حب غيَر حياتي
الحلقة السادسة-ماتخافيش عليه هو حد كويس مدرس فلاح غلبان وعلى أده وطبعا عمره ما كان يحلم يتجوز واحده زيي ويوم ما أزهق منه أخلي دادي يطلقني منه غصب عنه
صدمته كلماتها وفكر أن يتراجع عن الزواج لكن قلبه متعلقا بها وبتلك العيون التي سحرته من أول لحظه ولكن كرامته أبت أن تعيش مع إمرأه تراه هكذا. صراع رهيب دار بداخله للحظات ثم حسمه أخيرا بأنه سيكمل الزواج ولكن سيربيها قبل أن تصبح زوجته وإن لم تكن زوجه له برغبتها فلن يقربها أبدا.
دخلا المسجد ووجهها لمصلى النساء فبقيت فيه حتى ناداها فجاءت وشرح لها أنه لازواج للفتاه بدون ولي وأن إمام المسجد سيكون وليها فوافقت وبدأت إجراءات الزواج وهي تشعر بالرعب ماذا فعلت بنفسها فربما يكون طامعا في مالها؟؟ أو يعاملها بقسوة؟؟ أو يكون مدمنا؟؟ كيف ترمي نفسها بين يدي رجل لا تعرفه أفقدت عقلها؟؟ ثم نظرت في عينيه فشعرت بأمان عجيب فيمها صفاء نفسي لم تره من قبل ، إنه رجل من طراز غريب نامت في بيته ولم يلمسها ورفض أموالها ليتزوجها بل وفرض عليها شروطه للزواج ، أي نوع من الرجال هو؟؟ إنتبهت على تهنئة الشيخ لها وقال:
- يابنتي ده بقى جوزك يعني رضاه يرضي ربك عنك وغضبه يغضب ربك، تطيعيه وتحفظيه في ماله وعرضه، ثم نظر إليه وقال:- وإنت يابني إتق الله فيها وتذكر قول سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم رفقا بالقوارير..ليه شبههم بالقوارير لأن سهل كسر النساء بكلمه أو تصرف ولو اتكسرت ما بترجعش زي الأول..بارك الله لكما وبارك عليكما وجمعكما على خير
نظرت لينا إلى سعد وكأنها تراه لأول مره حقا ملامحه عاديه ككل المصريين ببشره خمرية وعيون عسليه وشعر أسود مجعد يفوقها طولا وجسده أقرب للنحافه لكنها لاتخافه رغم أنه غريب عنها، عينيه فيهما قسوة وصرامه وحزن وغموض ونظره لم تعرف لها تفسيرا. تذكرت أنها نامت على كتفه وشعرت بالأمان الذي لم تشعر به يوما مع والدها نفسه، هل هذا هو الحب الذي طالما سمعت عنه ولم تعرفه يوميا رغم سنواتها التي تجاوزت العشرين بثلاثة أعوام؟؟ كل تجربه خاضتها كانت تظنها حبا حتى تكتشف أنها وهما وسرابا. ترى أعرف هو الحب أو الزواج من قبل؟؟ مشاعرها تجاهه كانت حائرة وتخيفها بشكل كبيرفقد كانت نظراته مزيج من القسوة والحنان ، من السخريه والإعجاب ، من الرغبه والرهبه ، كان ذلك واضحا في عينيه.ترى ماذا سيفعل معها؟؟ وكيف ستكون حياتها معه؟؟ هل ستذوق معه طعم الحب أم سيكون كغيره طامعا في مال ونفوذ أبيها؟؟أو مستغلا لجمالها؟؟
إنتهت مراسم الزواج وخرجا من المسجد صامتين ، كل منهما خائف من تلك التجربه الجديدة أو بالأحرى المغامره التي لا يعرفان عواقبها.مرا أمام أحد المطاعم وتسللت لهما رائحة الطعام فأمسكت بذراعه وقالت بضعف كطفلة صغيره:
-سعد أنا جعانه
فنظر إليها وقال:
-تعالي ناكل عشان البيت مهجور ومافيهوش حاجه تتاكل
جذبها من يدها ليبحثا عن مطعم مناسب وبمجرد تلامس إيديهما شعرا برجفه في جسديهما فهو أول مره يمسك بيد إمرأه في حياته وهي ليست بإمرأه عاديه ، وهي رغم إعتيادها على أن يلمسها الرجال لم تؤثر فيها لمسه كلمسة سعد من قبل.دخلا أحد محلات الكشري المتواضعه فتساءلت:
-هناكل إيه؟؟
-كشري لأن الفلوس اللي معايا لازم نتصرف فيها بعقل عشان تقضينا لأخر الشهر
-أنا معايا فلوس خدها ونروح أي مكان نضيف وناكل زي ما إحنا عاوزين
تغيرت ملامحه من الرضا للغضب وقال:
-خلي فلوسك معاكي إنت متجوزه راجل وتعيشي معاه على أد إمكانياته و أنا ما أقبلش إن مراتي تصرف عليه ، دي أخر مره تتكلمي معايا عن الفلوس فاهمه؟؟
-ماتزعلش مش قصدي أنا عايزه أحل المشكله
-بصي يا بنت الحلال هتعيشي معايا على أدي وحسب إمكانياتي وظروفي تقدري ولا نفضها سيره وإحنا لسه على البر؟؟
-هأقدر بس يالا أنا هاموت من الجوع..هو الكشري ده حلو؟؟
-هتتعودي عليه
طلبا الطعام وكان المحل مزدحما ونظرات الرجال مصوبه إليها يلتهمونها بأعينهم فطلب منها أن تسرع حتى يصلا قبل الغروب فقالت:
-مستعجل ليه سيبني أكل براحتي
-إخلصي الرجاله رايحين جايين يبصوا عليكي ويبحلقوا وأنا دمي حامي ومش مستحمل
قالها بحده أخافتها منه ويبدو أنه كان يلاحظ الناس من حوله حتى أنه لم يكمل طعامه.كان يشعر بالغيرة الشديده عليها رغم أنها تغطي جسدها وشعرها إلا أن جمالها كان من الصعب إخفاؤه.ركبا الميكروباص متوجهين لقريته وحرص على أن يركب في المقعد الأمامي ويجلس هو بجوار السائق. تأملت تصرفاته التي يقوم بها بعفويه فهو لا يفعلها من أجلها ولكن يبدو أنها طبيعته وقارنت بينه وبين توتو الذي كان يتركها تدفع له ثمن طعامه وملابسه أحيانا بل إنه كان يفتح حقيبتها ويأخذ منها مايريد من المال، ولم يشعر يوما بالغيرة عليها بل كان يرى أصحابه وهم يبدون إعجابهم بها ولا يشعر بأي ضيق بل إنه رأى أحدهم وهو يحاول تقبيلها وهي ترفض ولم يتدخل أو ينهره وكأنها متاحه للكل ولاقيمة لها عنده أما سعد فهو يعاملها كقطعة ماس يريد الحفاظ عليها حتى من نظرات العيون، حتى والدها لم يكن يغار عليها فلم يمنعها يوما من الخروج أو السهر أو السفر مع أصدقائها ولم ينهاها عن ملابسها المثيرة إنما كل همه كان منصبا على الإستيلاء على ميراثها وتنمية ماله ومشروعاته وعلى مغامراته النسائية سواء في حياة والدتها أو بعد وفاتها. أدركت أن توتو لم يكن رجلا إنما سعد رجل بمعنى الكلمه يبدو أنها معه ستعرف دنيا لم تعرفها وستتعلم أشياء جديده.
أفاقت على صوته وهو يقول:
-يالا وصلنا
كانت الشمس تحولت للون البرتقالي وراحت تداعب الزرع الأخضر في الحقول وهي تهمس له بكلمات الوداع قبل أن يحل ظلام الليل. نظرت حولها فوجدت قريه بها بيوت فخمه إلى حد ما وبيوت متوسطه وبعض البيوت الفقيره القديمه التي لم تطلها يد التجديد أو الرعاية منذ زمن.سارت معه حتى وصلاإلى منزل صغير وقديم في أطراف القريه ، أهم مايميزه أنه يطل على ترعه صغيره وبالقرب منه بضع بيوت فقيره مثله. فتح الباب ودخلا البيت الغارق في الظلام فشعرت بالرهبه فإلصقت به وأمسكت بذراعه لتطمئن فقال لها
-ماتخافيش
حاول إضاءة النوربلا فائدة فأخرج كشافا صغيرا من حقيبته وأنار لها الطريق فقالت وهي مازالت متشبثه به:
-مافيش كهربا؟
-فيه بس أنا بقالي سنين ما جيتش و أكيد قطعوا النور هاروح الشركة الصبح وأدفع الفلوس وأخليهم يرجعوا النور، إستني كان فيه هنا لمبة جاز وكبريت هاشوفهم وأنور بيهم
-لأ ما تسيبنيش خدني معاك
إبتسم ودخلا معا للمطبخ حيث وجد لمبة الجاز وولاعه قديمه أشعلها فأضاءت ، أعطاها الكشاف وقال:
-خلي ده معاكي ، تعالي أفرجك البيت هو مش فخم زي بيتكم لكن أهو ده اللي موجود
البيت مكون من حجرتي نوم وصاله كبيرة بها أريكتين من الطراز القديم الذي يسميه الناس (كنب بلدي) ومنضده صغيره ومقاعد متهالكه وحمام كبير ومطبخ مربع به بوتجاز مسطح وبعض الأدوات المتهالكه. نظرت لينا لكل شيء بإشمئزاز فبالإضافه لكون البيت فقير وقديم إلا أنه تنقصه النظافة لغياب سعد عن البيت لسنوات.لاحظ سعد إشمئزازها فقال:
-إنت عارفه من الأول إني فقيرومش هاسكنك في قصر ولا فيلا ومافيش حيلتي غير البيت ده وحتة الجنينه اللي قدامه بازرعها خضار وأكل منها وما أملكش غير مرتبي من المدرسة وبس، عارف إن شكل البيت وفقره صدمك لكن ده اللي أقدر أقدمهولك بس الصبح هاجيب حد ينضف البيت وهاسيبه لك إنت وشطارتك هتقدري تعملي منه بيت شكله إيه وضبيه بمعرفتك، ولو حسيتي في أي وقت إنك مش قادره تكملي معايا أطلبي الطلاق وأنا مستحيل أقبل أعيش مع واحده مش عايزاني.
إصطحبها بعد ذلك لغرفة النوم فتركت يده وإبتعدت قليلا عنه وهي تشعر بالخوف منهنجلاء لطفي