مجلس السيدة الزهراء عليه السلام
عدد من أصدقاء الشهيد
ذهبنا إلى جلسة "مجمع الذاكرين" في مسجد الحاج "أبو الفتح". كانوا يقرأون أبياتًا من الشعر في ذكر فضائل السيدة الزهراء عليه السلام، وكان إبراهيم يكتبها على دفتره. في ختام الجلسة، بدأ الحاج "علي إنساني" بقراءة مجلس عزاء. وضع إبراهيم دفتره جانبًا، وتغيرت أحواله وبدأ البكاء بصوت عال. تعجبت كثيرًا لتصرف إبراهيم. حين انتهت الجلسة، توجهنا نحو البيت. في طريق العودة قال إبراهيم: "حين يكون الواحد منّا في مجلس السيدة الزهراء عليها السلام، عليه أن يشعر بحضورها هناك؛ لأنّ الجلسة لها". ولم يتلفّظ بعدها بأي كلمة.
*******
في إحدى الليالي، ونزولًا عند رغبتي، ذهبنا إلى مجلس أسموه "عيد الزهراء". كنت أظن أن إبراهيم سيفرح كثيرًا بهذا المجلس لشدة عشقه للسيدة الزهراء. كان القارئ هناك، ولأجل رضى السيدة الزهراء، يتكلم كلامًا مؤذيًا وغير متّزن. في وسط المجلس أشار عليّ إبراهيم بالخروج، وتركنا المجلس. قلت له: "أظن أنك منزعج جدًّا".
209
قال لي إبراهيم بانزعاج وغضب لم أعهده، وهو يهز يده: "في هذه المجالس، لا مكان لله، اذهب دومًا إلى الأماكن التي فيها ذكر الله وأهل البيت". وكرّر هذه الجملة مرّات عدّة. فيما بعد، حين سمعت وجهة نظر العلماء ورأيهم بهذه المجالس وضرورة حفظ وحدة المسلمين، اقتنعت أكثر برأي إبراهيم الثاقب.
*******
في عمليات "الفتح المبين"، حين جُرِح إبراهيم، نقلناه إلى المستشفى العسكري في "دزفول"، وبما أن المكان كان يعجّ بالجرحى، بقينا مع إبراهيم في الممر بين الغرف.
كان الازدحام شديدًا والجرحى يئنون ويتأوّهون. في النهاية وجدنا زاوية لنمدّده على الأرض، حيث عالجت الممرضات جراحه في رقبته وقدمه.
في تلك اللحظات عندما كان التوتر سيد الموقف وصوت الجرحى لا يهمد. بدأ إبراهيم بصوته الجميل المؤثر، يقرأ أشعارًا في وصف السيدة الزهراء عليها السلام والتي كان اسمها عليها السلام كلمة السر في تلك العمليات.
ساد صمت عجيب دقائق. لم يعد يُسمَع صوت أي جريح، وكأن كل شيء يسير على أحسن ما يرام، أينما أجلت نظرك، هدوء وسكون، وقطرات دمع تسيل على وجوه الجرحى والممرضات. هدأ الجميع. عندما توقف إبراهيم عن قراءة شعره، تقدمت إحدى الطبيبات المسنّات، ولم تكن محجبة بشكل جيّد، لكنها تأثرت كثيرًا. تقدمت نحو إبراهيم وقالت: "لا يهمني الحلال والحرام، أنت مثل ابني". وقبّلت إبراهيم على جبينه وقالت: "فديتكم أيّها الشباب".
ليتكم كنتم ورأيتم إبراهيم، احمرّت أذناه. ولشدة خجله سحب الغطاء ليخبّئ وجهه.
*******
210
كان إبراهيم يقول دومًا: "بعد التوكل على الله، إن التوسل بالمعصومين عليهم السلام وخاصة السيّدة الزهراء عليها السلام هو حلّال المشاكل".
ذهبنا لعيادته حين كان مصابًا في مستشفى "نجمية" في "طهران". كنا مجتمعين معًا. استأذن إبراهيم وبدأ بقراءة مجلس الزهراء عليها السلام. جاء طبيبان ينظران إليه من بعيد. سألتهما مستفسرًا: "ماذا هناك؟"، قالا: "لقد كنا معه في الطائرة حين نقل إلى هنا. كان يغيب عن الوعي باستمرار. لكنه لم يتوقف بصوته الجميل هذا عن قراءة الأشعار في وصف السيدة الزهراء عليها السلام".
*******
211
أنت تقرأ
ســلامٌ عـلى إبراهيــم "مكتمل "
Spiritualمذكرات من حياة الشهيد ابراهيم هادي الكتاب: سلامٌ على إبراهيم سادة القافلة 13 نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافيةإعداد: مجموعة الشهيد إبراهيم هادي الثقافية الإعداد الإلكتروني: شبكة المعارف الإسلامية الطبعة الأولى: 2017م - 1438هـ جميع حقوق الطبع مح...