البارت الحادى والعشرون
هذا حلم فهى لم تتنبه فعليا كلية ولكن الغريب انها كانت تشعر بالسعادة فى ذلك الحلم
اخرجه من تلك الحالة صوت طرقات على الباب فنظر فى ساعته فوجد انه مرت ساعات وهو يتحدث معها وقد حل الصباح
مسح وجهه بيده ومرر اصابعه بين خصلات شعره لعله يتنبه اكثر لنفسه ثم قام وفتح الباب فوجد الربان المساعد يقف امامه وفى يده اللاسلكى ولكنه قبل ان يخبره عن سبب مجيئه اندهش وقال / يا الهى هل لازلت بملابسك المبلله حتى الان فقد تصاب بالبرد
لم يعيره ايوب اى اهتمام فما كان فيه جعله لا يشعر بنفسه
اكمل الربان المساعد كلمه قائلا / لقد ابلغنا الانتربول ويريدون التحدث اليك لانك القائد الاعلى للمركبة
اخذ منه اللاسلكى وامره ان يذهب لمراقبة الرادار بدلا منه وحدد له فى ايجاز مهمة باقى طقم العمل
خرج الربان المساعد ورد ايوب على الانتربول وبدا الحديث بعدما عرف اسمه بالكامل
تاكدت ليلى للمرة الثانية انه ايوب ولكنها ايضا لا زالت فى نصف الوعى
اغلق ايوب اللاسلكى وتوجه الى الحمام ليغتسل واخرج بطاقة هويته ووضعها على المنضدة المجاورة لليلى لحين خروجه
بدات ليلى تتنبه وبدات تفتح عينها واخذت تتذكر ما سمعته اولا من كلام الطبيب بانها فقدت جنينها فلم تعرف ان كان هذا حقيقة ام لا ثم تذكرت ما سمعته من ايوب وبدات تحرك راسها لتنظر حولها فشمعت صوت رشاش المياه فحاولت ان تستند بيديها وتقوم حتى نجحت فى هذا فقامت وتحركت ببطء وجلست بتعب فوجدت بطاقته جوارها فنظرت فيها وصدمت عندما قرات اسمه وعرفت ان كل ما سمعته لم يكن حلما فتحسست بطنها واخذت نفس عميق بحزن واخذت تبكى ولم تعرف سبب بكاءها اهو ياس من ان حالتها قد لا تسعفها لتثبت براءتها ام لانها شعرت بان حب عمرها حكم عليه بالوأد قبل ان يولد ويخرج للنور . ام لانها خافت ان يكون ما فله خدعة لانه لم يخبرها منذ ان عرف حقيقتها . ام بكاء فرحة لانها تاكدت من حبه لها . اما بكاء فرحه لانها فازت بحبه من قبل ان يراها . ام بكاء فرحة انها اليوم فقط شعرت انها خرجت اخيرا من وهم اسمه الطاووس
اخذت تبكى وهى تتحسس بطنها وفى نفس اللحظة خرج ايوب فوجدها على تلك الحالة ففزع لاجلها فاقترب منها بسرعة وجثى امامها وامسك كفها واخذ يسالها بلهفة وقلق واضحين فى نبرة صوته
ايوب / كيف حالك الان يا ليلتى هل اصبحتى بخير
لم ترد عليه وظلت دموعها تنهمر بصمت
مد يده ومسح دموعها وسالها / هل تشعرين باى تعب . ارجوكى ردى على وطمانينى عليكى
بينما هى اخذت تتذكر كلمات فريدة عنه وعن حنانه وعن امنيتها انها تكون من نصيبه واخذت تتخيل كلام والده وانه كان يتمنى نفس الامنية بل تذكرت هى نفسها وامنياتها القديمة فكانت تحلم بنفس صفاته ولكنها كانت تتمنى ان تجدها فى الطاووس
اخذ يحدثها وهى لا تجيب وكانت نظراتها محدقة فى عينيه
كاد ان يسالها مرة اخرى الا انه دهش عندما راها ترفع يدها فى هدوء واخذت تتلمس وجهه برفق وقد استجاب هو للمساتها فاغمض عينيه وكانه يود الا تفترق يداها عنه وقالت بهدوء / لقد فقد جنينى . فقدت وسيلة اثبات براءتى ولم يعد يهمنى الان ان اثبت برائتى من عدمها الا امامك انت وما اريده منك ان تجيبنى هل تصدقنى ام احتاج الى اثبات براءتى امامك ايضا ؟
شد على كفها الذى يلامس وجهه وقال / انا لا احتاج الى اى اثباتات فقلبى سكن داخلك ودمى يجرى بدمك فهل تظنين انى الان احتاج الى اى اثباتات انا يكفينى انتى وانتى الكفاية نفسها
وان كان منا من يحتاج الى اثبات فهو انا فاود ان تصدقينى اننى كنت احبك قبل ان اراكى واحببتك عندما رايتك ولا اعرف انكى انتى من يناديها قلبى وازداد حبى عندما عرفت كنيتك وما كان يمزقنى اننى كنت اعرف ان حبك لى من المستحيل ان يكون وقلبك لا زال ينزف من الخيانه والوجيعة ولكن الاصعب لى انى كنت احاول جاهدا ان اثبت لكى اننى شخص مختلف عنه
وكلما شعرت باستجابتك خشيت اكثر ان عرفتى حقيقتى تركتينى
مدت يدها الاخرى ليصبح كامل وجهه وهى جاثيا امامها بين كفيها وقالت / كنت اظن انى اعيش لاجل جنينى فقط ولكنى تاكدت انى اعيش لاجلك انت فلم يهمنى فقد جنينى قدر ما همنى فقدك
ايوب / انتى وجنينك قطعه منى
قالت بنفس هدوءها / انا معك علمت معنى الحب الحقيقى الحب الذى اعطيته لطارق كنت اظنه حب ولكنه كان وهما فشتان بين شعورى معه وشعورى معك كنت مع طارق احب بلا تمهل ولكنى تمهلت فى التخلى عنه اما معك لم اشعر بتمهل او عدمه فلا اعرف كيف احببتك ولكن صعب على مجرد التخيل لفقدك وقتها عرقت ان حبك اكبر
كنت مع طارق احمل له فى قلبى حب وكراهية وكان بينهما نسمة دخان اكثرت من الضباب الغاشى لعينى لكن تلك المشاعر المتناقضة انقطعت بمجرد نسمة هواء فعلمت ان ذلك لم يكن حبا فالحب هى مشاعر مثل الجبال لا تتاثر بنسمة هواء ولا حتى بالرياح
كنت مع طارق لا اغار عليه ولكنى كنت اكره ذاتى ان رايته يحب غيرى اما معك كانت الغيرة تنهشنى وانا اراك مع نهال حتى وانك لم تفصح لى عن شىء
معك شعرت بكل مشاعر الانثى فشعرت انى ابنتك وحبيبتك وامك واختك وصديقتك اما مع طارق دوما ما كنت اشعر معه بالغربة فعلمت ان حبك اقوى
كان حب طارق لى بدايته شفقه فلم اتحمله وكان من الصعب ان يستمر هكذا فلم اندم وانا اتركه اما معك ابتدى حبى بالود ونبض قلبى اول ما نبض بالغيرة عليك فعلمت ان حبك هو الاقوى
اكتشفت فى حبك حقيقة وصدق المقولة التى تقول ان فاقد الشىء لا يعطيه وانا فى حقيقة الامر لم اكن املك حب طارق بل كنت اتوهمه فصعب على ان اعطيه له لانى لو كنت احببته حقا لكنت لا احتاج ان اتكلف لاجله لانه كان حتما سيشعر بى
اما معك فلم احتاج الى تكلف ولا اثباتات وشعرت بقلبك دون ان تصرح لى فعلمت ان حبك اقوى
لقد اعطيت طارق منذ البداية اقصى ما فى وسعى من حب كما قلت لى انت وكانت النتيجة انه شعر اننى لا استطيع الاستغناء عنه فجاء على وعلى كرامتى اما معك لم اكن انا البادئة بالعطاء فكنت اشعر معك بالقوة ووقتها عرفت ان حبك هو الاوى وهو الدائم
مع طارق لم اشعر بالندم وانا اتركه بل على العكس شعرت بالانتصار لاننى ساحتفظ بذاتى وكرامتى اما معك فقد ذابت نفسى بنفسك فلم اعد ادرى اين قلبى واين كرامتى حتى ادركت ان البعد عنك فيه موتى فعلمت ان حبك هو الاقوى
فى حب طارق كنت اشتاق لنفسى ولدنباى اما معك لم اشعر بهذا لانى لم افقد لا نفسى ولا دنياى لانك اصبحن انت دنياى ونفسى
لم يعد قادرا على اكثر من ذلك فاخذ يقبل كفيها وقال / كفاكى كلام يا ليلتى فانا لا احتاج الى براهين على صدق قلبك فانتى قلبى وهل يكذب على قلبى الساكن بين اضلاعى
لقد كنتى لى امل او حلم ضائع اما الان فكل الاحلام بين يدى فهل هناك من هو اسعد منى
كنتى لى حلما وامنيه فصرتى بين يدى حقيقة فهل هناك اجمل من ان تتحقق الامنيات
كنتى لى حبا كبيرا يملا قلبى فصرتى الان حبا كبير يملا كيانى وحياتى فهل هناك حب اعمق من هذا
كنت اتناساكى بذكرى لنهال فوجدت ان صورتك لم تدع لصورتها اى مساحة للتخيل فهل هذا لا يعنى امتلاكك لى
كنتى وكنتى واصبحتى الان بين يدى فهل هناك رجل اسعد منى
قام واقامها معه وقال / لقد خلت الدنيا الا منكى فهل هذا يكفيكى
ليلى بدموع / هل لى ان اطلب طلب اعلم انه مخجل ولكنى فى اشد الحاجة اليه
ايوب بحنان / لا تخجلى منى فانا نفسك
اريدك ان تضمنى حتى اتنعم بدفء الامان بين يديك
لم تكمل باقى عبارتها وكانه كان يريد نفس الشىء ولكنه خجل مثلها
ضمها وشد عليها وقال لها هامسا / لا تخافى ودعى عنكى القلق فانا كفيل لقتل ما يؤرقك
اخذت نفس عميق وسالته وهى لازالت بين يديه / ماذا لو حالت بيننا الايام
شد اكثر عليها وكانه يثبت لها عكس ما تخاف منه وقال / ان حالت بنا الايام فالموت لن يحيل بيننا فانا ساموت فى الحال شهيد حبك
ابتعدت عنه وقالت / هذا تجديد لميثاقنا
ايوب / ميثاقنا يتجدد بين الثانية والاخرى دون الحاجة الى التفوه به