدها بقوة و هي تقول
: جدي الغالي قل أنك تشتاق لأيام الشباب و تشعر بالغيرة مني
: حسنا أعترف لاكن لاتخبري أحدا
أطلقت ظحكة رنانة و هي تجلس معى جدها على طرف السرير عادت تقبل كفه و عيناه تجوبان على ملامحه
: تبدوا متعبا جدي
رفع رأسه إليها و إبتسم بخفوة ليربت على رأسها قائلا بمحبة
:  حفيدتي الجميلة
إحمرت و جنتاها لتنزل رأسها بخجل
: لا أصدق أنك تخجلين
: جدي
هتفت بها بحنق لترفع رأسها و تعود لتراقب ملامحه الحبيبة و هي تهمس
: الأمر فقط أني لا أرى نفسي كذلك أنا عادية فقط
: الأشياء العادية أكثر تميزا من النادرة
رفعت رأسها و نظراتها ترمي عدم الفهم
إبتسامة حانية زينت وجه الشيخ و هو يستطرد
: التعود يقتل التميز  نحن نعتاد على الأشياء يا صغيرتي حتى نفقدها رونقها
تنهد بحرقة بالغة قبل أن يكمل
:من أبسط الأمور الى أكبرها كلما نظرنا إليها مطولا كلما ذبلت لدرجة سيأتي يوم نخاف التميز و نشتاق إلى العادي
نظراته إستقرت على النافذة المفتوحة و صوته الهامس يتجانس معى صوت رذاذ المطر
: للأشياء العادية ألفت خاصة رائحة خاصة إنها نوع من الأمان كسريرك هذا عادي لاكنه مميز
: جدي هل تريد قول شيء ما
قالتها بهدوء و قد أربكتها نظرة الخوف في عيني جدها غامت عيناه بحنان دافق من غير حفيدته الغالية تفهمه
: حسنا يا إبنتي بما أنك تعرفين أني أريدك في موضوع هام لا داعي للف و الدوران أريد أن أسئلك
: أنا موافقة
قالتها بلا تردد مقاطعة كلام جدها
:إسمعي كلامي ثم قرري
:  أي ماتريده ياجدي أنا  موافقة عليه كليا لا داعي لإستشارتي في شيء
عادت تقول بإصرار و عيناها تلمعان بقوة 
: رجاء يا صغيرة 
جلست القرفصاء قرب جدها و أمسكت  كفه تقبلها عدة مرات لترفع عيناها و تقول
: صدقني يا جدي أنا  لا لم و لن أعارض ماتريد أنت فقط أأمرني و أقسم  لك أني  موافقة عن طيب خاطر 
فتح ذراعيه لترتمي في حظنه تعانقه بقوة قبل جبينها و أعادها للجلوس قربه تبادلا بعض الأحاديث لتصر على إيصاله  لغرفته إبتسم  وهو يراها تشاكس جدتها قبل أن  تغيب عن عيناه و إبتسامتها تشق وجهها إلتفت إلى  زوجته التي تناظره بهدوء ليقول لها بهمس
: إدعي لحفيدتك يا أم أحمد 
الصباح كان هادئ جدا لاكن الجو الغائم ينذر بعاصفة هوجاء شق سكون الأجواء  الجلبة الهائلة قرب بوابة المنزل الكبير أسرع  الخدم لفتح الباب أربع  سيارات رباعية الدفع دخلت للساحة الأمامية  بطريقة مخيفة حال نزول محمد و وجهه مسود بطريقة لا تنبأ بالخير ركضت سمراء تتبعها بعض النساء إلى مجلس جدها  في حين وقفت الرماس تسنده و هي تراه يخرج بسرعة ناسيا عصاه الأثيرة  وقف شقيقها محمد مقابلا جده قائلا بخفوت
: إلحقنا يا شيخ
رفع الجد رأسه و هو يشد ذراع حفيدته ليعود صوت محمد يقول
: حفيدك قتل إبن الجارحي

إني أحببتك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن