الحضور

167 11 0
                                    


الحضور

من أهم الأعمال التي أُنجزت في المنطقة، رسم وجه إبراهيم تحت جسر جادة "الشهيد محلاتي" في العام 1997م. في الأيام الأخيرة لوضع اللمسات الأخيرة على مجموعة الشهداء، ذهبت إلى السيد وقلت له: يا سيد، سمعت أنك أنت من رسم صورة إبراهيم!

- نعم، لماذا؟

- لا شيء، أريد فقط أن أشكرك؛ لأنّ إبراهيم، بهذه الصورة، سيبقى حاضرًا في الحي. 

- أنا لا أعرف إبراهيم، لم أطلب شيئًا لأرسم صورته، لكن بعد القيام بهذا العمل، أنزل الله بركة على حياتي لا يمكن حسابها. كما إنني رأيت كثيرًا من الأشياء بسبب هذا الرسم.

- مثلًا؟ 

- حين رسمت هذه الصورة، وانطلق معرض "تجلي الشهداء"، جاءت امرأة ليلة الجمعة إليّ وقالت: "يا سيّد، وزِّعوا هذه الحلوى هنا عن روح هذا الشهيد". اعتقدت أنها تعرفه، لذلك سألتها إن كانت من أقارب الشهيد، فقالت: "لا!". وحين رأتني متعجّبًا أكملت قائلة: "إن بيتنا بالقرب من هنا. كنت أعاني من أزمة صعبة في حياتي. منذ أيام،

277

حين كنت ترسم الصورة، مررت من هنا، قلت في نفسي: "يا إلهي، إن كان للشهداء مقام لديك، أرجوك بحق هذا الشهيد حُلّ مشكلتي، وأنا أعدك أن أصلي في أول الوقت. ثم قرأت الفاتحة لهذا الشهيد الذي لا أعرف اسمه. لن تصدق، تحقق طلبي بسرعة كبيرة، وأتيت الآن لأشكره".

ثم عقّب السيد: "في السنة الماضية، كانت أوضاع عملي غير مستقرة. عانيت من مشكلات كثيرة. عندما مررت أمام صورة إبراهيم، التفت إلى أنّ ألوانها قد بهتت بمرور الزمان. جهزت "سقالة بناء" وأحضرت الألوان وبدأت بترميمها وتحسينها. كان الأمر لا يصدق. في الوقت الذي أنهيت فيه عملي، عُرض عليّ مشروع كبير. فحُلّت معظم مشكلاتي المالية يومها". 

ثم أكمل: "إنّ لهؤلاء الشهداء مقامًا عاليًا لدى الله. ما زلنا لا نعرفهم حق المعرفة. إذا قمتَ بعمل بسيط لهم، يعطيك الله بدلًا عنه أضعافًا مضاعفة". 

*******

كنت في المسجد، عندما جاء شخص يبحث عن أصدقاء إبراهيم، يريد أن يسألهم عنه. استفسرت منه: "ماذا تريد؟ قد أستطيع مساعدتك". 

- لا شيء. أريد أن أعرف من كان هذا الشهيد؟ وأين قبره؟

تردّدت ماذا أقول. بعد لحظات من السكوت، قلت له: "إن إبراهيم هادي شهيد مجهول وككلّ الشهداء المفقودي الأثر والمجهولين فهو لا قبر له. لكن لماذا تسأل عنه؟". 

ســلامٌ عـلى إبراهيــم "مكتمل "حيث تعيش القصص. اكتشف الآن