البارت الثامن
ابتسم لها بينما قالت هى هل تسمح لى ان اسالك سؤالا من ضمن جلسة صراحتنا
ايوب بابتسامة / انا كلى كتاب مفتوح بين يديك فاسالى ما شئتى
ليلى / ما هو الماضى الذى انبت نفسك عليه على الرغم من تاكدك انك كنت على الصواب فيه
ابتسم لها واقترب منها هامسا فى اذنيها / كنت اعرف ان فضولك سيؤدى بكى الى هذا السؤال فانتن هكذا بنات حواء
خجلت من كلماته حتى احمرت وجنتاها وقالت / اعتذر على تطفلى واعفيك من الاجابة
مال عليها مرة اخرى وقال مناغشا لها / وان كنت انا اود ان تسالينى هذا السؤال فهل ستصدقينى ؟
نظرت له ولم تفهم ما يعنيه فقالت / ولما كنت تنتظر سؤالى وقداعتبرته فضول منى وكيف تعتبره فضول وتود فى نفس الوقت ان اسالك اياه
ايوب / هو فضول لانكن تحبون ان تتسامرن فى حكايات عشق امثالكن من بنات حواء اما كونى كنت تمنى ان تسالينى اياه لاعرف ان كنت اهمك حقا ام انى اتوهم
توترت فقد كشفها ولم تعرف بما ترد
اتسعت ابتسامته مع خجلها بينما قال هو اسمعينى وسانتظر رايك فيما ساحكيه
اعتدل فى جلسته ونظر للمياة التى بدت ظلمتها وكانها دنيا ليس لها بداية اونهاية وشرد ببصره وكانه يسترجع ذكريات اليمة ولكنه فجاة تنبه انه ما ان اعتدل فى جلسته الا وابتعد بجسده عن ليلى التى بدت خائفة منمنظر المياة فمد يده ليقرباه اليه مرة اخرى ولم تجادله هى فهى من الاساس كانت ترجو هذا
ايوب / كنت فى فترة دراستى بالاكاديمية البحرية لى صديق وحيد فى القاهرة وكانت والدته تحبنى حب جما فما كنت انزل اجازة الا وكنتاذهب اليها معه لاسلم عليها فانا ايضا كنت احبها وفى كل مرة كنت اذهب كنت اشاهد فتاه تجلس معها تسامرها حتى لا تظل وحيدة اذا ان صديقى كان ابنها الوحيد
تعلقت بها وتعلقت بى
ما ان بدا يتحدث عن حبه الا وبدات مليلى تتوتر خوفا من ان تسمع منهما يوجعها للمرة الثانية فعلى الرغم انها لم تعرف ما حقيقة شعورها نحوه بعد ولم تصارح نفسها ولم يصارحها هو ايضا الا ان الغيرة تملكت منها وقد استغربت نفسها فهى اول مرة تشعر بمثل تلك الغيرة
ايوب مستطردا ولم ينتبه لتوترها هذا / مرت الايام وقد شغفت بها حبا وتعمق ارتباطى بها وصرت اذهب اليها الجامعة ونقضى احلى اوقاتنا معا فكنت اكتفى بالدنيا بها ولا يهمنى من الدنيا سوى رضاها وان ارى الابتسامة على محياها
وفى يوم قررت ان ارتبط بها واكمل نصف دينى ودنيتى بها وكانت فرحتها بقرارى هذا لا تقل عن فرحتى وكنت انا ووالدى اصدقاء فلم اشعر يوما انه والدى فكنت احكى له كل شىء بينى وبينها وما ان فاتحته فى ارتباطى بها الا واول ما قال انه يريد ان ياها بنفسه ويجلس معها ويحدثها
بالطبع وافقت انا ورحبت هى وبالفعل رتبت ميعاد معها لذلك وجاء معى ابى وجلس معها وتركتهم وذهبت بعيدا عنهم لاترك لوالدى مساحة ليكتشفها وانا على يقين انه لايجد فيها ما يعيبها ولكنى صعقت عندما عرفت راى والدى بعدما رحلت
ليلى بلهفة / ماذا كان راى والدك
ايوب / لقد صدم منى وقال كيف شغفت بها وانا كنت اعتقد انك مثلى لا تخيب نظرتك فى الاخرين ولكن فيما يبدوا ان عينك عميتعن عيوبها امام حبها فلما سالته عن سبب هذا الاكلام وما رايه النهائى فيها فقال انها تهيم بى عشقا ولكنها هامت بمظهرى ووسامتى وبحلتى الرسمية اما انها عشقتى لذاتى فلا
ليلى بتعجب لانها شعرت ان هذا الراى قد يخصها فى يوما من الايام اذا شعر انها هى الاخرى قد بدا ينبض قلبها له وهنا توقفت مع نفسها لحظة حتى انها لم تعد تسمع ما يقوله فسالت نفسها / هل انا ايضا عشقته لذاته ؟ ام انى عشقت فيه حنانه ؟ ام انى لم اعشقه من الاساس ؟
صمتت وشردت مع نفسها الا ان عقلها صرخ قبل قلبها وقال / لقد عشقته حقا وليس توهما وعشقته لانه هو وليس لاى شىء بذاته
ايوب / ليلى ..ليلتى
تنبهت له فقالت / معذرة
ايوب / اين شردتى ؟
كادت ان تخبره بحقيقة ما شردت فيه ولكنها خشت ان يعتقد انها تستغل الظروف او انها تعشقه لصفة معينه كما اعتقد فيمن قبلها فقالت / لم اشرد ولكنى كنت افكر فى كلامك
ثم استطردت تعبر له عما شردت فيه ولكن تعبيراتها خرجت منها مليئة بالعصبية تبين وكانها تدافع عن ذاتها حتى لا يفهمها خطا فقالت /الا تعجب المراة الا بفتى صبوح او بفتى متين الاركان ؟ هذا خطؤكم معشر الرجال فالفتيان الحسان الاشداء قد يفتنون المراة حقا بل وقد يهيجون نفسها ولكن هذا لا يعنى انهم يقربونها اليهم حتى يستميلوا لب قلبها فهناك فرق بين الاعجاب بالوردة وبين ادمان عطرها فالمراة لا تعشق الا من تشعر معه بانه يحسها كل الاحساس كما تعرف هى نفسها وتشعر انها قريبة منه فلا تحتاج الى تقريب اكثر لانها حقا قريبة منه بوحى لا تدركه ولا تلتفت اليه فخلاصة راى وراى كل النساء ان من الرجال نماذج شتى ولكنهم بالنسبة لها مشمولون جميعا فى رجولة واحدة خلاصتها القوة والثقة والبروز والطغيان القابل للرحمة والحنان نموذج يشمل مع القوة الحب والعطف
فان وجد مثل هذا الرجل فالمراة هنا تعشقه كل العشق ولا يهما ان كان قوى البنيان او مملوء بالمال فما يهما هو رجل تعتمد عليه كل اعتمادها حتى تكاد تنظر بعينه وتمشى بقدمه حتى تراها تضل الطريق الذى قد تسلكه الاف المرات مع من هوته حتى وان سلكته فى عز النهار لانها من الاساس كانت تمشى باقدامه هو ولم ترى الطريق الا بعينه هو حتى مشوار حياتهم لا تستطيع تكملته ان لم يكن جوارها
هذا يا سيد ايوب صفة الرجل الذى تتمناه المراة والتى بسهوله يستطيع ان يسلب عقلها قبل قلبها
ابتسم هو على عصبيتها فكم اسعده رايها وكم فهم عصبيتها وكم هام هو قبلها بها فما همه ان كانت من قبله ملكا لغيره ولا همه انه لم يكن الاول فى حياتها فكلاهما هام فى الاخر لذاته ايا ما كانت تجاربه قبله فكلاهما كان كمثل واحد يتطعم الدخان ليتطعم العافيه
اى كأن كلا منهما عشق ماضى الاخر لانه عشق صاحبه ولم ينظر كلاهما الى ان ماضى صاحبه هذا قد يكون غريمه فى مستقبله فلا همه حبها لزوجها السابق مادام اصبح ماضى لانه عشقها هى وهى ايضا لم يهمها حبه السابق الذى عاش على ذكراه لانها عشقته هو
ايوب / يعجبنى رايك بل واؤيده بشده ولكنى اكتشفت فيما بعد ان راى والدى هو الصواب وانها حقا عشقتنى لمظهرى فبعد ان سمعت راى والدى ولانى اثق فيه جدا بدات اغير من صفاتى التى عشقتها فى فاصبحت اذهب اليها الجامعة وانا ارتدى الجلباب الصعيدى فكنت اراها تتاذى ثم بدات اتخلى عن سيارتى فوجدتها تاذت اكثر فبدات اشعر انا بالفتور فى علاقتى فوجدت ان فتورها سبقنى فابتعدت انا فى صمت وابتعدت هى كذلك
اغمضت عينيها واخذت نفس عميق ثم قالت / انها خسرتك لان من يعشق حقا يعشق محبوبه فى كل حالاته حتى انى كنت اتعجب من اخى وانا اراه يتغزل فى زوجته وهى بملابسها الملطخة بالعجين ولكنى كنت اشعر بدواخله لانه عشقها هى فكان دوما ما يراها جميلة وتنهدت تنهيدة حارة وتذكرة نفور طارق منها وقالت وهى شاردة وكان على ايضا ان اعرف ان زوجى لم يعشقنى من موقف مثل هذا فقد كان دوما ما ينفر منى ان رانى بملابسى المهلهلة
نظر لها وقد شعر بانكسارها فقال / هو ايضا خسرك لانه لم يعرف كيف يقدر الجواهر
ابتعدت بنظرها عنه من خجلها فهى اول مرة تسمع رجل يمدحها بحنان غير اخيها ولكن ما ان طال نظرها فى المياه الا وبدات تشعر مرة اخرى بالدوار وبدات ملامح وجهها تشحب وفجاة وجدته يغير من جلسته حتى جلس مقابلا لها واصبح محاوطا لها وسد امام عينيها منظر المياه فتعجبت لفعلته وتوترت ولكنها لم تسال فكان وضعه هكذا لاجما لفاها
قال لها موضحا / لقد جلست هكذا لاسد امام عينيكى منظر البحر حتى لا تشعرين بالدوا وتتقياى
قالت بتعجب / ومن اين عرفت اننى قد اصبت بالدوار؟
قال لها هامسا / وهل لى لا اعرف بما تشعر به ابنتى ؟
جاءها شعور لان تساله عن تلقيبه لها بابنتى فقالت / لما تسمينى ابنتك هل تستصغرنى ام لانك تشعر نحوى بالعطف
مد كفه واحتضن كفها على حين غرة مما جعلها تندم على سؤالها فشعر هو برجفة يدها فدفنها اكثر فى كفه ووضع كفه الاخر عليها ليهدا منها
حاولت ان تسحب يدها بهدوء فشد عليها وقال / لا تخجلى منى فانا ايضا اسكن بدفء كفك
سكتت وسكت وساد الصمت للحظات ولكنه اخذ يتحسس كفها ويشد على قبض اناملها بحنان ثم قال لقد لقبتك بابنتى لاننى اشعر انكى حقا مثل ابنتى واشعر معكى بنفس شعورى مع اختى ومهجتى الا انك زدتى عنها فى اشياء يصعب على تفسيرها ووصفها فشعرت فجاة انكى تخصينى ثم انى اجدك تصغرينى بكثير فخفت ان اعاملك غير ذلك فتعيبى على اما ان كان هذا نابع عن عطفى عليكى فلا لانه ببساطة نابع من دفء مشاعرى نحوك
سحبت يدها بسرعة فقد اخجلها بما يكفيها فنظرت ارضا ولكنه لم يمهلها كثيرا فمد يده ورفع وجهها ونظر لها وفى عينيه اسالة خاف ان يسالها حتى لا تتحطم اماله ولكنه فى نفس الوقت يود ان يسالها
اما هى فرات الحيرة فى عينيه فبادرته هى بالكلام وهو لا يزال واضعا يده تحت ذقنها رافعا وجهها اليه فقالت / لا تدع الحيرة تنهش فيك فاسالنى بما شئت
كان كلامها كالثلج الذى نزل على قلبه فرطبه فقال بسرعة / هل لازلتى تشعرين بالحنين نحو زوجك ؟
تنفست الصعداء وقالت / وهل يعقل لاب لا يعرف حقيقة مشاعر ابنته ام ان المشاعر عندك تختلف فمنها ما تعرفه ومنها ما تحاول عمدا ان تغفل حقيقته
ايوب / انا لا احاول ان اتعمد اغفاله ولكنى اود ان اسمع بلسانك
ليلى بابتسامة حانيه / ولماذا تصر على معرفتك هذا ؟
صمت ولم يجبها للحظة ثم قال / ارجوكى جاوبينى ولا تهربى منى
اغمضت عينيها وابتسمت وهى هكذا ثم قالت / اتعرف كيف يكون حال الانسان عندما تزال عنه الغمة فما هواقرب شىء يفعله ؟
رد عليها وهى لا تزال مغمضة عينيها / ربما ضحك بصوت عالى او دار حول نفسه من فرحته او ارتمى فى حضن اقرب الناس اليه او من الجائز ان يبكى
قالت له وهى لا تزال مغمضة العينين / او قد يتنفس الصعداء ويملا رئتيه بهواء الحرية والشفاء مثلى هكذا ثم فتحت ذراعيها للهواء واخذت نفس عميق وحبسته للحظات ثم زفرته وهى تبتسم وقالت / هكذا هو حالى الان فقد شفيت منه وتنفست الصعدا وما احلى هواء الحرية وما احلى هواء الشفاء من الامراضما عدت امشى تحت ظل سماكا
او اقتفى بعد الرحيل خطاكا
ما عدت ابكى فوق اطلال اللقا
سر حيث شئت فلا البعاد يهدنى
كلا ولا يكوى الفؤاد جفاكا
سر حيث طاب لك المقام
انا ما انتهيت وما تفحم خافقى
كلا ولا مات الهوى الاكا فتحت عينيها ونظرت له وقالت / نعم انا كنت مريضة بوهم حبه والان شفيت منه
ابتسم واخذ هو الاخر نفس عميق وعمل مثل طريقتها وقال / وقد يكون ايضا ملا الرئتين نتيجة للراحة والامل فى غد احلى اليس كذلك
اومات براسها بنعم وهى تبتسم
قال لا وقد عاوده التوتر / بقى لى سؤال اخير
نظرت له ولا تزال ابتسامتها تضىء وجهها وقالت / اسال ما شئت
وتحول الحديث بينهما لحديث ارتجالى
ايوب / هل لرجل فى مثل سنى ان يامل فى ان يتزوج
تعجبت من سؤاله فقالت / وهل الحياة الا امل
ايوب / قد تكون الحياة امل ولكن هل امل قد يتحقق ام امل واهم
ليلى / انا اتعجب منك كل العجب فلما تشعر ذاتك بانك كهل
ايوب / انا قاربت على بلوغ الاربعين وقد لا تتقبلنى انثى فى مهد عهدها بالحياة
ليلى / وهل تلك التى فى مهد حياتها تضمن كم يطول عمرها فما رايك ان ماتت الان فاصبحت انت اطول منها عمرا ثم ان الحياة لا ترتبط بسن فالحياة حياة لكل سن
ايوب ملح / ارجوكى اجيبينى
ليلى / هل تريد اجابتى حقا
ايوب / بالطبع
ليلى / ان عشقتك فهى ستعشقك لذاتك وليس لسنك فان تاكدت من هذا فاقبل عليها ولا تخف
ايوب / وكيف اعرف انها قد تميل لمثلى
ليلى اقتربت منه اكثر وقالت / كل بنات حواء تود القرب منك
ابتسم ابتسامة سعادة اضاءت وجهه فمد يده وامسك يدها وقال / فى مساء الغد سنرسو فى هولندا واود ان تصحبينى فى نزهتى فهذه اول مرة اترك سفينتى وانزل فى ميناء ثم انى اود ان اشترى لكى ملابس اخرى
ابتسمت وقالت / ولكنى اخاف ان اشق عليك
ايوب / ما احلى ان اشقى لاجلك ثم نظر لساعته وقال ما رايك ان نذهب لقاعة الحفلات فهناك فى حفلة كبيرة وما ان تنتهى الحفلة الا وناديت على الطبيب ليسحب منى الدم لابنى
................