الرسالة

116 8 0
                                    

إلى المجهول الذي سيقرأ هذه الرسالة المحترم وبعد..
أنا انتحرت في هذه الشقة التي وجدت فيها هذا الصندوق، أو أن وجدت الصندوق مرمي في الشارع، فكرت ملياً بأن أرسلها لـ أختي ...بيانكا، لكنني فضّلت أن تقرأها أنت...
أشعر أنني عشت بنصف حياة، (ولا أقصد أنني انتحرت وانا في نصف عمري) أشعر وأنني رفضت أشياء كثيرة، لابد أن يندم الانسان مرة أو مرتين، أنا ندمت على حياتي كلها، ندمت أنني اخترت أن أكون منطوي، أهاب رأي الناس فيني، ف أسكت ولا أتحدث لكي لا ينفر أحد من رأيي أو اسلوبي ف أكتفي بالابتسامة دائماً، مجتمعنا هو من بدأ هذه العادة فيني، رأيهم الجارح، قسوة سهامهم، إن كلامهم كان أقسى من التنفس في خنادق الحرب الضيقة التي احتميت بها، لذلك كنت منطوي، أرجوك أيها الغريب، إن رأيت أحداً مثلي... دعه يتحدث، دعه يتدخل، دعه يغامر فسيندم كثيراً على ما فاته وسيفوته، كُن شجاعاً في ابداء رأيك مهما ظننت أنه سخيفاً، أما بالنسبة لـ رأي الناس... فلا تجعله يدور في مخك، الحياة لا تتوقف على رأي أحدهم، أكبر مخاوفي مجرّد أوهام، والآن سأموت وحيداً...

الظلم شائع، وتعرضّت للظلم كثيراً، في البداية لم يؤثر فيّ ، الآن انتشر في جسمي مع انتشار المرض في قلبي، لا أحد يطيق الظلم، وكـ أي حالة للظلم ما بيد المظلوم حيلة، وضعوني في صنف لم أختاره أنا، وظلموني، صنّفوني ولم ينصفوني، حاولت أن أقاتل على انكار هذا التصنيف ولم أقدر، كرهت الجميع، لماذا لا يتحدث الذي تُسمع أصواتهم؟ أرجوك أيها المجهول، إذا صوتكَ كان مسموعاً بأن تشعر بالجميع، وتحاول أن تستمع للجميع، وإن جُبرتَ أن تسمع من إناءٍ في مطبخٍ في بيتٍ مهجور... أرجوك أن تستمتع وتناشد لـ حقهم.

بيانكا، لن تصلك هذه الرسالة، لكنني سأكتب لكِ فيها، أشكرك لكونك أمي، سأذهب نحو الربيع يابيانكا... هذا العالم لم يعد يُحتمل.

المعتل اجتماعياً... أنا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن