الحلقه الثالثه 3

436 15 0
                                    

الغرام المستحيل
الحلقه الثالثه

. مشينا مسافه طويله فطلبت منه أن نستريح قليلا في ظل شجره كبيره تنمو على شاطىء النهر وتتدلى غصونها فيه. جلسنا وأخرجت بعض الفطائر التي صنعتها أمه لأجلنا وتناولتها بنهم فمد يده وتناول بعض منها دون أن ينظر إلي أو يحدثني، ما بال هذا المغرور ألا يعرف من أنا؟؟ سألقنه درسا لن ينساه. إستكملنا سيرنا بذلك الحمار الكسيح الذي يكل بعد بضعة خطوات، حتى حل الظلام علينا فكان لابد أن نأوي لمكان نرتاح فيه حتى الصباح، وجدنا كوخا من القش وبعض الأخشاب في أحد الحقول فقررنا أن نقضي الليلة فيه، وعندما دخلت للكوخ فوجدته خاويا صرخت قائله:
-مستحيل أنام هنا على الأرض
- لاتنامي بل ابقي واقفه في مكانك
إستدار وخرج لينام على باب الكوخ وجعل ظهره لباب الكوخ ، ظلت واقفه في حيره لبضع دقائق وهي تشعر بغيظ شديد وتود أن تركله ثم تراجعت وخافت أن يتركها بمفردها فوضعت وشاحها على الأرض ونامت من شدة التعب. إستيقظت على ضوء الشمس الشديد يخترق القش ويداعب عينيها العسليتين، نهضت متكاسله وهي تنظر حولها حتى وجدت فارس يغتسل من ماء النهر على بعد خطوات منها ، أدارت وجهها خجلا لأنه كان بلا قميص يستر جسده، نادت عليه من داخل الكوخ فارتدى قميصه وذهب إليها وقال:
-هيا لنواصل السيرحتى نصل بسرعه فلا طاقة لي على إحتمالك أكثر من هذا
إنتظر أنا جائعه-
-رحمتك يارب إصبري قليلا حتى نصل
-حرام عليك لا أستطيع الصبر سأموت جوعا وأنت لاتبالي هل قلبك حجر؟ ألست بجائع مثلي؟
إبتعد عنها وهو غاضب وصار يضرب الأرض بقدميه، بحث في الحقول فوجد الأرض مزروعه بالذرة فأحضر بعض أعواد من الذرة فأحضرها وأشعل من الخشب الملقى بجوار الكوخ نارا وشوى لها الذره فأكلا أثناءسيرهما ،هي كانت مستمتعه و وتنظر إليه لتغيظه وهوغاضب ونظراته لها محيره فهي مزيج من الغضب والغموض وأحيانا إعجاب. وصلا لضفة النهر وكان عليهما للإنتقال للضفه الأخرى- حيث قصور الأثرياء في العاصمه -ركوب مركب كبيرة تحمل الناس والبضائع والدواب ، كان صاحب المركب يستغل أنه الوحيد الذي يمتلك مثلها والناس تحتاج له فيفرض عليهم الأجره التي يحددها هو دون مراعاة لحالة الناس الماليه. الكل غاضب من إستغلال صاحب المركب لكنهم دفعوا مكرهين لأنهم يريدون الذهاب لسوق المدينه حيث يستطيعون بيع بضائعهم بسعر معقول لكنهم لم يرحموا صاحب المركب من سخريتهم اللاذعه أو دعواتهم عليه. بدأ التألف بين الناس والكل يشكي فقره وضيق الحال حتى بدأوا في إلقاء النكات على الحكام والمسئولين بل وعلى أنفسهم، لم يسلم أحد من سخريتهم حتى الملك وأنا، ثم توقف سيل السخريه عندما غنى أحدهم موال عن الحبيب الغائب ومدى شوقه إليه وأن فقره يمنعه من الوصول إليه، أعجبني صوته وتعجبت من حال الفقراء فهم يتأقلمون مع فقرهم بشكل غريب ويحاولون إسعاد أنفسهم بطرق بسيطه إما بالغناء أو السخريه أو الحكايات فهم لا يملكون سواهم كوسيله للتعبيرعما في صدورهم بديلا عن الصمت القاتل. كانت كل النساء يتسامرن ويحكين قصصهن البائسه سواء مع أزواجهن أو أبنائهن بل ويضحكن على أحوالهن أحيانا وأنا صامته أستمع إليهن وأتعجب من حياتهن وكيف يتقبلنها ويتغلبن على تلك العوائق، إقتربت فلاحه سمراء ذات ملامح توحي أنها تجاوزت الأربعين وقالت لي:
-الشاب الوسيم القوي الذي يقف بجوارك زوجك؟؟
نظرت إليه لأول مره أتأمل ملامحه ببشرته التي لونتها الشمس وجسده القوي الفارع الطول وعيناه العسليتان بما فيهما من غموض وقسوه وجبهته العريضه المتجعده من شدة تجهمه، لم يكن وسيما لكن كان به نوع من الغموض والقوه يضفي عليه جاذبيه، إنتبهت على سؤال السيده التي قالت:
-لماذا تذهبان للمدينه؟؟
سكت وإبتسمت فقالت:- لابد أنكما ذاهبان لزيارة أولياء الله الصالحين، أو ربما يريد أن ينجب ولدا، لاتقلقي فزيارة أولياء الله الصالحين ستجعل البركه تحل عليكما وتملأ داركما بالأولاد والبنات ..ثم همست ضاحكه:
-وإن كنت أظن أن مثله ليس في حاجه لبركات الأولياء
وضعت يدها في جيب رداءها وأخرجت لي بعض التمرات ودعت لي بالذريه الصالحه، إنتبه فارس لحديث السيده فقال لي:
-ماذا تريد منك؟؟
- لاشىء أعطتني بعض التمرات ودعت لنا بالذريه فهي تظننا زوجين
زوجين؟؟ هل بإمكان فتاه مثلك أن تكون زوجه لجندي فقير مثلي؟ قالها فارس محدثا نفسه وهو يتأمل شعرها البني الثائر على كل القيود وعيونها التي يختلط فيها اللون العسلي باللون الأخضر حتى لاتعرف ماهو لونهما الأصلي ، وبشرتها البيضاء المشربه بحمره، كل هذا بالإضافه لعائلتها وثرائها الفاحش،هل ستقبل تلك بمثلي؟؟ ربما تراني مجرد خادم لها لكن زوج مستحيل. كل ذلك وهي لاتعرف ماذا أضمر تجاهها أو أنوي معها ترى لو عرفت هل ستقبل بي أم ستكرهني لباقي عمرها؟؟ نظر إليها وعندما تلاقت نظراتهما أشاح بوجهه عنها ونظر بإتجاه النهر الذي طالما شهد حكايات وحكايات ترى هل ستدون حكايتهما على ضفاف النهر أيضا؟ أم ستكون نهايتها الغرق في أعماقه؟
لماذا ينظر إلي هكذا؟ هل حقا يتخيل أني سأكون زوجته؟ أفيقي من غرورك هم إنسان مثلك بل هو رجل شهم ونبيل رغم فقره، كان بإمكانه أن يتمتع بجسدك وأنت غائبه عن الوعي، أو بعد إفاقتك كان يمكنه إغتصابك في الغابه لكنه لم يفعل؟ كان يمكنه أن يستغل ثراء والدك ووجودك عنده ليبتزه ويحصل منه على المال لكنه لم يفعل، هو إذا رجل شهم وهذا ما يفتقده الكثيرون ومنهم الأثرياء والنبلاء.نظرت إليه وتأملت ملامحه ولا أعرف لم جذبتني نظرة عينيه، ترى ماسرهما هلى القسوه أم الغموض؟ لم أريد أن أغرق في بحر هاتين العينين وأسبر أغوارهما؟ لما أنا منجذبه إليهما هكذا؟هل سحرتني عينيه؟ وهل سأشفى من هذا السحر؟
أفقت على صوت ضوضاء الناس عند النزول فقال لي فارس:
-إنتظري حتى ينزل الجميع بعدها ننزل نحن حتى لا يضايقك أحد
إقتربت مني الفلاحه وقالت:
-إن شاء الله ربنا يرزقكم بذريه كلها أولاد أقوياء مثله
وغمزت لي بعينها وإبتسمت بمكر وإنصرفت ، جذبني من يدي حتى ننزل فشعرت بإرتعاشه تسري في يدي لا أعلم سببها فليست تلك أول مره تلمسني يد رجل ولكن تلك أول مره أشعر بتلك الرعشه، يبدو أن تأثير سحره بدأ يسري في جسدي كله أيها الساحر الغامض إلى أين تأخذني؟؟
تجلاء لطفي


الغرام المستحيل بقلم نجلاء لطفيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن