المقدمة

2.3K 133 55
                                    

مقدمة الكتاب

ليس الكتاب الذي بين أيدينا، ذكرى لشهيد بطل وحسب، بل هو شرح حال رجل ختم بطولاته وشجاعته ومروءته بالحصول على ميدالية الشهادة.

في عصرٍ يتأثر الشباب بنماذج وضيعة في المجالات الرياضية والفنية، فيصادفهم عند كل خطوة في طرقات الحياة المظلمة بئر، وذئب في ثوب النعاج، كما صادف يوسف الصدّيق،.. يمكن للإطلالة على حياة "الإبراهيميين" أن تضيء مصباحاً في الليالي المظلمة. فقد قال مرشدنا وقائدنا: "بهذه الأنجم يمكننا أن نجد الطريق".

إبراهيم، الذي كان تلميذًا في مدرسة الولاية، قد أصبح أستاذاً في تعليم الإخلاص والحب والإيثار؛ حين شرب من كأس الكوثر الصافية وصار سقّاءً للعطاشى.

لم يتعلّم السيطرة على نفسه وضبطها من "بوريا الولي" بل من مولاه علي عليه السلام؛ وما أجمل سيماء الفتوّة التي رسمها!

يذكر التاريخ، وقبل ظهور الإسلام، فتًى من فارس سطَع بصفات الرجولة والفتوّة وحبّه لوطنه.. وبعد ظهور الإسلام، ومن خلال تعلّمه دروساً أخرى كالتضحية، الطهارة، النبل، الصدق، التديّن، والشهادة... التي نهلها من أهل البيت عليهم السلام؛ جعل اسم الشباب في بلاده يلمع في سماء الفضائل، ودفع الأمم إلى الاعتراف بهذا الأمر. وما الثورة الإسلامية والدفاع المقدس إلّا خير دليل على ذلك. 

إنّ المرور على أحوال الشباب والناشئة في تلك المرحلة وخاصًة تحت

قيادة المرشد صاحب الضمير الحي، لا يشبه إلّا النظر إلى بحر جميل. يُسَرُّ بعضٌ بعظمته وبجماله الظاهري، وبعضٌ آخر، لا يكتفي بالنظر والتأمل بل يلتذّ بالتقدم خطوة إلى الأمام ويبلل جسده بالماء. مجموعة أخرى لا تكتفي بهذا، بل تسلّم قلبها للبحر وتغوص إلى الأعماق، لتبحث في القعر وبين الصخور عن اللؤلؤ داخل الأصداف.

والحق يقال، ما أكثر اللآلئ التي حصلنا عليها من بحر الدفاع المقدس، والتي تحوّلت إلى كنز لا بديل عنه، رفع رأس إيران والإسلام الحبيب عالياً. وكم من اللآلئ ما زالت في قعر البحر.

ومن لطف الله سبحانه وتعالى، أنه فتح أمامنا باب التعرّف إلى درة من هذه الدرر.

ما الذي فعلناه وما الذي علينا فعله؟ هل استطعنا أن نتخذ هؤلاء الترابيين الذين يغبطهم الملكوتيون على إنسانيتهم، قدوة لنا؟ 

كيف يهجمُ شخصٌ من دين مختلف وبلاد أخرى، متخفّياً وراء شكل جذابٍ وبطولاتٍ وهمية، على جناح الإعلام ليُغِيرَ على قلب ودين الشباب والناشئة؟!

مع أن الفسائل التي خلقتها أسود الجبهة والدفاع المقدّس، مغروسة في تراب الولاية؛ فهي قد ارتوت من الدمع الزلال، دموع الأمهات المدرارة في مجالس سيّد الشهداء، الممتزج مع الحليب الجاري في دماء الأبناء وعروقهم منذ الطفولة، وقد خُتم على قلوبها قلوب الفسائل حب العباس وعشق أم السادات فاطمة عليها السلام.

إن شبابنا وناشئتنا يسعون دوماً للبحث عن الخير وعن الخيّرين، كما إنّ صدقهم وعشقهم ثابت لا يتزلزل. قد ينثر الغرباء على وجوههم غباراً، لكنّ "شهر محرّم واحدًا" يكفي لتحويل بحرهم ووجدانهم إلى عواصف مقتلعاً


جذور الأعداء.

قد يكون الشاب طرياً ندياً لكن جذوره راسخة. يحتاج إلى إبراهيم كي يعلق فأسه على يديه ويكسر صنم نفسه.

على كل حال. ما تكلمنا عنه هو موجة في بحر، والتعريفُ بالشهيد إبراهيم هادي تعريفٌ بحفنة من هذا الحِمل الكبير.

*******

هذا الكتاب هو حصيلة أكثر من خمسين مقابلة مع عائلة وأصدقاء ومحبّي هذا الشهيد الذين قدّموا خير مساعدة للمحرر في إنجاز هذه المجموعة القيّمة، على الرغم من الصعوبة التي رافقت هذا الأمر؛ لأنّ العثور على الأصدقاء المقربين للشهيد لمساعدتنا؛ بعد مرور هذه السنوات؛ كان صعبًا؛ إذ ينسى ذهن الإنسان الذكريات مع مرور الزمن. لذلك كان علينا البحث عن الذكريات مرة ثانية لدى الأصدقاء المقرّبين على الرغم ممّا حفّ الموضوع من مشكلات خاصة؛ لأنّ هؤلاء إمّا قد استشهدوا أو يصعب الوصول إليهم بسبب درجتهم العسكرية الحالية. ولولا لطف الله وعنايته في تعريفنا إلى أنصاره المخلصين، لما استطعنا إنهاء هذا العمل.

قال الشاعر (حافظ الشيرازي) يوماً:

إلى منزل ليلى الطريق محفوف بالمخاطر والمزالق

الشرط الأول للذهاب إليه، أن تكون مجنوناً

في النهاية، أوجّه الكلام إلى أصدقائنا الشباب، وأقول إنّنا لسنا في صدد صناعة أسطورة؛ لأنّ الأساطير لا يمكن الوصول إليها. .. نحن نسعى لتقديم عرفاء بلا ضوضاء يعيشون بالقرب منا من دون أن يُعرفوا، ولكنّهم يفاجئوننا بسلوكهم. إنّهم آيات من آيات الحق، أثبتوا أنّه في ظلمات آخر الزمان يمكن

أن تكون عبدًا وتعيش بأفضل طريقة. 

أرى من واجبي أن أوجّه الشكر إلى عائلة الشهيد إبراهيم هادي وأصدقائه ورفاقه وكل من ساعدنا في عملنا هذا. لذلك، عربون شكر للأصدقاء، وكي نوثّق القصص، ذكرنا اسم كل راوٍ في بداية كل قصة. 

وأخيرًا نشكر الله تعالى على هذا التوفيق.

*******

ســلامٌ عـلى إبراهيــم "مكتمل "حيث تعيش القصص. اكتشف الآن