حب غير حياتي
الحلقه الأولى
تمدد سعد في فراشه الذي يئن تحته ويصدر صريرا كلما تحرك ونظر حوله ليجد كل ما حوله قابل للإنهيار، فالبيت الذي يسكنه قابل للإنهيار في أي لحظه، وجدران حجرته المتهالكه والتي تكاد تطبق على صدره قابله للإنهيار، وفراشه نفسه قابل للإنهيار ، حتى مقاومته للفساد قابله للإنهيار لأن الفساد قوي وله من يساندونه ويدافعون عنه بينما الحق لايجد من يحميه. لقد حاول كثيرا وقاوم كثيرا ولكن الفاسدون تكالبوا عليه لأنه كمدرس يحارب الدروس الخصوصيه ويشرح للطلبه مجانا مايريدون فهمه، فأعتبر زملاؤه ذلك محاربة لهم في رزقهم،فكادوا له وقدموا فيه الشكاوى وشجعوا بعض الطالبات على تقديم شكوى فيه أنه يتحرش بهن وشهد زملاؤه ضده فتم نقله لإحدى القرى بمحافظة الدقهليه ومن حسن حظه أنها مسقط رأس أبويه ولديه بيت قديم هناك سينتقل إليه.أخيرا سيتخلص من القاهره بصخبها وزحامها وفوضتها وتطاحن الناس وتصارعهم فيها ، سيهرب من كل ذلك ويعود لقريته الهادئه. لقد ظنوا أنهم يعاقبونه ويحرمونه من النعيم وهم لايعلمون أنهم يكافئونه وينتشلونه من الجحيم. نظر من الشباك الصغير المتهالك المجاور لسريره وتضرع إلى الله أن ينصفه وينصره على الفساد وأن يثبته على المبادئ التي تربى عليها ولايضعف ولا يستسلم كما فعل غيره. وبينما هو يتأمل السماء بنجومها ،سمع صوت ضجيج في الحارة وصوت أقدام تجري بسرعة وقبل أن ينهض ليستبين الأمر سقط فوق جسده جسم ثقيل،فلم يستطع الحراك من هول المفاجأه. إنها شابه فائقة الجمال ،تلاقت عيونهما للحظات حتى أدركت حرج وضعها فتحركت وأزاحت جسدها من فوقه. ألجمت المفاجأه لسانه للحظات حتى إستطاع أن يقول:
-إنت مين؟؟ وإيه اللي جابك هنا؟؟
فقالت بهمس:- أسكت أرجوك ليسمعوك وييجوا ياخدوني
-مين دول؟؟إنت هربانه من البوليس؟؟
-ليه إنت فاكرني حراميه؟؟ دول مش بوليس
-أمال مين؟؟
-بعدين أقولك
-بعدين إمتى لازم أعرف حالا وإلا هاسلمك للبوليس
سمعا صوت أقدام تقترب فما كان منها إلا أن إندست تحت اللحاف الرث الذي كان يتدثر به فابتعد عنها مصعوقا وقال:
-إنت بتعملي إيه يا مجنونه
خافت أن يصل صوته لمن يتبعونها فوضعت يدها على فمه لتمنعه من الكلام فشعر برعشه تسري في جسده فتلك أول مره تلمسه إمرأة غير أمه ، سرعان ما أفاق من إضطرابه وأزاح يدها عن فمه فأشارت له أن اصمت فظل ساكتا يتأمل عينيها الصافتين بلون موج البحر مع بشرتها الخمريه التي أبرزت جمال عينيها مع شعرها الأسود المنسدل على كتفيها. أدار وجهه عنها مسرعا وظل يستغفر الله فتلك الشيطانه جعلته يخالف ما إعتاده من غض البصر.أخيرا تحركت من مكانها وقالت مبتسمه:
-سوري مالقيتش طريقه غير دي عشان أخليك تسكت.
- إنت جريئة زياده عن اللازم، إنت مين وحكايتك إيه؟؟
نجلاء لطفي