نحن نحبُّك

118 19 2
                                    

نحن نحبُّك

جواد مجلسي 

في خريف العام 1982م1، توجهنا مرة ثانية نحو الجبهة. كان حديث الجميع، توسّل إبراهيم بالسّيدة الزهراء عليها السلام. حيثما ذهبنا، نسمع كلامًا عن إبراهيم. كان كثير من الشباب ينقلون بطولاته وقصصه في العمليات والتي كانت بسبب توسّله بالسّيدة الزهراء عليها السلام. 

ذهبنا إلى منطقة "سومار" وكلما وصلنا إلى نقطة معينة أو إلى خندق ما، كان الشباب يطلبون من إبراهيم أن يلطم لطمية تتعلق بالسيدة الزهراء عليها السلام. في إحدى الليالي، وفي جمعٍ من شباب إحدى الكتائب، بدأ إبراهيم باللطم وبالكلام عن السيدة الزهراء عليه السلام. ولكن بسبب التعب الشديد وكثرة قراءة المجالس واللطم، كان صوت إبراهيم مبحوحًا. بعد انتهاء المجلس، قال بعض الشباب من أصدقاء إبراهيم كلامًا ممازحين، لكنه أغضبه كثيرًا. استاء إبراهيم وقال: "أنا لست مهمًّا، لكنهم يسخرون من مجالس السيدة الزهراء، لذلك لن أقرأ مجالس بعد الآن". حاولت كثيرًا وقلت له: "لا تأخذ كلامهم على محمل الجد يا إبراهيم". لكن لا فائدة. حين عدنا في المساء إلى المقر، أقسم قائلًا: "لن أقرأ مجالس العزاء بعد الآن".

نمنا قرابة الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، والتعب قد أردانا.

241

استيقظت على أحدهم يهزني. فتحت عينيّ بصعوبة، ورأيت وجه إبراهيم النوراني فوقي وهو يقول لي: "استيقظ، إنه وقت الأذان". قلت في نفسي: "يا إلهي، وكأنه لا يعرف معنى التعب". كنت أعرف بالطبع أنّه مهما تأخّر في السهر، سيستيقظ قبل الأذان ليصلي.

نادى إبراهيم بقية الشباب وأذّن ثم صلّى بهم جماعة. بعد الصلاة والتسبيحات، بدأ إبراهيم بقراءة الدعاء ثم قرأ مجلس السيدة الزهراء عليه السلام. أثّرت الأشعار الجميلة التي قرأها إبراهيم في الشباب، فسالت دموعهم بحرارة. لكنني وبما أنني سمعت قَسَم إبراهيم الليلة الماضية، تعجبت كثيرًا لكن لم أقل شيئًا.

بعد تناول الفطور، توجهنا مع الشباب إلى "سومار". كنت طيلة الطريق أفكر في أفعال إبراهيم المستغربة. فجأةً نظر إليّ نظرة ذات مغزى وقال: تريد أن تعرف لماذا قرأت مجلس عزاء على الرغم من قسمي البارحة؟ 

نعم، طبعًا، لقد أقسمتَ البارحة على...

قطع كلامي قائلًا: "ما سأقوله لك الآن، لا تتفوّه به لأحد طالما أنا على قيد الحياة". ثم أكمل: "لم أستطع النوم بسهولة ليلة البارحة، ولكن بعد منتصف الليل غفوت قليلًا، فرأيت السيدة الزهراء عليه السلام في منامي. قالت لي: "لا تقل لن أقرأ مجالس العزاء، نحن نحبك، كلما طلب منك أحد مجلسًا، اقرأ له". 

لم يسمح لنا البكاء بإكمال الحديث. بعدها، بالطبع لم يتوقف إبراهيم عن قراءة مجالس العزاء.

*******

242

هوامش

1 -1361هـ.ش.

ســلامٌ عـلى إبراهيــم "مكتمل "حيث تعيش القصص. اكتشف الآن