الزيارة

151 16 7
                                    

الزيارة

جبار ستوده، مهدي فريدوند

في السنة الأولى للحرب، توجهنا برفقة عدد من شباب مجموعة "أندرزكو" إلى أحد المرتفعات في شمال منطقة "جيلان غرب". في الصباح الباكر كنا في أعلى نقطة من التلال المطلة على الحدود. كان المقر الحدودي بيد العراقيين، وكانت السيارات والآليات العراقية تتردد على الطرقات هناك. فتح إبراهيم كتاب الدعاء وقرأنا مع الشباب زيارة عاشوراء. بعد ذلك، قلت وأنا أنظر بحسرة إلى المناطق التي يسيطر عليها الأعداء: "عزيزي أبرام، هل ترى هذا الطريق. المتجه نحو الحدود؟ هل ترى كيف يتنقّل العراقيون عليه بسهولة؟". ثم أضفت بحسرة: "هل سيأتي اليوم الذي يمكن فيه للناس عبور هذا الطريق والذهاب إلى قراهم ومدنهم؟". 

كان إبراهيم ينظر إلى البعيد وكأنه لم يسمع ما قلته، لكنه فاجأني وقال: "ماذا تقول!؟ سيأتي ذلك اليوم ونرى أهلنا يذهبون جماعات جماعات لزيارة كربلاء عبر هذا الطريق". 

أثناء عودتنا، سألت الشباب: "هل تعرفون اسم ذلك المقر الحدودي؟". أجابني أحد الشباب: "مقر خسروي الحدودي".

165

بعد عشرين عامًا، كنا متجهين لزيارة كربلاء، وقع نظري على تلك التلال حيث قرأ إبراهيم زيارة عاشوراء. وكأنني رأيته يودّعنا من هناك. كانت تلك التلة مطلة مباشرة على مقر خسروي الحدودي. في ذلك اليوم، كانت الحافلات تتحرك على ذلك الطريق وكان أهلنا ذاهبين جماعات جماعات لزيارة كربلاء.

*******

حين نحضر في طهران أحيانًا، كان برنامج إبراهيم في ليالي الجمعة، زيارة حرم "الشاه عبد العظيم". كان يقول: "ليلة الجمعة هي ليلة الرحمة الإلهية، ليلة زيارة أبي عبد الله الحسين، الليلة التي يذهب الأولياء والملائكة فيها إلى كربلاء، ونحن نذهب إلى مكانٍ، قال أهل البيت يومًا إنّ له ثواب زيارة كربلاء".

كان يقرأ دعاء كميل هناك، ثم يعود قرابة الساعة الواحدة بعد منتصف الليل. وبعد أن انطلق برنامج التعبئة في المسجد، كان يرجع مباشرة إلى المسجد حيث شباب التعبئة.

في إحدى الليالي، خرجنا معًا من الحرم، لكنني كنت مستعجلًا جدًّا، فركبت الدراجة وراء أحد الشباب وتوجهت نحو المسجد. لكن إبراهيم وصل بعد ساعتين أو ثلاث. سألته: "عزيزي أبرام، لماذا تأخرت؟". 

قال: "لقد ذهبت مشيًا على الأقدام لأزور قبر الشيخ الصدوق. يقول أهل طهران القدامى إنّ الإمام المهدي| يأتي في ليالي الجمعة لزيارة مزار الشيخ الصدوق"

قلت له: "لكن لماذا أتيت مشيًا على الأقدام؟". 

لم يجبني بوضوح، فأكملت قائلًا: "لقد كنت مستعجلًا لتأتي إلى المسجد،

166

لكنك مشيت كل هذا الطريق، لا بد من وجود سبب واضح لهذا الأمر". 

بعد الكثير من الأسئلة، أجابني: "ما إن خرجت من الحرم، تقدم رجل محتاج، فأعطيته كل المال الذي كان معي. حين ركبت سيارة الأجرة تذكرت أنني لا أملك مالًا فترجلت. لذلك أتيت مشيًا إلى هنا"

*******

في الأيام الأخيرة؛ أي في العام 82م، كنا نذهب معًا لزيارة "السيد عبد العظيم الحسني"، ثم بعد منتصف الليل نتوجه إلى مقبرة "جنة الزهراء"، حيث قبور الشهداء، ويقرأ لنا إبراهيم مجلس عزاء. كان يتمدد أحيانًا داخل القبر ويبدأ بالبكاء، كان يقرأ دعاء كميل بحرقة وحال عجيبة.

*******

167

 

ســلامٌ عـلى إبراهيــم "مكتمل "حيث تعيش القصص. اكتشف الآن