البارت الخامس والعشرون
جلست مكانها تتاملا المكان فى صمت وتتخيله فى كل ركن
الحاج صالح قطع صمتها وقال استريحى هنا وانا سامر عليكى من حين لاخر حتى تضعين مولودك على خير
ليلى باستغراب من تصرفه : لما تريد ان تبعدنى عن القرية انا اود ان اكون وسط اهلى وقد اشتقت لاخى واريد ان اقص عليهم ما حدث
خشى الحاج صالح من كلامها ومن انها تصمم على العودة فقال : يا بنيتى نحن لم نخبرهم من البداية بحملك فدعينا نخبرهم بتروى
ليلى : اى تروى هنا وانا قد اوشكت على الانجاب ولما التروى من الاساس
صمتت للحظة ثم قالت : لكن شقيقى لابد ان يعلم بما حدث لى فهو اقرب الناس ولن اقبل اى شىء دون ان يعرف اولا
الحاج صالح فى نفسه : يا ويلتى لقد بدات الرحى تدور طاحنة قلبى على ولدى .
اخذ نفس عميق ثم قال : اسمعينى يا ليلى وتعقلى الامور جيدا هناك مشاحنات كبيرة بين العائلتين ولا اعلممداها حتى الان ولكن غيابك قد اثار جدلا وازدادت الاسئلة ولم احاول ان اتحدث مع اخيكى او ابيكى حتى لا اعطى الامر بالا وكان الموضوع شىء عادى وانتى فى القاهرة مع زوجك
ليلى بصدمة : زوجى ؟ لا لابد ان اقول لهم الحقيقة انه طلقنى حتى امهد الطريق امام ايوب
الحاج صالح : اهداى الان يا بنيتى وسيحلها الله من عنده
تركها بعد ان اشترى لها كل ما تحتاجه من طعام وشراب حتى لا تضطر للنزول الى الشارع
تركها فى حيرة من امرها وكثرت هواجسها ان هناك خطر ما يحاوطها وان الحاج صاح لم يبوح لها بحقيقة الامر
مر اسبوع وايوب لم يتركها يوما الا وهاتفها اكثر من مرة ليطمان عليها وعلى جنينها وعندما سالته عما فعله والدها وعن رايه فى عدم الاتصال باهلها ايد رايه ولم يبح لها بحقيقة الامر بل اكتفى بتاييد راى ابيه
........
بينما فى القرية لازال والد ليلى يتحسس خبر وصولها ليقتلها دون ان يحاول طيلة تلك المدة ان يبحث عن براءتها
بينما علي كان قلبه يتمزق يوما بعد يوم وكان هو الاخر يبحث عنها ولكن ليساندها ويدافع عنها وتمنى لو علم رقمها
بينما اتصل الحاج صالح بطارق ونهره على فعلته وقال له انه اول من سيقف مع ليلى ان عادت وانه سياخذ لها حقها منه وفى ذات الوقت طلب منه الا ياتى الى القرية فى تلك الايام وعليه التخفى فهو وان كان يخالف ابنه فى تصرفه الا ان قلبه قلب اب فخشى عليه من الموت
ومع بداية الاسبوع الثانى سافر الحاج صالح مرة اخرى لليلى ليطمئن عليها وما ان دهل عليها الا ووجد ان وجهها شاحبا للغاية وان حالتها مزرية وان النزيف عندها لم يتوقف بسبب اضطراباتها النفسية
اتصل بالطبيب واستدعاه وما ان وصل الا وامر بنقل دم لها الا انها صرخت وبشدة انها لن تقبل نقل دم اليها
تعجب الطبيب والحاج صالح منها ولكنه سرعان ما تذكر ما قاله ابنه ففهم الامر وطلب من الطبيب ان يستبدل الدم باى علاج واغذيه وانه سيتولى امرها وسيسهر بجوارها حتى تسترد عافيتها
نوه له الطبيب على خطوره حالتها وان الورم قد ازداد حجمه كما ازداد ضغط الطفل عليه
انتهى اليوم بعد عناء وقد تم تعليق محاليل لها وجلس الحاج صالح بجوارها وهى نائمة وتولى هو رعاية ريحانه التى تآلفت معه كما لو كان جدها حقا واخذت تلعب حوله حتى انها ضيعت عليه الوقت الذى كان يمر ثقيلا
علم ايوب بحالتها وكان يتمزق لاجلها خاصة انه لم يسمع صوتها على مدار يومين كاملين وهذا هو العذاب نفسه فقرر عم تكملة الرحلة وانه سيعود عند الرسو فى اول ميناء قادم
لم يبوح الحاج صالح لاى من افراد عائلته عن وجود ليلى ولا على وجوده معها واكتفى انه قال انه فى مهمة عمل
لم يخفى هذا عن معتز ابنه وشك فى الامر ولكنه لم يحاول ان يسال حتى لا يفشى شىء اراد والده ان يخفيه
بينما على لم يتوانى فى البحث سرا عن شقيقته حتى لا تتنبه القرية لشىء وشك هو الاخر فى غياب الحاج صالح
بينما صفاء كانت تبكى قهرا والما وندما على ما فعلته فقد فقدت حب زوجها ورات منه وجهه الاخر فاصبح جامدا معها وانه لم يتهاون ابدا فى اهمالها فى عمل شىء ما فى البيت وامر ان يصبح على كاهلها كامل شئوون البيت وخدمة امه واخته فريدة على اعتبار انها ضيفة وجب خدمتها حتى يحين موعد رجوعها لبيتها وزوجها وابنها
شعرت بثقل العمل الذى دوما ما كانت تتركه لليلى فاصبحت هى من تغسل وتمسح وتخبز وتطعم الطيور ولكن اضيف عليه ثقل الكراهية التى كانت تراها فى نظرات من حولها من زوجها ومن فريدة ومن الحاج صالح ومن زوجها نفسه الذى حرم على نفسه تذوق اى طعام من يدها ومن شقيقها الذى حرم الكلام معها ايضا
اصبحت حياتها لا طعم لها وان كان معتز يتالم لاجل المها ولكنه فى ذات الوقت كان مبسوطا وهو يراها كل يوم تحاول جاهدة ارضاءه وارضاء من حولها حتى تكسب ودهم
بينما كانت فريدة تتجرع هى الاخرى اشد الالم والعذاب وهى بعيدة عن زوجها كما اشتاقت لطفلها الذى حرمت منه وان كان على لا يقل عنها الما الا انه كان يتماسك حتى يعثر على اخته ويظهر برائتها
بينما طارق كان قد عاد لنزواته وان لم ينسى ليلى ولكنه حاول ان يتناسها والغريب فى الموضوع انه لازال فى حيرته فمع طول مدة البعد عاد لا يعرف ما يريده فهو بين مشتاق لرؤيتها وبين التردد فى ان كان حبه هذا لبعدها عنه وانها صعبة المنال وهل ان عاد وامتلكها فهل سينطفىء بريقها كما انطفا من قبل هو نفسه لم يعرف
بينما وفى ذات يوم وهو عائدا من احدى نزواته ومعه فتاه ليل قد استضافها لقضاء الليل معه الا ولمح وهو فى سيارته على الجانب الاخر من الطريق ان على منتظرا اياه على بوابة العمارة فارتعد خوفا وابتعد بسرعة عائدا بسيارته من مكان ما جاء واتصل بوالده وقص عليه ما راه من شان على وانه لا يامن غدره لاجل كرامة اخته ولكن الصدمة كانت عندما اخبر طارق الحاج على انه سيختبىء تلك الفترة فى شقة اخيه فى الاسكندرية
فزع الحاج صالح عندما سمع ان طارق فى الطريق اليه ولم يخبره انه هنا فى نفس الشقة مع ليلى ولم يحاول منعه حتى لا يشك فى الامر ويتتبعه بدوره وكل ما استطاع فعله ان صرح لليلى بحقيقة الامر حتى تساعده على الفرار من الشقة على وجه السرعة
ما ان علمت ليلى بحقيقة ما اتهمه بها طارق الا وصرخت وساءت حالتها التى كانت قد بدات تتحسن واخذت تبكى بهيستريا وتصرخ وبدات تنزف مرة اخرى
لم يجد الحاج صالح اى مفر من ان يتصل بايوب ليستشيره
انهى المكالمة معه وترجاها ان تساعده على الفرار بسرعه وفى غمضة عين اختفى بها ومعها ريحانه من الشقة
ازدا الوضع سوءا وتازمت الامور فالكل يبحث والكلمتاهب والكل يحمل فى نفسه الكراهيه لطارق وما تسبب فيه
اخيرا استقر بليلى المطاف فى بيت بسيط على اطراف القرية المجاورة لقريتهم ومر يومان والحاج صالح مقيما معها فحالتها لم تسعفه ان يتركها ويرحل
بينما كان ايوب قد ترك رحلته وفى الطريق اليها وقلبه منفطرا عليها
رحل الحاج صالح عنها بعد ان تحسنت حالتها وبينما ريحانة تلعب حولها اذا بالباب الخارجى للبيت يقرع بقوة
قامت ليلى وهى تستد على الحائط فقد كانت حالتها سيئة لتفتح الباب ولكنها فى ذات الوقت فى قمة رعبها ولكنها قررت ان تواجه الموقف ومصيرها ايا كان فهى ليست عاهرة اومخطاة لتختبىء
ما ان فتحت الباب الا وفزعت وصرخت وضحكت فى ان واحدفلم يكن الطارق الا علي شقيقها
احتضنها بسرعه وشد عليها بينما اخذت هى تبكى فى صدره فكم اشتاقت لحنانه وامانه
ابتعدت عنه قليلا ونظرت له وحاولت ان تتكلم الا انه ضمها مرة اخرى الى صدره وقال لها بحنان طيب خاطرها واشبع نفسها بقوة كانت تحتاجها فقال : لا تهلكى نفسك فى كلام لتبررى ما انا متاكد منه فانا اعلم بكى من نفسك واعلم انى لم اخطىء ابدا فى تربية يدى ومن الان لا تدعى للقلق طريق اليك فصدرى سد منيع لكى فاحتمى بى ولا تخافى
كلامه هدا من روعتها فجعلها تتشبث اكثر بحضنه وتبكى اكثرفاخيرا جاء سندها وها هو يصدقها فلا يخيفها اليوم شىء مادامت تنعم بحماية اخيها
ما بال عينى لا نوم يداعبها
ليل طويل واحزن اراقبها
اتذكر امانى ونومى على كتفه
طال البعاد وطال الشوق بعدهم
متى يعودوا فالقى الهم عن كتفى
فالقلب فى بعد سندى ما عاد يصطبر
نظرت له ولم تقل سوى ثلاث كلمات صدقنى انا عفيفة
ضمها اكثر ومشى بها للداخل وساعدها على النوم ومسح على راسها وقال بابتسامة هادئة حانية : كيف حالك وحالك طفلك ؟
دمعت عيناها وشرحت له ما حدث معها بالتفصيل
شرد علي ولم يعرف بما يجيبها ولكنه قال : نحن فى مازق حقا فابيك لن يتهاون ان عثر عليك ليقتلك ولن يرضى بايوب زوجا لانه قد يعتبر هذا تستر على شرفه
ليلى : لا انا لن اتحدث عن حبى لايوب الا بعد ان اثبت برائتى بالتحليل
علي : لا تقلقى سيدبرها الله ونظر فوجد ريحانة تلعب حوله فابتسم وقال لاجل توليك امر تلك المسكينة سيفتح لكى طريقا للنجاه
تركها علي بعد ان اطمان عليها ورحل الى بيته ومر يومان لم يصبح فيهم على متوترا بل اصبح اكثر ثباتا مما جعل ابيه يتاكد من انه عثر عليها فبدا يتتبع بدوره خطواته حتى يصل اليها
اتصل طارق بايوب لشىء ما يخص الشركة فتفاجا انه قد عاد وانه الان فى ميناء الاسكندرية فذهب اليه واستقبله وعادا معا الى شقة الاسكندرية ولكنه تعجب من جفاء اخيه معه وعندما ساله عن ذلك صدم لانه لم يتلقى من ايوب الا رد واحد وهو صفعة قوية على وجهه
وقف مصدوما وخفق قلبه خوفا فقد بدات للتو ثورة اخيه وعلم انه لن يستطيع تهداته بينما امسكه ايوب من تلابيبه واخذ ينهره على ما فعله فى ليلى
ولم يكن طارق ليبرر ما فعله باى شىء بل اصر على كذبه وافتراءه عليها وقد ظن ان اخيه عرف من ابيه او من معتز ولم يعرف انه تقابل معها وتعامل معها بل وعشقها . لم يعرف ان دمها صار من دمه وكل ما همه ان يخرج من هذا المازق قبل ان تثور ثورة اخيه
ايوب بعصبية : ايها الاحمق لقد اشعلت نار الثار مرة اخرى وللاسف لم تاخذ فى الاعتبار ان قذف المحصنات من اكبر الكبائر ونسيت ان لك اخت ولك عرض ايضا فلم تفكر الا فى نفسك فقط
صمت قليلا ثم بكل عصبيه دخل الى غرفة النوم وبالفعل وجد بقايا ملابس انثى فخرج مرة اخرى بعصبية وقد امسك بتلك الملابس وسبه وقال : لقد اصبحت مدنسا للاعراض فى كل وقت ومكان حتى انك لم تصون عرض نفسك وقذفته بالباطل
ايها الابله كيف هانت عليك ام ابنك او كيف هان عليك ابنك لتدنسه هكذا
صمت قليلا واخذ نفس عميق حتى يهدا من نفسه ثم قال بكل اسف بعد ان القى الملابس من يديه ارضا : لقد كنت اظن انك فى حاجة الى زوجة لينصلح حالك لانك من الطبيعى ان تصونها فلن يكون امامك اى مبرر للهوى مع اخرى مادام الحلال فى يدك وعندما وجدتك تتغزل فى الجديد فيها وانها ليست كغيرها قلت لقد صح تفكيرى
وتاكدت من ذلك عندما عرفت انها لك عاشقة وانها تفعل اكثر مما هو فوق طاقتها لترضيك فتعجبت كيف لمثلك ان يترك مثلتلك الجوهرة ليلهو مع غيرها ؟ الم يرى فيها كل النساء ؟ الم تكفيه عنهم ؟
كان ايوب يرى صورة ليلى امامه وكانت ثوته الداخليه تابى الا الدفاع عنها بلسان حاله حتى انه لم يشعر وهو يتكلم من اللاوعى وكانه يصف قلبه هو فليلى كفته هو ولكنها لم تكفى طارق
اكمل قائلا : ولكنى اكتشفتانك تريد ان تجمع فى صدرك بل وفى حياتك كلها امراتين احدهما زوجة والاخرى عشيقة لانك ابدا ما تكتفى بواحدة بل انت عاشق للازدواجية لانك عاجز عن ان تجمعهم فى انسانة واحدة مع انها كانت مجتمعه فيها ولكن عنيك قد غشتها الدناءة وكان عليك قبل ان تعشق الازواجية ان تعترف لنفسك انك من عجزت ان تجمع نفسك فى رجل واحد فقد عجزت ان تجمع بين العاشق وبين السند والامان والزوج فى رجل واحد فصرت انت المنقسم بينهن وليس هن المحاوطات بك
كان طارق صامتا يتمزق من كلام اخيه فهو حقا اصبح مدنسا للاعراض بصحبته لتلك العاهرات وحقا انه لم يعرف بان اتهامه لليلى لم يكن الا تدنيس لعرض نفسه فقد اعماه الشيطان ولم يعد يفرق بين الحلال والحرام
ولكنه فى ذات الوقت تعجب من ثقة ايوب فى ليلى ولم تخفى عليه تعبيرات وجه اخيه العاشق